بسـم الله الرحمـن الرحيـم
همسات عتاب من زوج إلى زوجته (4 ) بقلم : طه با فضل ( موقع الإسلام اليوم )
في محراب العلم
انقطعت عن الهمس لكِ أيتها الزوجة الغالية والسكن الهانئ والفراش الوطيد ، يا من يهدأ القلب بقربها وتكف النفس المعتدلة عن الالتفات والنظر لغيرها . صدقيني ما كنت أواصل همسي لكِ لولا إصرارك وإلحاحكِ أن أبوح لكِ بكل ما في جعبتي من الهمسات والنصائح الغاليات التي أكننتها ليس لكِ فحسب بل هي لكِل زوجة أتمنى أن يستقيم حالها وتهنأ في عيشها مع رفيق دربها ، كما أني أسديها لكل فتاة مقبلة على مرحلة جديدة من مراحل عمرها تسمو من خلالها إلى علياء المجد فهي المدرسة والجامعة لشعوب طيبة أعراقها متى ما تسلحت بأسلحة الإخلاص والتقوى ونهلت من معين العلم بشريعتها الغراء قدر حاجتها ..
زوجتي الحبيبة :
مالي أراكِ تملين من سماع الدروس والمحاضرات ؟ وتضجرين من مواصلة قراءة الكتب النافعات ؟ أو قد علمت كل شيء ؟ فلم ترغبي في الاستزادة ، ولا السعي إلى نيل الشهادة ، ولا الدأب على طمس كل معالم الجهالة والبلادة ؛ التي غالباً ما تحيط بالمرأة المسلمة ومن هذا الباب دخلت عليها الذئاب الضارية ، وأهلكتها رياح التغريب العاتية ، ونالت منها سهام المتحررين من قيود الشريعة الغالية ؛ وما ذلك إلا لأنها استهانت بجهل الشر والباطل ولم تجهد نفسها لتعلم وتفقه ما يحاك حولكِ :
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه = ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه لقد جاءت تلك الصحابية رضي الله عنها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقالت : "غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك" فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ؛ وفيه من الفوائد ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعليم أمور الدين ، ألسن قدوة لكِ ومثالاً يحتذى ؟ ألسن من خير القرون هدياً وسلوكاً واستقامة ؟لقد أخبرنا التاريخ أن منهن العالمات الفقيهات الحكيمات ومنهن من أعجزت الملهمين في قوة الحجة والبيان ..
سمعت عنكِ أنك كنت متحمسة لطلب العلم قبل الزواج وبعده ضعفت الهمة وفترت المدارك والجوارح وتطاير الحماس وتوزع بين أعباء البيت وترتيبه والتفنن في الطبخات والمقليات والباقي بين هاتف الاتصال أو متابعة القنوات ..
عزيزتي الغالية : ألا تحمدين الله تبارك وتعالى أن رزقكِ زوجاً يدفعك دفعاً لتعلم الشريعة وليس عنده بأس من أن تواصلي دراستكِ الجامعية وتتخصصي في علم تقدمي لمجتمعكِ خدمة إنسانية فأنت الطبيبة والمعلمة أو أي تخصص يلاءم طبيعتكِ فتقطعي بذلك الطريق على من ينظر بعين المكر لحال المرأة المسلمة أنها نصف معطل ، وقصده معطل عن مقارفة الشهوات والفواحش والمنكرات فهنيئاً لامرأة تعطلت عن الاستجابة لأهل الشبهات والأهواء ، وابتعدت من الميل العظيم عن محكمات الشريعة الغراء .
فإن لم تسعفكِ الظروف لمواصلة التعليم العالي ، فلا تعجزي أو تتردي أن تكوني في العلم الشرعي من المكان العالي ؛ فَتَعْلَمي الحلال والحرام ، وتتقي طريق الشهوات والشبهات وتَتَلمّسي سنن من كان قبلك من السلف الصالحات اللاتي تخرج على أيديهن القادة العظماء والعلماء الأجلاء والطلاب النجباء .
فارسمي لنفسكِ خطة للتعليم ، وبرنامجاً للتفقه في الدين ، يناسب أمورك الحياتية ، وارتباطاتك الأسرية وقبل الخطة جردي النية لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له فما تتعلمين إلا لتنالي رضا الله وتحققي العبودية له .واستشيري أخواتك الفاضلات ممن سبقنكِ في هذا المشوار المبارك واعلمي أن الفتور أمر وارد على النفس والجوارح فلا تركني له أو تستمرئيه فترجعي سيرتك الأولى أسأل الله لي ولك الثبات حتى الممات .
