معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


3 مشترك

    الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد)

    avatar
    انتصار
    الادارة العامة


    الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد) Empty الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد)

    مُساهمة من طرف انتصار الأربعاء 25 أغسطس 2010, 11:53 pm

    pm
    الخواطر الباطلة ومعالجتها
    ~~~~~~~~~~~~~~~~

    مستفاد من محاضرة ( كيف تروض نفسك؟ ) للشيخ : (محمد المنجد )

    يقول ابن القيم رحمه الله :

    مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار، فالخاطرة: تتحول إلى فكرة، والفكرة إلى تصور، والتصور إلى إرادة، والإرادة إلى فعل، وكثرة الفعل يصير عادة.
    و الخواطر والهواجس ثلاثة أنواع:
    رحمانية، وشيطانية، ونفسانية.

    1) الخواطر الرحمانية:
    في فعل الخير كأن تريد أن تذهب عمرة أو تتصدق أو تذهب إلى الجهاد.

    2) الخاطرة الشيطانية:
    أن تمشي إلى حرام وتفعل الحرام، وكأن تكون جالساً في غرفتك لوحدك ليس معك أحد فتأتيك خاطرة شيطانية فتقوم وتعمل عملاً محرماً.

    3) الخواطر النفسانية:
    مثل الرؤيا، والإنسان معه شيطانه ونفسه لا يفارقانه إلى الموت: (والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).


    والخواطر الباطلة نوعان :

    النوع الأول: منها في الحرام والفواحش، كم من الشباب لو قدر لنا أن نرى ما في أذهانهم وهم في حال الوحدة، شخص وحيد فماذا يدور في باله الآن؟ لربما ترى أكثرهم تدور في أذهانهم خواطر الفاحشة والحرام من كثرة الصور، ومن كثرة ما يرون وما يسمعون يخطر في بالهم الحرام والفواحش.

    النوع الثاني : خيالات وهمية لا حقيقة لها، أو أشياء باطلة أو فيما لا سبيل في إدراكه من أنواع ما طوي عنا علمه،

    فإذا كان هذا مجال التفكير ومسرح الخواطر فالعاقبة وخيمة، ولذلك فإن التمني واحد قال: رأى أحدهم رجلاً عنده مال يذهب به إلى الحرام ويسافر في الحرام، فقال: لو أن لي مال فلان لعملت بعمله فهما في الإثم سواء كما في الحديث،

    ولذلك فإن تمني الخيانة وإشغال الفكر والقلب بها ربما يكون أضر على القلب من الخيانة نفسها،
    فإذا جعل الإنسان الخيانة هي تفكيره وهمه، وانشغل تفكيره بالخيانة، وكيف يستدرج امرأة أو يخرج إلى سوق أو مكان فيظفر بفريسة، وكيف يخون الأمانة ويعتدي على ما استؤمن عليه، فإن هذا عاقبته وخيمة

    فإذا علمت هذا -يا عبد الله!- فماذا ينبغي أن تفعل من أجل إصلاح الخواطر؟

    إذا علمت الآن أن المشكلة تبدأ من الخواطر فكيف تعالج مسألة الخواطر؟
    العلاج أن ==> تشغل هذا البال بطاعة الله، وأن تفرغ قلبك لله بكليته، وتقيمه بين يدي ربه مقبلاً بكليته عليه، يصلي لله تعالى كأنه يراه، قد اجتمع همه كله على الله، وصار ذكره ومحبته والأنس به في محل الخواطر والوساوس.

    وإذا حققت هذا العلاج سنجد عواقب حميدة وأنواراً وأبواباً من الخير تنفتح عليك؛ أن تجعل عقلك وذهنك وقلبك منشغلاً بالله وذكره، والتفكير في جنته وناره، وعذابه ونعيمه، وعقابه وحسابه، والموت وما بعده.

