الحمد لله رب العالمين, أمر بالإصلاح بين ذات البين، ورتب على ذلك الثواب الجزيل، أحمده وأشكره، وأشهد أن وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام المتقين, وسيد المرسلين، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد. إن للإصلاح بين الناس ثمرات عديدة، وقد ذكر الله في كتابه الآيات الكثيرة التي تدل على الحث في الإصلاح بين الناس، وذلك مثل قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) فالواجب على المسلم أن يسعى في الإصلاح أن توثيق عُرى المودة بين المسلمين، وتصفية القلوب من الغل والحقد والحسد، والحرص على ما يجلب المودة والتآلف والتناصر والتعاضد، وتجنب ما يوغر الصدور ويورث العداوة واجب تقتضيه الأخوة الإيمانية، والإيمان لا يكون تاماً إلا بذلك.
ولما كان الصلح بين المسلمين أفراداً أو جماعات يُثمر إحلال الألفة مكان الفرقة، واستئصال داء النزاع قبل أن يستفحل، وحقن الدماء التي تراق بين الطوائف المتنازعة، وتوفير الأموال التي تنفق للمحامين بالحق والباطل، وتوفير الرسوم والنفقات الأخرى، وتجنب إنكار الحقائق التي تجر إليها الخصومات... وترك شهادة الزور، وتجنب المشاجرات، والاعتداءات على الحقوق والنفوس، وتفرغ النفوس للمصالح بدل جدالها وانهماكها في الكيد والخصومات, إلى غير ذلك مما يثمره الصلح. لذلك كله! أمر الله به في محكم التنزيل، فقال جلَّ وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وهذا أمر من الله جلَّ وعلا، ويقول أيضاً: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ويقول عليه الصلاة والسلام: {المقسطون على منابر من نور يوم القيامة } يقول ربنا جلَّ وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ذلك ورد في السنة النبوية الحث على الإصلاح وفضله، وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس تجارة، وأنه مما يرضاه الله ورسوله، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي أيوب وهو صحابي جليل: (ألا أدلك على تجارة؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا )، وفي رواية ثانية : {ألا أدلك على عملٍ يرضاه الله ورسوله؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا }.
وأخبر صلى الله عليه وسلم بأن درجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائمين والمصلين والمتصدقين؛ لأنه يسعى في الإصلاح بينهم، فقد روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ) ويُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين }. ولا غرو إذا ارتفعت درجة المصلح الباذل جهده، المضحي براحته وأمواله في رأب الصدع، وجمع الشتات، وإصلاح فساد القلوب، وإزالة ما في النفوس من ضغينة وحقد، والعمل على إحكام الروابط للألفة والإخاء، وإطفاء نار العداوة والفتن.......
إن الإصلاح وظيفة المرسلين -عليهم من الله أفضل الصلاة والتسليم- ولا يقوم بهذه الوظيفة إلا أولئك الذين أطاعوا ربهم، وشرفت نفوسهم، وصفت أرواحهم، يقومون به لأنهم يحبون الخير والهدوء، ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس.
ولو تتبعنا الحوادث، وراجعنا الوقائع، لوجدنا أن ما بالمحاكم من قضايا، وما بالمراكز من خصومات، وما بالمستشفيات من مرضى، وما بالسجون من بؤساء لوجدنا أن هذا كله يرجع إلى إهمال الصلح بين الناس, حتى عمّ الشر القريب والبعيد، وأهلك النفوس والأموال، وقضى على الأواصر، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من وشائج الرحم، وذهب بريح الجماعة، وبعث على الفساد في الأرض، ومن تأمل ما عليه الكثير من الناس اليوم، رأى أن كثيراً منهم قد فشت في قلوبهم، ونمت في طويتهم حب الشر -والعياذ بالله- والميل إليه، والعمل على نشر الشر بين الناس، من أجل ذلك يتركون المتخاصمين في غضبهم وشتائمهم حتى يستفحل الأمر، ويشتد الشر، ويستحكم الخصام بينهم، فيحصل الكلام والقذف والطعن بالكلام, حتى يتدرج الأمر إلى حمل السلاح -والعياذ بالله من مضلات الفتن- كل هذا يحصل وأهل الشر المشجعون لهذه الفتن يتفرجون، ويتغامزون، ويتتبعون الحوادث، ويلتقطون الأخبار، ثم تكون النتيجة سيئة، وقد يكفي لإزالة ما في النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهية كلمة واحدة من عاقل لبيب ناصح مخلص لله ولرسوله يقوم بواجبه نحو هذه الرسالة, ألا وهي: الإصلاح بين الناس, حتى تقضي على الخصومات في مهدها، فيتغلب جانب الخير، ويرتفع الشر، وتسلم الجماعة من التصدع. عن عائشة رضي الله عنها قالت: {سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتَ خصومٍ في الباب عاليةٍ أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر، ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل. فخرج عليهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين المتألِّي على الله لا يفعل المعروف؟ فقال: أنا يا رسول الله! وله أيُّ ذلك أحب }
فهذا الرجل كان قبل أن يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته ممتنعٌ أن يقبل من أخيه المعذرة، ويطلب منه الرفق والمسامحة، فيحلف بالله ألا يفعل، فلما خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مستنكراً لعمله بقوله: {أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟ } عدل الرجل عن رأيه، واستجاب لفعل الخير، وقد قامت في نفسه دوافع الخير إرضاءً لله ولرسوله.
