أكسجين كلما حاولت ردع نفسي عن تضيع وقتي أجد نفسي تقودني بغير إرادتي الى هذه القاعة لا أدري لماذا ؟؟ سأواصل محاولة ردعها وزجرها ولكن دعيني ألقي رسالتي هذه المرة
رسالة لم أجرؤ على ارسالها وها أنا ذا أرسلها لعلها تصل
الى أستاذتي الغالية (فايزة)
في الحقيقة لا أدري ماذا أقول ولا حتى ماذا أكتب , ولكن ها أنت أول واقع نتكبد عناء فراقه وللأسف لست آخر محطة للفراق فما زال أمامنا الكثير لنعانيه ونقول له ( وداعاً ).
أستاذتي الغالية لقد رحلت عنا فجأة وتركتينا دون مقدمات , ولكن ليتك رأيت طالباتك عندما أُخبرن بقرار تركك للمركز .. ليتك رأيت حلقتك التي ألفتها وجمعتها على الخير .. لا أدري بما أصف تلك اللحظة وذلك الموقف .. لم يجب أحدٌ بشيء إلا الصمت بعد الاندهاش وطرح جملة متتالية من الأسئلة كلها تدور حول موضوع واحد وهو السبب .. أجل ما السبب ؟؟ ........
ثم الصمت والصمت .. حتى أنه كلما دخلت أحدى الأخوات إلى الحلقة فرأت هذه الوجوه المتجهمة , سألت ما بالكن .. فلم يكن الجواب إلا الصمت .. أتدرين لماذا ؟؟
لأنه كان من الصعب علينا أن نقول أن أستاذة ( فايزة ) رحلت ولن تعود .. لأننا سعينا وبذلنا جهداً لا يوصف لكتمان شيءٌ ما أستقر في حلوقنا .. أعتقد أنها (الغصة) .. و لأن أي كلمة تخرج من أفواهنا ستفجر هذه الغصص و الاختناقات ......
وبعد مدة من الصمت المختلط بنوع من محاولة الكتمان الشديد الذي أرهق صدورنا .. أخذت طالباتك تنسحب واحدة تلو الأخرى برهة ثم تعود وكأنها فجرت جزءاً من هذا الكتمان الشديد .. ولكن سرعان ما تعود الصدور لتشحذ مرة أخرى بالغصص ..
ولكني أقسم أنني حاولت ثم حاولت بشدة أن أمثل دور الإنسانة الرزينة التي تتغلب على مشاعرها ببعض الأفكار .. بل وأنني تخيلت أنِّي أبدأ بإلقاء بعض الكلمات على طالباتك أخبرهن أننا عندما أتينا لنحفظ القران لم نكن نعرف من هي ( أستاذة فايزة ) وأننا عندما أتينا لنحفظ ما أتينا وجعلنا (أستاذة فايزة) هدف لحفظ القرآن وإنما وسيلة أجل وسيلة لحفظ كتاب الله.. ولكن الأيام التي قضيناها معها هي التي غيرت الهدف وجعلت ( أبلة فايزة ) من وسيلة الى هدف ..
لذلك يجب الآن أن نقف وقفة مع أنفسنا ونتذكر أن هدفنا لحفظ القران هو الله .. وأن نعتبر رحيـل ( أستاذة فايزة ) فرصة رائعة لتجديد النية بالله .. ولا يهم مع من نحفظ وإنما لمن نحفظ .. وأن استاذتا عاجلاً أم آجلاً سوف ترحل .
ثم أختتم هذه الكلمات بآيات ..
(( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا))
(( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ))
ثم تنتهي دروب من كلامها وينتهي مع كلامها كل شيء وتقتنع طالباتك بقرار رحيلك المفاجئ ........ولكن
ولكن طالبتك دروب كانت أضعف من أن تتفوه بكلمة واحدة .. لأنها لم تستطع حتى أن تخبر زميلاتها أن ( أبلة فايزة ) رحلت ولن تعود .. وانما جرت الى الخلاء بعد أن تطايرت منها تنيهدات عميقة لم تستطع كتمانها الى حين وصولها إليه .. وأغلقت الباب وانفجرت هناك .. هذا كله بعد محاولات عديدة حاولت فيها تمرير غصاتها من خلال تكرار تجرعها للماء الذي لم يزد الألم إلا ألماً ولما بائت محاولاتها بالفشل .. أيقنت عندها أنه لن يُجدي إلا البكاء كالأطفال تماماً .. وأن الخلاء هو المكان الوحيد الذي لن يراها ولن يشاركها فيه أحد .. أدركت حينها أن الألم الذي يسببه الفراق عظيم .. صدقيني لم أجرب هذا الألم يوماً ..
أستاذتنا العزيزة و الغالية ( فايزة ) لن ننساك .. ولن ننسى عطائك ونبعك الذي ارتوينا منه طويلاً .. يكفينا أنك رسمت ابتسامة دائمة على وجه من عرفت .. وعلمتنا أن الأنسان يستطيع أن يكون سعيداً إن أراد السعادة فعلاً .. لن ننسى قلبك الذي الذي اتسعنا جميعاً ولن ننسى ابتسامتك التي لم تفارقك يوماُ .. سامحينا إن أخطأنا في حقك يوماً أو بدر منا ما يسؤك فنحن مرتحلون ولا ندري أنعود أم لا ولا ندري أنلتقي أم أن اليوم الذي أوكلتِ إلي مهمة إدارة الحلقة فيه هو آخر يوم سيكون للقائنا .. هكذا هي الحياة .. هيَ الأيامُ لا تبقي عزيزاً وساعاتُ السرورِ بها قليلُ ..
في النهاية لا يسعني إلا أن أسأل الله لك التوفيق حيثما كنت وأن يجمعنا ويجمع أهل القران وإياك في جنته .. وأسأل الله أن يعيننا ويعين طالباتك على الإخلاص في حفظ كتاب الله ..
تلميذتك