لاتحزن
الشيخ عائض القرني
إن مع العسر يسرى
يا إنسان إن بعد الجوع شبع وبعد الظمأ ري وبعد السهر نوم وبعد المرض عافيه وبعد الفقر غناء وبعد السجن حريه , سوف يصل الغائب ويهتدي الضال ويفك العاني وينقشع الظلام (فعسى الله ان يأتي بالفتح أو امر من عنده)
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ومسارب الأوديه ,بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر, بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانيه .
أذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فعلم أن وراءها رياض خضراء وارفه الظلال , أذا رئيت الحبل يشتد ويشتد فعلم أنه سوف ينقطع
مع الدمعه بسمة ومع الخوف آمن ومع الفزع سكينه, النار لاتحرق أبراهيم التوحيد لأن الرعاية الربانيه فتحت نافذة برداً وسلاماً , البحر لايغرق كليم الرحمن لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ (كلا ان معي ربي سيهدين) ,المعصوم في الغار بشر صاحبة بأنة وحدة سبحانة معنا فنزل الأمنُ والسكينةُ
أن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرِقاء ظروفهم القاتمة لايرون ألا النكد والضيق والتعاسة لأنهم لاينظرون ألا لجدار الغرفة وباب الدار فحسب , ألآ فليمدوا أبصارهم وراء الحجب, ألآ فليطلقوا أعنت أفكارهم إلى ما وراء الأسوار, ألآ فليحسنوا الظن بالعزيز الغفار.
أذن فلا تذق ذرعا فمن المحال دوام الحال وأفضل العبادة إنتظار الفرج
الأيام دول والدهر قُلب والليالي حبالا والغيب مستور والحكيم كل يوم هو في شئن ولعل الله يحدث بعد ذلك امراً
(وإن مع العسر يسرى )..
دع المقادير تجري في أعنتها *** ولا تبيتـاً ألا خالي البالِ
مابين غمضت عينٍ وأ نتباهتها *** يغير الله من حال إلى حالِ
وانظر إلى يونس بن متى عليه السلام في ظلمات ثلاث لا أهل ولا ولد ولا صاحب ولا حبيب ولا قريب ألا الله الواحد الأحد فهتف بالكلمة الصادقه المؤثره الناصعة(لا إله الا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين) فجاء الفرج, ويعقوب عليه السلام يقول لأبناءه
(لا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله ألا القوم الكافرون)
فلا يأس والل يُدعى ولا قنوط والله يرجى ولا خيـبة والله يعبد ولا إحباط والله يؤمل جل في علاه
فإذا سئلت فسئل الله وإذا أستعنت فأستعن بالله وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال وعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرى
سهرت أعين ونامت عيون *** في شؤون تكون أو لا تكون
أن رباً كفاك ما كان با لأمس *** سيـكـفيك غـداً ما يكون
فكر واشكر
المعنى أن تذكر نعم الله عليك ، فإذا هي تغمرك منن فوقك ومن تحت قدمك
(وان تعدوا نعم الله لاتحصوها)
صحت في بدن، أمن في وطن، غذاء وكسل، هواء وماء، لديك وأنت ما تشعر تملك الحياة وأنت لا تعلم (وأصبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنه)
عندك عينان ولسان وشفتان ويدان ورجلان وأمن في أوطان (فبأي ألاء ربكما تكذبان) هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بترت أقدام، وأن تعتمد على ساقيك وقد قطعت سوق، أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام ونغص عليه المنام بأمراض وأسقام
تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم تأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، انظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، ألمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا، أتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة، هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم، هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع إنك في نعم عميمة، أنك في أفضال جسيمة ، أنك في أيادي عظيمة ولكنك لا تدري تعيش مهموم مغموم حزين كئيب وعندك الخبز الدافئ والماء البارد والنوم الهانئ والعافية الوارفة تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة ماليه وعندك مفتاح السعادة وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء
فكر وشكر(وفي أنفسكم أفلا تبصرون) فكر في نفسك، فكر في أهلك ، فكر في بيتك، فكر في عملك ، فكر في عافيتك، فكر في أصدقائك ، فكر في الدنيا من حولك
( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها) صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال(من أصبح أمن في سربه معافى في بدنه عنده قوته وقوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال
أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
خذ القناعة من دنياك وأرضى بها *** لو لم يكن لك ألا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها *** هل سار منها بغير الطيب والكفن
يقول أبو العتاهية:
رغيف خبز يابس تأكله في زاوية *** وكوز ماء بارد تشربه من صافية
وغرفة خاليه نفسك فيها راضية *** ومصحف تدرسه مستند لسارية
خير من السكنى بظلات القصور العالية *** من بعد هذا كله تصلى بنار الحامية
ما مضى فات
تذكر الماضي والتفاعل معه و استحضاره والحزن لمآسيه حمق وجنون وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة
إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يرى, يعلق عليه أبدا في زنزانة النسيان, يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ويوصد عليه فلا يرى النور لأنه مضى وانتهى لا الحزن يعيده, لا الهم يصلحه, لا الغم يصححه, لا الكدر يحييه لأنه عدم
لا تعيش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت انقض نفسك من شبح الماضي أتريد أن تعيد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها والطفل إلى بطن أمه واللبن إلى الثدي والدمع إلى العين
إن تفاعلك مع الماضي وقلقك منه واحتراقك بناره وإنطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب, مخيف, مفزع
القراءة في دفتر ماضي ضياع للحاضر وتمزيق للجهد ونسف للساعة الراهنة, ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال (تلك امة قد خلت ) وقال لأوليائه
(لكي لا تأسوا على ما فآتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)انتهى الأمر, قضيت المسألة, لا طائل من تشريح جثة الزمان وإعادة عجلة التاريخ
إن الذين يعودون للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا وكالذي ينشر نشارة الخشب وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم. وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم إنهم قالوا للحمار: لما لا تجتر قال: أكره الكذب
إن بلاؤنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا نهمل قصورنا الجميلة ونندب أطلالنا البالية ولا إن اجتمعت الأنس والجن على إعادة الماضي لما استطاعوا لأن هذا المحال بعينه.
إن الناس لا ينظروا إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام القافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنة الحياة
يومك يومك
اسمع إلى الأثر الثابت (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ) لليوم فحسب سأعيش فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره ولا الغد الذي لم يأتي إلى الآن
اليوم الذي أظلتك شمسه وأدركك نهاره هو يومك فحسب, عمرك يوم واحد ما مضى فات والمأمول غيب ولك الساعة التي أنت فيها فجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب
لليوم فقط اصرف تركيزك و اهتمامك, لليوم فقط وجه إبداعك وكدك وجهدك, لهذا اليوم لا بد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة متدبرة وإطلاع متأمل وإبداع برقي وذكر بحضور واتزان في أمور وحسن في خلق ورضا بالمقسوم واهتمام بالمظهر واعتناء بالجسم ونفع للآخرين
, لليوم هذا الذي أنت فيه تعيش فتقسم ساعاته فتجعل من دقائقه سنوات ومن ثوانيه شهور
تزرع فيه الخير, تسدي فيه الجميل, تستغفر فيه من الذنب, تذكر فيع الرب تتهيأ للرحيل, تعيش هذا اليوم فرح وسرور وأمن وسكينة ترضى فيه برزقك, بزوجتك, بأطفالك, بوظيفتك, ببيتك, بعملك, بمستواك
وخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين
تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا إزعاج ولا سخط ولا حقد ولا حسد. إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحده تجعلها أيضا على مكتبتك تقول العبارة: يومك يومك
إذا كلت خبزا حارا شهيا فهل يضرك خبز الأمس اليابس الرديء أو خبز غد الغائب المنتظر, إذا شربت ماء عذب زلال هذا اليوم فهل تحزن من ماء أمس المالح الأجاج أو تهتم لماء غد الآسي الحار
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة, عارمة, حاسمة, حازمة, جازمة, لا أخضعتها لنظرية لن أعيش إلا هذا اليوم حينها تشغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك في تنمية مواهبك في تزكية عملك فتقول
لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أو فحشا أو سب أو غيبه, لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي فلا ارتباك ولا بعثرة إنما هو نظام ورتابة
لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي, لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي وتأدية صلاتي على أكمل وجهه والتزود بالنوافل وتعاهد مصحفي والنظر في كتبي وأحفظ فائدة ومطالعة كتاب نافع
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة واجتث منه شجرة أثر بغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن, لليوم فقط أعيش وأنفع الآخرين أسدي الجميل للغير, أعود مريض, أشيع جنازة, أدل حيران, أطعم جائع, أفرج عن مكروب, أقف مع مظلوم, أشفع لضعيف, أواسي منكوب, أكرم عالم, أرحم صغير, أجل كبير,
لليوم سأعيش فيا ماضي ذهب وانتهى أغرب كشمسك فلن ابكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة لأنكتركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا ابد الآبدين ويا مستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل لميلاد مفقود لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن شيئا مذكورا, يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن يرد الحياة في أبها صورها وأجمل حللها
أترك المستقبل حتى يأتي
أتى أمر الله فلا تستعجلوه
لا تستبق الأحداث أتريد إجهاض الحمل قبل إتمامه وقطع الثمرة قبل النضج, إن غدا مفقود لا حقيقة له, ليس له وجود, ولا طعم ولا لون ولا رائحة فلماذا نشغل أنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثة ولا ندري ما يحال بيننا وبينه أو نلقاه فإذا هو سرور ونور وحبور المهم أنه في العالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد
أن علينا أن لا نعبر الجسر حتى نأتيه ومن يدري لعلنا نقف قبل وصول الجسر أو لعل الجسر ينقطع بنا وربما وصلنا الجسر ومررنا بسلام
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى *** ولا زاجرات الضير ما الله مانع
لا يعلم الغيب إلا الله فانتظر موعودك مع الله وكن سعيد بيومك
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع في التفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعاً لأنه طول أمل ومذموم عقلاً لأنه مصارعة للظل
إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب وهذا كله من مقررات مدارس إبليس ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا)وكَل بها رباً عليما حكيما جل في علاه كثير هم الذين يبكون لأنهم سوف يجوعون غداً وسوف يمرضون بعد سنة وسوف ينتهي العالم بعد 100عام
أن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له
أترك غداً حتى يأتيك لا تسأل عن أخباره لا تنتظر زحٌفه لأنك مشغول باليوم وأن تعجب فعجب هؤلاء الذين يقترضون الهم نقداً ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم يرى النور فحذاري من طول الأمل
كيف تواجه النقد الآثم
الرقاع السخفاء الحمقى التافهون سبوا الخالق الرازق جل في علاه, شتموا الأحد الذي ذهب بالجمال والكمال والجلال لا إله ألا هو فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ
إنك سوف تواجه في حياتك حرب ضروس لا هوادة فيها من النقد الآثم المر ومن التحطيم المدروس المقصود ومن الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتستطع وتلمع وتبدع ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلم في السماء فتفر من هؤلاء أما و أنت بين أظهرهم فأنتظر منهم ما يسئك ويبكي عينك ويدمي مقلتك ويغض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط, إن الناس ليرفسون كلباً ميتاً ولا كنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحاً أو علم أو أدب أو مال أو بيان أو زهد فأنت عندهم مذنب حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك وتنخلع من كل صفات الحمد وتنسلخ من كل معاني النبل وتبقى بليداً غبياً صغراً محطماً مكدوداً هذا ما يريدون بالضبط
إذن فصمد لكلام هؤلاء, إذن فثبت أحد, إذن فصبر على نقدهم و تشويههم وتجريحهم وتحقيرهم, إذن كن كالصخرة الصامدة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وتعلن صمودها وقدرتها على البقاء أنك. أن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك
ألا فصفح الصفح الجميل , ألا فأعرض عنهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون
أن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل , أنك لن تستطيع أن تغلق أفواه البشر و لا تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم
وتجنيهم بتجافيك لهم وإهمالك لشأنهم وإضراحك لقولهم
قل موتوا بغيظكم
وكلمة حاسد من غير جرم *** سمعت فقلت مري فنفُذيني
وعابوها علي ولم تعبني *** ولم يندا لها أبداً جبيني
*********
حسدوا الفتى إن لم ينالوا سعيهم *** فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسداً وبغياً أنه لذميم
وقال آخر:
وشكوت من ظلم الوشاة ولن تجد *** ذا سؤدد إلا أصيب بحُسدٍ
لا زلت يا سبط الكرام مُحسداً *** والتافه المسكين غير مُحسدِ
أنك تستطيع أن تصب في أفواه هؤلاء الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك أن كنت تكون مقبول عند الجميع محبوب لدى الكل سليم من العيوب عند العالم فقد طلبت مستحيل وأملت أمل بعيد ألا يكفيك أن الواحد جل في علاه القهار تباركت أسماءه الكامل تقدست آلاءه يقول
( يسبني أبن أدم وما ينبغي له ذلك ويشتمني أبن أدم وما ينبغي له ذلك, أما سبه أياي – تعال الله في علياءه- فإنه يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار أما شتمه أياي فإنه
يقول أني اتخذت صاحبة وولد وأنا الله لم أتخذ صاحبة ولا ولد
وهذا هو الله جل في علاه ورسولنا صلى الله عليه وسلم من بلغ الكمال البشري سب وشتم وهجي وقيل له ساحر وشاعر وكاهن وكذاب ومجنون فنزل عليه فصفح الصفح الجميل وصبر صبرا جميلا
قضاء وقدر
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن برءها)
فليعلم من جهل وليدري من غفل جف القلم،رفع الصحف،قضي الأمر،كتبت المقادير (لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا) الله بتوكلنا حسبنا الله ونعم الوكيل(وأفوض أمري إلى الله)
****** ******
سهرت أعين ونامت عيون *** في شؤون تكون أولا تكون
أن ربا كفاك ما كان بالأمس *** سيكفيك في الغد ما يكون
واسمع العام ذي الفطرة الصحيحة يقول
:
لا تشتكي يا وحد بات مهموم *** ترى الفرج عندك تراب الحزام
وأن كان عينك خالفت لذة النوم *** أنت تنام وخالقك ما ينام
ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطئك لم يكن ليصيبك
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية والمحنه منحه وكل الوقائع جوائز وأوسمة ومن يرد الله به خيراً يصب منه فلا يصبك قلق من مرض أو موت أبن أو خسارة مالية أو احتراق بيت فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل والاختبار هكذا والخيرة لله والأجر حصل والذنب غفر
هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الأخذ المعطي القابض الباسط (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) ولن تهدأ أعصابك ولن تسكن بلابل نفسك ولن تذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر
جف القلم بما أنت لاق فلا تذهب نفسك حسرات،لا تظن أن بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار وحبس الماء أن ينسكب ومنع الريح أن تهب وحفظ الزجاج أن ينكسر هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك سوف يقع المقدور وينفذ القضاء ويحل المكتوب فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
أستسلم للقدر قبل أن تتطوق بجيش السخط والتذمر والعويل أعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم أذن فليهدأ بالك وإذا فعلت الأسباب وبذلت الحيل ثم وقع ما كنت تحذر فهذا ما كان ينبغي أن يقع ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل
واسمع إلى الجوائز وإلى الأوسمة وإلى الأعطيات للصابرين المحتسبين صح عنه عليه
الصلاة والسلام أن الله يقول
(مالي عبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم أحتسبه ألا الجنة) وقال سبحانه في الحديث القدسي الصحيح
من ابتليته بحبيبتيه _أي عينيه_ فصبر عوضت منهما الجنة
وصح عنه عليه الصلاة والسلام عن ربه أنه قال إذا قبضت أبن العبد المؤمن قال الله لملائكته وهو أعلم: قبضتم أبن عبدي المؤمن قالوا:نعم ,قال :قبضتم ثمرة فؤاده. قالوا: نعم ,قال : فماذا قال عبدي؟ قالوا :حمدك واسترجع. قال: ابنوا لعبدي بيت في الجنة وأسموه بيتا الحمد
وانظر إلى الأولياء كيف يصبرون على المقدر هذا عروة بن الزبير يسافر سفر طويل من المدينة إلى الشام عروة الذي يختم القران كل أربعة أيام , عروة الذي كان يقوم ثلث الليل, عروة الذي يصوم يوم ويفطر يوم ,عروة الذي قال عنه الزهري البحر الذي لا يكدره الدلاء, سافر إلى الشام ولكنه كان سفر بعيد شاق حتى قال بعد السفر (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) سافر معه ابنه محمد وذهب إلى هناك ونزل في بيت وأصابته الأكلة في رجله ورحلت في قدمه
فأرادوا بتر القدم فصبر فسرت إلى الساق فأرادوا بتر الساق فصبر فسارت إلى الفخذ فقرر الأطباء بتر فخذه وقدموا له كأس من الخمر وهو الولي العابد الصادق الزاهد قال أأشرب خمرا قالوا: ليذهب عقلك لألا تجد ألم قال: والله لا أشربها كيف أذهب عقل منحنية ربي كيف أرتكب محرم ولكن إذا دخلت في صلاتي فسوف أنسى ألمي فقطعوا رجلي فكبر وأسترسل في صلاته وسافرت روحه إلى الملكوت العليا كما قال الأول:
إذا كان حب الهائمين من الورى *** بسلمى وليلى يسلب اللب والعقل
فماذا عسى أن يصنع الهايم الذي *** سـرى قلبه شوق إلى العالم الأعلى
وبتروا رجله وأغمي عليه وستفاق ليقول أول كلمة وينبس بأول جملة فيقول اللهم لك الحمد أن كنت أخذت فقد أعطيت وأن كنت ابتليت فقد عافيت قال له الناس أحسن الله عزائك في رجلك وأحسن الله عزائك في أبنك محمد فإنه بينما كانت تقطع رجلك ذهب إلى إسطبل الخيل فرفسته فرس فمات فعاد مرة ثانيه ليبعث رسالة حارة إلى الحي القيوم المتفضل سبحانه يقول : اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضاء أعطيتني أربعة أعضاء وأخذت عضو وأعطيتني أربعة أبناء وأخذت أبنا فأنت المتفضل صاحب الجميل
والمرأة السوداء صح الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام أتى فإذا هي تصرع تمرض تتكشف يعيث بها المرض يزلزلها يقلقها تضرب منه قال صلى الله عليه وسلم وهو يعرض عليها الخيار وهي أمه سوداء لكنها مؤمنة بالله مسلمة بالقضاء والقدر أن شئتي دعوة الله لك فشافاك وإن شئتي صبرتي واحتسبتي ولك الجنة قالت بل أصبر واحتسب ودعوا الله لي ألا أتكشف, قال عطاء
من أراد أن ينظر إلى امرأة من أهل الجنة فلينظر إلى هذه المرأة السوداء
اصنع من الليمون شرابا حلوا
الذكي الأرب يحول الخسائر إلى أرباح والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين طرد الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة وأقام في المدينة دولة, سجن أحمد بن حنبل فصار أمام السنة ,حبس أبن تيمية فصار أمام الأمة, وضع السر خسي في قعر بـير معطلة فأخرج ثلثين مجلد , أبعد أبن أثير فصنف أربعين مصنف, نفي أبن الجوزي فتعلم القراءات , أصابت الحمى مالك أبن الريب فصار شاعر الدنيا, مات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر وذهل منها الجمهور وصفق لها التاريخ
أذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها إذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر , إذا أهدى أليك أحدهم ثعبان فخذ جلده الثمين وترك باقية , إذا لدغتك عقرب فعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات
تكيف في ظرفك القاسي لتخرج لنا منه زهر وورد وياسمين
(وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم )
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجدين متفائل ومتشائم فأخرجا رئسيهما من النافذة السجن أما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك أما المتشائم فنظر في الطين فبكاء أنظر إلى الوجه الأخر المأساة لأن الشر المحض ليس موجود أصلا بل هناك خير ومكسب وفتح واجر
أمن يجيب المضطر إذا دعاه
من الذي يفزع إليه المكروب ,من الذي يستغيث إليه المنكوب ,من الذي تصمد إليه الكائنات, من الذي تسأله المخلوقات ,من الذي يلتجأ إليه العباد من الذي تلهج الألسنة لذكره ، من الذي تألف له القلوب ، من هو الواحد الأحد ، انه الله الذي لا اله إلا هو ، وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكروبات وننطرح علي عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين حينها يأتي مدده يصل إلينا عونه يسرع إلينا فرجه ، حيل علينا فتحه
امن يجيب المضطر إذا دعاه
فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلى وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) ولن أسرد عليك هنا ادعيه إزالة الهم والحزن والغم ، فهي معلومة في السنة
إذا وجدت الطريق إلى ربك وجدت كل شيء ، وان فقدت الإيمان به فقد قدت كل شيء ، إن دعائك ربك عباده أخرى وطاعة عظمى ثانية فوق أصول المطلوب وان عبدا يجيد فن الدعاء حري ألا يهتم و لا يغتم ولا يحزن ولا يقلق
( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
كل الحبال تتصرم إلا حبله ، كل الأبواب توصد إلا بابه ، كل الطرق تغلق إلا طريقه هو قريب سميع ..مجيب يجيب المضطر إذا دعاه ، يأمرك وأنت الفقير الضعيف ..
