معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


    فن تخريج الحديث

    مودة
    مودة


     فن تخريج الحديث  Empty فن تخريج الحديث

    مُساهمة من طرف مودة الجمعة 11 يناير 2013, 2:05 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلوات وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،،
    فهذه زاوية نعرض فيها إلى علم تخريج الحديث، لتكتمل بها مع زاوية علم المصطلح معالم علوم الحديث بشقيه النظري والعملي، سائلين الله عز وجل أن يوفقنا في تحقيق ما عقدنا العزم عليه.

    تعريف التخريج لغة

    أصل التخريج في اللغة يعود إلى مادة الفعل الثلاثي : خرج أي ظهر, فإذا زيدت عليه الألف في أوله صار المشتق منه أخرج أي أظهره وأبرزه ولا شك أن الفعل المتعدي أخرج أقوى وأبلغ في الدلالة من الفعل الثلاثي اللازم خرج وفرق بين أن يظهر الشيء من تلقاء نفسه دون أن يقع عليه فعل الفاعل وبين إظهاره بتسلط الفاعل عليه ذلك أن إظهار الشيء يتطلب جهداً ومعالجة بينما يمكن أن يكون ظهور الشيء من ذاته أمراً طبيعياً .

    وفي معالجة الأمر وإظهاره بعد خفائه تكون متعة البحث والتنقيب بينما لو كان الأمر بارزاً دون هذه المعالجة وبذل الجهد إذن لاستوى في معرفته المجتهد والكسول وهذا تنقضه السنن الإلهية القاضية بجعل الناس مستويات مختلفة حتى في دخول الجنة, إذ دلت هذه السنن على أن سلعتها غالية ومعنى غلائها : العمل المستمر بما يوجب دخولها وهذا العمل يحتاج بلا شك إلى معالجة النفس ومجاهدتها .

    وانظر إلى بلاغة القرآن في قوله تعالى (إذا أخرجه الذين كفروا) فهذا الاخراج تطلب معالجة شديدة ومضايقة بالغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن تستقيم في الاذهان التسوية بين هذا المعنى الشديد وبين المعنى البسيط لو أنه خرج صلى الله عليه وسلم من تلقاء نفسه دون معالجة ومضايقة وإذن لما كان لهجرته ما يبررها على هذا المعنى البسيط.
    أردت من هذه المقدمة أن أبين لك أن التخريج ليس عملاً سهلاً وإنما يتصدى له ذوو الهمم العالية والنفس الطويل وهو بلا شك يحتاج إلى معالجة وتعب شديدين ولهذا وجدنا السلف يبذلون أنفسهم رخيصة وأوقاتهم في سبيل إبراز حديث للناس وإظهاره لهم وربما يرحل الواحد منهم عبر الفيافي الموحشة للتأكد من حديث واحد من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم .

    ويمكن إجمال معاني التخريج في اللغة بما يلي :

    1 – الاظهار والابراز : ومنه قوله تعالى : (كزرع أخرج شطأه)

    2 – التدريب : يقال : خرجه في الأدب فتخرج به وهو خريج فلان بمعنى أنه تدرب على يديه وبجهده وهذا الطالب خريج جامعة كذا بمعنى أنه تلقى علومه فيها على يدي أساتذتها.

    3 – التوجيه يقولون خرّج المسألة أي : بين لها وجهاً كأنه أبرز ما خفي على الناس في تفسيرها أو تعليلها أو توضيحها.

    4 – كثر إطلاق التخريج في اللغة على معنى اجتماع شيئين مختلفين في هيئة واحدة أو جسم واحد كقولهم خّرجت الابل المرعى بمعنى أكلت بعضه وأبقت البعض الآخر وتخريج الأرض أن يكون نبتها في مكان دون مكان والخرج ما يوضع فيه المتاع المختلف

    5 – وقد يطلقون التخريج على معنى الاستنباط وأصل الاستنباط مأخوذ من النبط وهو الماء الذي نيدفع من قعر البئر إذا حفرت ولكن مد أظهر فقد أنبط واستنبط منه علماً أو خبراً أو مالاً يعني استخرجه منه واستنبط الفقيه إذا استخرج الفقه الباطن – يعني الخفي- باجتهاده وفهمه

    ومخرج كل شء هو موضع خروجه ولذا يقولون في تعريف الحديث الحسن “ما عرف مخرجه..” أي رجال سنده الذين يروونه وأخرجه مسلم في صحيحه مثلاً يعنون به أنه أبرزه للناس وأظهره لهم ببيان رجال إسناده الذين خرج الحديث عن طريقهم وأخرجه كلها تؤدي المعنى ذاته.

