وكان أبوهما صالحًا
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلذات الأكباد بين الصلاح والفساد:
لعل
كثيرين منا كان يراودهم هذا الحلم... أسرة مسلمة تتخذ من الإسلام منهج
حياة، وتكافح من أجل أن تخط لنفسها طريقًا وسط أشواك من الأفكار المنحرفة
والمناهج الضالة، وبين معاناة من جهل الناس ومعاناة من ظلم الواقع،
وتـَنَكُّر من كان يُرجى نصرتهم... بين كل هذا كانت تلك الأسرة الصغيرة
ترجو النجاة متمثلة في مجيء أطفال إليها فيزيد عدد من ينصر الإسلام، ويقل
الشعور بالغربة، ونبدأ في جني ثمار ما غرسناه.
ولكن.. ! هل تم لنا ما أردنا؟
هل جاء أبناؤنا على الصورة التي كنا نأمل؟
هل أثمر الزرع حصادًا يرجوه الزارع؟
أم جاءت النبتة ضعيفة أو الثمرة ذابلة؟
إن الإنصاف يقتضي أن نقول:
إن هناك أمثلة مشرفةً لأشخاص نجحوا في العملية التربوية فأثمرت رجالاً
فخرًا للإسلام والمسلمين، علمًا وخلقًا، عبادةً وزهدًا وجهادًا... ولكن
الإشكالية تبرز عندما نقارن تلك الحالات الناجحة بكثير مما نراه أمام
أعيننا لفلذات الأكباد من أبناء، قد انحرفوا إلى تيارات طالما رفضها
أولياؤهم... فما السبب؟
سؤال مطروح للمناقشة...
يا بني إني أزيد في صلاتي رجاء أن أحفظ فيك:
بتلك
الكلمات المباركات يلخص لنا سعيد بن جبير -رحمه الله- معاني عظيمة في
تربية الأبناء، فهو يزيد من الصلاة وينهل من معين الطاعة؛ لينال رحمة الله
ورضوانه، ويعرض لأبنائه ولعقبه أفضل هدية يقدمها الأجداد للأحفاد، والآباء
للأبناء رجاء أن يحفظهم الله -تعالى- إكرامًا لعبده الصالح.
وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، فمن حِفظ الله لأوليائه أن يحفظ ذريتهم إنعامًا وتفضلاً.
وكم
أنت كريم يا رب، وكم تتفضل على عبادك بمزيد من الإكرام والرحمة، فأنت تعلم
يا رب أنه لا يكتمل هناء عبيدك إلا بأن تقر أعينهم بذرياتهم فحفظتهم وأنت
تمن عليهم وعلى آبائهم.
قال -تعالى-: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) (الكهف:82)،
قال سعيد بن جبير -رحمه الله- في تفسيرها: "كان يؤدي الأمانات والودائع
إلى أهلها"، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال: "إن
الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما
يزالون في ستر من الله وعافية".
فهلا
اعتبرنا... وهلا بادرنا بالتوبة والإنابة؛ لندخر ذلك أجرًا وثوابًا عند
الله، ولندخر ذلك لأبنائنا حفظًا وهداية وتوفيقًا من الله -تعالى-؟!
وهلا علم أهل الغواية والزيغ أنهم يظلمون أبناءهم وأحفادهم كذلك كما يظلمون أنفسهم؟!
عن خيثمة قال: قال عيسى ابن مريم -عليه السلام-: "طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده وتلا خيثمة: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا).
ولتعلم أخي أن الله -تعالى- يكرم أولياءه برفعة درجة ذويهم وذريتهم إكرامًا له، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21).
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقَّر بهم عينه".
فيجمع
لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم وبمؤانسة إخوانهم المؤمنين وباجتماع
أولادهم ونسلهم بهم. قال المهدي: "والذرية تقعُ على الصغار والكبار".