المحتاج.. وهو الغني.. القوي.. الواحد.. الماجد، بأن تدعوه ( ادعوني استجب لكم )
إذا استعدت عليك النوازل.. إذا ألمت بك الخطوب فالهج بذكره واهتف باسمه واطلب مدده ، وأسأله فتحه ونصره ، مرغ الجبين لتقديس اسمه ، لتحصل على تاج الحرية ، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة مد يديك ارفع كفيك أطلق لسانك أكثر من طلبه بالغ في سؤاله ألح عليه ..
ألزم بابه . انتظر لطفه ..
ترقب فتحه، أشدو باسمه، أحسن الظن به
انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلا حتى تسعد وتفلح
العوض من الله
لا تأسف على مصيبة فإن الذي قدرها عنده جنه وثواب وعوض واجر عظيم إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس
( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ).
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلها الخير
( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه وأولئك هم المهتدون )
، هنيئا للمصابين وبشرى للمنكوبين ، سلام على المضطهدين
إن عمر الدينا قصير وكنزها حقير والاخره خير وأبقى ، فمن أصيب هنا كفى هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، ومن افتقر هنا اغتنى هناك ، أما المتعلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها فاشدوا ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها ، فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة
أيها المصابون ما فات شيء وأنت الرابحون فقد بعث لكم برسالة بين اسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار ، إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة ، أن ينظر ليرى النتيجة ( وضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) وما عند الله خير وأبقى واهني وامرئ واجل وأعلى وأغلى
الإيمان هو الحياة
لأشقياء في كل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان ومن رصيد اليقين فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) لا يسعد النفس ولا يزكيها ، لا يطهرها ، لا يسرها، لا يفرحها ، لا يذهب غمها وهمها وقلقها ألا الإيمان بالله رب العالمين لا طعم للحياة أصلا ألا بالإيمان
إذا الإيمان ضاع فلا حياة *** ولا دنيا لمن يشري دنيا
ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جعل الفناء لها قرينا
وأن الطريقة المثلى للملاحده إن لم يؤمنوا فلينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الأصار والأغلال والظلمات والدواهي يا لها من حياة تعيسة بلا إيمان يا لها من لعنة أبدية حاقة بالخارجين على منهج الله في الأرض
(ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون)
وقد آن الأوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل أن الصنم خرافة والكفر لعنة والإلحاد كذبة وأن الرسل صادقون وأن الله حق وأنه على كل شيء قدير وبقدر إيمانك قوة وضعفاً ،حرارة وبرودة تكون سعادتك وراحتك وطمئنينيتك
(من عمل صالح من ذكر أو أنثى وهو مؤمن لنحيينه حياة طيبه ولنجزينهم أجره بأحسن الذي كانوا يعلمون)
وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعود ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضار الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث ، وسكينته قلوبهم عند وقوع القضاء ورضاهم في مواطن القدر لأنهم رضوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
أجني العسل ولا تكسر الخلية
الرفق ما كان في شيء ألا زانة وما نزع من شيء إلا شانه...اللين في الخطاب، البسمة رائقة على المحيى، الكلمة الطيبة عند اللقاء هذي حلل منسوجة يرتديها السعداء وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيب وتصنع طيب وإذا وقعت على الزهرة لا تكسرها لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف
أن من الناس من تشرئب لقدومهم الأعناق وتشخص إلى طلعاتهم الأبصار وتحييهم الأفئدة وتشيعهم الأرواح لأنهم محبوبون في كلامهم في أخذهم في عطائهم في بيعهم في شرائهم في لقائهم في وداعهم
أن اكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الأبرار فهم محفوفون دائما وأبداً بهالة من الناس أن حظروا فالبشر والأنس،أن غابوا فالسؤال والدعاء أن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه
(أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)
فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة وحلمهم الدفين وصفحهم البريء يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان تمر بهم الكلمات النابية فلا تلج أذانهم بل تذهب بعيداً هناك إلى غير رجعة هم في راحة والناس منهم في أمن والمسلمون منهم في سلام (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ... (والمؤمن من أمن الناس على دمائهم وأموالهم) يقول صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه
(أن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفوا عن من ظلمني وأن أعطي من حرمني)
و الله لقد وصلت من قطعك وعفوت عمن ظلمك وأعطيت من حرمك فهنيء لك تلك المنزلة
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)
بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والرضوان والهدوء وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
ذكر الله تعالى
الصدق حبيب الله، الصراحة صابون القلوب، التجربة برهان الرائد لا يكذب أهله
لا يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر (فذكروني أذكركم)وذكره سبحانه جنة في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة وهو إنقاذ للنفس من أوصابها وأتعابها وأضرارها
أذا مرضنا تداوينا بذكركم *** ونترك الذكر أحياناً فننتكس
أذكرونا مثل ذكرانا لكم *** ربا ذكرى قربت من نزحا
وهو الطريق الميسر المختصر إلى كل فوز وفلاح طالع دواوين الوحي لترى فوائد الذكر،جرب مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء بذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم
والحزن بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى
الله أكبر كل هم ينجلي *** عن قلب كل مكبر ومهلل
و لا عجب أن يرتاح الذاكرون فهذا هو الأصل الأصيل لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكره
(أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون)
يا من شكا الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث ورمته الخطوب هيا أهتف باسمه تقدس في علياءه هل تعلم له سميا أن بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك يهدأ قلبك تسعد نفسك يرتاح ضميرك لأن في ذكره معاني التوكل والثقة والاعتماد والتفويض وحسن الظن وانتظار الفرج فهو قريب أذا دعي سميع أذا نودي مجيب أذا سؤل فضرع وخشع وخضع وأخشع وردد أسمه الطيب المبارك على لسانك توحيد وتمجيدا وثناء ومدحا ودعاء وسؤال واستغفار وسوف تجد بحوله وقوته السعادة وأمن والسرور والنور والحبور
(فأثابهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة)
يقول عليه الصلاة والسلام
( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت)
يحسدون الناس على ما آتهم الله من فضله
الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخر، إن الحسد مرض مزمن يعيش في الجسم فسادا وقد قيل لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم وعدو في جلباب صديق وقد قيل لله در الحسد ما أعدله بدء بصاحبه فقتله
أنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك قبل أن نرحم الآخرين لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا ونسقي الغم دمائنا ونوزع النوم على جفون الآخرين.
أن الحاسد يشعل فرن ساخن ثم يقتحم فيه التنغيص والكدر والهم،أمراض الحاضر يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء وأتهم الباري في العدل وأساء الأدب وخالف الشرع وقدح في العقل، يا للحسد من مرض لا يؤجر صاحب ومن البلاء لا يثاب عليه المبتلى به وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم كل يصالح ألا الحاسد
أعطيت كل الناس من نفسي الرضا *** ألا الحسود فإنه أعياني
مالي له ذنب عليه عملته *** إلا ترادف نعمة الرحماني
وأبا فما يرضيه إلا ذلتي *** وذهاب أموالي وقطع لساني
أن الحاسد يريد شيء محدد لا غيره يريد تتنازل عن مواهبك أن تلغي خصائصك أن تترك مناقبك فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض. نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد
اقبل الحياة كما هي
حال الدنيا منغصه اللذات،كثيرة التبعات، جاهمة المحيا ،كثيرة التلون مزجه بالكدر، خلقت بالنكد، وأنت منها في كبد
دار متى ما أضحكت في يومها *** أبكت غداً قبحاً لها من دار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
طبعت على كدر وأنت تريده *** صفوا من الأقذار والأعداء
لن تجد ولد ولا زوجة أو صديق أو نبيل أو مسكن أو وظيفة ألا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحيانا فأطفأ حر شره ببرد خيره لتنجوا رأس برأس والجروح قصاص. أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعه للضدين والنوعين والفريقين والرايين خير وشر، صلاح وفساد،سرور وحزن ثم يصفى الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار وفي الحديث
(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالم ومتعلم).
فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال ولا تحلق في عالم المثاليات أقبل الحياة كما هي وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها فسوف لا يصفوا لك صاحب ولا يكمل لك فيها أمر ولا يصلح لك فيها حال لأن التمام والكمال في الآخرة لن تكمل لك زوجة وف الحديث
( لا يفرق مؤمن مؤمنه أن كره منها خلق رضي منها آخر)
فينبغي أن نسدد وان نقارب وأن نعفو وأن نصفح وأن نأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها *** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
أذا أنت لم تشرب مرار على القذى *** ظمئت وأي الناس تصفى مشاربه
************ *
ولست بمستبقي أخا لا تلمه *** على شعث أي الرجال المهذب
فلنغض الطرف أحيانا ونسدد الخطى ونتغافل عن الأمور
ليس الغبي بسيد في قومه *** لا كن سيد قومه المتغابي
تعزى بأهل البلاء
تلفت يمنة ويسره فهل ترى إلا مبتلى هل تشاهد إلا منكوب هل تبصر إلا مصاب
في كل دار نائحة على كل خد واد بني سعد كم من المصائب كم من الصابرين فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل كم مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من ألم يصيح من السقم كم من محبوس مرت به السنوات ما رأى الشمس بعينة وما عرف غير زنزانته كم من رجل و امرأة فقد فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر، كم من مكروب،كم من مديون، كم من محبوس ، كم من عرض منهوك
كم من دم مسفوك، كم من عقل منهوب، كم من مال مسلوب آن لك أن تتعزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين بأن هذه الحياة سجن للمؤمن وإنها دار الأحزان والنكبات وتصبح القصور حافلة بأهلها تمسي خاوية على عروشها بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافره والأولاد كثر ثم ما هي ألا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض
(وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)
فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأن هو لم يأتك إلا واخزات سهلة فأحمد الله على لطفه وشكره على ما أبقى وأحتسب ما أخذ وتعزى بمن حولك
لك في رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة وضع السلى على رأسه، أدميت قدماه، شج وجهه، حوصر في الشعب، طرد من مكة، كُسرت ثنيته، رمي في عرض زوجته، قتل سبعين من أصاحبه، فقد أبنه، ماتت بناته، ربط الحجر على بطنه، أتهم بشتى التهم وصانه الله عن ذلك وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لأعظم منه
وقد قتل قبل ذلك زكريا وذبح يحيا وهجر موسى ووضع الخليل في النار وسار الأءمه على هذا الطريق فضرج عمر، اغتيل عثمان وطعن علي وجلدت ظهور الأءمه وسجن الأخيار ونكل بالأبرار
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء "وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ألا أن نصر الله قريب
قل للذي بصروف الدهر عيرنا *** هل عاند الدهر ألا من له خطر
أما ترى البحر تعلوا فوقه جيف *** وتستقر بأقصى قعره درر
وفي السماء نجوم لا عداد لها *** وليس يكسف إلا الشمس والقمر
الصلاة الصلاه
( يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة )
أذا داهمك الخوف وطوقك الحزن وأخذ الهم بتلابيبك قم حالاً إلى الصلاة تذوب لك روحك وتطمئن نفسك
أن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان و الغموم ومطاردة فنون الاكتئاب
كان صلى الله عليه وسلم إذا أحز به أمر قال( أرحنا بالصلاة يا بلال) فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته وقد طالعت سير أقوام أفذاذ كانت أذا ضاقت بهم الضوائق وكشرت في وجههم الخطوب فزعوا إلى صلاة خاشعة فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم ، أن صلاة الخوف فرضت لتؤدى في ساعة الرعب يوم تتطاير الجماجم وتسيل النفوس على شفرات السيوف فإذا الثبات والسكينة والرضوان والأنس
أن على الجيل الذي تعصف به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد وأن يمرغ جبينه ليرضي ربه أولا ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب وألا فإن الدمع سوف يحرق جفنه والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن ألا الصلاة
ومن أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليله كفارة لذنوبنا، رفع لدرجاتنا،صلاح لأحوالنا،سكينة لنفوسنا،دواء لأمراضنا،تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين، تملئ جوانحنا بالرضا أما ؤلائك الذين جانبوا المسجد وتركوا الصلاة فمن نكد إلى نكد ومن حزن إلى حزن ومن شقاء إلى شقاء
(فتعس لهم وأضل أعمالهم)
حسبنا الله ونعم الوكيل
تفويض الأمر إلى الله، التوكل عليه،الثقة بوعوده، الرضاء بصنيعه، وحسن الظن به، انتظار الفرج منه، من أعظم ثمرات الإيمان ومن احل صفات المؤمنين وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ويعتمد على ربه في كل شأنه يجد الرعاية والولاية والكفاية والتأييد والنصرة
لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال حسبنا الله ونعم الوكيل فجعلها الله عليه بردا
وسلاما،ولما قيل لرسولنا صلى الله عليه وسلم أن الناس قد جمعوا لكم قال حسبنا الله ونعم الوكيل
(فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)
إن الإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث ولا يقاوم الملمات ولا ينازل الخطوب لأنه
خلق ضعيف ،عاجز ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه ويفوض الأمر إليه يجد النصرة والتأييد والفتح والإعانة (وعلى الله فتوكلوا إن كنت مؤمنين) فيا من أراد أن ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذو القوة المتين لينقذك من الويلات ويخرجك من النكبات ويجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل
وإن قل مالك وكثر دينك وجفت مواردك وشح مصادرك فناد حسبنا الله ونعم الوكيل ، وإذا خفت من عدو أو رُعبت من ظالم أو فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل
(وكفى بربك هاديا ونصيرا)
قل سيروا في الأرض
مما يشرح الصدر ويزيح الكرب السفر في الديار وقطع القفار والتقلب في الأمصار والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أٌلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال لترى حدائق ذات بهجة ورياض أنيقة وجنات ألفا فا
اخرج من بيتك تأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك اصعد الجبال واهبط الأودية وتسلق الأشجار ، أرعب من الماء النمير ، ضع انفك على أغصان الياسمين حينها ترى روحك حرة طليقه كالطائر الغريد تسبح في فضاء السعادة اخرج من بيتك الغي الغطاء الأسود من عينك ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكره مسبحا
وكتاب الفضاء اقرأ فيه .... سور ما قرأتها في كتاب
إن الانزواء في الغرفة الضيقة ما الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار، وليست غرفتك هي العالم ولست أنت كل الناس فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان
ألا فاهتف بسمعك وبصرك وقلبك (انفروا خفافا وثقالا ) تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل والطيور وهي تتلوا خطب الحب، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل.
إن الترحال في مسارب الأرض متعه يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه وأظلمت عليه غرفته فهيا بنا نسافر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبر
( ويفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )
فصبر جميل
التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكارة برحابه صدر وقوه إرادة وبمناعة أبية وإن لم اصبر أنا وأنت فما نصنع ، هل عندك حل لنا غير الصبر ، هل تعلم لنا زاد غيره كان احد العظماء مسرح تركض فيه المصائب وميدان تسابق فيه النكبات كلما خرج من نكبه دخل في أخرى وكلما نجا من كربه تعرض لثانية وهو متترس بالصبر ومتدرع بالثقة بالله حتى قال
إن كان عندك يا زمان بقية *** مما يهان بها الكرام فهاتها
فجعل الله له فرجا ومخرجا، هكذا يفعل النبلاء يصارعون الملمات يطرحون النكبات أرضادخلوا على أبي بكر وهو مريض ألا ندعو لك طبيبا قال الطبيب قد رأني قالوا: فماذا قال ؟ قال : يقول
(إني فعال لما أريد ).
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي *** والذي قد أصابني من طبيبي
قال ابن المرتعش ذهبت عيني من أربعين سنه ما علمت ابنتي ولا زوجتي و في مقالات لأحد المعاصرين انه عرف جار له مقعد من عشرين سنه يقول : والله ما أن ولا اشتكى وما زال يحمد ربه حتى مات (واصبر وما صبرك إلا بالله )
اصبر صبر واثق بالفرج عالم بحسن المصير طالب للآجر راغب في تكفير السيئات اصبر مهما ادلهمت الخطوب وأظلمت أمامك الدروب فإن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب فإن مع العسر يسرى
وقد قرأت في سير عظماء مرا في هذه الدنيا وذهلت لعظيم صبرهم وقورة احتمالهم كان المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء باردة وهم في ثبات الجبال وفي رسوخ الحق ، فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج وفرحت الفتح وعصر النصر وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده بل رضي وابتسم واحتسب فكان الثواب والأجر والفرج
وقفه
لا تحزن .. لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن وحبس الشمس وإعادة عقارب الساعة والمشي إلى الخلف ورد النهر إلى مصبه
لا تحزن .. لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء وتبعثر الماء وتغير السماء، وتهلك الحديقة الغناء
لا تحزن ..لأن المحزون كالنهر الأحمق ينحدر في البحر ويصب في البحر
كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا
وكالنافخ في قرب مثقوبة وكالكاتب بأصبعه على الماء
لا تحزن .. فإن عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك، فلا تنفق أيامك في حزن، ولا تبذر لياليك في الهم، ولا توزع ساعاتك على الغم، ولا تسرف في إضاعة حياتك، فإن الله لا يحب المسرفين
لا تحزن .. فإن أموالك التي في خزائنك وقصورك السامقة وبساتينك الخضراء ما الخزن والأسى واليأس زيادة في أسفك وغمك وهمك
لا تحزن .. فإن عقاقير الأطباء ودواء الصيادلة ووصفة الحكيم لا تسعدك وقد أسكنت الحزن قلبك وفرشت له عينك ، وبسطت له جوانحك ، وألحفتة جلدك
لا تحزن .. وأنت تملك الدعاء ، وتجيد الإنطراح على عتبات الربوبية وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك ومعك الثلث الأخير من الليل ، ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود
لا تحزن .. فإن الله خلق لك الأرض وما فيها وأنبت لك حدائق ذات بهجة وبساتين فيها من كل زوج بهيج ونخل باسقات ولها طلع نضيد ونجوم لامعات وخمائل وجداول ولكنك تحزن !!
لا تحزن .. فأنت تشرب الماء الزلال وتستنشق الهواء الطلق وتمشي على قدميك معافى وتنام ليلك آمن
لا تحزن ..فإن المرض يزول والمصاب يحول والذنب يغفر والدين يقضى والمحبوس يفك والغائب يقدم والعاصي يتوب والفقير يغتني
لا تحزن .. أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع والليل البهيم كيف ينجلي والريح الصر صر كيف تسكن والعاصفة كيف تهدأ إذا فشدائدك إلى رخاء وعيشك إلى هناء ومستقبلك إلى نعماء
لا تحزن .. لهيب الشمس يطفئه وارف الظل وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير وعظة الجوع يسكنها الخبز الدافئ ومعاناة السهر يعقبها نوم لذيذ و ألام المرض يزيلها هناء العافية فما عليك إلا الصبر قليل و الانتظار لحظة
لا تحزن .. فقد حار الأطباء وعجز الحكماء وقف العلماء وتساءل الشعراء وبارت الحيل أما م نفاذ القدرة ووقوع القضاء وحتمية المقدور
عسى فرج قريب عسى *** نعلل نفسنا بعسى
فلا تقنط وأن لاقيت هما يقبض النفس *** فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يأسا
(إن مع العسر يسرى)
يا أحد يا صمد يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم أسألك أن تذهب عنا الهم والغم والحزن والكدر والوصب والنصب اللهم أنا نعوذ بك من الشقاء والشقوة والذلة والفقر سبحانك ربك رب العزة عما يصفون سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله ألا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم على نبينه وأله وصحبه ومن والاه.
