استحباب طيب الكلام و طلاقة الوجه عند اللقاء
ما أجمل أن يلقى المسلم أخاه بطلاقة وجه و رحابة صدر و لين جانب و أريحية كاملة ..
و لقد كان نبينا محمد صلى الله عليه و سلم مثلا يحتذى به في لين ..... و طلاقة الوجه و سعة الصدر و حب العفو ..
و لقد سجل القرآن الكريم ذلك له صلوات الله و سلامه عليه ، قال عز من قائل
( فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القول لانفضوا من حولك ) .
فنجد في هذه الآية الكريمة حقيقة الرحمة الإلاهية المتمثلة في أخلاقه صلى الله عليه و سلم
و في طبيعته الخيرة الرحيمة الهينة اللينة التي تتجمع حولها القلوب الطاهرة و تتعلق بها النفوس الخيرة ،
فهي رحمة الله التي نالته و نالتهم فجعلته صلى الله عليه و سلم رحيما بهم لينا معهم
و لو كان فظا غليظ القلب ما تآلفت حوله القلوب و لا تجمعت حوله المشاعر
فالناس في حاجة إلى كنف رحيم و إلى رعاية فائقة و إلى بشاشة سمحة و إلى ود يسعهم
و حليم لا يضيق بضعفهم و جهلهم و قصورهم و نقصهم
هم في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم و لا يحتاج منهم إلى عطاء يحل همومهم و لا يتعبهم بهمه
و يجدون عنده دائما الاهتمام و الرعاية و الود و العطف و السماحة و الرضا..
و هكذا كان قلب رسول الله – صلى الله عليه و سلم و هكذا كانت حياته مع الناس ..
ما غضب لنفسه قط و ما ضاق صدره بضعفهم البشري و ما احتجز لنفسه شيئا من أعراض هذه الحياة دونهم ،
بل آثرهم و أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية .. و وسعهم حلمه و بره و شفقته و عطفه و وده الكريم ،
و ما من واحد منهم عاشره و رأه إلا امتلأ قلبه بحبه احتراما له و تعلقا به صلى الله عليه و سلم.
لقد تعلمنا من قدوتنا و رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم هذه المعاني العالية و التوجيهات الراقية
في حسن استقبال الأخلاء و الأصدقاء بوجه طليق و ثغر باسم و كلام طيب رقيق ..
ففي الحديث المتفق عليه عن عدي بن حاتم – رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اتقوا النار و لو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة " ..
فالكلمة الطيبة وقاية من النار
و من عذابها و سعيرها و جحيمها و حميمها الذي يقطع الأمعاء و يشوي الوجوه ..
و الكلمة الطيبة حلوة الطعم سهلة التناول و هي راحة للسامعين و رحمة من الله سبحانه و تعالى لقائلها
و الكلمة الطيبة هي مفتاح الخير للناس جميعا و هي النصيحة الغالية و الأمانة الغالية التي تدل على صدق قائلها و إخلاصه و مروءته و نبله
قال تعالى
( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت
و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها و يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون )..
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه و سلم – قال
" الكلمة الطيبة صدقة "
بل عد الرسول صلى الله عليه و سلم البسمة والبشاشة عنصرا من عناصر الثواب للمسلم ، قال صلى الله عليه و سلم
" و تبسمك في وجه أخيك صدقة "
نحن مع الإسلام ندور حيثما دار ، و بتوجيهاته نسير و نمضي على هدى و نور ..
روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه
قال :قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخالك بوجه طلق "
رواه مسلم
وفي قوله تعالى :
" واخفض جناحك للمؤمنين "
اخفض جناحك يعني لِن وتواضع للمؤمنين لأن المؤمن أهل لأن يتواضع له
أما الكفار
فقد قال الله تعالى :
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ "