من طرف انتصار الأربعاء 30 أبريل 2008, 8:30 pm
س20 :ما هو حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن وكذلك الإجازة ؟
قال أخي الشيخ / خالد عبد الله - حفظه الله تعالى - في " الإفادة في ضبط الإجازة "
" ما اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مالٍ فى مقابلها ، لا يجوز إجماعا بل إنْ عَلِمَ أهليته وجب عليه الإجازة , أو عدمها حَرُمَ عليه , وليست الإجازة مما يقابل بالمال , فلا يجوز أخذه عنها ، ولا الأجرة عليها بل هى حق الطالب المؤهل لها( ) .
وأما أخذ الأجرة على التعليم فجائز ففى البخارى(إن أحق ماأخذتم عليه أجر كتاب الله( )) وقيل إن تعين عليه لم يجز , وقيل لا يجوز مطلقا وفى البستان لأبى الليث التعليم على ثلاث أوجه :-
أحدها للحسبة ولا يأخذ به عوضا .
والثانى : أن يعلم بالأجرة .
والثالث : أن يعلم بغير شرط ، فإذا أهدى إليه قبل .
فالأول مأجور وعليه عمل الأنبياء( ) , والثانى مختلف فيه , والأرجح الجواز ، والثالث يجوز إجماعا , لأن النبى كان معلما للخلق , وكان يقبل الهدية .
أقول :حقا لقد تغالى البعض حتى إن بعضهم يطلب بالدولارات والبعض الآخر يشترط في الختمة ثلاثة أو أربعة أو خمسة آلاف جنيها في حفص ، والبعض يطلب في العشر الكبرى عشرة آلاف جنيها وتُدفع قبل القراءة على الطاولة كما يقولون ، وأنا أعتب على الذين يرضون بدفع هذه الأموال ليحصلوا على الإجازة ، فيأتي أحد إخواننا من الذين لا يملكون أن يدفعوا ذلك المبلغ للشيخ ، ويعطونه ما يستطعون دفعه ، فيرفض الشيخ ، ويقول له : أنا آخذ في الختمة كذا وكذا وإخوانك يدفعون لي ذلك المبلغ ، وبعضهم يدفع ذلك المبلغ لأنه سيحصل على أضعافه عند إقراءه كما سمعت بعضهم يقول ذلك عند أحد المشايخ .
وعذر هؤلاء المشايخ الذين يشترطون هذه المبالغ الطائلة أن هناك الكثير والكثير من المقرئين وطالما أن القارئ خصني بالإجازة لشهرتي فليدفع ، وبعضهم يقول : إني إجازتي مشهورة في كل مكان في العالم والمبلغ الذي ستدفعه لي ستحصِله في ختمتين ، نسأل الله العفو والعافية .
لقد أخبرني أحد الإخوة أنه أتت إليه سفرية إلى الإمارات ويحتاج إلى إجازة من شيخ معين لأنه معروف في هذه البلد ، فذهب إليه وطلب أن يقرأ عليه كي يأخذ الإجازة ويعطيه ما يستطيع دفعه ، فاشترط عليه الشيخ مبلغا كبيرا جدا ، وهذا قبل أن يزيد السعر الآن ، فقال له الأخ : والله يا شيخ أنا أعول أسرة وأصرف عليها ، وإن شاء الله إذا سافرت سأرسل لك المبلغ من هناك ، فقال له الشيخ الموقر : لا ، استلف من أحد الناس هذا المبلغ وحين تسافر أرسله له ، فذهب هذا الأخ والدنيا مسودة في عينه ، بسب هذا الشيخ الذي لم يخسر شيئا إذا ساعده في هذا الأمر خاصة أنه يعول أسرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بل إن بعض الناس لم يكن متقنا فيدفع الكثير والكثير فيحصل على الإجازة من الشيخ ، والمتقن لا يأخذ الإجازة ؛ لأنه لم يستطع دفع المال المطلوب ؛ أليس هذا بظلمً من الشيخ المجيز ؟! .
وبعضهم لا يقرئ إلا عِلية القوم " مهندس ، دكتور ، شخصية مرموقة ،..... " والسبب معلوم للجميع، ولا شك أن هؤلاء المشايخ سيُسألون عن هذا التعنت والتشدد والغلو الفاحش في المال.
وأخيراً - أخي الكريم - : دعك من اللهث وراء الشهرة الفارغة وخذ العلم من صاحب الدين والسنة ،
نسأل الله العظيم أن يكون هذا الكلام عونا للجميع على طاعة الله ومرضاته ، والله أعلم.
