هدي النبى صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض
إذا
كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه
المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه
العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ
على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه ، مما يسهم في
تقوية الروابط بينهما .
لهذا
السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم
، بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض ) رواه البخاري .
وقد
عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من
خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه ، فمن ذلك قوله
- صلى الله عليه وسلم - : (
من أتى أخاه المسلم عائدا ، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس
، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى
يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه الترمذي ، وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي ) رواه الترمذي .
والأخبار
في زيارة النبي – صلى الله عليه وسلم - للمرضى كثيرة ، فقد كان عليه
الصلاة والسلام يتفقّد أحوال أصحابه ويسأل عنهم ، ويطمئن على صحّتهم ،
ويشملهم بالرعاية ، ومن أولئك سعد بن أبي وقاص ، و زيد بن الأرقم ، و جابر
بن عبد الله ، رضي الله عنهم أجمعين .
ولم
تكن زياراته - صلى الله عليه وسلم - مقتصرة على أصحابه الذين آمنوا به ،
بل امتدت لتشمل غير المؤمنين طمعاً في هدايتهم ، كما فعل مع الغلام
اليهودي الذي كان يعمل عنده خادماً ، فقد مرض الغلام مرضاً شديداً ، فظلّ
النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره ويتعاهده ، حتى إذا شارف على الموت
عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه
متسائلاً ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبي -
صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :
( الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .
وتطلعنا
سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – على هديه النبوي في زيارة المرضى ،
فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه ، وتلبية رغباته
واحتياجاته ، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما ، ودعوته
للإسلام إن كان غير ذلك ، ومن دعائه ما ذكرته عائشة رضي الله عنها أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا أتى مريضا :
( أذهبِ البأس ، رب الناس ، اشفِ وأنت الشافي ، لا شفاء
الا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ) متفق عليه .
وإذا
احتاج المريض إلى رقية بادر عليه الصلاة والسلام إليها ، فعن عائشة رضي
الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض :
( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا
بإذن ربنا ) متفق عليه ،
وربما صبّ على بعضهم من ماء وضوئه المبارك فيشفى بإذن الله ، كما فعل مع جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
ومن
السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى
، تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى ، للتخفيف من معاناتهم ،
وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر ، ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله
عليه وسلم – :
( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض
وما عليه من خطيئة ) رواه ابن ماجة ،
وقوله : ( ما
من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده ، إلا قال الله عز وجل للملك : "
اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " ، فإن شفاه الله غسله وطهّره ، وإن
قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ، وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارة أم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها ، فقال لها : ( لا تسّبي الحمى ؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم .
ومن
ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات
المختلفة التي يعرفها ، كالحثّ على الحجامة ، ووضع الماء البارد على
المحموم ، والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء ، وغير ذلك من
العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - :
( يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً ) رواه الترمذي .
ولم
يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام ،
فمرّةً يذكّر بحق الأقرباء في الإرث وينهى عن الوصية بما يزيد عن الثلث –
كما فعل مع سعد بن أبي وقاص - ، ومرة يشير إلى أهمية اجتماع الخوف والرجاء
في مرض الموت كما حصل عند احتضار أحد الصحابة ، وثالثة ينهى عن تمنّي
الموت وضرورة الاستعداد للقاء الله كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه .
وهكذا
ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال
الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم ، لعل مغاليق القلوب تفتح
أبوابها للهدى والحق .
إذا
كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه
المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه
العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ
على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه ، مما يسهم في
تقوية الروابط بينهما .
لهذا
السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم
، بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض ) رواه البخاري .
وقد
عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من
خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه ، فمن ذلك قوله
- صلى الله عليه وسلم - : (
من أتى أخاه المسلم عائدا ، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس
، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى
يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه الترمذي ، وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي ) رواه الترمذي .
والأخبار
في زيارة النبي – صلى الله عليه وسلم - للمرضى كثيرة ، فقد كان عليه
الصلاة والسلام يتفقّد أحوال أصحابه ويسأل عنهم ، ويطمئن على صحّتهم ،
ويشملهم بالرعاية ، ومن أولئك سعد بن أبي وقاص ، و زيد بن الأرقم ، و جابر
بن عبد الله ، رضي الله عنهم أجمعين .
ولم
تكن زياراته - صلى الله عليه وسلم - مقتصرة على أصحابه الذين آمنوا به ،
بل امتدت لتشمل غير المؤمنين طمعاً في هدايتهم ، كما فعل مع الغلام
اليهودي الذي كان يعمل عنده خادماً ، فقد مرض الغلام مرضاً شديداً ، فظلّ
النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره ويتعاهده ، حتى إذا شارف على الموت
عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه
متسائلاً ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبي -
صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :
( الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .
وتطلعنا
سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – على هديه النبوي في زيارة المرضى ،
فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه ، وتلبية رغباته
واحتياجاته ، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما ، ودعوته
للإسلام إن كان غير ذلك ، ومن دعائه ما ذكرته عائشة رضي الله عنها أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا أتى مريضا :
( أذهبِ البأس ، رب الناس ، اشفِ وأنت الشافي ، لا شفاء
الا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ) متفق عليه .
وإذا
احتاج المريض إلى رقية بادر عليه الصلاة والسلام إليها ، فعن عائشة رضي
الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض :
( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا
بإذن ربنا ) متفق عليه ،
وربما صبّ على بعضهم من ماء وضوئه المبارك فيشفى بإذن الله ، كما فعل مع جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
ومن
السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى
، تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى ، للتخفيف من معاناتهم ،
وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر ، ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله
عليه وسلم – :
( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض
وما عليه من خطيئة ) رواه ابن ماجة ،
وقوله : ( ما
من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده ، إلا قال الله عز وجل للملك : "
اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " ، فإن شفاه الله غسله وطهّره ، وإن
قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ، وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارة أم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها ، فقال لها : ( لا تسّبي الحمى ؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم .
ومن
ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات
المختلفة التي يعرفها ، كالحثّ على الحجامة ، ووضع الماء البارد على
المحموم ، والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء ، وغير ذلك من
العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - :
( يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً ) رواه الترمذي .
ولم
يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام ،
فمرّةً يذكّر بحق الأقرباء في الإرث وينهى عن الوصية بما يزيد عن الثلث –
كما فعل مع سعد بن أبي وقاص - ، ومرة يشير إلى أهمية اجتماع الخوف والرجاء
في مرض الموت كما حصل عند احتضار أحد الصحابة ، وثالثة ينهى عن تمنّي
الموت وضرورة الاستعداد للقاء الله كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه .
وهكذا
ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال
الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم ، لعل مغاليق القلوب تفتح
أبوابها للهدى والحق .
منقول من موقع الشبكة الاسلامية