الرئيسية
لقد حفل التاريخ بأناس عاشوا اليتم، ولكنهم ملؤوا الدنيا علمًا وجهادًا ودعوة وعبادة.
فهذا أبوهريرة-رضي الله عنه-يخبر عن نفسه فيقول:’’نشأت يتيمًا، وهاجرت مسكينًا وكنت أجيرًا لابنة غزوان بعام بطني وعقبة رجلي، أحدو بهم إذا ركبوا،وأحتطب إذا نزلوا. فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا‘‘.
والزبير بن العوام-رضي الله عنه- 0الذي عدله عمر بألف فارس) كان ناتج تربية أمه صفية-رضي الله عنها-بعد أن مات أبوه وهوصغير، عن عروة بن الزبير ، أن الزبير كان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضربًا شديدًا وهو يتيم، فقيل لها: أهلكته! قالت:
إنما أضربه لكي يدب ويجر الجيش ذا الجلب
فماذا كان بعد؟ قال الثوري: هؤلاء الثلاثة أحد نجدة الصحابة: حمزة، علي، الزبي. وعن عروة قال: كان في الزبير ثلاثة ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقه: إن كنت لأدخل إصبعي فيها، وضرب اثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك. ولاتنس أنه يتيم الذي كانت تضربه أمه1
خلق الله للحروب رجالاً ورجالاً لقصعة وثريد!
الإمام الأوزاعي –رحمه الله- مات والده وهو صغير، فربته أمه، قل الذهبي في ترجمته عن العباسي بن الوليد، قال: ما رأيت أبي يتعجب من شيء تعجبه من الأوزاعي، فكان يقول: سبحانك تفعل ما تشاء! كان الأوزاعي يتيمًا فقيرًا في حجر أمه تقله من بلد إلى بلدن وقد جرى حلمك فيه أن بلغته أمه حيث رأيته. يا بني! عجزت الملوك أن تؤدبنفسها وأولادها: أدب الأوزاعي نفسه.
والإمام الشافعي-رحمه الله-: قال الحميدي: سمع الشافعي يقول: كنت يتيمًا في حجر أمي، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب، وأخفف عنه. فأي شيء كان الشافعي بعد ذلك؟ قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيهك أي شيء كان بعد الشافعي؛ فإني سمتك تكثر الدعاء له؟! فقال له: يا بني! كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس؛ فانظر هل لهذين من خلف أو عنهما عوض؟
الإمام أحمد-رحمه الله- قال الموزيك قال لي أبو سراج بن خزيمة: كنت مع أبي عبدالله في الكتاب، فكان النساء يبعثن إلى المعلم: ابعث لنابابن حنبل ليكتب جواب كتبهم، فكان إذا دخل إليهن لا يرفع رأسه ينظر إليهن. قال أبوسراج: فقال أبي(وذكره)، وجعل يعجب من أدبه وحسن ريقته، فقال لنا ذات يوم: أنا أنفق على ولدي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا، فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج! وجعل يعجب.
وغير هؤلاء كثير؛ كالقاسم بن محمد، وابن الجوزي، وغيرهم من السلف عاشوا اليتم، لكنهم أناروا الدنيا بالعلم والفهم، ولم يكن اليتم عائقًا لهم عن النهوض، بل ربما كان دافعًا لهم. وإذا أردت أمثلة حاضرة قربة فهي غير قليلة أيضًا، أمثال: صديق حسن خان، وعبدالرحمن السعدي، عبدالعزيز بن باز، محمد الأمين الشنقيطي، وعبدالله القرعاوي_رحمهم الله-.
