إذا كنت صفراً فكن ذا قيمة
هناك صفران يشغلان أول خانة في بعض الأعداد ، أحدهما يضاعف العدد إلى أضعاف كثيرة مثل الصفر الذي يأتي
قبل العدد ( 1000 ) فعند إضافة الصفر يصبح هذا العدد ( 10000 ) إذ يتحول العدد من ألف إلى عشرة آلاف
، وهنا نجده قد تضاعف عشرة أضعاف ، وإذا أضفنا صفراً آخر تحول العدد إلى ( 100000 ) مائة ألف ، وهنا
تضاعف بالتالي أضعافاً كثيرة أيضاً .
أما الصفر الآخر الذي لا يؤثر في زيادة قيمة العدد فوجوده مثل عدمه مثل الصفر الذي يأتي أمام الكسر العشري
( 0,1 ) ليصبح العدد ( 0,10 ) فهنا تحول مسماه من واحد من عشرة إلى عشرة من مائة لكن القيمة بقيت ثابتة
لم تتغير ، ومثله لو أضفنا صفراً آخر لذلك الكسر لأصبح العدد ( 0,100 ) فهو يقرأ مائة من ألف لكن القيمة تبقى
ثابتة كما كانت أولاً لم تتغير أيضاً .
وأنت أيتها العزيزة هل تريدين لو قدر لك أن كنت صفراً أن تكوني صفراً مؤثراً في هذه الحياة بمعنى أن يكون لك أثرا في
الحياة ، فيدخل في رصيدك سمعة تفوح أريجاً وأجورا كثيرة لم تعمل فيها ظاهرياً شيئاً ، لكنها في الحقيقة قد جاءتك
من جراء التأثير في الآخرين بأقوالك الصائبة وسلوكك الحميد أو حتى بعمل من قام بتقليد عملك حتى ولو بعد
حين ، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ولمن ضحى بإخلاص وسخاء في هذه الحياة ، فمثل هذا الصنف هو ممن يأمر
بالمعروف على قدر استطاعته غير مبال بنقد الناقدين أو شماتة الشامتين ، وهو أيضاً لمن يقدم في مجال عمله عطاء
مثمراً حتى ولو تخاذل المتخاذلون بل وحتى في حالة عدم تقدير جهوده من قبل رؤسائه ، لأن رسالتنا في هذه الحياة
عمارة هذه الأرض ، ولأن الإنسان كما قيل : إذا لم يضف شيئاً على هذه الحياة فإنه زائد عليها .
أما لو كنت من أصحاب الصفر غير المؤثر ممن لا يبالي بتأثيره الإيجابي في الحياة وممن لا يؤدي الواجب المناط به
على الوجه المطلوب ولا يهتم بأن تكون أعماله في رضا الله سبحانه وتعالى ومن ثم رضا ضميره من منطلق أداء
الواجب المناط به على أكمل وجه ، فهو كما يقال ( مع الخيل يا شقرا ) ، ومن أصحاب ( عليّ وعلى أعدائي ) فهو
هنا مثل ذلك الصفر غير المؤثر ، بل وسيجني وبالاً في الدنيا يتمثل في هزيمة نفسية وعدم رضا عن الذات وقلة
تقدير لقيمة نفسه في هذه الحياة وفي يوم القيامة سيجني ثمرة شر أعماله خيبة وحسرة وندامة.
وإنني أعرف أشخاصاً كونوا لأنفسهم أمجاداً خالدة دون مجد مؤثل سابق ، حتى أصبحوا نجوماً لامعة في سماء الحياة
، ونعرف جميعاً إلى جانب ذلك أناساً كثيرين يمثلون أصفاراً في هذه الحياة سودت أوراق الحياة دون أن يكون لهم
أدنى قيمة فيها.
فاحرصي يرعاك الله .. لو قدر لك أن كنت صفراً في هذه الحياة .. أن تكوني ذات قيمة .
عدل سابقا من قبل جنان الرحمن في السبت 15 أغسطس 2009, 3:37 pm عدل 2 مرات