وذلك بالطبع شريطة اجتماع الآباء والذرية في الإيمان والإحسان: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) (النساء:11)
موقع صوت السلف
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلذات الأكباد بين الصلاح والفساد:
لعل
كثيرين منا كان يراودهم هذا الحلم... أسرة مسلمة تتخذ من الإسلام منهج
حياة، وتكافح من أجل أن تخط لنفسها طريقًا وسط أشواك من الأفكار المنحرفة
والمناهج الضالة، وبين معاناة من جهل الناس ومعاناة من ظلم الواقع،
وتـَنَكُّر من كان يُرجى نصرتهم... بين كل هذا كانت تلك الأسرة الصغيرة
ترجو النجاة متمثلة في مجيء أطفال إليها فيزيد عدد من ينصر الإسلام، ويقل
الشعور بالغربة، ونبدأ في جني ثمار ما غرسناه.
ولكن.. ! هل تم لنا ما أردنا؟
هل جاء أبناؤنا على الصورة التي كنا نأمل؟
هل أثمر الزرع حصادًا يرجوه الزارع؟
أم جاءت النبتة ضعيفة أو الثمرة ذابلة؟
إن الإنصاف يقتضي أن نقول:
إن هناك أمثلة مشرفةً لأشخاص نجحوا في العملية التربوية فأثمرت رجالاً
فخرًا للإسلام والمسلمين، علمًا وخلقًا، عبادةً وزهدًا وجهادًا... ولكن
الإشكالية تبرز عندما نقارن تلك الحالات الناجحة بكثير مما نراه أمام
أعيننا لفلذات الأكباد من أبناء، قد انحرفوا إلى تيارات طالما رفضها
أولياؤهم... فما السبب؟
سؤال مطروح للمناقشة...
يا بني إني أزيد في صلاتي رجاء أن أحفظ فيك:
بتلك
الكلمات المباركات يلخص لنا سعيد بن جبير -رحمه الله- معاني عظيمة في
تربية الأبناء، فهو يزيد من الصلاة وينهل من معين الطاعة؛ لينال رحمة الله
ورضوانه، ويعرض لأبنائه ولعقبه أفضل هدية يقدمها الأجداد للأحفاد، والآباء
للأبناء رجاء أن يحفظهم الله -تعالى- إكرامًا لعبده الصالح.
وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، فمن حِفظ الله لأوليائه أن يحفظ ذريتهم إنعامًا وتفضلاً.
وكم
أنت كريم يا رب، وكم تتفضل على عبادك بمزيد من الإكرام والرحمة، فأنت تعلم
يا رب أنه لا يكتمل هناء عبيدك إلا بأن تقر أعينهم بذرياتهم فحفظتهم وأنت
تمن عليهم وعلى آبائهم.
قال -تعالى-: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) (الكهف:82)،
قال سعيد بن جبير -رحمه الله- في تفسيرها: "كان يؤدي الأمانات والودائع
إلى أهلها"، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال: "إن
الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما
يزالون في ستر من الله وعافية".
فهلا
اعتبرنا... وهلا بادرنا بالتوبة والإنابة؛ لندخر ذلك أجرًا وثوابًا عند
الله، ولندخر ذلك لأبنائنا حفظًا وهداية وتوفيقًا من الله -تعالى-؟!
وهلا علم أهل الغواية والزيغ أنهم يظلمون أبناءهم وأحفادهم كذلك كما يظلمون أنفسهم؟!
عن خيثمة قال: قال عيسى ابن مريم -عليه السلام-: "طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده وتلا خيثمة: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا).
ولتعلم أخي أن الله -تعالى- يكرم أولياءه برفعة درجة ذويهم وذريتهم إكرامًا له، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21).
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقَّر بهم عينه".
فيجمع
لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم وبمؤانسة إخوانهم المؤمنين وباجتماع
أولادهم ونسلهم بهم. قال المهدي: "والذرية تقعُ على الصغار والكبار".
وذلك بالطبع شريطة اجتماع الآباء والذرية في الإيمان والإحسان: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) (النساء:11)
موقع صوت السلف