ادفع الثمن أولاً
للكاتب : د/ خالد أبو شادي
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي
تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:71-70]، أما بعد:
فهذا الكتاب يعد موسوعة عصرية شاملة تغطي موضوع القلب, وما يتصل به من أعراض وأمراض وطرق علاج ليعالج ظاهرة الجفاف الروحي التي عمت الجميع حتى شملت كثيراً من الملتزمين الذين أصبح بعضهم يعاني ظاهرة الإكتفاء الذاتي،
وهي ظاهرة تراها من بعض المربين والدعاة وهي انصرافهم عن مجالس الوعظ
والرقائق بحجة الاكتفاء الذاتي، وأن تربية المواعظ والرقائق قد تجاوزوها
من زمن، فالمواعظ وترقيق القلوب إنما هي للمبتدئين أو من هم على عتبة باب
الدعوة!!، أما هم فقد تخرجو من جامعة الإيمان وتسلمو شهادات التفوق منها،
ولم يعد لهم في هذا الميدان مطمع، هذا لسان الحال وإن لم يفصح عنه المقال.
ادفع الثمن أولاً
كان عكرمة حريصاً كل الحرص على أن لا يصل هذا العلم إلى من لا يستحق، لذا قال رحمه الله: "لا تعلموا العلم إلا لمن يعطي ثمنه"، فقيل له: "وما ثمنه؟"، قال:"يضعه العالم عند من يعمل به" (تنبيه المغترين: ص15).
وبين سفيان الثوري السبب في ما قال عكرمة، فانطلق يشرح:
"اذا رأيتم طالب العلم يطلب الزيادة من العلم دون العمل فلا تعلموه، فإن
من لم يعمل بعلمه كشجرة الحنظل كلما ازداد رياً بالماء ازداد مرارة، وإذا
رأيتموه يخلِّط في مطعمه ومشربه وملبسه ونحو ذلك ولا يتورع، فكفوا عن
تعليمه تخفيفاً للحجة عليه غداً" (تنبيه المغترين: ص19).
وصدق الشاعر حين قال:
لو كان العلم دون التقى شرف *** لكان أشرف خلق الله إبليس
لذا لما بعث قوم إلى سفيان الثوري يطلبون أن يحدثهم اشترط عليهم: "حتى تعملوا بما تعلمون، ثم تأتوني فأحدثكم"، ثم أردف في صراحة فاضحة: "يدنسون ثيابهم ثم يقولون تعالوا اغسلوها!!" (اقتضاء العلم العمل:1/85 رقم: 137).
ولذا خوفك سري بن المغلِّس السقطي فقال: "كلما ازددت علماً كانت الحجة عليك أوكد" (اقتضاء القول العمل: 1/53، رقم:78).
وأهمية عودة الروح كانت واضحة وأخذت ما تستحق من سلفنا المبارك، ومن هذا ما ذكره الإمام الذهبي في (ترجمة عبد الرحمن بن شريح رحمه الله):
قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح
فكثرت المسائل فقال: "قد درنت قلوبكم فقوموا الى خالد بن حميد المهري
استقلوا قلوبكم, وتعلموا هذه الرغائب والرقائق؛ فإنها تجدد العبادة وتورث
الزهادة، وتجر الصداقة, وأقلّوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب
وتورث العداوة". (سير أعلام النبلاء: 7/183، ونزهة الفضلاء: 2/691-192).
وحضارة اليوم وهي تسدِّد سهام خداعها صوب القلوب الغافلة لتصيب لُبَّها؛
تحتاج إلى درع حصين تتكسر عليه، فأعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما،
وما هذا الدرع سوى تربية ايمانية راسخة تورث النظر في العاقبة، واليقين
بالآخرة، والتنافس في الخيرات، والزهد في الفانيات، ولا يتم ذلك إلا إذا
ردَّ الله إليك روحك.
وما أشبه هذه الحضارة ببساط يسحب الناس ببطء تجاه نهايتهم المحتومة، وهم
عنها غافلون وبغيرها مشتغلون، والشيطان يرقص بينهم فرحاً، ويقهقه وهو
يشدهم بعيداً عن طريق النجاة، حتى اذا ما وقعت بهم الداهية أفاقوا لكن..
هناك.. على أعتاب الحساب وفي ظلمة القبر؛ فيا إخوان.. أترضون أن يكون هذا
حالكم: تغفلون تغفلون، ثم تموتون فتندمون!!