وعليكِ بالتدرج في الطلب وابدئي بالسهل فما فوقه وإياك والقفز من علم أو فن إلى آخر فذلك مظنة الملل ومدعاة للكلل ومفتاح من مفاتيح الشيطان يوهن به عزائم المتعلمين حتى لا يعلموا مصائده ونزغاته وفي الموقوف عن ابن عمرو " إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى ". فسددي وقاربي فالمرء لا يولد دفعة واحدة ..
ففي القرآن فاحفظي جزء عمَّ ثم تبارك فالمجادلة وهكذا حتى البقرة ، وفي التفسير فكلمات القرآن لمخلوف أو أيسر التفاسير للجزائري أو الكريم الرحمن للسعدي ، وفي العقيدة فالإيمان لمحمد ياسين ولا تستغني عن كتب ابن عبدالوهاب ففيها الخير الكثير ، وفي الحديث احفظي متن الأربعين النووية وادرسي شروحه المباركة لابن عثيمين أو لناظم سلطان ، وفي الفقه ففقه السنة لسابق جزئيه رويداً رويداً حتى تكملي فقه المباني الأربعة ، وفي السيرة نور اليقين أو الرحيق المختوم واقرئي وقفات أحمد فريد أو السباعي والرقائق فالجواب الكافي لابن القيم ولا بد لك من كتب الفتاوى ومنها لابن عثيمين والمؤلفات الخاصة بالمرأة التي لا يتسع المقام لسردها ..
تلك مقدمة في طلب العلم قد تكون في نظر البعض ناقصة فما هي إلا تمهيد وترويض فإن رسخت أقدامك في سبيله ، فهناك برامج للمستفيدات الموهوبات تُذكر في مقامها وأوانها ، والقصد الهمس برفق ، يسانده التوضيح والبيان لتسلكي الطريق على نور وبصيرة . وإياك والملل أو العجز والكسل ؛ فإن طريق العلم مبارك الخطى ينزعج به الشيطان فيصبح حالك كحال الوسنان فيتعثر طريقكِ إلى الرحمن فجددي العزيمة ونشطي الهمة وتوكلي على الحي القيوم نعم المولى ونعم النصير.
وختاماً لا تنسِ الدعاء لمن كان سبباً في نيلك المنازل السامية والدرجات العالية أسأل الله الكريم المنان أن يشرح صدرك لفهم كتابه وحفظه والانقياد لأحكامه وحكمه والسير على منوال نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه واقتفى أثره ..
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك
همسات عتاب من زوج إلى زوجته (4 ) بقلم : طه با فضل ( موقع الإسلام اليوم )
في محراب العلم
انقطعت عن الهمس لكِ أيتها الزوجة الغالية والسكن الهانئ والفراش الوطيد ، يا من يهدأ القلب بقربها وتكف النفس المعتدلة عن الالتفات والنظر لغيرها . صدقيني ما كنت أواصل همسي لكِ لولا إصرارك وإلحاحكِ أن أبوح لكِ بكل ما في جعبتي من الهمسات والنصائح الغاليات التي أكننتها ليس لكِ فحسب بل هي لكِل زوجة أتمنى أن يستقيم حالها وتهنأ في عيشها مع رفيق دربها ، كما أني أسديها لكل فتاة مقبلة على مرحلة جديدة من مراحل عمرها تسمو من خلالها إلى علياء المجد فهي المدرسة والجامعة لشعوب طيبة أعراقها متى ما تسلحت بأسلحة الإخلاص والتقوى ونهلت من معين العلم بشريعتها الغراء قدر حاجتها ..
زوجتي الحبيبة :
مالي أراكِ تملين من سماع الدروس والمحاضرات ؟ وتضجرين من مواصلة قراءة الكتب النافعات ؟ أو قد علمت كل شيء ؟ فلم ترغبي في الاستزادة ، ولا السعي إلى نيل الشهادة ، ولا الدأب على طمس كل معالم الجهالة والبلادة ؛ التي غالباً ما تحيط بالمرأة المسلمة ومن هذا الباب دخلت عليها الذئاب الضارية ، وأهلكتها رياح التغريب العاتية ، ونالت منها سهام المتحررين من قيود الشريعة الغالية ؛ وما ذلك إلا لأنها استهانت بجهل الشر والباطل ولم تجهد نفسها لتعلم وتفقه ما يحاك حولكِ :
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه = ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه لقد جاءت تلك الصحابية رضي الله عنها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقالت : "غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك" فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ؛ وفيه من الفوائد ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعليم أمور الدين ، ألسن قدوة لكِ ومثالاً يحتذى ؟ ألسن من خير القرون هدياً وسلوكاً واستقامة ؟لقد أخبرنا التاريخ أن منهن العالمات الفقيهات الحكيمات ومنهن من أعجزت الملهمين في قوة الحجة والبيان ..
