بسم الله الرحمن الرحيم
أسبــــاب نزول بعض الآيــــات من سورة آل عمران
من الآية 154 إلى 174
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} الآية 154.
حدثنا عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن مثبت عن أنس عن أبي طلحة قال : "رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس فذلك قوله عز وجل {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}" [رواه الترمذي وصححه الألباني]
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} الآية 161.
حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا خصيف ثنا مقسم مولى بن عباس قال: قال بن عباس رضي الله عنهما "نزلت هذه الآية {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} في قطيفة حمراء فُقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، فأنزل الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إلى آخر الآية" [رواه أبو داوود والترمذي وصححه الألباني]
قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} الآية 165.
قال الإمام أحمد رحمه الله ج1 ص30 حدثنا أبو نوح قراد أنبأنا عكرمة ابن عمار حدثنا سماك الحنفي أو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قال: نظر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أصحابه وهو ثلثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال "اللهم أين ما وعدتني، اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا" قال: فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك وأنزل الله عز وجل:
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}،
فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم فيكونوا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ما ترى يابن الخطاب قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا رضي الله عنه من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت فأخذ منهم الفداء فلما أن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وإذا هما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما قال: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي عرض على أصحابك من الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة وأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} – إلى قوله {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} من الفداء ثم أحل الله لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله عز وجل {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} بأخذكم الفداء. الحديث رجاله رجال الصحيح وقد عزاه ابن كثير والسيوطي لابن أبي حاتم مختصرا وإنما سقته بتمامه لما فيه من العبر.
قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الآيات 169 و170 و171.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى ج1 ص265 ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها، وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب شربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم"، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [رواه أبو داوود وصححه الألباني، صحيح الجامع (5205)]
وأخرج الترمذي ج4 ص84 وابن ماجه رقم 190 ورقم 2800 وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ص74 وحسنه الترمذي، عن جابر رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: "يا جابر مالي أراك منكسرا" فقلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا ودينا فقال: "ألا أبشرك بما لقي الله به أباك"، قال: بلى يا رسول الله، قال: "ما يكلم الله أحدا قط إلا من وراء حجابه وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال: ثَمَّنَ عليَّ أعطيك قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون قال وأنزلت هذه الآية {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
وأخرج ابن جرير بسند حسن ج4 ص173 وفي التاريخ ج3 ص36 أن سبب نزول الآية قتلى بئر معونة قال العلامة الشوكاني في تفسيره: وعلى كل حال فالآية باعتبار عمومها تعم كل شهيد.
قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} إلى قوله {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} الآيات 172 و 173 و174.
قال الإمام الطبراني رحمه الله ج11 ص274 حدثنا علي بن عبد الله ثنا محمد بن منصور الجواز ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال سفيان مرة أخرى أخبرني عكرمة قال لما انصرف أبو سفيان والمشركون عن أحد وبلغوا الروحاء قالوا: لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم، شر ما صنعتم.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد أو بئر أبي عيينة فأنزل الله عز وجل {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله عز وجل {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الحديث قال الحافظ الهيثمي في المجمع ج6 ص121 رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز وهو ثقة. كذا في المعجم وفي المجمع الجواز وفي تهذيب التهذيب الطوسي فلعل له نسبتين كما قال ابن الأثير رحمه الله في ترجمة محمد بن عبد الله بن إسحاق الجواز الطوسي قال وهذه النسبة إلى عديد الجوز فيما يظن. اهـ.
وقال السيوطي في لباب النقول إن سنده صحيح.
وقال الحافظ في الفتح ج9 ص269 أخرجه النسائي1 وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه عن ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. اهـ.
قلت: فعلى قول الحافظ ابن حجر رحمه الله يكون الوصل شاذا والذي أرسله هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرني كما في تفسير ابن كثير.
والذي وصله محمد بن منصور الطوسي وكلاهما قال الحافظ في التقريب إنه ثقة فإذا لم يتابع أحدهما حمل أن سفيان بن عيينة تارة يرويه متصلا وتارة يرسله كما تفيده رواية الطبراني ويصح الحديث والحمد لله.
وقال الحافظ في الفتح ج9 ص269 أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه عن ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره.