    أشغل نفسك بالله، فإذا أشغلت فكرك بالله فإنك ستكون بمنأى عن هذه الترهات والمحرمات، وتستريح نفسياً وقلبياً وذهنياً وجسمياً.

    فعلاج الخواطر إشغالها بالله وحمايتها عن الحرام،
    وحيث أن القلوب ممتلئة بالأخلاط الرديئة، فإن العبادات والأذكار والتعوذات أدوية لتلك الأخلاط، كما يثير الدواء أخلاط البدن،
    و هذا يكون إذا تخلصنا من الخواطر الشريرة، وأسكنا الخواطر الخيرة في أذهاننا

    ورد القضية من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها،

    وقد ضربنا مثلاً في التسلسل السابق، أولاً: خواطر؛ الخواطر تتحول إلى أفكار، والأفكار تتحول إلى إرادات، والإرادات تتحول إلى عمل، والعمل يتحول إلى عادة.

    ومن المعلوم أن إصلاح الخواطر أسهل من إصلاح الأفكار، وإصلاح الأفكار أسهل من إصلاح الإرادات، وإصلاح الإرادات أسهل من تدارك فساد العمل، وتداركه أسهل من قطع العوائد،

    كيف تقطع عادة؟ قد تنقل جبلاً ولا تستطيع أن تغير عادة، إلا من رحم الله.

    فالعلاج في دفع الخواطر ،، فأول ما يطرق القلب الخطرة، فإن دفعها استراح مما بعدها، وإن لم يدفعها قويت فأصبحت وسوسة وكان دفعها أصعب،
    فإن بادر ودفعها وإلا قويت وأصبحت شهوة، فإن عالجها وإلا أصبحت إرادة، فإن عالجها وإلا أصبحت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذا الحال لم يمكن دفعها واقترن بها الفعل ولا بد. وعند ذلك لا بد من العلاج الأقوى وهو التوبة النصوح. ......

    قلنا العلاج الأول هو ==> دفع الخاطر من أوله

    ولا ريب أن دفع مبادئ هذا الداء من أوله أيسر وأهون من استفراغه بعد حصوله إن ساعد القدر وأعان التوفيق،
    والدفع أولى وإن آلم النفس مفارقة المحبوب.

    إذاً: لماذا ننتظر حتى نوشك أن نقع في الحرام؟ لماذا لا نستدرك القضية ونصلح من البداية،

    إن مسايسة النفس وترويضها يقتضي أن تتدارك المسألة من أولها، وأول المسألة الخواطر، فاطرد الخواطر السيئة ولا تسمح لها بالاستقرار، واجعل مكانها خواطر طيبة.

    فإذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما بعده، وإن قبلته أصبح فكراً جوالاً، فاستخدم الإرادة فإنها تساعد الفكر على استخدام الجوارح،

    فإن تعذر استخدامها رجع إلى القلب بالمنى والشهوة، وتوجه إلى جهة مراده،

    ولأهمية هذا الموضوع فقد كان الصالحون يعتنون بالخواطر،
    ذكر ابن كثير في ترجمة أبي صالح قال:
    كنت أطوف وأطلب العُبَّاد، فمررت برجل وهو جالس على صخرة مطرق رأسه، فقلت له: ما تصنع هاهنا؟
    قال: أنظر وأرعى، فقلت له:
    لا أرى بين يديك شيئاً ولا ترعى إلا هذه العصاة والحجارة!
    فقال: بل أنظر خواطر قلبي وأرعى أوامر ربي، وبالذي أطلعك عليَّ إلا صرفت بصرك عني، فقلت له: نعم. ولكن عظني بشيء أنتفع به حتى أمضي عنك،
    فقال: من لزم الباب أثبت في الخدم -إذا لزمت طاعة الله تعالى أثبتك الله في أوليائه- ومن أكثر ذكر الموت أكثر الندم، ومن استغنى بالله أمن العدم، ثم تركني ومضى.