    أما في الاصطلاح
    فإن التخريج يطلق على معان منها :

    1 – إبراز الحديث وإظهاره للناس فهو مرادف لمعنى الاخراج المتقدم ذكره ولهذا فإن ابن الصلاح يقول : وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان : إحداهما التصنيف على الأبواب, وهو تخريجه على أحكام الفقه, وغيرها
    وهو يعني بقوله “تخريجه” أي إبرازه وروايته للناس في كتابه.

    2 – رواية الحديث : يقال : خرجه النسائي مثلاً, يعني رواه وأبرز مصدره فيه, وقد يقع في بعض الكتب عنوان “تخريج الحافظ فلان” يعني رواية ما فيه وحينما نقول خرجه أحمد فإننا نعني روايته وإبرازه للناس.

    3 – عزو الحديث إلى مصادره الأصلية مع ذكر أحوال الاسناد بشكل موجز وإن شئت فقل هو الدلالة على مواضع الحديث في مصادره الاصلية وهذا المعنى هو الشائع لدى الناس.

    4 – التأليف : ومنه قولهم : خرج فلان لنفسه معجما أي الف كتاب في اسماء شيوخه وكذا معنى خرج لفلان مشيخته

    5 – وربما يأتي على معنى انتقاء أحاديث ذات صفات خاصة كالصحة أو العلو أو الغرابة من كتاب معين, ثم رواية هذا الاحاديث وعزوها إلى من خرجها أولا مثل كتاب : الفوائد المنخبة الصحاح العوالي لجعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري تخريج الخطيب البغدادي

    6 – وربما يأتي لتخريج في الاطلاح على معان أخرى ليس هذا محل بسطها أو الحديث عنها وقد تبين لك أن هناك جامعا بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية تمثل في الابراز والاظهار.

    وإذا أردنا أن نخلص إلى تعريف التخريج اصطلاحا فلا بد لنا من التنبيه على أن تعريفه البسيط المتمثل في الدلالة على موضع الحديث قد أعطى كثيرا من غير أهل الاختصاص إذنا بممارسة هذه المهمة الصعبة التي سبق أن قلت إنه لا يتصدى لها إلا الفحول من ذوي الهمم العالية والحق أن ساحة في التخريج تشهد فوضى عارمة بسبب نزول الكثير إلى ميدان فسيح لا يتقنون فيه سوى فوضى عارمة بسبب نزول الكثير إلى ميدان فسيح لا يتقنون فيه سوى جمع المادة من هنا وهناك بما لا يتجاوز الجهد الشكلي البعيد عن جوهر هذا الفن وغايته.

    ولذا فإن التعريف الجامع للتخريج هو :

    الكشف عن مظان الحديث من مصادره الأصلية التي تعتمد في نقله على الرواية المباشرة والحكم عليه بعد الوقوف على حال روايته من حيث التفرد أو الموافقة أو المخالفة

    وبناء عليه فإن التعريف السابق قد تضمن الهدف من التخريج الذي يتلخص في معرفة حالة الرواية من التفرد, أو الموافقة, أو المخالفة .

    وتتوقف معرفة هذه الأمور على وظيفة صعبة, تتمثل في جمع الروايات من المصادر الأصلية دون غيرها, ثم إجراء المقارنة بين هذه الروايات

    وإذا نحن تعاملنا مع هذا المعنى السامي للتخريج, وامتثلناه, وصلنا أو كدنا نصل إلى حد التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها واستطعنا أن نحكم على الأحاديث حكماً دقيقاً مبنياً على النظرة الفاحصة بعيداً عن التسرع أو التهور في إطلاق الأحكام جزافا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والمراد بالكتب الأصلية : كتب السنة التي جمع مؤلفوها مادتها تلقياً عن شيوخهم بأسانيدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الكتب الستة ومسند أحمد وموطأ مالك وسنن الدارمي وغير ذلك

