بسم الله
تريــــــــــــــــــاق الرجــــــاء
تمر بنا جميعًا أيام يكتنفها الحزن والهم واليأس والإحباط، أيام نستشعر فيها هواننا وانهزامنا .. فبين مريضٍ مُتعَب، ومبتلى قد أنهكه الحزن والألم، وشعور عـــام بالإحبـــــاط والانهزام النفسي؛ بسبب تكالب الأعداء على الأمة وأحوال المسلمين المتدهورة في مشارق الأرض ومغاربها ..
وفي خِضَم هذه المشاعر المُنهَكة والمشاكل المتتالية، ينبعث شعاع من نور الأمل من الحليم الكريم، فيصف لنا سبحانه دواء تأبى الأمراض و الأسقام إلا أن تضمحل تحت مفعوله .. فينقشع الظلام وتدب الحياة وتعلو الهمم؛ إنه بلسم وتريـــــــاق (حسن الرجـــاء بالله تعالى) ..
يـــا عبد الله، إن الله قد اصطفاك لتكون من أمة الحبيب ..
على الرغم من ذنوبك و معاصيك، جعلك من خير أمة أُخرِجَت للناس و مَنَّ عليك بدين الإسلام العظيم .. { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ .. } [ آل عمران: 110] .. وطالما تسعى لمرضاة ربِّك، سينصرك ولن يُضيَّعك أبدًا.
فإيــــاك واليـــأس من رحمة الله عزَّ وجلَّ، فإنه من أكبر الكبائر ..
قال رسول الله "الكبائر: الشرك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله" [رواه البزار وحسنه الألباني، صحيح الجامع (4603)] .. وقال تعالى
{.. وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]
فيأيها اليــــائس من كثرة معاصيك، ومن شدة الابتلاءات التي تعتريك ..
داوي قلبك بتريــــــاق حسن الرجـــــاء بالله تعالى ..
• كان فتح الموصلي يقول: "كَبُرَت عليَّ خطاياي وكَثُرَت حتى لقد آيستني من عظيم عفو الله عزَّ وجلَّ .. وأني آيس منك، وأنت الذي جُدت على السحرة بعد أن غدوا كفرة فجرة؟ .. وأني آيس منك، وأنت ولي كل نعمة؟ .. وأني آيس منك، وأنت المؤمل لكل فضل ومعروف؟ .. وأني آيس منك، وأنت المغيث عند الكرب؟" .. ولم يزل يقول: آيس منك، حتى سقط مغشياً عليه. [صفة الصفوة (2:355)]
• وعن المزني، قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله! كيف أصبحت؟ ..
فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها، أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي * جَعَلْتُ رَجَائِي دُوْنَ عَفْوِكَ سُلَّمَا
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ * بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا
فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ * تَجُوْدُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا.
[سير أعلام النبلاء (19:59)]
وهكذا المؤمن كالطائر يطير بجناحين؛ جنــــــاح الخوف وجنـــــاح الرجــــاء ..
ورأس الطائر؛ محبة الله عزَّ وجلَّ ..
ولكن هنــــاك فرقٌ بين الرجــــــاء والتمنِّي .. فالذي لا يجتهد ويأخذ بالأسباب ويرجو رحمة الله، فهذا هو المُتمنِّي ..
ومثله المغرور .. المُنهمك في المعاصي ولا يسعى للتوبة الصادقة، ومع ذلك يطمع في مغفرة الله !
يقول ابن حجر "والمقصود من الرجاء: أن من وقع منه تقصير، فليُحسِن ظنَّه بالله ويرجو أن يمحو عنه ذنبه، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها، وأما من انهمك على المعصية راجيًا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا في غرور، وما أحسن قول أبي عثمان الجيزي: من علامة السعادة أن تُطيع ، وتخاف أن لا تُقْبَل. ومن علامة الشقاء أن تَعْصي ، وترجو أن تَنْجو ".[فتح الباري (18:290)]
حسن الرجاء - فضيلة الشيخ هاني حلمي
تريــــــــــــــــــاق الرجــــــاء
تمر بنا جميعًا أيام يكتنفها الحزن والهم واليأس والإحباط، أيام نستشعر فيها هواننا وانهزامنا .. فبين مريضٍ مُتعَب، ومبتلى قد أنهكه الحزن والألم، وشعور عـــام بالإحبـــــاط والانهزام النفسي؛ بسبب تكالب الأعداء على الأمة وأحوال المسلمين المتدهورة في مشارق الأرض ومغاربها ..
وفي خِضَم هذه المشاعر المُنهَكة والمشاكل المتتالية، ينبعث شعاع من نور الأمل من الحليم الكريم، فيصف لنا سبحانه دواء تأبى الأمراض و الأسقام إلا أن تضمحل تحت مفعوله .. فينقشع الظلام وتدب الحياة وتعلو الهمم؛ إنه بلسم وتريـــــــاق (حسن الرجـــاء بالله تعالى) ..
يـــا عبد الله، إن الله قد اصطفاك لتكون من أمة الحبيب ..
على الرغم من ذنوبك و معاصيك، جعلك من خير أمة أُخرِجَت للناس و مَنَّ عليك بدين الإسلام العظيم .. { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ .. } [ آل عمران: 110] .. وطالما تسعى لمرضاة ربِّك، سينصرك ولن يُضيَّعك أبدًا.
فإيــــاك واليـــأس من رحمة الله عزَّ وجلَّ، فإنه من أكبر الكبائر ..
قال رسول الله "الكبائر: الشرك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله" [رواه البزار وحسنه الألباني، صحيح الجامع (4603)] .. وقال تعالى
{.. وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]
فيأيها اليــــائس من كثرة معاصيك، ومن شدة الابتلاءات التي تعتريك ..
داوي قلبك بتريــــــاق حسن الرجـــــاء بالله تعالى ..
• كان فتح الموصلي يقول: "كَبُرَت عليَّ خطاياي وكَثُرَت حتى لقد آيستني من عظيم عفو الله عزَّ وجلَّ .. وأني آيس منك، وأنت الذي جُدت على السحرة بعد أن غدوا كفرة فجرة؟ .. وأني آيس منك، وأنت ولي كل نعمة؟ .. وأني آيس منك، وأنت المؤمل لكل فضل ومعروف؟ .. وأني آيس منك، وأنت المغيث عند الكرب؟" .. ولم يزل يقول: آيس منك، حتى سقط مغشياً عليه. [صفة الصفوة (2:355)]
• وعن المزني، قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله! كيف أصبحت؟ ..
فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها، أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي * جَعَلْتُ رَجَائِي دُوْنَ عَفْوِكَ سُلَّمَا
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ * بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا
فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ * تَجُوْدُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا.
[سير أعلام النبلاء (19:59)]
وهكذا المؤمن كالطائر يطير بجناحين؛ جنــــــاح الخوف وجنـــــاح الرجــــاء ..
ورأس الطائر؛ محبة الله عزَّ وجلَّ ..
ولكن هنــــاك فرقٌ بين الرجــــــاء والتمنِّي .. فالذي لا يجتهد ويأخذ بالأسباب ويرجو رحمة الله، فهذا هو المُتمنِّي ..
ومثله المغرور .. المُنهمك في المعاصي ولا يسعى للتوبة الصادقة، ومع ذلك يطمع في مغفرة الله !
يقول ابن حجر "والمقصود من الرجاء: أن من وقع منه تقصير، فليُحسِن ظنَّه بالله ويرجو أن يمحو عنه ذنبه، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها، وأما من انهمك على المعصية راجيًا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا في غرور، وما أحسن قول أبي عثمان الجيزي: من علامة السعادة أن تُطيع ، وتخاف أن لا تُقْبَل. ومن علامة الشقاء أن تَعْصي ، وترجو أن تَنْجو ".[فتح الباري (18:290)]
حسن الرجاء - فضيلة الشيخ هاني حلمي