    والخواطر السيئة هي بذور يبذرها الشيطان في نفسك _ في أرض القلب _ فانتبه؛ فإن تمكن من بذرها تعاهدها الشيطان بسقيها مرة بعد مرة حتى تصير إرادة.

    فالخواطر السيئة إذا لم تدفعها من البداية فهي بذور تصبح في أرض قلبك مزروعة يتعاهدها الشيطان بالسقيا، ويغذيها مرة بعد مرة حتى تصير إرادات،
    ثم يسقيها (يعدك ويحفزك ويمنيك ويدفعك ويحثك) حتى تكون عزائم،
    ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال،

    ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات والعزائم، فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة،

    وهو المفرط إذ لم يدفعها وهي خاطر ضعيف، كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطب يابس، فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.



    لو قلت لي: إن الخواطر السيئة لذيذة وأنت لا تستطيع أن تترك هذه اللذة وهذا الشيء المحبوب إلى النفس،

    فانظر لهذا المثال
    مثلاً: قارن الزنا بما يفوتك من الحور العين،
    وقارن شرب الخمر في الدنيا إذا فعلته بما سيفوتك من خمر لذة للشاربين، لا فيها غول (لا يذهب عقلك، ولا يصاب رأسك بالصداع، ولا بطنك بالمغص) ولا هم عنها ينزفون.
    قارن إذا شربت الخمر بين هذه الخمر الخسيسة النجسة التي يعقبها زوال العقل، والتي تسبب في النهاية النكد، وربما طلاق الزوجة واحتقار الناس، والسكران حتى عند الكفار يعتبر صورة مزرية، وحادث السيارة وما ترتب على السكر والمخدرات من الأشياء،
    وممكن أن يكون في أوله لذة ولكن في آخره حسرة وألم.

    إذا استعملته قارن بينه وبين
    ما سيفوتك في الآخرة؛
    قارن ووازن واخرج بنتيجة.

    ثم قارن بين ألم فوت هذا المحبوب وبين ألم فوت المحبوب الأعظم والأكبر،
    فأنت تفوت محبوباً عظيماً من أجل محبوب خسيس،

    وليوازن بين لذة الإنابة والإقبال على الله تعالى، والتنعم بحبه وذكره وطاعته، ويقارن بين هذا ولذة الإقبال على الرذائل والإتيان بالقبائح،

    وليوازن بين لذة الظفر بالذنب ولذة الظفر بالعدو، وبين لذة الذنب ولذة العفة،
    وليوازن لو انتصرت على نفسك والانتصار على الشيطان فيه لذة

    المشكلة أن الناس لا يعيشون لذة الطهارة، والأمانة، والصدق، ويعيشون لذة الكذب ولذة الخيانة، كثيرٌ منهم هذا حالهم،

    قارن بين لذة الطاعة ولذة المعصية،

    قارن بين ما سيفوتك من ثناء الله وملائكته وبين لذة هذه المعصية،


    إن الشخص لا يترك محبوباً إلا لمحبوب أعلى منه وأقوى،

    ولذلك إذا كانت محبة الله فوق كل شيء ،، وبمحبة الله هانت كل المحبوبات الأخرى،

    فإذا كانت محبة الله أعلى من كل شيء ذهبت محبة الزنا والخمر والشهوات المحرمة، ومحبة صور النساء والمردان؛ لأن محبة الله أصبحت فوق كل هذه

    وهذا الكلام لأصحاب العقول -العناصر المفكرة العاقلة- فالعقل يمنع ويعقل ويحجز عن كل شيء ضار،.
    فهناك موازنات، فإذا وازنت اقتنعت، وإذا اقتنعت تركت،
    فخذ هذه الموازنة ووازن بين فوات المحبوب الأخس المنقطع النكد المشوب بالآلام والهموم،
    وبين فوات المحبوب الأعظم الدائم الذي لا نسبة لهذا المحبوب الخسيس إليه البتة؛ لا في قدره ولا في بقائه.

    الجمع بين خواطر الخير وخواطر الشر

    فموضوع الخواطر موضوع مهم جداً، فأنت الآن مدعو إلى التدبر في مسائل العلم، ومدعو إلى التدبر في معاني الآيات والأحاديث؛
    كيف ترضى أن تجمع في عقلك بين معاني الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:2-5] وبين خواطر سيئة وخسيسة ودنيئة؟
    كيف تجمع بين تدبر خواطر الخير وبين خواطر الشر؟
    فالقلب لوح فارغ، والخواطر نقوش تنقش فيه، فكيف يليق بالعاقل أن تكون نقوش لوحه ما بين كذب وغرور وخداع وأماني باطلة، وسراب لا حقيقة له، فأي حكم وعلم وهدى ينتقش مع هذه النقوش؟

    وإذا أراد أن ينتقش ذلك في لوح قلبه كان في منزلة كتابة العلم النافع في محل مشغول بكتابة ما لا منفعة فيه
    لو أتيت بخنزير ووضعت في عنقه قلادة من الجواهر ما رأيك بهذا المنظر؟ هل ترى أن الجواهر تصلح أن تكون على الخنزير،

    إذا كان لا يصلح فكيف تجعل عقلك مستودعاً للخواطر الشيطانية الخسيسة والدنيئة، ومستودعاً للذنوب والمعاصي الحقيرة التافهة والسيئة، وتجمع معها خواطر القرآن والقيامة والجنة وصفات الله تعالى تدبراً؟!

    فإن كل واحد يطلب علماً لا بد أن يسأل نفسه هذا السؤال: كيف أطلب العلم وأفكر في مسائل الطهارة والصلاة والزكاة والحج، وقبلها مسائل العقيدة وأسماء الله وصفاته، واليوم الآخر والسيرة النبوية والأحاديث ... إلى آخره. أفكر بهذا كله ثم أدخل عليها خواطر في الزنا والعشق، والأشياء المحرمة والصور العارية ... الخ. فكيف ينطبق هذا على هذا،

    وإذا أراد أن ينتقش ذلك في لوح قلبه كان بمنزلة كتابة العلم النافع في محل مشغول بكتابة ما لا منفعة فيه، فإن لم يفرغ القلب من الخواطر الرديئة لم تستقر فيه خواطر نافعة، فإنها لا تستقر إلا في محل فارغ لتتمكن .
    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا


    هذه قضية -يا إخوان- مهمة جداً أن يكون هناك تفريغ للقلب من الخواطر السيئة،

    نعم. لا يمكن أن نمنعها من الورود لكن إذا وردت لا نجعلها تعشعش، ولا نترك لها مجالاً للاستقرار في القلب،

    والإنسان إذا كان قريباً من الله أصبحت الخواطر التي ترد عليه خواطر رحمانية،
    كما قال ابن القيم رحمه الله: الخواطر التي مبعثها الملك -أي: أيُّ خاطر طيب فإن مبعثه الملك- إذا أصبحت الخواطر الطيبة تأتي إلى ذهنك باستمرار وتتزاحم حتى في العبادات،
    وهذا ما حصل لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تزاحمت عليه الخواطر في مرضاة الرب فربما استعملها في صلاته، فتزاحم عنده تجهيز الجيش في سبيل الله مع قراءة القرآن أو الذكر في الصلاة،
    انظر إلى أي درجة وصل الفاروق ، أصبحت تتدافع خواطر في الآيات وخواطر في الجهاد، وهو المسئول الأول في المسلمين والخليفة، وهو المنشغل جداً، فهو أول واحد يهمه الموضوع

    كيفية إصلاح الخواطر

    فصلاح الخواطر بأن تكون ==> مراقبة لوليها وإلهها صاعدة إليه دائرة على مرضاته ومحبته،

    فإنه سبحانه عنده كل صلاح، ومَن عنده كل هدى ومَن توفيقه كل رشد، ومَن توليه لعبده كل حفظ، ومَن إعراضه كل ضلال وشقاء، فيظفر العبد بكل خير وهدى ورشد بقدر إثبات عين فكرته في آلاء ربه ونعمه، وتوحيده وطرق معرفته وعبوديته،
    وهو يستحضر أنه مشاهد له، ناظر إليه، رقيب عليه، مطلع على خواطره وإرادته وهمه،
    فحينئذ يستحيي منه ويجله أن يطلع منه على عورة يكره أن يطلع عليها مخلوق مثله.