أما في زماننا، وفي وقتنا إذا قلنا: اصفح عن أخيك، وتجاوز عنه وستجد أن ما عند الله أعظم أجراً، قال: الآن، أين أنا من يوم القيامة؟ كأنه مستبعد البعث -والعياذ بالله- اتق الله، خاف الله، الآن آخذ حقي، ويوم القيامة لها حلال، هذه لهجتنا العامية التي سارت بيننا إذا حصل الإصلاح، إذا قيل لهم: اتقوا الله.. خافوا الله، سوف تجدون ذلك عند الله، قال: لا. آخذ حقي الآن، ويوم القيامة لها حلال.
يوم القيامة أنت أحوج شيء إلى فضل الله ورحمته وإلى عفو الله ومغفرته، إن الله يحب المتجاوزين عن عباده، لقد غفر لعبدٍ من عبيده ما عمل بطاعته إلا أنه كان يتجاوز عن عباد الله، فقال له: {أنا أحق بالتجاوز عنك } هكذا يا أمة الإسلام.
الشاهد من ذلك: خروجه صلى الله عليه وسلم للإصلاح بينهم.
فالدين الإسلامي الحنيف أوجب على العقلاء من الناس أن يتوسطوا بين المتخاصمين، ويقوموا بإصلاح ذات بينهم، ويلزموا المعتدي أن يقف عند حده درءاً للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع، ومنعاً للفوضى والخصام.
وأضمن الوسائل التي تصفو بها القلوب من أحقادها: أن يجعل كل منا نفسه ميزاناً بينه وبين إخوانه المسلمين، فما يحبه لنفسه يحبه لهم، وما يكرهه لنفسه يكرهه لهم، وبذلك تستقيم الأمور بإذن الله، قال صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
ولما كان الصلح بين المسلمين أفراداً أو جماعات يُثمر إحلال الألفة مكان الفرقة، واستئصال داء النزاع قبل أن يستفحل، وحقن الدماء التي تراق بين الطوائف المتنازعة، وتوفير الأموال التي تنفق للمحامين بالحق والباطل، وتوفير الرسوم والنفقات الأخرى، وتجنب إنكار الحقائق التي تجر إليها الخصومات... وترك شهادة الزور، وتجنب المشاجرات، والاعتداءات على الحقوق والنفوس، وتفرغ النفوس للمصالح بدل جدالها وانهماكها في الكيد والخصومات, إلى غير ذلك مما يثمره الصلح. لذلك كله! أمر الله به في محكم التنزيل، فقال جلَّ وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وهذا أمر من الله جلَّ وعلا، ويقول أيضاً: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ويقول عليه الصلاة والسلام: {المقسطون على منابر من نور يوم القيامة } يقول ربنا جلَّ وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ذلك ورد في السنة النبوية الحث على الإصلاح وفضله، وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس تجارة، وأنه مما يرضاه الله ورسوله، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي أيوب وهو صحابي جليل: (ألا أدلك على تجارة؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا )، وفي رواية ثانية : {ألا أدلك على عملٍ يرضاه الله ورسوله؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا }.
وأخبر صلى الله عليه وسلم بأن درجة المصلح بين الناس أفضل من درجة الصائمين والمصلين والمتصدقين؛ لأنه يسعى في الإصلاح بينهم، فقد روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ) ويُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين }. ولا غرو إذا ارتفعت درجة المصلح الباذل جهده، المضحي براحته وأمواله في رأب الصدع، وجمع الشتات، وإصلاح فساد القلوب، وإزالة ما في النفوس من ضغينة وحقد، والعمل على إحكام الروابط للألفة والإخاء، وإطفاء نار العداوة والفتن.......