الشيخ عائض القرني
إن مع العسر يسرى
يا إنسان إن بعد الجوع شبع وبعد الظمأ ري وبعد السهر نوم وبعد المرض عافيه وبعد الفقر غناء وبعد السجن حريه , سوف يصل الغائب ويهتدي الضال ويفك العاني وينقشع الظلام (فعسى الله ان يأتي بالفتح أو امر من عنده)
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ومسارب الأوديه ,بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر, بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانيه .
أذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فعلم أن وراءها رياض خضراء وارفه الظلال , أذا رئيت الحبل يشتد ويشتد فعلم أنه سوف ينقطع
مع الدمعه بسمة ومع الخوف آمن ومع الفزع سكينه, النار لاتحرق أبراهيم التوحيد لأن الرعاية الربانيه فتحت نافذة برداً وسلاماً , البحر لايغرق كليم الرحمن لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ (كلا ان معي ربي سيهدين) ,المعصوم في الغار بشر صاحبة بأنة وحدة سبحانة معنا فنزل الأمنُ والسكينةُ
أن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرِقاء ظروفهم القاتمة لايرون ألا النكد والضيق والتعاسة لأنهم لاينظرون ألا لجدار الغرفة وباب الدار فحسب , ألآ فليمدوا أبصارهم وراء الحجب, ألآ فليطلقوا أعنت أفكارهم إلى ما وراء الأسوار, ألآ فليحسنوا الظن بالعزيز الغفار.
أذن فلا تذق ذرعا فمن المحال دوام الحال وأفضل العبادة إنتظار الفرج
الأيام دول والدهر قُلب والليالي حبالا والغيب مستور والحكيم كل يوم هو في شئن ولعل الله يحدث بعد ذلك امراً
(وإن مع العسر يسرى )..
دع المقادير تجري في أعنتها *** ولا تبيتـاً ألا خالي البالِ
مابين غمضت عينٍ وأ نتباهتها *** يغير الله من حال إلى حالِ
وانظر إلى يونس بن متى عليه السلام في ظلمات ثلاث لا أهل ولا ولد ولا صاحب ولا حبيب ولا قريب ألا الله الواحد الأحد فهتف بالكلمة الصادقه المؤثره الناصعة(لا إله الا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين) فجاء الفرج, ويعقوب عليه السلام يقول لأبناءه
(لا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله ألا القوم الكافرون)
فلا يأس والل يُدعى ولا قنوط والله يرجى ولا خيـبة والله يعبد ولا إحباط والله يؤمل جل في علاه
فإذا سئلت فسئل الله وإذا أستعنت فأستعن بالله وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال وعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرى
سهرت أعين ونامت عيون *** في شؤون تكون أو لا تكون
أن رباً كفاك ما كان با لأمس *** سيـكـفيك غـداً ما يكون
فكر واشكر
المعنى أن تذكر نعم الله عليك ، فإذا هي تغمرك منن فوقك ومن تحت قدمك
(وان تعدوا نعم الله لاتحصوها)
صحت في بدن، أمن في وطن، غذاء وكسل، هواء وماء، لديك وأنت ما تشعر تملك الحياة وأنت لا تعلم (وأصبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنه)
عندك عينان ولسان وشفتان ويدان ورجلان وأمن في أوطان (فبأي ألاء ربكما تكذبان) هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بترت أقدام، وأن تعتمد على ساقيك وقد قطعت سوق، أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام ونغص عليه المنام بأمراض وأسقام
تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم تأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، انظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، ألمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا، أتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة، هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم، هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع إنك في نعم عميمة، أنك في أفضال جسيمة ، أنك في أيادي عظيمة ولكنك لا تدري تعيش مهموم مغموم حزين كئيب وعندك الخبز الدافئ والماء البارد والنوم الهانئ والعافية الوارفة تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة ماليه وعندك مفتاح السعادة وقناطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء
فكر وشكر(وفي أنفسكم أفلا تبصرون) فكر في نفسك، فكر في أهلك ، فكر في بيتك، فكر في عملك ، فكر في عافيتك، فكر في أصدقائك ، فكر في الدنيا من حولك
( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها) صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال(من أصبح أمن في سربه معافى في بدنه عنده قوته وقوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال
أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
خذ القناعة من دنياك وأرضى بها *** لو لم يكن لك ألا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها *** هل سار منها بغير الطيب والكفن
يقول أبو العتاهية:
رغيف خبز يابس تأكله في زاوية *** وكوز ماء بارد تشربه من صافية
وغرفة خاليه نفسك فيها راضية *** ومصحف تدرسه مستند لسارية
خير من السكنى بظلات القصور العالية *** من بعد هذا كله تصلى بنار الحامية
ما مضى فات
تذكر الماضي والتفاعل معه و استحضاره والحزن لمآسيه حمق وجنون وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة
إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يرى, يعلق عليه أبدا في زنزانة النسيان, يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ويوصد عليه فلا يرى النور لأنه مضى وانتهى لا الحزن يعيده, لا الهم يصلحه, لا الغم يصححه, لا الكدر يحييه لأنه عدم
لا تعيش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت انقض نفسك من شبح الماضي أتريد أن تعيد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها والطفل إلى بطن أمه واللبن إلى الثدي والدمع إلى العين
إن تفاعلك مع الماضي وقلقك منه واحتراقك بناره وإنطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب, مخيف, مفزع
القراءة في دفتر ماضي ضياع للحاضر وتمزيق للجهد ونسف للساعة الراهنة, ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال (تلك امة قد خلت ) وقال لأوليائه
(لكي لا تأسوا على ما فآتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)انتهى الأمر, قضيت المسألة, لا طائل من تشريح جثة الزمان وإعادة عجلة التاريخ
إن الذين يعودون للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا وكالذي ينشر نشارة الخشب وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم. وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم إنهم قالوا للحمار: لما لا تجتر قال: أكره الكذب
إن بلاؤنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا نهمل قصورنا الجميلة ونندب أطلالنا البالية ولا إن اجتمعت الأنس والجن على إعادة الماضي لما استطاعوا لأن هذا المحال بعينه.
إن الناس لا ينظروا إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام القافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنة الحياة
يومك يومك
اسمع إلى الأثر الثابت (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ) لليوم فحسب سأعيش فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره ولا الغد الذي لم يأتي إلى الآن
اليوم الذي أظلتك شمسه وأدركك نهاره هو يومك فحسب, عمرك يوم واحد ما مضى فات والمأمول غيب ولك الساعة التي أنت فيها فجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب
لليوم فقط اصرف تركيزك و اهتمامك, لليوم فقط وجه إبداعك وكدك وجهدك, لهذا اليوم لا بد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة متدبرة وإطلاع متأمل وإبداع برقي وذكر بحضور واتزان في أمور وحسن في خلق ورضا بالمقسوم واهتمام بالمظهر واعتناء بالجسم ونفع للآخرين
, لليوم هذا الذي أنت فيه تعيش فتقسم ساعاته فتجعل من دقائقه سنوات ومن ثوانيه شهور
تزرع فيه الخير, تسدي فيه الجميل, تستغفر فيه من الذنب, تذكر فيع الرب تتهيأ للرحيل, تعيش هذا اليوم فرح وسرور وأمن وسكينة ترضى فيه برزقك, بزوجتك, بأطفالك, بوظيفتك, ببيتك, بعملك, بمستواك
وخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين
تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا إزعاج ولا سخط ولا حقد ولا حسد. إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحده تجعلها أيضا على مكتبتك تقول العبارة: يومك يومك
إذا كلت خبزا حارا شهيا فهل يضرك خبز الأمس اليابس الرديء أو خبز غد الغائب المنتظر, إذا شربت ماء عذب زلال هذا اليوم فهل تحزن من ماء أمس المالح الأجاج أو تهتم لماء غد الآسي الحار
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة, عارمة, حاسمة, حازمة, جازمة, لا أخضعتها لنظرية لن أعيش إلا هذا اليوم حينها تشغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك في تنمية مواهبك في تزكية عملك فتقول
لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أو فحشا أو سب أو غيبه, لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي فلا ارتباك ولا بعثرة إنما هو نظام ورتابة
لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي, لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي وتأدية صلاتي على أكمل وجهه والتزود بالنوافل وتعاهد مصحفي والنظر في كتبي وأحفظ فائدة ومطالعة كتاب نافع
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة واجتث منه شجرة أثر بغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن, لليوم فقط أعيش وأنفع الآخرين أسدي الجميل للغير, أعود مريض, أشيع جنازة, أدل حيران, أطعم جائع, أفرج عن مكروب, أقف مع مظلوم, أشفع لضعيف, أواسي منكوب, أكرم عالم, أرحم صغير, أجل كبير,
لليوم سأعيش فيا ماضي ذهب وانتهى أغرب كشمسك فلن ابكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة لأنكتركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا ابد الآبدين ويا مستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل لميلاد مفقود لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن شيئا مذكورا, يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن يرد الحياة في أبها صورها وأجمل حللها
أترك المستقبل حتى يأتي
أتى أمر الله فلا تستعجلوه
لا تستبق الأحداث أتريد إجهاض الحمل قبل إتمامه وقطع الثمرة قبل النضج, إن غدا مفقود لا حقيقة له, ليس له وجود, ولا طعم ولا لون ولا رائحة فلماذا نشغل أنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثة ولا ندري ما يحال بيننا وبينه أو نلقاه فإذا هو سرور ونور وحبور المهم أنه في العالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد
أن علينا أن لا نعبر الجسر حتى نأتيه ومن يدري لعلنا نقف قبل وصول الجسر أو لعل الجسر ينقطع بنا وربما وصلنا الجسر ومررنا بسلام
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى *** ولا زاجرات الضير ما الله مانع
لا يعلم الغيب إلا الله فانتظر موعودك مع الله وكن سعيد بيومك
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع في التفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعاً لأنه طول أمل ومذموم عقلاً لأنه مصارعة للظل
إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب وهذا كله من مقررات مدارس إبليس ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا)وكَل بها رباً عليما حكيما جل في علاه كثير هم الذين يبكون لأنهم سوف يجوعون غداً وسوف يمرضون بعد سنة وسوف ينتهي العالم بعد 100عام
أن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له
أترك غداً حتى يأتيك لا تسأل عن أخباره لا تنتظر زحٌفه لأنك مشغول باليوم وأن تعجب فعجب هؤلاء الذين يقترضون الهم نقداً ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم يرى النور فحذاري من طول الأمل
كيف تواجه النقد الآثم
الرقاع السخفاء الحمقى التافهون سبوا الخالق الرازق جل في علاه, شتموا الأحد الذي ذهب بالجمال والكمال والجلال لا إله ألا هو فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ
إنك سوف تواجه في حياتك حرب ضروس لا هوادة فيها من النقد الآثم المر ومن التحطيم المدروس المقصود ومن الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتستطع وتلمع وتبدع ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلم في السماء فتفر من هؤلاء أما و أنت بين أظهرهم فأنتظر منهم ما يسئك ويبكي عينك ويدمي مقلتك ويغض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط, إن الناس ليرفسون كلباً ميتاً ولا كنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحاً أو علم أو أدب أو مال أو بيان أو زهد فأنت عندهم مذنب حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك وتنخلع من كل صفات الحمد وتنسلخ من كل معاني النبل وتبقى بليداً غبياً صغراً محطماً مكدوداً هذا ما يريدون بالضبط
إذن فصمد لكلام هؤلاء, إذن فثبت أحد, إذن فصبر على نقدهم و تشويههم وتجريحهم وتحقيرهم, إذن كن كالصخرة الصامدة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وتعلن صمودها وقدرتها على البقاء أنك. أن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك
ألا فصفح الصفح الجميل , ألا فأعرض عنهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون
أن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل , أنك لن تستطيع أن تغلق أفواه البشر و لا تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم
وتجنيهم بتجافيك لهم وإهمالك لشأنهم وإضراحك لقولهم
قل موتوا بغيظكم
وكلمة حاسد من غير جرم *** سمعت فقلت مري فنفُذيني
وعابوها علي ولم تعبني *** ولم يندا لها أبداً جبيني
*********
حسدوا الفتى إن لم ينالوا سعيهم *** فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسداً وبغياً أنه لذميم
وقال آخر:
وشكوت من ظلم الوشاة ولن تجد *** ذا سؤدد إلا أصيب بحُسدٍ
لا زلت يا سبط الكرام مُحسداً *** والتافه المسكين غير مُحسدِ
أنك تستطيع أن تصب في أفواه هؤلاء الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك أن كنت تكون مقبول عند الجميع محبوب لدى الكل سليم من العيوب عند العالم فقد طلبت مستحيل وأملت أمل بعيد ألا يكفيك أن الواحد جل في علاه القهار تباركت أسماءه الكامل تقدست آلاءه يقول
( يسبني أبن أدم وما ينبغي له ذلك ويشتمني أبن أدم وما ينبغي له ذلك, أما سبه أياي – تعال الله في علياءه- فإنه يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار أما شتمه أياي فإنه
يقول أني اتخذت صاحبة وولد وأنا الله لم أتخذ صاحبة ولا ولد
وهذا هو الله جل في علاه ورسولنا صلى الله عليه وسلم من بلغ الكمال البشري سب وشتم وهجي وقيل له ساحر وشاعر وكاهن وكذاب ومجنون فنزل عليه فصفح الصفح الجميل وصبر صبرا جميلا
قضاء وقدر
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن برءها)
فليعلم من جهل وليدري من غفل جف القلم،رفع الصحف،قضي الأمر،كتبت المقادير (لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا) الله بتوكلنا حسبنا الله ونعم الوكيل(وأفوض أمري إلى الله)
****** ******
سهرت أعين ونامت عيون *** في شؤون تكون أولا تكون
أن ربا كفاك ما كان بالأمس *** سيكفيك في الغد ما يكون
واسمع العام ذي الفطرة الصحيحة يقول
:
لا تشتكي يا وحد بات مهموم *** ترى الفرج عندك تراب الحزام
وأن كان عينك خالفت لذة النوم *** أنت تنام وخالقك ما ينام
ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطئك لم يكن ليصيبك
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية والمحنه منحه وكل الوقائع جوائز وأوسمة ومن يرد الله به خيراً يصب منه فلا يصبك قلق من مرض أو موت أبن أو خسارة مالية أو احتراق بيت فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل والاختبار هكذا والخيرة لله والأجر حصل والذنب غفر
هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الأخذ المعطي القابض الباسط (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) ولن تهدأ أعصابك ولن تسكن بلابل نفسك ولن تذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر
جف القلم بما أنت لاق فلا تذهب نفسك حسرات،لا تظن أن بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار وحبس الماء أن ينسكب ومنع الريح أن تهب وحفظ الزجاج أن ينكسر هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك سوف يقع المقدور وينفذ القضاء ويحل المكتوب فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
أستسلم للقدر قبل أن تتطوق بجيش السخط والتذمر والعويل أعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم أذن فليهدأ بالك وإذا فعلت الأسباب وبذلت الحيل ثم وقع ما كنت تحذر فهذا ما كان ينبغي أن يقع ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل
واسمع إلى الجوائز وإلى الأوسمة وإلى الأعطيات للصابرين المحتسبين صح عنه عليه
الصلاة والسلام أن الله يقول
(مالي عبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم أحتسبه ألا الجنة) وقال سبحانه في الحديث القدسي الصحيح
من ابتليته بحبيبتيه _أي عينيه_ فصبر عوضت منهما الجنة
وصح عنه عليه الصلاة والسلام عن ربه أنه قال إذا قبضت أبن العبد المؤمن قال الله لملائكته وهو أعلم: قبضتم أبن عبدي المؤمن قالوا:نعم ,قال :قبضتم ثمرة فؤاده. قالوا: نعم ,قال : فماذا قال عبدي؟ قالوا :حمدك واسترجع. قال: ابنوا لعبدي بيت في الجنة وأسموه بيتا الحمد
وانظر إلى الأولياء كيف يصبرون على المقدر هذا عروة بن الزبير يسافر سفر طويل من المدينة إلى الشام عروة الذي يختم القران كل أربعة أيام , عروة الذي كان يقوم ثلث الليل, عروة الذي يصوم يوم ويفطر يوم ,عروة الذي قال عنه الزهري البحر الذي لا يكدره الدلاء, سافر إلى الشام ولكنه كان سفر بعيد شاق حتى قال بعد السفر (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) سافر معه ابنه محمد وذهب إلى هناك ونزل في بيت وأصابته الأكلة في رجله ورحلت في قدمه
فأرادوا بتر القدم فصبر فسرت إلى الساق فأرادوا بتر الساق فصبر فسارت إلى الفخذ فقرر الأطباء بتر فخذه وقدموا له كأس من الخمر وهو الولي العابد الصادق الزاهد قال أأشرب خمرا قالوا: ليذهب عقلك لألا تجد ألم قال: والله لا أشربها كيف أذهب عقل منحنية ربي كيف أرتكب محرم ولكن إذا دخلت في صلاتي فسوف أنسى ألمي فقطعوا رجلي فكبر وأسترسل في صلاته وسافرت روحه إلى الملكوت العليا كما قال الأول:
إذا كان حب الهائمين من الورى *** بسلمى وليلى يسلب اللب والعقل
فماذا عسى أن يصنع الهايم الذي *** سـرى قلبه شوق إلى العالم الأعلى
وبتروا رجله وأغمي عليه وستفاق ليقول أول كلمة وينبس بأول جملة فيقول اللهم لك الحمد أن كنت أخذت فقد أعطيت وأن كنت ابتليت فقد عافيت قال له الناس أحسن الله عزائك في رجلك وأحسن الله عزائك في أبنك محمد فإنه بينما كانت تقطع رجلك ذهب إلى إسطبل الخيل فرفسته فرس فمات فعاد مرة ثانيه ليبعث رسالة حارة إلى الحي القيوم المتفضل سبحانه يقول : اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضاء أعطيتني أربعة أعضاء وأخذت عضو وأعطيتني أربعة أبناء وأخذت أبنا فأنت المتفضل صاحب الجميل
والمرأة السوداء صح الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام أتى فإذا هي تصرع تمرض تتكشف يعيث بها المرض يزلزلها يقلقها تضرب منه قال صلى الله عليه وسلم وهو يعرض عليها الخيار وهي أمه سوداء لكنها مؤمنة بالله مسلمة بالقضاء والقدر أن شئتي دعوة الله لك فشافاك وإن شئتي صبرتي واحتسبتي ولك الجنة قالت بل أصبر واحتسب ودعوا الله لي ألا أتكشف, قال عطاء
من أراد أن ينظر إلى امرأة من أهل الجنة فلينظر إلى هذه المرأة السوداء
اصنع من الليمون شرابا حلوا
الذكي الأرب يحول الخسائر إلى أرباح والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين طرد الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة وأقام في المدينة دولة, سجن أحمد بن حنبل فصار أمام السنة ,حبس أبن تيمية فصار أمام الأمة, وضع السر خسي في قعر بـير معطلة فأخرج ثلثين مجلد , أبعد أبن أثير فصنف أربعين مصنف, نفي أبن الجوزي فتعلم القراءات , أصابت الحمى مالك أبن الريب فصار شاعر الدنيا, مات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر وذهل منها الجمهور وصفق لها التاريخ
أذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها إذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر , إذا أهدى أليك أحدهم ثعبان فخذ جلده الثمين وترك باقية , إذا لدغتك عقرب فعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات
تكيف في ظرفك القاسي لتخرج لنا منه زهر وورد وياسمين
(وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم )
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجدين متفائل ومتشائم فأخرجا رئسيهما من النافذة السجن أما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك أما المتشائم فنظر في الطين فبكاء أنظر إلى الوجه الأخر المأساة لأن الشر المحض ليس موجود أصلا بل هناك خير ومكسب وفتح واجر
أمن يجيب المضطر إذا دعاه
من الذي يفزع إليه المكروب ,من الذي يستغيث إليه المنكوب ,من الذي تصمد إليه الكائنات, من الذي تسأله المخلوقات ,من الذي يلتجأ إليه العباد من الذي تلهج الألسنة لذكره ، من الذي تألف له القلوب ، من هو الواحد الأحد ، انه الله الذي لا اله إلا هو ، وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكروبات وننطرح علي عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين حينها يأتي مدده يصل إلينا عونه يسرع إلينا فرجه ، حيل علينا فتحه
امن يجيب المضطر إذا دعاه
فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلى وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) ولن أسرد عليك هنا ادعيه إزالة الهم والحزن والغم ، فهي معلومة في السنة
إذا وجدت الطريق إلى ربك وجدت كل شيء ، وان فقدت الإيمان به فقد قدت كل شيء ، إن دعائك ربك عباده أخرى وطاعة عظمى ثانية فوق أصول المطلوب وان عبدا يجيد فن الدعاء حري ألا يهتم و لا يغتم ولا يحزن ولا يقلق
( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
كل الحبال تتصرم إلا حبله ، كل الأبواب توصد إلا بابه ، كل الطرق تغلق إلا طريقه هو قريب سميع ..مجيب يجيب المضطر إذا دعاه ، يأمرك وأنت الفقير الضعيف ..
