أنا مصرية
منذ لحظة ميلادي و أنا أحمل هذه الجنسية
ولدت مصرية لأب و أم مصريين
و كنت أشعر بمصريتي في أوقات كثيرة
شعرت بها و أنا في رحلتي لبيت الله الحرام لأداء العمرة
وقتها طاف بقلبي الحنين لأرض بلدي و وطني الحبيب
طالما شعرت بمصريتي عندما يحقق أحد أبناء بلدي انتصاراً علمياً أو أدبياً أو حتى انتصاراً رياضياً في إحدى البطولات
و سعدت بمصريتي و نحن نحتفل بذكرى انتصارات جيشنا المصري على اسرائيل و تحرير أرضنا في أكتوبر 1973
و كنت أحزن إن رأيت مظهراً غير لائق بمكانة بلدي الحبيبة
و تتفجر مصريتي غيرةً على وطني
و قد كنت أعتقد أن مصريتي عظيمة و انتمائي لبلدي يفوق الحدود
و لكن
-
-
-
اكتشفت مشاعر أقوى من كل ما شعرت به طوال حياتي
لمست في نفسي انتماءً ذو طعم مختلف
تذوقت مصريتي بشكل أشعرني و كأني لم أكن مصرية من قبل
\
\
ما الذي حدث ؟ !
ما سر هذا الإختلاف ؟
ما سر هذا التغيير ؟
,
,
,
تعلمون ما هو هذا السر ؟
السر هو
أني
ذهبت يوماً إلى ميدان التحرير
و رغم أني طالما ذهبت إلى هذا الميدان
لأنه ميدان رئيسي في مصر
و به العديد من المنشآت الهامة و المصالح الحكومية التي يحتاج معظم المصريين للذهاب إليها لإنهاء بعض الإجراءات و الأوراق
و لأنه يتوسط الطريق لمناطق كثيرة في القاهرة
و لكن ذهابي إليه في ذلك اليوم كان ذهاباً خاصاً جداً
ذهبت إلى هناك بالأمس
و معي أولادي
و رأيت ما لم أكن أحلم أن أراه
رأيت هناك مصر
مصر التي لم أكن أعرفها رغم أني أعيش فيها منذ مولدي
رأيت كل الفئات
رأيت شباباً و أطفالاً و شيوخاً
رأيت نساءً و رجالاً
رأيت أصحاءً و معاقين
رأيت أغنياء و فقراء
رأيت مثقفين و أميين
باختصار
أقول
رأيت مصر كلها
شعرت بضآلة نفسي وسط هؤلاء الأبطال
كانوا يسمونها في الإعلام ( ثورة الشباب )
و الآن أراها ( ثورة الشعب )
لأن الشباب أيقظوا همماً كنا نظنها ماتت
و أحيوا أرضاً كنا نحسبها بارت من طول سنين جدبها
فكانوا بمثابة الغيث الذي أحيا به الله الأرض بعد موتها
في ميدان التحرير
يتجسد الصمود الحقيقي
و أنا هناك تذكرت قولاً لأحد الصحفيين
قاله تعليقاً على هذه الثورة الشعبية
حيث قال :
( هي أرقى ما حدث في تاريخ مصر )
قد يبرز الإعلام المعنى السياسي للثورة
و معاني الحرية التي طالما حلمنا بها
و لكني لمست أيضاً جوانب إنسانية لهذه الثورة
وجدت الكل يتسابق لتقديم الطعام لإخوانه
وجدت أسمى معاني الإيثار حيث يفضل كل واحد الآخر على نفسه
وجدت أطباء شباب متطوعين لعلاج الجرحى
وجدت خياماً على الرصيف أصبحت مستشفيات صغيرة
وجدت مقراً لإحدى الشركات السياحية الكبرى فتحه أصحابه ليتحول إلى مركز طبي مصغر لعلاج المصابين
وجدت أناساً بسطاء يتبرعون بالقطن الطبي و الشاش لتضميد جراح إخوانهم
وجدت لمسات وفاء حين رأيت شباباً يضعون ملابس الشهداء و يذكرون للناس قصص مَن مات منهم في هذه الثورة
حقيقي
ما رأيته هناك في ميدان التحرير يحتاج سنوات لأحكيه
و في النهاية
أقول
لو لم أكن ذهبت إلى هناك لكان فاتني الكثير
أعتبر هذه الزيارة موقفاً في حياتي لن أنساه ما حييت
حقاً
مهما سمع الإنسان لا يمكن أن يكون كمَن رأى بعينه
أختتم كلامي بالدعاء لمصر الحبيبة
اللهم ولِ أمورنا خيارنا
اللهم احفظ مصر و قها الفتن
اللهم هيئ لنا الخير