    لو أنك فكرت بحرام أو فاحشة هل تستحي أن أباك يطلع عليها؟ أو يطلع عليها أستاذك أو إمام المسجد؟
    فكيف والله مطلع على خواطرك، فما كنت مستحياً من مخلوق أن يطلع عليه فاطرده من ذلك؛ لأنك تعلم أن الله مطلع عليك،
    فمتى أنزل العبد ربه هذه المنزلة رفعه وقربه منه، وأكرمه واجتباه وتولاه،
    وبقدر ذلك يبتعد عن الأوساخ والدناءات والخواطر الرديئة والأفكار الدنيئة،

    كما أنه كلما بعد منه وأعرض عنه قرب من الأوساخ والدناءات والأقذار، ويقطع عن جميع الكمالات ويصل بجميع النقائص،

    فالإنسان خير المخلوقات إذا تقرب من بارئه والتزم أوامره ونواهيه وعمل بمرضاته وآثره على هواه،
    وشر المخلوقات إذا تباعد منه ولم يتحرك قلبه لقربه وطاعته وابتغاء مرضاته،

    وكذلك فإن الإنسان ينبغي عليه أن يشتغل بمصلحته وما يعنيه، ويجعل الخواطر حول ما يصلحه وما يعنيه،

    فأنفع الدواء أن تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك دون ما لا يعنيك.
    فالفكر فيما لا يعنيك باب كله شر، ومن فكر فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه، واشتغل عن أنفع الأشياء له بما لا منفعة فيه،

    فالفكر والخواطر والإرادة والهمة أحق شيء بإصلاحه من نفسك، فإن هذه خاصتك وحقيقتك التي تبتعد بها أو تقرب من إلهك ومعبودك الذي لا سعادة لك إلا في قربه ورضاه عنك،
    وكل الشقاء في بعدك عنه وسخطه عليك،
    ومَن كان في خواطره ومجالات فكره دنيئاً خسيساً لم يكن في سائر أمره إلا كذلك.

    فإن قلت: وبماذا أشغل عقلي؟
    اشغله في باب العلوم في معرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوق الله تعالى، وفي الموت وما بعده إلى دخول الجنة والنار، وفي آفات الأعمال والتحرز منها، وكيف تنفذ العبادات على الوجه المطلوب، وفكر في مصالح دنياك و في معاشك وكسب مالك، فكر في هذا ولا بأس به على الإطلاق،
    إذا كان الذي يشغلك الله عز وجل والعلم به والشريعة، ومسائل العلم المفيد والتفكير فيما يعنيك وترك ما لا يعنيك، والتفكير في عيوب نفسك وكيف تتخلص منها، والتفكير بهموم المسلمين وما يصلح حالهم، والتفكير في معاشك وفيما يصلحك في الدنيا؛

    إذا صار فكرك في هذا فإنك على حال طيب. وتصبح في حصن حصين وفي بيت السلطان عليك الحراس قال إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص:82-83]
    وقال تعالى له: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر:42]
    وقال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل:99-100].
    وقال في حق الصديق: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24]

    فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن الحصين، لقد أوى إلى حصن لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من أوى إليه، ولا مطمع للعدو من الدنو منه: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة:4]

    فإذا كانت معاني القرآن مكان الخواطر من القلب وكانت على كرسي عرش القلب، وكان له التصرف، وكان هو الأمير المطاع، استقام أمر الإنسان وسيره، واتضح له الطريق فتراه ساكناً ولكنه يباري الريح: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ [النمل:88].......


