الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
فقد كان لأهل المدينة يومان في الجاهلية يحتفلون فيهما فأبدلهم الله تعالى بهما عيدا الإسلام : الفطر والأضحى، فليس للمسلمين عيدان سواهما.
فعن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الفطر ويوم النحر» رواه أبو داود بسند صحيح.
•ما هو العيد :
العيد هو كل يوم فيه جمع ، من عاد يعود ، فهو يعود كل سنة بفرح مجدد ، وقيل مأخوذ من العادة ، لأن الناس اعتادوه ، وقيل لأن لله فيه عوائد الإحسان ، ولأن العادة فيه الفرح والسرور
•استحباب الغسل والتطيب ولبس أجمل الثياب:
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما أجمل ثيابه ، وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يغتسل للعيدين. أخرجه ابن أبي شيبة. وقال سعيد بن المسيب رحمه الله : سنة الفطر ثلاث : المشي إلى المصلى ، والأكل قبل الخروج ، والاغتسال .
•الأكل قبل الخروج إلى الصلاة :
من السنة أن يأكل المسلم قبل خروجه إلى الصلاة ، قال أنس رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وتراً .. رواه البخاري. والحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد ، فكأنه أراد صلى الله عليه وسلم سد هذه الذريعة .
•الخروج إلى المصلى:
السنة أن يصلي المسلمون العيد في المصلى ، فعن أبي سعيد الخدري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة .. رواه البخاري. فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى ، مع أن الصلاة في مسجده بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام !
•خروج النساء والصبيان والحيض:
عن أم عطية قالت: أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين ، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى. متفق عليه.
والعواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت، أو استحقت التزويج، أو هي الكريمة على أهلها .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « وجب الخروج على كل ذات نطاق في العيدين » رواه أحمد بسند صحيح، والنطاق: هو ما تشد بها المرأة وسطها ليرتفع به ثوبها من الأرض عند المهنة.
•مخالفة الطريق :
السنة أن يخالف المسلم الطريق إلى المصلى ، فيخرج من طريق ، ويرجع من طريق آخر ،
فعن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري. أي يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر.
قال ابن القيم : ليسلم على أهل الطريقين ، وقيل : لينال بركته الفريقان ، وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل ليظهر شعائر الإسلام ، وقيل – وهو الأصح – إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم منها .
•لا أذان ولا إقامة ولا قول (الصلاة جامعة)
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة. رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى .
متفق عليه .
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان وإقامة ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة أن لا يفعل شيء من ذلك.
•لا صلاة قبل العيد ولا بعدها:
ليس من السنة الصلاة قبل العيد ولا بعدها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما. متفق عليه .
قال ابن القيم : ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى قبل الصلاة ولا بعدها . لكن من صلى العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد ركعتين .
•التكبير في الصلاة :
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة ، سبعاً في الأولى وخمساً في الآخرة. رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني.
أي يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام ، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال.
•حضور خطبة العيد :
يستحب بعد صلاة العيد الاستماع إلى خطبة العيد ، ومن أراد الذهاب بعد الصلاة فله ذلك ، لما جاء عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب " . رواه أبو داود وصححه الألباني .
•التهنئة بالعيد :
يستحب للمسلم أن يهنئ أخاه المسلم بالعيد ، فعن جبير بن نفير بسند حسن قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أما التهنئة بالعيد ، يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحال الله عليك ، ونحو ذلك ، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة .
•اللعب واللهو المباح في الأعياد :
لا بأس باللهو المباح الخالي من المحذورات الشرعية ، قالت عائشة رضي الله عنها : «إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا في يوم عيد ، فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه ، فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت». متفق عليه.
•الإكثار من التكبير في العيد :
يستحب الإكثار من التكبير من ليلة العيد حتى صلاة العيد ،
قال تعالى: ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هّداكم ولّعلّكم تشكرون ) (البقرة: 185)
وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه : « أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد» رواه ابن أبي شيبة. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام . رواه الدارقطني وصححه الألباني.
•من فاتته صلاة العيد :
من لم يدرك صلاة العيد صلى ركعتين ، ويكبر التكبيرات الزوائد ، كما ثبت ذلك عن أنس وعطاء وقتادة بأسانيد صحيحة.
•تذكير :
احرص أخي المسلم على ألا تفوتك فرصة صيام ستة أيام من شوال لما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
« من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله » أخرجه مسلم.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*************************