    وكل كتاب في غير تخصص الحديث صدرت مادته بالأسانيد بتلقي مصنفه عن شيوخه فهو في حكم كتب الحديث الأصلية ككتاب الأم للإمام الشافعي أو كتاب التفسير لابن جرير الطبري ونحو ذلك
    سورة التوبة آية 40
    سورة الفتح آية 29
    انظر هذه المعاني في لسان العرب لابن منظور 249 – 254 مادة خرج
    المصدر السابق 7/410 مادة نبط
    هذا المعنى وكثير من المعاني السابقة مأخوذة من كتاب أصول التخريج للدكتور محمود الطحان ص 9 – 10
    علوم الحديث لابن الصلاح تحقيق د . نور الدين عتر 228
    كيف ندرس علم تخريج الحديث تأليف د . حمزة المليباري ود سلطا العكايلة ص15 بتصرف .
    أصول التخريج للدكتور محمود المليباري والدكتور العكايله ص16
    كيف ندرس علم تخريج الحديث للدكتور المليباري والدكتور العكايله ص16
    المصدر السابق وانظر كذلك تخريج الحديث النبوي للدكتور عبدالغني التميمي ص23 – 24
    انظر المصدرين السابقين.
    كيف ندرس علم تخريج الحديث للدكتور المليباري والدكتور سلطان العكايله ص28 بتصرف يسير.
    المصدر السابق
    المصدر السابق
    أصول التخريج للدكتور محمود الطحان ص 12 -13 بتصرف.

    المصدر - مجلة الفرقان
    مودة
    مودة


     فن تخريج الحديث  Empty رد: فن تخريج الحديث

    مُساهمة من طرف مودة الجمعة 11 يناير 2013, 2:06 pm

    أهمية التخريج وفوائده


    فن تخريج الأحاديث ضروري لكل مشتغل بالعلوم الشرعية ومنهم لكل باحث يتعلق بحثه بالأصول الإسلامية وذلك لأن السنة المطهرة تعد المصدر الثاني من مصادر التشريع وتمثل جزءاً من الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وتبرز أهمية التخريج من جهة أنه يرشد إلى موضع الحديث في مصادره الأصلية إن كان له أصل أو يظهره موضوعاً مكذوباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يكن له أصل ثم بعد معرفة موضعه يبين علم التخريج درجة الحديث ونوعه من حيث القبول والرد.

    ويمكن تلخيص أهميته بالنقاط التالية :

    1 – معرفة موضع الحديث في المصادر الأصلية التي روته بأسانيد المصنف.

    2 – معرفة رواة الحديث وتمييز حالهم في الجرح والتعديل.

    3 – حصر الأسانيد التي روى الحديث بها ومعرفة نوعه من حيث عدد الطرق (يعني هل هو متواتر أو مشهور أو عزيز أو غريب).

    4 – تمييز ماله أصل من الأحاديث عما لا أصل له مما هو مختلق مصنوع.

    5 – معرفة درجة الحديث من القوة والضعف أو القبول والرد.

    6 – معرفة أحوال الحديث وأنواعه المختلفة بناء على ما يلحق به من أوصاف في السند أو المتن.

    7 – تمييز نوع العلة التي تلحق ببعض الأحاديث.

    8 – الوقوف على اتصال الاسانيد ومعرفة حالات الانقطاع في ثناياها ذلك أن اتصال السند شرط من شروط الحديث المقبول وفي كثير من الاحيان لا يمكن الوقوف على ما يقدح في شرط الاتصال بدون التخريج.

    9 – تعيين الاسم المبهم في سند الحيدث أو متنه وفائدة تسمية المبهم في السند هي إزالة الضعف عن الحديث إذا كان هذا الضعف بسبب الابهام وكان المبهم ثقة وتقل فائدة ذلك إذا كان الابهام في المتن.

    10 – تمييز المهمل من الرواة وفائدة ذلك التفريق بين أسماء الرواة الثقات والضعفاء عند اشتراكهم في الاسم.

    11 – زوال أثر عنعنة المدلسين عند تصريحهم بالسماع.

    12 – تمييز المكثرين من المقلين من الرواة وذلك عن طريق معرفة شيوخ الراوي وعدد مروياته

    13 – الوقوف على حالات تفرد الراوي في روايته والحكم على ذلك بالشذوذ أو النكارة.

    14 – معرفة الزيادات في ألفاظ الأحاديث والحكم عليها.

    15 – التفريق بين المتقدم والمتأخر من الروايات والوقوف على ناسخ الحديث ومنسوخه.


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 12 مايو 2024, 2:37 am