من مقدمة كتاب "بأي قلبٍ نلقاه" للدكتور خالد أبو شادي
للكاتب : د/ خالد أبو شادي
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي
تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:71-70]، أما بعد:
فهذا الكتاب يعد موسوعة عصرية شاملة تغطي موضوع القلب, وما يتصل به من أعراض وأمراض وطرق علاج ليعالج ظاهرة الجفاف الروحي التي عمت الجميع حتى شملت كثيراً من الملتزمين الذين أصبح بعضهم يعاني ظاهرة الإكتفاء الذاتي،
وهي ظاهرة تراها من بعض المربين والدعاة وهي انصرافهم عن مجالس الوعظ
والرقائق بحجة الاكتفاء الذاتي، وأن تربية المواعظ والرقائق قد تجاوزوها
من زمن، فالمواعظ وترقيق القلوب إنما هي للمبتدئين أو من هم على عتبة باب
الدعوة!!، أما هم فقد تخرجو من جامعة الإيمان وتسلمو شهادات التفوق منها،
ولم يعد لهم في هذا الميدان مطمع، هذا لسان الحال وإن لم يفصح عنه المقال.
ادفع الثمن أولاً
كان عكرمة حريصاً كل الحرص على أن لا يصل هذا العلم إلى من لا يستحق، لذا قال رحمه الله: "لا تعلموا العلم إلا لمن يعطي ثمنه"، فقيل له: "وما ثمنه؟"، قال:"يضعه العالم عند من يعمل به" (تنبيه المغترين: ص15).
وبين سفيان الثوري السبب في ما قال عكرمة، فانطلق يشرح:
"اذا رأيتم طالب العلم يطلب الزيادة من العلم دون العمل فلا تعلموه، فإن
من لم يعمل بعلمه كشجرة الحنظل كلما ازداد رياً بالماء ازداد مرارة، وإذا
رأيتموه يخلِّط في مطعمه ومشربه وملبسه ونحو ذلك ولا يتورع، فكفوا عن
تعليمه تخفيفاً للحجة عليه غداً" (تنبيه المغترين: ص19).
وصدق الشاعر حين قال:
لو كان العلم دون التقى شرف *** لكان أشرف خلق الله إبليس
لذا لما بعث قوم إلى سفيان الثوري يطلبون أن يحدثهم اشترط عليهم: "حتى تعملوا بما تعلمون، ثم تأتوني فأحدثكم"، ثم أردف في صراحة فاضحة: "يدنسون ثيابهم ثم يقولون تعالوا اغسلوها!!" (اقتضاء العلم العمل:1/85 رقم: 137).
ولذا خوفك سري بن المغلِّس السقطي فقال: "كلما ازددت علماً كانت الحجة عليك أوكد" (اقتضاء القول العمل: 1/53، رقم:78).
وأهمية عودة الروح كانت واضحة وأخذت ما تستحق من سلفنا المبارك، ومن هذا ما ذكره الإمام الذهبي في (ترجمة عبد الرحمن بن شريح رحمه الله):
قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح
فكثرت المسائل فقال: "قد درنت قلوبكم فقوموا الى خالد بن حميد المهري
استقلوا قلوبكم, وتعلموا هذه الرغائب والرقائق؛ فإنها تجدد العبادة وتورث
الزهادة، وتجر الصداقة, وأقلّوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب
وتورث العداوة". (سير أعلام النبلاء: 7/183، ونزهة الفضلاء: 2/691-192).
وحضارة اليوم وهي تسدِّد سهام خداعها صوب القلوب الغافلة لتصيب لُبَّها؛
تحتاج إلى درع حصين تتكسر عليه، فأعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما،
وما هذا الدرع سوى تربية ايمانية راسخة تورث النظر في العاقبة، واليقين
بالآخرة، والتنافس في الخيرات، والزهد في الفانيات، ولا يتم ذلك إلا إذا
ردَّ الله إليك روحك.
وما أشبه هذه الحضارة ببساط يسحب الناس ببطء تجاه نهايتهم المحتومة، وهم
عنها غافلون وبغيرها مشتغلون، والشيطان يرقص بينهم فرحاً، ويقهقه وهو
يشدهم بعيداً عن طريق النجاة، حتى اذا ما وقعت بهم الداهية أفاقوا لكن..
هناك.. على أعتاب الحساب وفي ظلمة القبر؛ فيا إخوان.. أترضون أن يكون هذا
حالكم: تغفلون تغفلون، ثم تموتون فتندمون!!
من مقدمة كتاب "بأي قلبٍ نلقاه" للدكتور خالد أبو شادي