المصدر:
الصحيح المسند من أسباب النزول، تأليف:
أبي عبد الرحمن مقبل بن هادى الوادعي
أسبــــاب نزول بعض الآيــــات من سورة آل عمران
من الآية 154 إلى 174
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} الآية 154.
حدثنا عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن مثبت عن أنس عن أبي طلحة قال : "رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس فذلك قوله عز وجل {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}" [رواه الترمذي وصححه الألباني]
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} الآية 161.
حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا خصيف ثنا مقسم مولى بن عباس قال: قال بن عباس رضي الله عنهما "نزلت هذه الآية {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} في قطيفة حمراء فُقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، فأنزل الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إلى آخر الآية" [رواه أبو داوود والترمذي وصححه الألباني]
قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} الآية 165.
قال الإمام أحمد رحمه الله ج1 ص30 حدثنا أبو نوح قراد أنبأنا عكرمة ابن عمار حدثنا سماك الحنفي أو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قال: نظر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أصحابه وهو ثلثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال "اللهم أين ما وعدتني، اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا" قال: فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك وأنزل الله عز وجل:
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}،
فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم فيكونوا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ما ترى يابن الخطاب قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا رضي الله عنه من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت فأخذ منهم الفداء فلما أن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وإذا هما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما قال: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي عرض على أصحابك من الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة وأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} – إلى قوله {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} من الفداء ثم أحل الله لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله عز وجل {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} بأخذكم الفداء. الحديث رجاله رجال الصحيح وقد عزاه ابن كثير والسيوطي لابن أبي حاتم مختصرا وإنما سقته بتمامه لما فيه من العبر.
قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الآيات 169 و170 و171.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى ج1 ص265 ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها، وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب شربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم"، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [رواه أبو داوود وصححه الألباني، صحيح الجامع (5205)]
وأخرج الترمذي ج4 ص84 وابن ماجه رقم 190 ورقم 2800 وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ص74 وحسنه الترمذي، عن جابر رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: "يا جابر مالي أراك منكسرا" فقلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا ودينا فقال: "ألا أبشرك بما لقي الله به أباك"، قال: بلى يا رسول الله، قال: "ما يكلم الله أحدا قط إلا من وراء حجابه وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال: ثَمَّنَ عليَّ أعطيك قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون قال وأنزلت هذه الآية {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
وأخرج ابن جرير بسند حسن ج4 ص173 وفي التاريخ ج3 ص36 أن سبب نزول الآية قتلى بئر معونة قال العلامة الشوكاني في تفسيره: وعلى كل حال فالآية باعتبار عمومها تعم كل شهيد.
قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} إلى قوله {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} الآيات 172 و 173 و174.
قال الإمام الطبراني رحمه الله ج11 ص274 حدثنا علي بن عبد الله ثنا محمد بن منصور الجواز ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال سفيان مرة أخرى أخبرني عكرمة قال لما انصرف أبو سفيان والمشركون عن أحد وبلغوا الروحاء قالوا: لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم، شر ما صنعتم.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد أو بئر أبي عيينة فأنزل الله عز وجل {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله عز وجل {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الحديث قال الحافظ الهيثمي في المجمع ج6 ص121 رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز وهو ثقة. كذا في المعجم وفي المجمع الجواز وفي تهذيب التهذيب الطوسي فلعل له نسبتين كما قال ابن الأثير رحمه الله في ترجمة محمد بن عبد الله بن إسحاق الجواز الطوسي قال وهذه النسبة إلى عديد الجوز فيما يظن. اهـ.
وقال السيوطي في لباب النقول إن سنده صحيح.
وقال الحافظ في الفتح ج9 ص269 أخرجه النسائي1 وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه عن ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. اهـ.
قلت: فعلى قول الحافظ ابن حجر رحمه الله يكون الوصل شاذا والذي أرسله هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرني كما في تفسير ابن كثير.
والذي وصله محمد بن منصور الطوسي وكلاهما قال الحافظ في التقريب إنه ثقة فإذا لم يتابع أحدهما حمل أن سفيان بن عيينة تارة يرويه متصلا وتارة يرسله كما تفيده رواية الطبراني ويصح الحديث والحمد لله.
وقال الحافظ في الفتح ج9 ص269 أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه عن ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره.
المصدر:
الصحيح المسند من أسباب النزول، تأليف:
أبي عبد الرحمن مقبل بن هادى الوادعي