سمعت عنكِ أنك كنت متحمسة لطلب العلم قبل الزواج وبعده ضعفت الهمة وفترت المدارك والجوارح وتطاير الحماس وتوزع بين أعباء البيت وترتيبه والتفنن في الطبخات والمقليات والباقي بين هاتف الاتصال أو متابعة القنوات ..
عزيزتي الغالية : ألا تحمدين الله تبارك وتعالى أن رزقكِ زوجاً يدفعك دفعاً لتعلم الشريعة وليس عنده بأس من أن تواصلي دراستكِ الجامعية وتتخصصي في علم تقدمي لمجتمعكِ خدمة إنسانية فأنت الطبيبة والمعلمة أو أي تخصص يلاءم طبيعتكِ فتقطعي بذلك الطريق على من ينظر بعين المكر لحال المرأة المسلمة أنها نصف معطل ، وقصده معطل عن مقارفة الشهوات والفواحش والمنكرات فهنيئاً لامرأة تعطلت عن الاستجابة لأهل الشبهات والأهواء ، وابتعدت من الميل العظيم عن محكمات الشريعة الغراء .
فإن لم تسعفكِ الظروف لمواصلة التعليم العالي ، فلا تعجزي أو تتردي أن تكوني في العلم الشرعي من المكان العالي ؛ فَتَعْلَمي الحلال والحرام ، وتتقي طريق الشهوات والشبهات وتَتَلمّسي سنن من كان قبلك من السلف الصالحات اللاتي تخرج على أيديهن القادة العظماء والعلماء الأجلاء والطلاب النجباء .
فارسمي لنفسكِ خطة للتعليم ، وبرنامجاً للتفقه في الدين ، يناسب أمورك الحياتية ، وارتباطاتك الأسرية وقبل الخطة جردي النية لله تبارك وتعالى وحده لا شريك له فما تتعلمين إلا لتنالي رضا الله وتحققي العبودية له .واستشيري أخواتك الفاضلات ممن سبقنكِ في هذا المشوار المبارك واعلمي أن الفتور أمر وارد على النفس والجوارح فلا تركني له أو تستمرئيه فترجعي سيرتك الأولى أسأل الله لي ولك الثبات حتى الممات .
وعليكِ بالتدرج في الطلب وابدئي بالسهل فما فوقه وإياك والقفز من علم أو فن إلى آخر فذلك مظنة الملل ومدعاة للكلل ومفتاح من مفاتيح الشيطان يوهن به عزائم المتعلمين حتى لا يعلموا مصائده ونزغاته وفي الموقوف عن ابن عمرو " إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى ". فسددي وقاربي فالمرء لا يولد دفعة واحدة ..
ففي القرآن فاحفظي جزء عمَّ ثم تبارك فالمجادلة وهكذا حتى البقرة ، وفي التفسير فكلمات القرآن لمخلوف أو أيسر التفاسير للجزائري أو الكريم الرحمن للسعدي ، وفي العقيدة فالإيمان لمحمد ياسين ولا تستغني عن كتب ابن عبدالوهاب ففيها الخير الكثير ، وفي الحديث احفظي متن الأربعين النووية وادرسي شروحه المباركة لابن عثيمين أو لناظم سلطان ، وفي الفقه ففقه السنة لسابق جزئيه رويداً رويداً حتى تكملي فقه المباني الأربعة ، وفي السيرة نور اليقين أو الرحيق المختوم واقرئي وقفات أحمد فريد أو السباعي والرقائق فالجواب الكافي لابن القيم ولا بد لك من كتب الفتاوى ومنها لابن عثيمين والمؤلفات الخاصة بالمرأة التي لا يتسع المقام لسردها ..
تلك مقدمة في طلب العلم قد تكون في نظر البعض ناقصة فما هي إلا تمهيد وترويض فإن رسخت أقدامك في سبيله ، فهناك برامج للمستفيدات الموهوبات تُذكر في مقامها وأوانها ، والقصد الهمس برفق ، يسانده التوضيح والبيان لتسلكي الطريق على نور وبصيرة . وإياك والملل أو العجز والكسل ؛ فإن طريق العلم مبارك الخطى ينزعج به الشيطان فيصبح حالك كحال الوسنان فيتعثر طريقكِ إلى الرحمن فجددي العزيمة ونشطي الهمة وتوكلي على الحي القيوم نعم المولى ونعم النصير.
وختاماً لا تنسِ الدعاء لمن كان سبباً في نيلك المنازل السامية والدرجات العالية أسأل الله الكريم المنان أن يشرح صدرك لفهم كتابه وحفظه والانقياد لأحكامه وحكمه والسير على منوال نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه واقتفى أثره ..
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك
منقول للفائدة