الصبـر طريـق الـ [ جنـه ] . .
لا يكاد العبد يمر بمشكلة في الطريق إلى ربِّه إلا وحلها في الصبر، فلن تستطيع أن تروِّض نفسك الأمارة بالسوء على فعل الطاعات وترك المنكرات إلا بالصبر .. ولن تستطيع أن تتغلب على العوائق التي تقابلك في الطريق إلا بالصبر .. ولن تستطيع أن تجتاز المحن والابتلاءات التي يمتحنك الله عزَّ وجلَّ بها إلا بالصبر ..
فالصبر هو .. حبس النفس على فعل شيءٍ أو تركهِ ابتغاء وجه الله .. وقيل: هو حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن المعصية.
والصبر واجب .. من الواجبات التي يأثم تاركها، إذا كان الأمر الذي عليك الصبر عليه واجبًا .. كصبرك على أداء الصلوات الخمس المفروضة .. أما إذا كان الأمر مُستحبًا، كقيام الليل مثلاً .. فإن الصبر عليه يكون مُستحبًا.
وهو ثلاثة أنـواع:
1) صبر على طاعة الله .. 2) وصبر عن معصية الله .. 3) وصبر على امتحان الله (الابتلاء).
وما من أحدٍ إلا وسُيبتلى، ليعلم الله مدى صدقه وصبره ..
قال تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت]
وقد أعدَّ الله عزَّ وجلَّ لأهل الصبر الأجر العظيم، فبنا نتعرَّف على الفضائل التي تجعل الصبر من أعظم وأجلَّ الأعمال عند ربِّ العالمين ..
فضـــائــــل الصبر ..
1) الصبر منبع الإيمـــان .. عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء .." [صحيح مسلم] ..
فالصبر كالشمس التي تشع بالضوء لتُنير ما حولها من كواكب، فينشأ عنه أعمال البر والطاعات العظيمة .. فلن تستطيع أن تُكابد لقيـــام الليل وصيـــام النهار إلا بالصبر.
2) الصبر نصف الإيمـــان .. عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله" [رواه الطبراني في الكبير ورواته رواة الصحيح] .. فكلما زاد صبرك على طاعة الله وعلى ترك معاصيه، زاد مقدار ما قطعته في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى.
3) يستوجب محبة الرحمن .. يقول الله جلَّ وعلا {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] .. فبالصبر تصل إلى محبة الرحمن جلَّ جلاله.
4) يجعلك في معيَّة الله .. يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] .. فالله تعالى يحفظ عباده الصابرين ويرعاههم، وبقدر البلاء الذي ينزل عليهم، بقدر السكينة والطمأنينة التي تغشاهم.
5) من صفـــات المتقين .. يقول تعالى في صفة أهل الإيمان المُتقين {.. وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] .. بالصبر تُبلَّغ منزلة التقوى، وهي من أعظم المنازل ..
{.. وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 35]
6) من أعظم المنن .. قال رسول الله ".. ومن يتصبَّر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر" [متفق عليه] .. فالصبر يهوِّن البـــلاء، وهو من أعظم نِعَم الله تعالى على عباده.
7) لا فلاح للعبد إلا بالصبــر .. يقول الله جلَّ وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] .. فالفلاح في الطريق إلى الجنة لن يكون إلا بالصبر والمصابرة مع التحلي بالتقوى، والخسران كل الخسران في الجزع وعدم الصبر.
لا مُضعِّف للأعمال مثل الصبر .. قال تعالى {.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] .. فكل الأعمال الصالحة يُثاب فاعلُها بحساب مُقدَّر يوم القيامة، أما الصابرون فيتضاعف أجرهم إلى ما لايعلمه إلا الكريم الأكرم سبحانه وتعالى ..
قال سليمان بن القاسم "كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر، كالماء المنهمر" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (17:1)].
9) من أعظم أسبـــاب مغفرة الذنوب .. يقول الله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 11]
وهل منا أحدٌ إلا وله ذنبٌ يخشى أن يلقى الله عزَّ وجلَّ به؟! ..
نسأل الله أن يغفر لنا ويعفو عنا،،
10) صلاة الله على الصابرين ورحمته لهم وهدايته إياهم .. يقول الله عزَّ وجلَّ {.. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة] .. وهي ثلاثة أمور، لم تُجمع لغير الصابرين .. فصلاة الله تعالى عليهم، أي: ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى .. ورحمته لهم سبحانه وتعالى، بمثابة الوقود الذي يدفع العبد للعمل الصالح .. ويهديهم إلى سواء السبيل ..
