أنا تائبة ..فهل يغفر الله لي؟
الحمد لله أننا نتعامل مع رب كريم ..
وهو أرحم الراحمين،
وخير الغافرين،
وهو التواب الرحيم لا يتعاظم أمام عفوه ذنب ،
ولا تكبر أمام مغفرته معصية ،
فرحمته وسعت كل شيء ،
يغفر كل الذنوب إذا تاب عبده إليه إلا الشرك، قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ".
فالأمل في رحمة الله كبير والرجاء فيه لا ينقطع ، فإياكِ أن تيأس أو أن تقنط من رحمة الله تبارك وتعالى،
واسمعي إلى هذا النداء الحائر الرقيق الرقراق اسمعيه بقلبك وأصغي إليه، يقول الله سبحانه وتعالى:
"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".
آية عظيمة تعلمنا ألا نقطع رجاءنا في الله أبدا، وألا نقنط أو نيأس من رحمته،
وأن نوقن بأن باب التوبة مفتوح لا يغلق في أي ساعة من ليل أو نهار،
ففي الحديث: " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " .
أختي الكريمة من المبشرات العظيمة التي تبعث إليك وإلينا جميعا بروح الأمل :
أن الله تبارك وتعالى يفرح بعبده إذا تاب إليه ورجع إليه ..
قال -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح".
أختي الغالية :
أكثري من التوبة ؛ فالله تعالى يحب من يتوب إليه بالرغم من أنه قد أذنب وأساء وأخطأ وفرط إلا أن الله تعالى يحبه،
حيث قال تبارك وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
من هنا اعلمي أخيتي أن باب التوبة مفتوح وأنه لا ذنب يعظم على عفو الله تبارك وتعالى ورحمته ، فمهما أذنبنـا ومهما أخطأنا ثم عدنا إلى الله تعالى فإن الله تواب رحيم.
فما علينا إلا أن نتوب إليه ونرجع إليه وننيخ مطايانا ببابه ونحط رحالنا في رحابه وسنجد الخير الكثير.
إذا فاطمئني أخيتي وليطمئن قلبك بأن التوبة ممكنة والعفو ممكن ومهما قصر العبد وفعل فإن الله تبارك وتعالى غفور رحيم.
ولكن في الختام أوجه إليك بعض الوصايا والنصائح التي استفدنا منها وهي بإذن الله سبحانه وتعالى نصائح عملية ممكنة التحقيق ، علها تكون معينة لك على استجلاب عفو الله تبارك وتعالى واستمطار رحمته وهي: -
أولاً:لا تنسي ذنبك ولا تنسي خطيئتك فإن من أعظم معوقات التوبة الصادقة نسيان الذنوب ، تذكري دائماً هذا الذنب واجعليه نصب عينيك فحينئذ سيكون دافعا لك في الانطلاق إلى طريق التوبة إلى الله تبارك وتعالى.
ثانياً:لا تنسي أن الله سبحانه وتعالى عفوٌ كريم يحب العفو ويحب التوابين ورحمته وسعت كل شيء كما قال في كتابه العزيز: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" وهو تبارك وتعالى أرحم بالعبد من أمه وأبيه والناس أجمعين.
ثالثاً : أكثري من التوبة إلى الله تعالى وسؤاله المغفرة أن يمحو عنك هذا الذنب وآثاره في الدنيا والآخرة
قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
رابعاً: الزمي الاستغفار يجعل لك الله من كل هم فرجا،ومن كل ضيق مخرجا، ويرزقك من حيث لا تحتسب، واجعلي لك كل يوم وارداً من القرآن وحافظي عليه، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتوب إلى الله ويستغفره في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
خامساً: احرصي على طاعة الله تبارك وتعالى من فرائض ونوافل وكل عمل خير يلوح أمامك، اجتهدي في أن تحصل الثواب والحسنات في أي وقت وفي أي مكان.
سادساً:فتشي عن صحبة صالحة تعينك على الخير، إن نسيتي الله ذكروك وإن ذُكرتي أعانوك.
سابعاً /اسأل الله أن يثبت قلبك على طاعته ، ويسخر لك الصحبة الصالحة ..
ولعلي أذكركِ إلى أمر مهم وهو بشأن الصلاة - وقد ركزت عليها لأهميتها :
أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بأن الذي يؤخر الصلاة عن وقتها والفجر عن وقتها باستمرار ديدنه ذلك وعادته ذلك فإنه يكفر والعياذ بالله.
فالأمر في هذا خطير .. فما بالك بمن يتركها بالكلية فإنه بلا شك يكفر والعياذ بالله ..
فالواجب على المسلم أن تشتد عنايته بالصلاة وأن يحافظ عليها، وأن يؤديها في الوقت، ويؤديها في الجماعة بالنسبة للرجال، ويحرص على الخشوع وحضور القلب والطمأنينة، ومتابعة الإمام؛وللنساء في أول وقتها .
لأن الصلاة هي آخر ما يفقد من الدين، ولأن حظ المسلم من الإسلام على قدر حظه من الصلاة، ولأن من حافظ على الصلاة فإنه لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وليس بعد ذهابها إسلام ولا دين، ولأن المسلم إذا أقام الصلاة وأداها وأقامها كما أمر الله
نهته عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ "
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يغفر لنا جميعاً تقصيرنا، وأن يمحو عنا آثار ذنوبنا وأن يأخذ بنواصينا إليه أخذ الكرام عليه إنه سبحانه سميع قريب مجيب الدعوات.
فاللهم إنا نسألك زيادة في الدين، وبركة في العمر، وصحة في الجسد، وسعة في الرزق، وتوبة قبل الموت، وشهادة عند الموت، ومغفرة بعد الموت، وعفوا عند الحساب، وأمانا من العذاب ونصيبا من الجنة