معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


    القصص الواهية

    avatar
    ليلاس


    القصص الواهية Empty القصص الواهية

    مُساهمة من طرف ليلاس الإثنين 12 أكتوبر 2009, 5:00 am









    [size=16]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تواصل مجلة التوحيد في عددها الشهري نشر البحث الطيب للشيخ علي إبراهيم حشيش حفظه الله تعالى حول القصص الواهية ورايت أن اضع بين ايديكم إخواني في الله بعض من حلقات هذا البحث المفيد جدا
    [size=16]
    قصة نداء القبر يومياً على بن ادم
    نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم لبيان حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة القصاص والوعاظ، ومما زادها شهرة التحدث بها عند تشييع الجنائز، وإلى القارئ الكريم تخريج وتحقيق هذه القصة «قصة نداء القبر يوميًا على ابن آدم»

    أولاً متن القصة

    رُوِيَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «خرجنا مع رسول الله في جنازة فجلس إلى قبر منها، فقال ما يأتي على هذا القبر من يوم إلا وهو ينادي بصوت طَلِقٍ ذَلِقٍ يا ابن آدم كيف نسيتني، ألم تعلم أني بيت الوَحْدَة، وبيت الغربة، وبيت الوحشة، وبيت الدود، وبيت الضيق إلا من وسَّعني الله عليه» ثم قال النبي «القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار» اهـ

    ثانيًا التخريج

    أخرجه الطبراني في «الأوسط» ح قال حدثنا مسعود بن محمد الرملي قال حدثنا محمد بن أيوب بن سُوَيْد قال حدثنا أبي قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال وذكر القصة

    ثالثًا التحقيق

    هذه القصة واهية، والخبر الذي جاءت به موضوع ومن الغرائب النسبية حيث قال الإمام الطبراني في «المعجم الأوسط» «لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا أيوب بن سويد تفرد به ابنه» اهـ
    قُلْتُ نستنتج من قول الإمام الطبراني أن في الخبر غرابتين نسبيتين
    الأولى الخبر غريب عن الأوزاعي لم يروه عنه إلا أيوب بن سويد
    الثانية وهذا الخبر أيضًا غريب عن أيوب بن سويد تفرد به عنه ابنه محمد
    وهذه الغرابة المزدوجة هي أساس الوضع في هذه القصة، حيث بيَّن ذلك الإمام ابن حبان في كتابه «المجروحين» فقال «محمد بن أيوب بن سويد الرملي يروي عن أبيه عن الأوزاعي الأشياء الموضوعة لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه» اهـ
    قلت والموضوع اصطلاحًا هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله
    ورتبته «هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها»
    لذلك نجد أن هذا الخبر مسلسل بالعلل
    العلة الأولى محمد بن أيوب بن سويد الرملي
    أورده الإمام الذهبي في «الميزان» وقال محمد بن أيوب بن سويد الرملي عن أبيه وغيره ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان لا تحل الرواية عنه قال أبو زرعة رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة
    أورده الإمام الدارقطني في كتابه «الضعفاء والمتروكين» ت وقال محمد بن أيوب بن سويد الرملي ضعيف
    وأورده الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» قال «محمد بن أيوب بن سويد الرملي عن أبيه وغيره ضعفه الدارقطني وقال ابن حبان لا تحل الرواية عنه قال أبو زرعة رأيته أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة»
    قلت وبهذا يكون الحافظ ابن حجر قد أقر قول الإمام الذهبي في محمد بن أيوب بن سويد الرملي
    ثم زاد الحافظ ابن حجر عليه بأن نقل قول الإمامين الحاكم وأبي نعيم في محمد بن أيوب بن سويد
    «وقال الحاكم وأبو نعيم روى عن أبيه أحاديث موضوعة»
    العلة الثانية أيوب بن سويد أبو مسعود الرملي
    قال الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» أيوب بن سويد أبو مسعود الرملي حدثنا عبد الله بن محمد المروزي قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن بشير المروزي قال حدثنا سفيان بن عبد الملك قال سمعت ابن المبارك يقول أيوب بن سويد اِرْمِ بِهِ
    قال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» ت أيوب بن سويد ليس بثقة
    وأقر هذه الأقوال الإمام الذهبي في «الميزان» وقال «أيوب بن سويد الرملي أبو مسعود ضعفه أحمد وغيره، وقال النسائي ليس بثقة، وقال ابن معين ليس بشيء، وقال ابن المبارك ارم به، وقال البخاري يتكلمون فيه» اهـ
    العلة الثالثة تدليس يحيى بن أبي كثير
    قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليماني يدلس ويرسل اهـ
    وأورده الحافظ ابن حجر أيضًا في «طبقات المدلسين» المرتبة الثانية رقم وقال يحيى بن أبي كثير اليماني من صغار التابعين حافظ مشهور كثير الإرسال ويقال لم يصح له سماع من صحابي ووصفه النسائي بالتدليس اهـ
    وأورده الإمام السيوطي في «أسماء المدلسين» رقم وقال «يحيى بن أبي كثير مشهور بالتدليس ذكره النسائي» اهـ
    قُلْتُ وبالرجوع إلى السند نجد أن يحيى بن أبي كثير عنعن ولم يصرح بالسماع، ولقد بين الحافظ ابن حجر في شرح النخبة النوع حكم التدليس فقال «حكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلاً أن لا يُقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث على الأصح» اهـ
    بهذا التحقيق يتبين أن قصة «نداء القبر يوميًا على ابن آدم» قصة واهية وخبرها تالف مسلسل بالعلل من الوضاعين والمتروكين والمدلسين
    رابعًا طريق آخر للقصة تالف هناك طريق آخر تالف جاءت به أكثر جمل هذه iالقصة الواهية
    رُوي عن أبي سعيد عن رسول الله قال «لم يأت على القبر يومٌ إلا تكلم فيه فيقول أنا بيت الغربة، وأنا بيت الوحدة، وأنا بيت التراب، وأنا بيت الدود، فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر مرحبًا وأهلاً، أمَا إنْ كنتَ لأَحَبَّ مَن يمشي على ظهري إليَّ، فإذ وليتك اليوم وصرت إليَّ فسترى صنيعي بك قال فيتسع له مَدَّ بصره ويفتح له باب إلى الجنة
    وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القبر لا مرحبًا ولا أهلاً، أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إليَّ، فإذ وليتك اليوم وصرت إليَّ فسترى صنيعي بك قال فيلتئم عليه حتى تلتقي عليه وتختلف أضلاعه، قال قال رسول الله بأصابعه فأدخل بعضها في جوف بعض، قال ويُقَيَّضُ له سبعون تنينًا، لو أن واحدًا منها نفخ في الأرض، ما أنبتت شيئًا ما بقيت الدنيا، فينهشنه ويخدشنه حتى يُفضي به الحساب قال قال رسول الله «إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار»
    خامسًا تخريج هذا الطريق للقصة