فما أعظمها من بُشرى لعبـــاد الله الصـــابـــريــن،،
11) النصر لن يأتي إلا بالصبر .. قال رسول الله " واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا" [صححه الألباني، ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة (315)] .. فكل المشاكل التي تواجهك في الطريق، بداية من نفسك الأمارة بالسوء إلى مشاكل الأمة الإسلامية أجمع لن تُحل إلا بالصبر ..
عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟، قال "كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" [صحيح البخاري].
12) الصبر علاج للفتن .. فلن تستطيع أن تواجه الفتن إلا بالصبر، كما قال تعالى في قصة قارون وقومه {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)} [القصص].
13) كما إنه يحفظك من آفـــات النفس .. كحب الانتقام والانتصار للنفس، قال تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ..} [النحل: 126,127] .. ويقول جلَّ وعلا {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت].
14) الصبر من عزم الأمور .. أي أجلَّها وأشرفها، يقول تعالى {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] .. وكان الصبر من وصايا لقمان لابنه، كما في قوله تعالى {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17].
15) الفهم عن الله تعالى، لا يُنال إلا بالصبر .. فقد خصَّ الله عزَّ وجلَّ أهل الصبر وأهل الشكر بالانتفاع بآياته، تمييزًا لهم بهذا الحظ الموفور .. فقال تعالى في أربع آيات من كتابه الكريم {.. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] ..
فلن تفهم الحكمة من الفتن والابتلاءات التي تُحيط بك، إلا إذا صبرت وتعلمت،،
16) لن تهنأ وتعيش الحياة الطيبة إلا بالصبر .. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه "وجدنا خير عيشنا بالصبر" [صحيح البخاري]
17) بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين .. قال تعالى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] .. فلن تنجح في أي مجال في حياتك إلا بالصبر.
فلابد من الصبر في بداية الطريق، ثمَّ يأتي الله تعالى بعد ذلك بالفتح،،
18) صفة أهل اليمين .. فقد خصَّهم الله تعالى بصفتي الصبر والرحمة، يقول الله عزَّ وجلَّ {.. الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} [البلد].
19) الصبر طريـــق الجنة .. فالجنة هي سلعة الله الغالية، ولن تصل إلى تلك المنزلة العالية إلا بالكثير من الصبر .. يقول الله جلَّ وعلا {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
أرأيتم أحبائي كم إن الصبر جميل ؟! ..
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصابرين،،
لا يكاد العبد يمر بمشكلة في الطريق إلى ربِّه إلا وحلها في الصبر، فلن تستطيع أن تروِّض نفسك الأمارة بالسوء على فعل الطاعات وترك المنكرات إلا بالصبر .. ولن تستطيع أن تتغلب على العوائق التي تقابلك في الطريق إلا بالصبر .. ولن تستطيع أن تجتاز المحن والابتلاءات التي يمتحنك الله عزَّ وجلَّ بها إلا بالصبر ..
فالصبر هو .. حبس النفس على فعل شيءٍ أو تركهِ ابتغاء وجه الله .. وقيل: هو حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن المعصية.
والصبر واجب .. من الواجبات التي يأثم تاركها، إذا كان الأمر الذي عليك الصبر عليه واجبًا .. كصبرك على أداء الصلوات الخمس المفروضة .. أما إذا كان الأمر مُستحبًا، كقيام الليل مثلاً .. فإن الصبر عليه يكون مُستحبًا.
وهو ثلاثة أنـواع:
1) صبر على طاعة الله .. 2) وصبر عن معصية الله .. 3) وصبر على امتحان الله (الابتلاء).
وما من أحدٍ إلا وسُيبتلى، ليعلم الله مدى صدقه وصبره ..
قال تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت]
وقد أعدَّ الله عزَّ وجلَّ لأهل الصبر الأجر العظيم، فبنا نتعرَّف على الفضائل التي تجعل الصبر من أعظم وأجلَّ الأعمال عند ربِّ العالمين ..
فضـــائــــل الصبر ..
1) الصبر منبع الإيمـــان .. عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء .." [صحيح مسلم] ..
فالصبر كالشمس التي تشع بالضوء لتُنير ما حولها من كواكب، فينشأ عنه أعمال البر والطاعات العظيمة .. فلن تستطيع أن تُكابد لقيـــام الليل وصيـــام النهار إلا بالصبر.
2) الصبر نصف الإيمـــان .. عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله" [رواه الطبراني في الكبير ورواته رواة الصحيح] .. فكلما زاد صبرك على طاعة الله وعلى ترك معاصيه، زاد مقدار ما قطعته في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى.
3) يستوجب محبة الرحمن .. يقول الله جلَّ وعلا {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] .. فبالصبر تصل إلى محبة الرحمن جلَّ جلاله.