*******************
س21: ما حكم من يقرأ على الشيخ من المصحف وهو لم يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه ثم يأخذ السند ؟
القراءة بالنظر فى المصحف , وإن كانت مضبوطة مع التجويد , لكن ينقصها التلقى عن ظهر قلب حتى يبقى جميع السند مسلسلا بهذه الصفة ،والأصل أن الطالب يعرض القرآن الكريم كله على شيخه حفظا عن ظهر قلب ؛ والعرض من المصحف وإن جوَّزه بعض العلماء كالسيوطي في الإتقان (1/131 ) ؛ ولكن هذا الأمر فتح الباب على مصرعيه ، فأصبح الذي يقرأ من المصحف يستوي مع من يقرأ من حفظه فضلا عن الاستواء في السند عن الشيخ .
قال الدكتور/ محمد بن فوزان – حفظه الله – في إجازات القراء ص 59 :
والذي يظهر لي – والله أعلم – جواز هذا النوع من الإجازات بشروط هي :
1- عدم قدرة القاري على الحفظ .
2- الإفادة في الإجازة بأنه أُجيز بقراءته من المصحف مباشرة .
3- يُمنع المجاز بهذه الطريقة من إجازة غيره فهي له بمثابة إجازة خاصة .
4- عدم فتح هذا النوع من الإجازة أمام عامة الناس والضرورات تقدر بقدرها .
أقول : وبعضهم قال : إذا أراد أن يقرئ أحدا فليقرئوه من المصحف كما قرأ هو على شيخه ،والله أعلم.
************************
س22هل الأفضل للطالب أن يقرأ على شيخه القراءات إفراداً أم جمعاً ، وهل يستلزم حفظ الشاطبية أو الطيبة مثلاً لقراءة القراءات من خلالهما ؟
الأفضل للطالب أن يفرد كل رواية أو قراءة حتى ينتهي من القراءات العشر ، وهذا هو مذهب السلف الصالح ، وهذا هو الأفضل والأقوى للطالب من حيث تثبيت القراءات ، فإذا انتهى من الأفراد وأراد أن يجمع فلا بأس بذلك ،وقد جوزه بعض العلماء اقتصرا للوقت والعمر ، قال الإمام محمد بن الجزري – رحمه الله تعالى – في طيبته :
وقد جرى من عادة الأئمة ........... إفراد كل قارئ بختمه
حتى يؤهلوا لجمع الجمع ........ بالعشر أو أكثر أو بالسبع
أما حفظ الشاطبية أو الطيبة للقراءة من خلالهما القراءات فلا يشترط وإن كان هو الأفضل في استحضار الخلاف بين القراء ، وقد ذكر ابن الجزري – رحمه الله – في صفات الشيخ المجيز أن يحفظ كتابا يحوي القراءات فقال – رحمه الله – في المنجد ص :
"ويلزمه أيضا أن يحفظ كتابا مشتملا على ما يقرئ به من القراءات أصولا وفرشا , وإلا دخله الوهم والغلط فى كثير "
فالأمر متعلق على حفظ كتاب أو اتقانه جيدا والقراءة من خلاله ، فكم من الناس لا يحفظ الشاطبية ويقرأ القراءات على المشايخ ؛ ومن قال إنه يستلزم أو يجب ، نقول له : كيف كان حال الذين يقرؤن القرآن قبل الشاطبي أو ابن الجزري ؟ هل كانت على أيامهم هذه المنظومات ، أم إنهم كانوا يقرؤن القراءات بالتلقي والإتقان ؟ .
**************
س23:أذكر بعض آداب الشيج " المجيز " مع التوضيح لبعضها ؟
أقول : هذه الآداب ذكرها الإمام النووي كلها في " التبيان " ، ونقلها ابن الجزري في " منجد المقرئين " وذكرها مختصرة الشيخ / أسامة حجازي - رحمه الله- وهي :
1- الإخلاص : أن يقصد بذلك مرضاة الله تعالى , ولا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا , من مال أو رياسه أو وجاهه أو غير ذلك .
ولتذكر - أخي الكريم - حديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ومنهم : القارئ الذي تعلم ليقال عنه قارئ ، ووالله لو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الحديث لكفى .
2
2-الحذر من مقصدة التكثر بكثرة طلابه .
3- الحذر من كراهته قراءة طلابه على غيره ممن يُنتفعُ به .
قال الإمام النووي – رحمه الله – في التبيان ص 48 ، 49 : " وليحذر – الكلام على المقرئ – من كراهة قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به ، وهذه مصيبة يُبتلى بها بعض المعلِّمين الجاهلين ، وهو دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته ، وفساد طويته ؛ بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله ، فإنه لو أراد اللهَ بتعليمه لما كره ذلك ، بل قال لنفسه : أنا أردت الطاعة بتعليمه ، وقد حصلت ، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم ، فلا عتب عليه " ا. هـ
أقول ؛ وهذا الأمر حاصل من بعض المقرئين إلا من رحم الله ، لو علم الشيخ أن طالبه يقرأ على غيره أساء إليه في المعاملة وشدد عليه في التلقي إلى غير ذلك ، نسأل الله السلامة ، لذا – أخي الكريم – كن فطنا واستعن على قضاء حاجتك بالكتمان ، ولا تذكر عند شيخك أحدا من أقرانه والله أعلم .
4- الرفق بمن يقرأُ عليه , والترحيب به , والإحسان إليه , وعدم إستخدامه فى الحاجات الخاصة .
أقول : لذلك عندما كنا نبدأ على مشايخنا في قراءة شيئا من كتب السنة أو العقيدة أو غيرها كنا نبدأ قبل القراءة بالحديث المسلسل بالأولية إما قراءة أو سماعا وهو " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " رواه البخاري عن عمرو بن العاص ، وذلك لأن هذا العلم مبني على التلطف ، وعلى الرحمة بالمتعلمين ، فينبغي على الشيخ أن يكون رءوفا رحيما بطلابه ، وهذا هو الأصل إلا من شذّ عنه ، ولله در شيخنا الجليل المتواضع علي محمد توفيق النحاس الذي ما رأيت مثله في إكرامه ورحمته وشفقته وتواضعه لطالب العلم ، فنسأل الله أن يحفظه وأن يبارك في عمره ...آمين .
وأما عن استخدام الطالب في الحاجات الخاصة فيقع فيه بعض المقرئين بمشقة فاحشة ، نسأل الله السلامة.
5- الاعتناء بمصالح الطالب , وبذل النصيحة له .
6- تفريغ القلب حال الإقراء من الشواغل .
الأفضل للشيخ المقرئ أن يقرئ طلابه في وقت راحته وعدم انشغاله بشيء من أمور الدنيا ، قال ابن الجزري - رحمه الله- في المنجد صـ 71 :
" وينبغي ألا يقرأ - القارئ – على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله ، واستيفازه وغمه وجوعه وعطشه ونُعاسه وقلقله ، ونحو ذلك مما يشق على الشيخ أو يمنعه من كمال حضور القلب ، وأن يحرص كل الحرص على أن يقرأ على الشيخ أولا ، فإنه أفيد له ، وأسهل على الشيخ" ا.هـ . فهذا الأمر متعلق بالقارئ والمقرئ.
وهناك بعض المشايخ ينام حال إقرائه ، فيترك القارئ يقرأ بالجزء والجزأين ثم يستيقظ من نومه فيقول للطالب: فتح الله عليك مع السلامة ، نقول : وما يدري هذا القارئ أن هذا الطالب قرأ بالكيفية الصحيحة التي تلقاها من شيخه ؟ ، والأعظم من ذلك إذا كان هذا الطالب من الطلاب المبتدئين في القراءة ؛ وما أكثرهم الآن ؟! ، فلذلك ينبغي على الشيخ المقرئ إذا حصل له شيء مما سبق من " الهم والغم والنوم ......." أن يطلب من القارئ أن يتوقف عن القراءة حتى يأخذ قسطا من الراحة ، أو أن يمشي الطالب ويأتي في مرة أخرى.
*وأذكر في هذا المقام شيخنا العلامة المعمر الذي جاوز 111 عاما الشيخ المحدث / عبد الله بن أحمد الناخبي _ نزيل جدة – وقت أن ذهبنا إليه أنا وأحد الإخوة من الطائف وإذ بالغرفة فيها تقريبا 25 طالبا منهم من يقرأ من البخاري ومنهم من يقرأ من مسلم ومسند الشافعي وعمدة الأحكام وبلوغ المرام واللغة وغير ذلك ، والله يا إخوة ومع ذلك العدد وتنوع القراءة وهذا العمر للشيخ يكون منصتا جدا لكل طالب ، بل بعض الطلبة قرأ كلمة خطأ ، فقال له الشيخ : استهجا لي هذه الكلمة ، وصححها له الشيخ ، والبعض الآخر كان يقرأ في ملحة الإعراب فقرأ جملة خطأ ، فقال له الشيخ كيف ذلك ؟حتى صححها بعض الطلبة وفهمها الشيخ ، وأنا أتعجب من انصات الشيخ الشديد للطالب مع هذا العمر ، وهكذا مع كل طالب حتى ينتهي من قراءته ، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده ، وكذلك شيخنا العلامة عبد الرحمن العياف - حفظه الله تعالى - يبلغ من العمر 85 عاما والمجلس فيه عدد كبير وهذا يقرأ في العقيدة وهذا يقرأ في الحديث وهذا يقرأ في الفقه وهذا يقرأ في الطب والأعشاب وغير ذلك والشيخ يعلق ويرد ويجيب على الأسئلة - بارك الله فيه ونفع به - نسأل الله أن يبارك في عمر مشايخنا وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين ..آمين