    هذا الطريق أخرجه الإمام الترمذي في «السنن» شاكر ح قال حدثنا محمد بن أحمد بن مَدُّويَهْ، حدثنا القاسم بن الحكم العُرني حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصَّافي عن عطية عن أبي سعيد مرفوعًا
    سادسًا التحقيق
    بعد أن أخرج الإمام الترمذي هذا الخبر قال «هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه» اهـ
    قلت قول الإمام الترمذي «هذا حديث غريب»
    يعني أنه غير صحيح كما هو اصطلاحه حينما يفرد الحديث بهذا الوصف «غريب» بخلاف ما إذا قال «حديث صحيح غريب» أو حديث «حسن غريب» كما هو معلوم عند أهل العلم
    قلت وقد يقع في بعض النسخ «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه» اهـ ولذلك بعد أن نقل الشيخ الألباني رحمه الله هذه العبارة المنسوبة إلى الإمام الترمذي رحمه الله في «الضعيفة» قال «وأَنَّى له الحسن وعطية ضعيف مدلس والوصافي ضعيف جدًا، وبه أعله المنذري فقال وهو واهٍ» اهـ
    قلت لذلك اعتمدت على الله وحده، ثم طبعة الشيخ أحمد شاكر محدث النيل رحمه الله لكتاب السنن للإمام الترمذي، والذي قال في مقدمته
    والذي اعتمدته من نُسَخ الكتاب المخطوطة والمطبوعة سبع نسخ
    وقال ولقد اتبعت في تصحيح كتاب الترمذي هذا أصح قواعد التصحيح وأدقها، واجتهدت في إخراج نصه صحيحًا كاملاً، على ما في الأصول التي وصفت من اضطراب واختلاف، وعلى أنه لم يقع لي منه نسخة يصحُّ أن تسمى «أصلاً» بحق، كأن تكون قريبة من عهد المؤلف، أو تكون ثابتة القراءة والأسانيد، على شيوخ ثقات معروفين، ولكن مجموع الأصول التي في يدي يخرج فيها نص أقرب إلى الصحة من أي واحد منها، ولم أكتب فيه حرفًا واحدًا إلا عن ثبت ويقين وبعد بحث واطمئنان اهـ
    قلت لذلك قال الإمام العراقي رحمه الله في «تخريج الإحياء» «أخرجه الترمذي وقال غريب» ثم قال فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي ضعيف اهـ
    قلت وبهذا ثبت لي بيقين قول الترمذي عن هذا الخبر هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ومن تحقيق الإمام العراقي ومن العلل الظاهرة التي بها تصبح القصة من هذا الطريق واهية
    العلة الأولى عبيد الله بن الوليد الوصافي
    في «سؤالات عثمان بن سعيد الدارمي» للإمام يحيى بن معين السؤال سألته عن عبيد الله بن الوليد الوصَّافي ؟ فقال ليس بشيء
    قال الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» «عبيد الله بن الوليد الوصافي في حديثه مناكير، لا يتابع على كثير من حديثه» وقال حدثنا أحمد بن محمود، قال حدثنا عثمان بن سعيد، قلت ليحيى بن معين عبيد الله بن الوليد الوصافي؟ قال ليس بشيء
    قال الإمام النسائي في كتابه «الضعفاء والمتروكين» ت «عبيد الله بن الوليد الوصافي متروك الحديث»
    قلت وهذا المصطلح له معناه
    قال الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» ص «كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه»
    قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» «عبيد الله بن الوليد الوصافي من أهل الكوفة من ولد الوصاف بن عامر العجلي واسم الوصاف مالك روى عنه أهلها، منكر الحديث جدًا، يروي عن الثقات عطاء وغيره ما لا يشبه حديث الأثبات حتى إذا سمعها المستمع سبق إلى قلبه أنه كالمتعمد لها فاستحق الترك» اهـ