4) يجعلك في معيَّة الله .. يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] .. فالله تعالى يحفظ عباده الصابرين ويرعاههم، وبقدر البلاء الذي ينزل عليهم، بقدر السكينة والطمأنينة التي تغشاهم.
5) من صفـــات المتقين .. يقول تعالى في صفة أهل الإيمان المُتقين {.. وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] .. بالصبر تُبلَّغ منزلة التقوى، وهي من أعظم المنازل ..
{.. وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 35]
6) من أعظم المنن .. قال رسول الله ".. ومن يتصبَّر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر" [متفق عليه] .. فالصبر يهوِّن البـــلاء، وهو من أعظم نِعَم الله تعالى على عباده.
7) لا فلاح للعبد إلا بالصبــر .. يقول الله جلَّ وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] .. فالفلاح في الطريق إلى الجنة لن يكون إلا بالصبر والمصابرة مع التحلي بالتقوى، والخسران كل الخسران في الجزع وعدم الصبر.
لا مُضعِّف للأعمال مثل الصبر .. قال تعالى {.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] .. فكل الأعمال الصالحة يُثاب فاعلُها بحساب مُقدَّر يوم القيامة، أما الصابرون فيتضاعف أجرهم إلى ما لايعلمه إلا الكريم الأكرم سبحانه وتعالى ..
قال سليمان بن القاسم "كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر، كالماء المنهمر" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (17:1)].
9) من أعظم أسبـــاب مغفرة الذنوب .. يقول الله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 11]
وهل منا أحدٌ إلا وله ذنبٌ يخشى أن يلقى الله عزَّ وجلَّ به؟! ..
نسأل الله أن يغفر لنا ويعفو عنا،،
10) صلاة الله على الصابرين ورحمته لهم وهدايته إياهم .. يقول الله عزَّ وجلَّ {.. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة] .. وهي ثلاثة أمور، لم تُجمع لغير الصابرين .. فصلاة الله تعالى عليهم، أي: ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى .. ورحمته لهم سبحانه وتعالى، بمثابة الوقود الذي يدفع العبد للعمل الصالح .. ويهديهم إلى سواء السبيل ..
فما أعظمها من بُشرى لعبـــاد الله الصـــابـــريــن،،
11) النصر لن يأتي إلا بالصبر .. قال رسول الله " واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا" [صححه الألباني، ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة (315)] .. فكل المشاكل التي تواجهك في الطريق، بداية من نفسك الأمارة بالسوء إلى مشاكل الأمة الإسلامية أجمع لن تُحل إلا بالصبر ..
عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟، قال "كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" [صحيح البخاري].
12) الصبر علاج للفتن .. فلن تستطيع أن تواجه الفتن إلا بالصبر، كما قال تعالى في قصة قارون وقومه {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)} [القصص].
13) كما إنه يحفظك من آفـــات النفس .. كحب الانتقام والانتصار للنفس، قال تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ..} [النحل: 126,127] .. ويقول جلَّ وعلا {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت].
14) الصبر من عزم الأمور .. أي أجلَّها وأشرفها، يقول تعالى {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] .. وكان الصبر من وصايا لقمان لابنه، كما في قوله تعالى {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17].
15) الفهم عن الله تعالى، لا يُنال إلا بالصبر .. فقد خصَّ الله عزَّ وجلَّ أهل الصبر وأهل الشكر بالانتفاع بآياته، تمييزًا لهم بهذا الحظ الموفور .. فقال تعالى في أربع آيات من كتابه الكريم {.. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] ..
فلن تفهم الحكمة من الفتن والابتلاءات التي تُحيط بك، إلا إذا صبرت وتعلمت،،
16) لن تهنأ وتعيش الحياة الطيبة إلا بالصبر .. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه "وجدنا خير عيشنا بالصبر" [صحيح البخاري]
17) بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين .. قال تعالى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] .. فلن تنجح في أي مجال في حياتك إلا بالصبر.
فلابد من الصبر في بداية الطريق، ثمَّ يأتي الله تعالى بعد ذلك بالفتح،،
18) صفة أهل اليمين .. فقد خصَّهم الله تعالى بصفتي الصبر والرحمة، يقول الله عزَّ وجلَّ {.. الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} [البلد].
19) الصبر طريـــق الجنة .. فالجنة هي سلعة الله الغالية، ولن تصل إلى تلك المنزلة العالية إلا بالكثير من الصبر .. يقول الله جلَّ وعلا {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
أرأيتم أحبائي كم إن الصبر جميل ؟! ..
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصابرين،،