إن الإصلاح وظيفة المرسلين -عليهم من الله أفضل الصلاة والتسليم- ولا يقوم بهذه الوظيفة إلا أولئك الذين أطاعوا ربهم، وشرفت نفوسهم، وصفت أرواحهم، يقومون به لأنهم يحبون الخير والهدوء، ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس.
ولو تتبعنا الحوادث، وراجعنا الوقائع، لوجدنا أن ما بالمحاكم من قضايا، وما بالمراكز من خصومات، وما بالمستشفيات من مرضى، وما بالسجون من بؤساء لوجدنا أن هذا كله يرجع إلى إهمال الصلح بين الناس, حتى عمّ الشر القريب والبعيد، وأهلك النفوس والأموال، وقضى على الأواصر، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من وشائج الرحم، وذهب بريح الجماعة، وبعث على الفساد في الأرض، ومن تأمل ما عليه الكثير من الناس اليوم، رأى أن كثيراً منهم قد فشت في قلوبهم، ونمت في طويتهم حب الشر -والعياذ بالله- والميل إليه، والعمل على نشر الشر بين الناس، من أجل ذلك يتركون المتخاصمين في غضبهم وشتائمهم حتى يستفحل الأمر، ويشتد الشر، ويستحكم الخصام بينهم، فيحصل الكلام والقذف والطعن بالكلام, حتى يتدرج الأمر إلى حمل السلاح -والعياذ بالله من مضلات الفتن- كل هذا يحصل وأهل الشر المشجعون لهذه الفتن يتفرجون، ويتغامزون، ويتتبعون الحوادث، ويلتقطون الأخبار، ثم تكون النتيجة سيئة، وقد يكفي لإزالة ما في النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهية كلمة واحدة من عاقل لبيب ناصح مخلص لله ولرسوله يقوم بواجبه نحو هذه الرسالة, ألا وهي: الإصلاح بين الناس, حتى تقضي على الخصومات في مهدها، فيتغلب جانب الخير، ويرتفع الشر، وتسلم الجماعة من التصدع. عن عائشة رضي الله عنها قالت: {سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتَ خصومٍ في الباب عاليةٍ أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر، ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل. فخرج عليهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين المتألِّي على الله لا يفعل المعروف؟ فقال: أنا يا رسول الله! وله أيُّ ذلك أحب }
فهذا الرجل كان قبل أن يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته ممتنعٌ أن يقبل من أخيه المعذرة، ويطلب منه الرفق والمسامحة، فيحلف بالله ألا يفعل، فلما خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مستنكراً لعمله بقوله: {أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟ } عدل الرجل عن رأيه، واستجاب لفعل الخير، وقد قامت في نفسه دوافع الخير إرضاءً لله ولرسوله.
أما في زماننا، وفي وقتنا إذا قلنا: اصفح عن أخيك، وتجاوز عنه وستجد أن ما عند الله أعظم أجراً، قال: الآن، أين أنا من يوم القيامة؟ كأنه مستبعد البعث -والعياذ بالله- اتق الله، خاف الله، الآن آخذ حقي، ويوم القيامة لها حلال، هذه لهجتنا العامية التي سارت بيننا إذا حصل الإصلاح، إذا قيل لهم: اتقوا الله.. خافوا الله، سوف تجدون ذلك عند الله، قال: لا. آخذ حقي الآن، ويوم القيامة لها حلال.
يوم القيامة أنت أحوج شيء إلى فضل الله ورحمته وإلى عفو الله ومغفرته، إن الله يحب المتجاوزين عن عباده، لقد غفر لعبدٍ من عبيده ما عمل بطاعته إلا أنه كان يتجاوز عن عباد الله، فقال له: {أنا أحق بالتجاوز عنك } هكذا يا أمة الإسلام.
الشاهد من ذلك: خروجه صلى الله عليه وسلم للإصلاح بينهم.
فالدين الإسلامي الحنيف أوجب على العقلاء من الناس أن يتوسطوا بين المتخاصمين، ويقوموا بإصلاح ذات بينهم، ويلزموا المعتدي أن يقف عند حده درءاً للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع، ومنعاً للفوضى والخصام.
وأضمن الوسائل التي تصفو بها القلوب من أحقادها: أن يجعل كل منا نفسه ميزاناً بينه وبين إخوانه المسلمين، فما يحبه لنفسه يحبه لهم، وما يكرهه لنفسه يكرهه لهم، وبذلك تستقيم الأمور بإذن الله، قال صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.