    ونقل الإمام الذهبي في «الميزان» أقوال هؤلاء الأئمة وأقرها وزاد عليها فقال «عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطية العَوْفي وعطاء بن أبي رباح، روى عثمان بن سعيد عن يحيى ليس بشيء، وقال أحمد ليس يحكم الحديث يكتب حديثه للمعرفة، وقال أبو زُرعة والدارقطني وغيرهما ضعيف»
    وقال ابن حبان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد له فاستحق الترك وقال النسائي والفلاس متروك
    العلة الثانية عطية العوفي
    قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» «عطية بن سعد العوفي» كنيته أبو الحسن من أهل الكوفة، يروي عن أبي سعيد الخدري، سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث فلما مات أبو سعيد جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه فإذا قال الكلبي قال رسول الله بكذا، فيحفظه وكناه أبا سعيد ويروي عنه، فإذا قيل له من حدثك بهذا ؟ فيقول حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري وإنما أراد به الكلبي، فلا يحل الاحتجاج به، ولا كتابة حديثه إلا على وجه التعجب اهـ
    قُلْتُ وأورده الحافظ ابن حجر في «طبقات المدلسين» المرتبة الرابعة رقم قال «عطية بن سعد العوفي تابعي معروف، ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح» اهـ
    قلت والمرتبة الرابعة من المدلسين بينها الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه «طبقات المدلسين» حيث قال «الرابعة من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل كبقية بن الوليد» اهـ
    وفي هذا الخبر نجد أن عطية العوفي فوق أنه متروك لا تحل الرواية عنه، إلا على سبيل التعجب، نجده أيضًا مشهور بالتدليس القبيح ولم يصرح في هذه الرواية التي جاءت بها هذه القصة بالسماع ولكنه عنعن فلا يقبل حديثه، فالسند عن عطية عن أبي سعيد
    وبهذا تصبح القصة من هذا الطريق أيضًا واهية لما فيها من متروكين ومدلسين
    لذلك قال المنذري في «الترغيب والترهيب» «رواه الترمذي واللفظ له والبيهقي كلاهما من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو واهٍ عن عطية وهو العوفي عن أبي سعيد»
    ونقل ذلك الشيخ الألباني رحمه الله كما بينا آنفًا وحكم على القصة بأنها موضوعة في «الضعيفة» ح
    وبهذا يتبين أن هذا الطريق بما فيه من متروكين ومدلسين لا يزيد القصة إلا وهنًا على وهن
    هذا حتى لا يتوهم متوهمٌ أن الحديث الضعيف يقوي بعضه بعضًا، ولا يدري أن هذا الكلام ليس على إطلاقه، وإلى القارئ الكريم هذه القاعدة التي نقلها الحافظ الإمام ابن كثير رحمه الله في «اختصار علوم الحديث» ص
    «قال الشيخ أبو عمرو لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن يكون حسنًا ؛ لأن الضعف يتفاوت فمنه ما لا يزول بالمتابعات يعني لا يؤثر كونه تابعًا أو متبوعًا، كرواية الكذابين والمتروكين» اهـ
    قلت وهذه القاعدة يجب أن يعض عليها طالب هذا العلم بالنواجذ
    وبتطبيقها نجد أن القصة واهية ولا يزول ضعفها بل يزداد ضعفًا على ضعف، ولذلك قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في «علوم الحديث» ص «ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت
    فمن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهمًا بالكذب، أو كون الحديث شاذًا، وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة» اهـ




      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 14 مايو 2024, 9:13 am