معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


+2
ام ايهاب
مها صبحي
6 مشترك

    حسن الخلق في معاملة الخالق

    مها صبحي
    مها صبحي
    الإدارة


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف مها صبحي السبت 27 مارس 2010, 10:36 pm





    إن كثيراً من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق خاص بمعاملة الخلق دون معاملة الخالق ولكن هذا الفهم قاصر , فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق , يكون أيضاً في معاملة الخالق , فموضوع حسن الخلق إذن : معاملة الخالق جلا وعلا , ومعاملة الخلق أيضاً وهذه المسألة ينبغي أن يتنبه لها الجميع .

    أولاً / حـسن الخلق في مـعاملة الخالق : حـسنُ الخلق في مـعاملة الخالق يجمع ثلاثة أمـور : (1) تلقي أخبار الله بالتصديق (2) وتلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق (3) وتلقي أقداره بالصبر والرضا .

    هذه ثلاثة أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله تعالى ,

    1/ تلقي أخبار بالتصديق : بحيث لا يقع عند الإنسان شك , أو تردد في تصديق خبر الله تبارك وتعالى , لأن خبر الله تعالى صادر عن علم , وهو سبحانه أصدق القائلين كمال قال تعالى عن نفسه ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا )]النساء87[ , ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقاً بها , مدافعاً عنها , ومجاهداً بها وفي سبيلها , بحيث لا يداخله شك أو شبهة في أخبار الله عز وجل و أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم .

    وإذا تخلق العبد بهذا الخلق أمكنه أن يدفع أي شبهة يوردها المغرضون على أخبار الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه , أم كانوا من غير المسلمين الذين يلقون الشبه في قلوب المسلمين بقصد فتنتهم وإضلالهم .

    ولنضرب لذلك مثلاً - حديث الذباب - ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا ولغ الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر الدواء )(1) .

    هذا خبر صادر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق عن الهوى , لا ينطق إلا بما أوحى الله تعالى إليه لأنه بشر , والبشر لا يعلم الغيب بل قد قال الله له ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ )]الأنعام50[ .

    وهذا الخبر يجب علينا أن نقابله بحسن الخلق وحسن الخلق نحو هذا الخبر يكون بأن نتلقاه بالقبول والانقياد , فنجزم بأن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فهو حق وصدق , وإن اعترض عليه من اعترض , ونعلم علم اليقين أن كل ما خالف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه باطل , لأن الله تعالى يقول ( فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ )]يونس32[ .

    ومثال آخر – من أخبار يوم القيامة - أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بقدر ميل (2) , وسواء كان هذا الميل ميلَ المكحَلة أم كان ميل المسافة , فإن هذه المسافة بين الشمس ورءوس الخلائق قليلة ومع هذا فإن الناس لا يحترقون بحرها , مع أن الشمس لو تدنو الآن في الدنيا مقدار أنملة لاحترقت الأرض ومن عليها .

    قد يقول قائل : كيف تدنو الشمس من رءوس الخلائق يوم القيامة بهذه المسافة , ثم يبقى الناسُ لحظةً واحدةً دون أن يحترقوا ؟! نقول لهذا القائل : عليك أن تكون حسن الخلق نحو هذا الحديث .

    وحسنُ الخلق نحو هذا الحديث الصحيح يكون أن نقبله ونصدق به , وأن لا يكون في صدورنا حرج منه ولا ضيق ولا تردد , وأن نعلم أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا فهو حق , ولكن هناك فارقاً عظيماً بين أحوال الناس في الدنيا , وأحوالهم في الآخرة , بحيث لا يمكن أن نقيس أحوال الدنيا بأحوال الآخرة , لوجود هذا الفارق العظيم .

    فنحن نعلم أن الناس يقفون يوم القيامة خمسين ألف سنة !!

    وعلى مقياس ما في الدنيا , فهل يمكن أن يقف أحدٌ من الناس خمسين أ لف دقيقة ؟

    الجواب : لا يمكن ذلك , إذن الفارق عظيم , فإذا كان كذلك , فإن المؤمن يقبل مثل هذا الخبر بانشراح صدر وطمأنينة , ويتسع فهمه له , وينفتح قلبه لما دل عليه .

    2/ ومن حسن الخلق مع الله عز وجل , أن يتلقى الإنسان أحكام الله بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئاً من أحكام الله , فإذا رد شيئاً من أحكام الله فهذا سوء خلق مع الله عز وجل , سواءٌ ردها منكراً حكمها , أو ردها مستكبراً عن العمل بها , أو ردها متهاوناً بالعمل بها , فإن ذلك كله منافٍ لحسن الخلق مع الله عز وجل .

    مثال على ذلك – الصوم – الصوم لا شك فيه أنه شاقٌ على النفوس , لأن الإنسان يترك فيه المألوف , من طعام وشراب , ونكاح , وهذا أمر شاق على الإنسان ولكن المؤمن حسن الخلق مع الله عز وجل , يقبل هذا التكليف , أو بعبارة أخرى : يقبل هذا التشريف , فهذه نعمة من الله عز وجل في الحقيقة , فالمؤمن يقبل هذه النعمة التي في صورة تكليف بانشراح صدر وطمأنينة , وتتسع لها نفسه فتجده يصوم الأيام الطويلة في زمن الحر الشديد , وهو بذلك راضٍ منشرح الصدر , لأنه يحسن الخلق مع ربه , لكن سيئ الخلق مع الله عز وجل يقابل مقل هذه العبادة بالضجر والكراهية, ولولا أنه يخشى من أمر لا تُحمد عقباه , لكان لا يلتزم بالصيام .

    مثال آخر – الصلاة – فالصلاة لا شك أنها ثقيلة على بعض الناس , وهي ثقيلة على المنافقين , كمال قال النبي عليه الصلاة والسلام ( أثقل الصلاة على المنافقين : صلاة العشاء وصلاة الفجر )(1) .

    لكن الصلاة بالنسبة للمؤمن ليست ثقيلة قال تعالى ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ )]البقرة45-46[ , فهي على هؤلاء غري كبيرة وإنما سهلة يسيرة , ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( و جعلت قُرة عيني في الصلاة )(2) .

    فالصلاة هي قرة عين المؤمن , وزاده اليومي الذي يتزود به للقاء الله تعالى , ولذلك فهو يعظم قدرها لها أعظم الاهتمام , لأنها عماد الدين وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة .

    فحسن الخلق مع الله عز وجل بالنسبة للصلاة أن تؤديها وقلبك منشرح مطمئن ,وعينك قريرة تفرح إذا كنت متلبساً بها , وتنتظرها إذا فات وقتها , فإذا صليت الظهر , كنت في شوق إلى الصلاة العصر , وإذا صليت المغرب كنت في شوق إلى صلاة العشاء , وإذا صليت العشاء كنت في شوق إلى صلاة الفجر . و لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( يا بلال أرحنا بالصلاة )(3) .

    يقول : أرحنا بها , فإن فيها الراحة والطمأنينة والسكينة , لا كما يقول البعض : أرحنا بها , لأنها ثقيلة عليهم , وشاقة على نفوسهم . وهكذا دائماً تجعل قلبك معلقاً بهذه الصلوات فهذا لا شك أنه من حسن الخلق مع الله تعالى .

    مثال ثالث – تحريم الربا – وهذا في المعاملات فقد حرم الله علينا الربا تحريماً أكيداً وأحل لنا البيع وقال في ذلك ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهـَى فَلـَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الـلَّهِ وَمـَنْ عَادَ فَأُولَـئِكَ أَصْـحَابُ النَّارِ هُمْ فِيـهَا خَالِـدُونَ )]البقرة275[, فتوعد من عاد إلى الربا بعد أن جاءته الموعظة , وعلم الحكم , توعد بالخلود في النار , والعياذ بالله , بل إنه توعده في الدنيا أيضاً بالحرب فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مؤمنين * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .. )]البقرة278,279[ هذا يدل على عظم هذه الجريمة وأنها من كبائر الذنوب والموبقات .

    فالمؤمن يقبل هذا الحكم بانشراح ورضا وتسليم , وأما غير المؤمن فإنه لا يقبله , ويضيق صدره به , وربما يتحيل عليه بأنواع الحيل , لأننا نعلم أن في الربا كسباً متيقناً وليس فيه أي مخاطرة, لكنه في الحقيقة كسب لشخص وظلك لآخر ’ ولهذا قال الله تعالى ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ )]البقرة279[ .

    3/ ومن حسن الخلق مع الله تعالى : تلقي أقدار الله تعالى بالرضا والصبر ,وكلنا نعلم أن أقدار الله عز وجل التي يجريها على خلقه ليست كلها كلائمة للخلق بمعنى أن منها ما يوافق رغبات الخلق ومنها ما لا يوافقهم .

    فالمرض مثلاً : لا يلائم الإنسان , فكل إنسان يحب أن يكون صحيحاً معافى .

    وكذلك الفقر : لا يلائم الإنسان , فالإنسان يحب أن يكون غنياً .

    وكذلك الجهل : لا يلائم الإنسان فالإنسان يحب أن يكون عالماً . لكن أقدار الله عز وجل تتنوع لحكمة يعلمها الله عز وجل , منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته , ومنها ما لا يكون كذلك . فمت هو حسن الخلق مع الله عز وجل نحو أقدار الله ؟

    حسن الخلق مع الله نحو أقداره : أن ترضى بما قدر الله لك , وأن تطمئن إليه وتعلم أنه سبحانه وتعالى ما قدره إلا لحكمة عظيمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد والشكر .

    وعلى هذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره , هو أن يرض الإنسان ويستسلم ويطمئن , ولهذا امتدح الله الصابرين فقال ( ... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )]البقرة155-156[ . .
    فقرة من كتاب مكارم الاخلاق للشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى


    ام ايهاب
    ام ايهاب


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty رد: حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف ام ايهاب الأحد 28 مارس 2010, 12:54 am

    الللهم اجعلنا من الصابرين جزيت الجنة حبيبتي مها
    حسن الخلق في معاملة الخالق 4
    ام بودى
    ام بودى


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty رد: حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف ام بودى الإثنين 29 مارس 2010, 2:22 am

    ما شاء الله
    بارك الله فيك استاذة مها و جزاك خير الجزاء
    خادمة الإسلام
    خادمة الإسلام
    هيئة التدريس


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty رد: حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف خادمة الإسلام الإثنين 29 مارس 2010, 3:41 am

    جزاك الله خيرا حبيبتي
    حبيبه
    حبيبه
    هيئة التدريس


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty رد: حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف حبيبه الإثنين 29 مارس 2010, 5:08 am

    جزاك الله خيرا أستاذة مها موضوع قيم جدا

    حسن الخلق في معاملة الخالق 572-thansk
    لؤلؤة الجنه
    لؤلؤة الجنه


    حسن الخلق في معاملة الخالق Empty رد: حسن الخلق في معاملة الخالق

    مُساهمة من طرف لؤلؤة الجنه الإثنين 29 مارس 2010, 3:27 pm

    جًِْزٍُآكَ آللهٍَ خٌِيَرٌٍ
    مًشًِْآرٌٍكَة طُْيَبٌَِة لآ حٍّرٌٍمًكَ آللهٍَ آجًِْرٌٍهٍَآ فْيَ آلدًٍآرٌٍيَيَنْ ،،
    نْتُِِّْطُْلعًٍ آلى آلمًزٍُيَدًٍ مًنْ آطروحاتك،،
    بٌَِآرٌٍكَ آللهٍَ فْيَكَ وٍنْفْعًٍ بٌَِكَ

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 18 أكتوبر 2024, 6:25 am