    خلاصة موضوع معالجة الخواطر

    أن تعلم أن الله مطلع على خواطرك. أن تستحي منه. أن تجله أن يرى ويعلم هذه الخواطر أنها ما زالت عندك موجودة.

    أن تخاف أن يطردك من جنابه. أن تساكن محبته قلبك لا محبة غيره. أن تخشى من شرر الخـواطر.

    أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يلقى للطائر ليصاد به، فاعلم أن كل خاطر منها حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر، فالخاطرة حبة ألقاها الشيطان لصيدك.

    أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة بل إنها تضادها من كل وجه.

    أن تعلم أن الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له، إذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته، فإذا أشغلت نفسك بالخواطر الطيبة كانت ساحل نجاة.

    أن الخواطر السيئة وادي الحمقاء وأماني الجاهلين لا تثمر إلا الندامة والخزي .

    أن تجعل مكان الخواطر السيئة خاطر الإيمان والمحبة والإنابة والتوكل والخشية، وأن تفرغ قلبك لها،
    وإذا أتاك الخاطر السيئ نفيته، لا تؤويه ولا تسكنه، لأنها أماني وهي رءوس أموال المفلسين، ومتى ساكن الخواطر صار مفلساً،

    وإياك إياك -يا أخي- أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك، فإنه يفسده عليك ويلقي بالوساوس الضارة.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ......

    إني داعٍ فأمنوا

    سيدي .. يا مَن عليه معولي .. قو على خدمتك جوارحنا ،، واشدد على العزيمة جوانحنا
    وهب لنا الجد في خشيتك
    والإخلاص في الأتصال بخدمتك
    واجعلنا من أحسن عبيدك
    هب لنا مراقبة تعصمنا بها من الشر والآثام
    اقض لنا عوناً منك نطيق به طاعات ترضيك عنا

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن زكوا أنفسهم وممن طهروها وعمروها بذكر الله وعبادته.
    اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،
    اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين،


    منقول
    مها صبحي
    مها صبحي
    الإدارة


    الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد) Empty رد: الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد)

    مُساهمة من طرف مها صبحي الأحد 03 أكتوبر 2010, 11:35 am

    جزاكِ الله خيراً حبيبتي انتصار
    و جزى الله الشيخ المنجد خير الجزاء
    محاضرة تكتب بماء الذهب
    ربي ارزقنا صون خواطرنا عما لا يرضيك
    حبيبه
    حبيبه
    هيئة التدريس


    الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد) Empty رد: الخواطر الباطلة ومعالجتها من محاضرة كيف تروض نفسك (للشيخ محمد المنجد)

    مُساهمة من طرف حبيبه الأحد 03 أكتوبر 2010, 7:06 pm




    هذه قضية -يا إخوان- مهمة جداً أن يكون هناك تفريغ للقلب من الخواطر السيئة،
    قال ابن القيم رحمه الله: في الخواطرالطيبة التي مبعثها الملك -أي:
    أيُّ خاطر طيب فإن مبعثه الملك- إذا أصبحت الخواطر الطيبة تأتي إلى ذهنك باستمرار وتتزاحم حتى في العبادات،
    وهذا ما حصل لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تزاحمت عليه الخواطر في مرضاة الرب فربما استعملها في صلاته، فتزاحم عنده تجهيز الجيش في سبيل الله مع قراءة القرآن أو الذكر في الصلاة،
    انظر إلى أي درجة وصل الفاروق ، أصبحت تتدافع خواطر في الآيات وخواطر في الجهاد، وهو المسئول الأول في المسلمين والخليفة، وهو المنشغل جداً، فهو أول واحد يهمه الموضوع




    محاضرة قيمة جداا
    بارك الله فيكِ وجزاكِ أختنا انتصار وشيخنا الجليل صالح المنجدالفردوس الأعلى

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024, 11:05 pm