قال -تعالى-: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ . اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الأيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[الحديد: 16]، في «صحيح مسلم» عن ابن مسعود قال: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا الله بِهَذِهِ الأيَةِ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ إِلا أَرْبَعُ سِنِينَ» [رواه مسلم]
قال الحسن: «استبطأهم وهم أحب خلقه إليه»، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟»، وروي: «أن المزاح والضحك كثر في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية، ولما نزلت هذه الآية قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يستبطئكم بالخشوع) فقالوا عند ذلك: خشعنا».
وهذا شأنهم -رضي الله عنهم- في سرعة الاستجابة والفيئة وكذلك لما قيل لهم ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة: 91] قالوا: انتهينا ربنا، انتهينا ربنا، وقال ابن عباس: «إناللهاستبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن».
وقيل: نزلت في المنافقين، وقيل أيضًا: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد -عليهم الصلاة والسلام-؛ لأنه قال عقب هذا ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾[الحديد: 19] أي: ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم، وفي الآيات نهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى وزجر عن الكفر والمعاصي وكل أسباب قسوة القلوب ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[الحديد: 16].
قال محمد بن كعب: «كانت الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة، ففتروا عما كانوا فيه، فقست قلوبهم، فوعظهماللهفأفاقوا».
وقال مالك: «بلغني أن عيسى -عليه السلام- قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكرالله-تعالى-فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد مناللهولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا فيها -أو قال: في ذنوبكم- كأنكم عبيد فإنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء واحمدوااللهعلى العافية.
وقد جعلاللهكتابه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة، وقال -سبحانه-: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[الحشر: 21].
فإذا شكوت يومًا من قسوة قلبك، فأذبه بالذكر، واطلع في القبور واشهد الموتى، وأكثر من ذكر هادم اللذات.
واعلم أنالله-تعالى-قادر على إحياء قلبك بعد مواته، وقد فتح أمامك أبواب الرجاء فقال -سبحانه-: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾[الحديد: 17].
فاضرع إليه -سبحانه- وتذكر أن هذه الآيات كانت سببًا في توبة الفضيل بن عياض وابن المبارك رحمهمااللهتعالى، فإن عبداللهبن المبارك لما سئل عن بدء زهده قال: «كنت يومًا مع إخواني في بستان لنا -وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفواكه-، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعًا بضرب العود والطنبور فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له راشين السحر، وأراد سنان يغني وطائر يصيح فوق رأسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان -يعني العود الذي بيده- ويقول: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَق﴾ قلت: بلى والله، وكسرت العود، وصرفت من كان عندي فكان هذا أول زهدي وتشميري»، ذكره القرطبي عن أبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القلانسي.
وأما الفضيل بن عياض فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئًا يقرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ فرجع القهقري وهو يقول: «والله قد آن، فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السائلة وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق، فقال الفضيل: أواه ! أراني بالليل أسعى في معاصيالله، وقوم من المسلمين يخافونني،اللهمإني قد تبت إليك وجعلت توبتي جوار بيتك المحرم».
عبادالله، آن للقلوب أن تخشع، وللعيون أن تدمع،اللهماجبر كسرنا على فراق شهرنا، واجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك، ولك الحمد يا ربنا على إنعامك وتوفيقك ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى والآخرة وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾[القصص: 70].
وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
[الحديد: 16]، في «صحيح مسلم» عن ابن مسعود قال: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا الله بِهَذِهِ الأيَةِ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ إِلا أَرْبَعُ سِنِينَ» [رواه مسلم]
قال الحسن: «استبطأهم وهم أحب خلقه إليه»، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟»، وروي: «أن المزاح والضحك كثر في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية، ولما نزلت هذه الآية قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يستبطئكم بالخشوع) فقالوا عند ذلك: خشعنا».
وهذا شأنهم -رضي الله عنهم- في سرعة الاستجابة والفيئة وكذلك لما قيل لهم ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة: 91] قالوا: انتهينا ربنا، انتهينا ربنا، وقال ابن عباس: «إناللهاستبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن».
وقيل: نزلت في المنافقين، وقيل أيضًا: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد -عليهم الصلاة والسلام-؛ لأنه قال عقب هذا ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾[الحديد: 19] أي: ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم، وفي الآيات نهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى وزجر عن الكفر والمعاصي وكل أسباب قسوة القلوب ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[الحديد: 16].
قال محمد بن كعب: «كانت الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة، ففتروا عما كانوا فيه، فقست قلوبهم، فوعظهماللهفأفاقوا».
وقال مالك: «بلغني أن عيسى -عليه السلام- قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكرالله-تعالى-فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد مناللهولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا فيها -أو قال: في ذنوبكم- كأنكم عبيد فإنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء واحمدوااللهعلى العافية.
وقد جعلاللهكتابه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة، وقال -سبحانه-: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[الحشر: 21].
فإذا شكوت يومًا من قسوة قلبك، فأذبه بالذكر، واطلع في القبور واشهد الموتى، وأكثر من ذكر هادم اللذات.
واعلم أنالله-تعالى-قادر على إحياء قلبك بعد مواته، وقد فتح أمامك أبواب الرجاء فقال -سبحانه-: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾[الحديد: 17].
فاضرع إليه -سبحانه- وتذكر أن هذه الآيات كانت سببًا في توبة الفضيل بن عياض وابن المبارك رحمهمااللهتعالى، فإن عبداللهبن المبارك لما سئل عن بدء زهده قال: «كنت يومًا مع إخواني في بستان لنا -وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفواكه-، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعًا بضرب العود والطنبور فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له راشين السحر، وأراد سنان يغني وطائر يصيح فوق رأسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان -يعني العود الذي بيده- ويقول: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَق﴾ قلت: بلى والله، وكسرت العود، وصرفت من كان عندي فكان هذا أول زهدي وتشميري»، ذكره القرطبي عن أبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القلانسي.
وأما الفضيل بن عياض فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئًا يقرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ فرجع القهقري وهو يقول: «والله قد آن، فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السائلة وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق، فقال الفضيل: أواه ! أراني بالليل أسعى في معاصيالله، وقوم من المسلمين يخافونني،اللهمإني قد تبت إليك وجعلت توبتي جوار بيتك المحرم».
عبادالله، آن للقلوب أن تخشع، وللعيون أن تدمع،اللهماجبر كسرنا على فراق شهرنا، واجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك، ولك الحمد يا ربنا على إنعامك وتوفيقك ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى والآخرة وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾[القصص: 70].
وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك