قضاء
وقدر
{ ما أصاب من مصيبة فى الارض ولا فى انفسكم الا فى كتاب من قبل أن نبرأها }
جف القلم ، رفعت الصحف ، قضي الأمر ،
آتت المقادير ، { لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا } ،
ما أصابك لم يكن ليخطأك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت
البلية عطية ، والمحنة منحة ، والوقائع جوائز وأوسمة
("ومن يرد الله به خيرا يصب منه )" فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن
، أو خسارة مالية ، أو احتراق بيت ، فإن الباري قد قدر.. والقضاء قدحل ،
والاختيار هكذا ، والخيرة لله، والأجر حصل ، والذنب غفر. هنيئأ لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الاخذ ، المعطي ،
القابض ، الباسط ، { لا يسأل عما يفعل و هم يسألون }
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك ، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر ، جف القلم بما أنت لاه فلا تذهب نفسك حسرات ،
لا تظن أنه آان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار ، وحبس
الماء أن ينسكب ، ومنع الريح أن تهب ، وحفظ الزجاج أن ينكسر ،
هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك ، وسوف يقع المقدور ،
وينفذ القضاء ، ويحل المتكوب { فعسى الله ان ياتى بالفتح او امر
من عنده }
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل ،اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم ، اذا فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب ،
وبذلت الحيل ، ثم وقع ما أنت تحذر ، فهذا هو الذي آان ينبغي أن يقع ، ولا تقل
("لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ").
{ ان مع العسر يسرا }
يا إنسان بعد الجوع شبع ، وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافية ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ، ويفك العاني ،
وينقشع الظلام { فعسى الله ان ياتي بالفتح او امر من عنده } بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ،ومسارب الأودية ،
بشر المهموم بفرج مفاجىء يصل في سرعة الضوء ، ولمح البصر ، بشر المنكوب بلطف خفي وآيدي حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال.
إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع.
مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمن ، ومع الفزع سكينة ، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد ،
المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده معنا فنزل الأمن والفتح والسكينة.
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلأ النكد
والضيق والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب.
ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.
اذا فلا تضق ذرعأ فمن المحال دوام الحال ، وأفضل العبادة انتظارالفرج ، الأيام دول ، والدهر قلب ، والليالي حبالى ، والغيب
مستور ، والحكيم آل يوم هو في شأن ، ولعل الله يحدث بعد ذلك
أمرأ ، وان مع العسر يسرأ.