المحتاج.. وهو الغني.. القوي.. الواحد.. الماجد، بأن تدعوه ( ادعوني استجب لكم )
إذا استعدت عليك النوازل.. إذا ألمت بك الخطوب فالهج بذكره واهتف باسمه واطلب مدده ، وأسأله فتحه ونصره ، مرغ الجبين لتقديس اسمه ، لتحصل على تاج الحرية ، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة مد يديك ارفع كفيك أطلق لسانك أكثر من طلبه بالغ في سؤاله ألح عليه ..
ألزم بابه . انتظر لطفه ..
ترقب فتحه، أشدو باسمه، أحسن الظن به
انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلا حتى تسعد وتفلح
العوض من الله
لا تأسف على مصيبة فإن الذي قدرها عنده جنه وثواب وعوض واجر عظيم إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس
( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ).
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلها الخير
( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه وأولئك هم المهتدون )
، هنيئا للمصابين وبشرى للمنكوبين ، سلام على المضطهدين
إن عمر الدينا قصير وكنزها حقير والاخره خير وأبقى ، فمن أصيب هنا كفى هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، ومن افتقر هنا اغتنى هناك ، أما المتعلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها فاشدوا ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها ، فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة
أيها المصابون ما فات شيء وأنت الرابحون فقد بعث لكم برسالة بين اسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار ، إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة ، أن ينظر ليرى النتيجة ( وضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) وما عند الله خير وأبقى واهني وامرئ واجل وأعلى وأغلى
الإيمان هو الحياة
لأشقياء في كل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان ومن رصيد اليقين فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) لا يسعد النفس ولا يزكيها ، لا يطهرها ، لا يسرها، لا يفرحها ، لا يذهب غمها وهمها وقلقها ألا الإيمان بالله رب العالمين لا طعم للحياة أصلا ألا بالإيمان
إذا الإيمان ضاع فلا حياة *** ولا دنيا لمن يشري دنيا
ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جعل الفناء لها قرينا
وأن الطريقة المثلى للملاحده إن لم يؤمنوا فلينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الأصار والأغلال والظلمات والدواهي يا لها من حياة تعيسة بلا إيمان يا لها من لعنة أبدية حاقة بالخارجين على منهج الله في الأرض
(ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون)
وقد آن الأوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل أن الصنم خرافة والكفر لعنة والإلحاد كذبة وأن الرسل صادقون وأن الله حق وأنه على كل شيء قدير وبقدر إيمانك قوة وضعفاً ،حرارة وبرودة تكون سعادتك وراحتك وطمئنينيتك
(من عمل صالح من ذكر أو أنثى وهو مؤمن لنحيينه حياة طيبه ولنجزينهم أجره بأحسن الذي كانوا يعلمون)
وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعود ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضار الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث ، وسكينته قلوبهم عند وقوع القضاء ورضاهم في مواطن القدر لأنهم رضوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
أجني العسل ولا تكسر الخلية
الرفق ما كان في شيء ألا زانة وما نزع من شيء إلا شانه...اللين في الخطاب، البسمة رائقة على المحيى، الكلمة الطيبة عند اللقاء هذي حلل منسوجة يرتديها السعداء وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيب وتصنع طيب وإذا وقعت على الزهرة لا تكسرها لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف
أن من الناس من تشرئب لقدومهم الأعناق وتشخص إلى طلعاتهم الأبصار وتحييهم الأفئدة وتشيعهم الأرواح لأنهم محبوبون في كلامهم في أخذهم في عطائهم في بيعهم في شرائهم في لقائهم في وداعهم
أن اكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الأبرار فهم محفوفون دائما وأبداً بهالة من الناس أن حظروا فالبشر والأنس،أن غابوا فالسؤال والدعاء أن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه
(أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)
فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة وحلمهم الدفين وصفحهم البريء يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان تمر بهم الكلمات النابية فلا تلج أذانهم بل تذهب بعيداً هناك إلى غير رجعة هم في راحة والناس منهم في أمن والمسلمون منهم في سلام (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ... (والمؤمن من أمن الناس على دمائهم وأموالهم) يقول صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه
(أن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفوا عن من ظلمني وأن أعطي من حرمني)
و الله لقد وصلت من قطعك وعفوت عمن ظلمك وأعطيت من حرمك فهنيء لك تلك المنزلة
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)
بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والرضوان والهدوء وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
ذكر الله تعالى
الصدق حبيب الله، الصراحة صابون القلوب، التجربة برهان الرائد لا يكذب أهله
لا يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر (فذكروني أذكركم)وذكره سبحانه جنة في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة وهو إنقاذ للنفس من أوصابها وأتعابها وأضرارها
أذا مرضنا تداوينا بذكركم *** ونترك الذكر أحياناً فننتكس
أذكرونا مثل ذكرانا لكم *** ربا ذكرى قربت من نزحا
وهو الطريق الميسر المختصر إلى كل فوز وفلاح طالع دواوين الوحي لترى فوائد الذكر،جرب مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء بذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم
والحزن بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى
الله أكبر كل هم ينجلي *** عن قلب كل مكبر ومهلل
و لا عجب أن يرتاح الذاكرون فهذا هو الأصل الأصيل لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكره
(أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون)
يا من شكا الأرق وبكى من الألم وتفجع من الحوادث ورمته الخطوب هيا أهتف باسمه تقدس في علياءه هل تعلم له سميا أن بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك يهدأ قلبك تسعد نفسك يرتاح ضميرك لأن في ذكره معاني التوكل والثقة والاعتماد والتفويض وحسن الظن وانتظار الفرج فهو قريب أذا دعي سميع أذا نودي مجيب أذا سؤل فضرع وخشع وخضع وأخشع وردد أسمه الطيب المبارك على لسانك توحيد وتمجيدا وثناء ومدحا ودعاء وسؤال واستغفار وسوف تجد بحوله وقوته السعادة وأمن والسرور والنور والحبور
(فأثابهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة)
يقول عليه الصلاة والسلام
( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت)
يحسدون الناس على ما آتهم الله من فضله
الحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخر، إن الحسد مرض مزمن يعيش في الجسم فسادا وقد قيل لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم وعدو في جلباب صديق وقد قيل لله در الحسد ما أعدله بدء بصاحبه فقتله
أنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك قبل أن نرحم الآخرين لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا ونسقي الغم دمائنا ونوزع النوم على جفون الآخرين.
أن الحاسد يشعل فرن ساخن ثم يقتحم فيه التنغيص والكدر والهم،أمراض الحاضر يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء وأتهم الباري في العدل وأساء الأدب وخالف الشرع وقدح في العقل، يا للحسد من مرض لا يؤجر صاحب ومن البلاء لا يثاب عليه المبتلى به وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت أو تذهب نعم الناس عنهم كل يصالح ألا الحاسد
أعطيت كل الناس من نفسي الرضا *** ألا الحسود فإنه أعياني
مالي له ذنب عليه عملته *** إلا ترادف نعمة الرحماني
وأبا فما يرضيه إلا ذلتي *** وذهاب أموالي وقطع لساني
أن الحاسد يريد شيء محدد لا غيره يريد تتنازل عن مواهبك أن تلغي خصائصك أن تترك مناقبك فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض. نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد
اقبل الحياة كما هي
حال الدنيا منغصه اللذات،كثيرة التبعات، جاهمة المحيا ،كثيرة التلون مزجه بالكدر، خلقت بالنكد، وأنت منها في كبد
دار متى ما أضحكت في يومها *** أبكت غداً قبحاً لها من دار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
طبعت على كدر وأنت تريده *** صفوا من الأقذار والأعداء
لن تجد ولد ولا زوجة أو صديق أو نبيل أو مسكن أو وظيفة ألا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحيانا فأطفأ حر شره ببرد خيره لتنجوا رأس برأس والجروح قصاص. أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعه للضدين والنوعين والفريقين والرايين خير وشر، صلاح وفساد،سرور وحزن ثم يصفى الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار وفي الحديث
(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالم ومتعلم).
فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال ولا تحلق في عالم المثاليات أقبل الحياة كما هي وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها فسوف لا يصفوا لك صاحب ولا يكمل لك فيها أمر ولا يصلح لك فيها حال لأن التمام والكمال في الآخرة لن تكمل لك زوجة وف الحديث
( لا يفرق مؤمن مؤمنه أن كره منها خلق رضي منها آخر)
فينبغي أن نسدد وان نقارب وأن نعفو وأن نصفح وأن نأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها *** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
أذا أنت لم تشرب مرار على القذى *** ظمئت وأي الناس تصفى مشاربه
************ *
ولست بمستبقي أخا لا تلمه *** على شعث أي الرجال المهذب
فلنغض الطرف أحيانا ونسدد الخطى ونتغافل عن الأمور
ليس الغبي بسيد في قومه *** لا كن سيد قومه المتغابي
تعزى بأهل البلاء
تلفت يمنة ويسره فهل ترى إلا مبتلى هل تشاهد إلا منكوب هل تبصر إلا مصاب
في كل دار نائحة على كل خد واد بني سعد كم من المصائب كم من الصابرين فلست أنت وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل كم مريض على سريره من أعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من ألم يصيح من السقم كم من محبوس مرت به السنوات ما رأى الشمس بعينة وما عرف غير زنزانته كم من رجل و امرأة فقد فلذات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر، كم من مكروب،كم من مديون، كم من محبوس ، كم من عرض منهوك
كم من دم مسفوك، كم من عقل منهوب، كم من مال مسلوب آن لك أن تتعزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين بأن هذه الحياة سجن للمؤمن وإنها دار الأحزان والنكبات وتصبح القصور حافلة بأهلها تمسي خاوية على عروشها بينما الشمل مجتمع والأبدان في عافية والأموال وافره والأولاد كثر ثم ما هي ألا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض
(وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)
فعليك أن توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة وعليك أن توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيرة الدهر ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء وأن هو لم يأتك إلا واخزات سهلة فأحمد الله على لطفه وشكره على ما أبقى وأحتسب ما أخذ وتعزى بمن حولك
لك في رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة وضع السلى على رأسه، أدميت قدماه، شج وجهه، حوصر في الشعب، طرد من مكة، كُسرت ثنيته، رمي في عرض زوجته، قتل سبعين من أصاحبه، فقد أبنه، ماتت بناته، ربط الحجر على بطنه، أتهم بشتى التهم وصانه الله عن ذلك وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لأعظم منه
وقد قتل قبل ذلك زكريا وذبح يحيا وهجر موسى ووضع الخليل في النار وسار الأءمه على هذا الطريق فضرج عمر، اغتيل عثمان وطعن علي وجلدت ظهور الأءمه وسجن الأخيار ونكل بالأبرار
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء "وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله ألا أن نصر الله قريب
قل للذي بصروف الدهر عيرنا *** هل عاند الدهر ألا من له خطر
أما ترى البحر تعلوا فوقه جيف *** وتستقر بأقصى قعره درر
وفي السماء نجوم لا عداد لها *** وليس يكسف إلا الشمس والقمر
الصلاة الصلاه
( يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة )
أذا داهمك الخوف وطوقك الحزن وأخذ الهم بتلابيبك قم حالاً إلى الصلاة تذوب لك روحك وتطمئن نفسك
أن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان و الغموم ومطاردة فنون الاكتئاب
كان صلى الله عليه وسلم إذا أحز به أمر قال( أرحنا بالصلاة يا بلال) فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته وقد طالعت سير أقوام أفذاذ كانت أذا ضاقت بهم الضوائق وكشرت في وجههم الخطوب فزعوا إلى صلاة خاشعة فتعود لهم قواهم وإراداتهم وهممهم ، أن صلاة الخوف فرضت لتؤدى في ساعة الرعب يوم تتطاير الجماجم وتسيل النفوس على شفرات السيوف فإذا الثبات والسكينة والرضوان والأنس
أن على الجيل الذي تعصف به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد وأن يمرغ جبينه ليرضي ربه أولا ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب وألا فإن الدمع سوف يحرق جفنه والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمده بالسكينة والأمن ألا الصلاة
ومن أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليله كفارة لذنوبنا، رفع لدرجاتنا،صلاح لأحوالنا،سكينة لنفوسنا،دواء لأمراضنا،تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين، تملئ جوانحنا بالرضا أما ؤلائك الذين جانبوا المسجد وتركوا الصلاة فمن نكد إلى نكد ومن حزن إلى حزن ومن شقاء إلى شقاء
(فتعس لهم وأضل أعمالهم)
حسبنا الله ونعم الوكيل
تفويض الأمر إلى الله، التوكل عليه،الثقة بوعوده، الرضاء بصنيعه، وحسن الظن به، انتظار الفرج منه، من أعظم ثمرات الإيمان ومن احل صفات المؤمنين وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ويعتمد على ربه في كل شأنه يجد الرعاية والولاية والكفاية والتأييد والنصرة
لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال حسبنا الله ونعم الوكيل فجعلها الله عليه بردا
وسلاما،ولما قيل لرسولنا صلى الله عليه وسلم أن الناس قد جمعوا لكم قال حسبنا الله ونعم الوكيل
(فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)
إن الإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث ولا يقاوم الملمات ولا ينازل الخطوب لأنه
خلق ضعيف ،عاجز ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه ويفوض الأمر إليه يجد النصرة والتأييد والفتح والإعانة (وعلى الله فتوكلوا إن كنت مؤمنين) فيا من أراد أن ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذو القوة المتين لينقذك من الويلات ويخرجك من النكبات ويجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل
وإن قل مالك وكثر دينك وجفت مواردك وشح مصادرك فناد حسبنا الله ونعم الوكيل ، وإذا خفت من عدو أو رُعبت من ظالم أو فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل
(وكفى بربك هاديا ونصيرا)
قل سيروا في الأرض
مما يشرح الصدر ويزيح الكرب السفر في الديار وقطع القفار والتقلب في الأمصار والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أٌلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال لترى حدائق ذات بهجة ورياض أنيقة وجنات ألفا فا
اخرج من بيتك تأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك اصعد الجبال واهبط الأودية وتسلق الأشجار ، أرعب من الماء النمير ، ضع انفك على أغصان الياسمين حينها ترى روحك حرة طليقه كالطائر الغريد تسبح في فضاء السعادة اخرج من بيتك الغي الغطاء الأسود من عينك ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكره مسبحا
وكتاب الفضاء اقرأ فيه .... سور ما قرأتها في كتاب
إن الانزواء في الغرفة الضيقة ما الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار، وليست غرفتك هي العالم ولست أنت كل الناس فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان
ألا فاهتف بسمعك وبصرك وقلبك (انفروا خفافا وثقالا ) تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل والطيور وهي تتلوا خطب الحب، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل.
إن الترحال في مسارب الأرض متعه يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه وأظلمت عليه غرفته فهيا بنا نسافر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبر
( ويفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )
فصبر جميل
التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكارة برحابه صدر وقوه إرادة وبمناعة أبية وإن لم اصبر أنا وأنت فما نصنع ، هل عندك حل لنا غير الصبر ، هل تعلم لنا زاد غيره كان احد العظماء مسرح تركض فيه المصائب وميدان تسابق فيه النكبات كلما خرج من نكبه دخل في أخرى وكلما نجا من كربه تعرض لثانية وهو متترس بالصبر ومتدرع بالثقة بالله حتى قال
إن كان عندك يا زمان بقية *** مما يهان بها الكرام فهاتها
فجعل الله له فرجا ومخرجا، هكذا يفعل النبلاء يصارعون الملمات يطرحون النكبات أرضادخلوا على أبي بكر وهو مريض ألا ندعو لك طبيبا قال الطبيب قد رأني قالوا: فماذا قال ؟ قال : يقول
(إني فعال لما أريد ).
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي *** والذي قد أصابني من طبيبي
قال ابن المرتعش ذهبت عيني من أربعين سنه ما علمت ابنتي ولا زوجتي و في مقالات لأحد المعاصرين انه عرف جار له مقعد من عشرين سنه يقول : والله ما أن ولا اشتكى وما زال يحمد ربه حتى مات (واصبر وما صبرك إلا بالله )
اصبر صبر واثق بالفرج عالم بحسن المصير طالب للآجر راغب في تكفير السيئات اصبر مهما ادلهمت الخطوب وأظلمت أمامك الدروب فإن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب فإن مع العسر يسرى
وقد قرأت في سير عظماء مرا في هذه الدنيا وذهلت لعظيم صبرهم وقورة احتمالهم كان المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء باردة وهم في ثبات الجبال وفي رسوخ الحق ، فما هو إلا وقت قصير فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج وفرحت الفتح وعصر النصر وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده بل رضي وابتسم واحتسب فكان الثواب والأجر والفرج
وقفه
لا تحزن .. لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن وحبس الشمس وإعادة عقارب الساعة والمشي إلى الخلف ورد النهر إلى مصبه
لا تحزن .. لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء وتبعثر الماء وتغير السماء، وتهلك الحديقة الغناء
لا تحزن ..لأن المحزون كالنهر الأحمق ينحدر في البحر ويصب في البحر
كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا
وكالنافخ في قرب مثقوبة وكالكاتب بأصبعه على الماء
لا تحزن .. فإن عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك، فلا تنفق أيامك في حزن، ولا تبذر لياليك في الهم، ولا توزع ساعاتك على الغم، ولا تسرف في إضاعة حياتك، فإن الله لا يحب المسرفين
لا تحزن .. فإن أموالك التي في خزائنك وقصورك السامقة وبساتينك الخضراء ما الخزن والأسى واليأس زيادة في أسفك وغمك وهمك
لا تحزن .. فإن عقاقير الأطباء ودواء الصيادلة ووصفة الحكيم لا تسعدك وقد أسكنت الحزن قلبك وفرشت له عينك ، وبسطت له جوانحك ، وألحفتة جلدك
لا تحزن .. وأنت تملك الدعاء ، وتجيد الإنطراح على عتبات الربوبية وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك ومعك الثلث الأخير من الليل ، ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود
لا تحزن .. فإن الله خلق لك الأرض وما فيها وأنبت لك حدائق ذات بهجة وبساتين فيها من كل زوج بهيج ونخل باسقات ولها طلع نضيد ونجوم لامعات وخمائل وجداول ولكنك تحزن !!
لا تحزن .. فأنت تشرب الماء الزلال وتستنشق الهواء الطلق وتمشي على قدميك معافى وتنام ليلك آمن
لا تحزن ..فإن المرض يزول والمصاب يحول والذنب يغفر والدين يقضى والمحبوس يفك والغائب يقدم والعاصي يتوب والفقير يغتني
لا تحزن .. أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع والليل البهيم كيف ينجلي والريح الصر صر كيف تسكن والعاصفة كيف تهدأ إذا فشدائدك إلى رخاء وعيشك إلى هناء ومستقبلك إلى نعماء
لا تحزن .. لهيب الشمس يطفئه وارف الظل وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير وعظة الجوع يسكنها الخبز الدافئ ومعاناة السهر يعقبها نوم لذيذ و ألام المرض يزيلها هناء العافية فما عليك إلا الصبر قليل و الانتظار لحظة
لا تحزن .. فقد حار الأطباء وعجز الحكماء وقف العلماء وتساءل الشعراء وبارت الحيل أما م نفاذ القدرة ووقوع القضاء وحتمية المقدور
عسى فرج قريب عسى *** نعلل نفسنا بعسى
فلا تقنط وأن لاقيت هما يقبض النفس *** فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يأسا
(إن مع العسر يسرى)
يا أحد يا صمد يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم أسألك أن تذهب عنا الهم والغم والحزن والكدر والوصب والنصب اللهم أنا نعوذ بك من الشقاء والشقوة والذلة والفقر سبحانك ربك رب العزة عما يصفون سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله ألا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم على نبينه وأله وصحبه ومن والاه.