"زمن الحرف "
المقصود بزمن الحرف : هو زمن جريان الصوت بالحرف وزمن انحباسه
فكما أن جريان الصوت يأخذ زمنا فإن انحباسه يأخذ زمنا أيضا ولكنه دون زمن الصوت
فزمن جريان الصوت خاص بالحروف الرخوة والبينية وزمن انحباسه خاص بالحروف الشديدة
وقول الإمام المرعشى
"إن الحروف على أربع مراتب آنى لا يمتد أصلا وهى الحروف الشديدة "
أى لا امتداد للصوت فيها بدليل ما نقله عن صاحب شرح المواقف
"الحروف الشديدة آنية لاتوجد إلا فى آن انحباس النفس وما عداها زمانية يجرى فيها الصوت زمنا "
فخص ما عدها بجريان الصوت
ولكن زمن انحباس الصوت لا يظهر إلا فى حال التشديد والسكون فقط ولا يظهر حال التحريك ،
التشديد فى نحو (الطلاق - الدنيا - الحاقة - تبّت - وحاجّه - والتين - مكناكم ) ولم تقع همزة مشددة فى القرآن ،
والسكون فى نحو (الضأن - فترة - حكمة )ولا يمكننا التمثيل بغير هذه الأحرف لأن ما عداها مقلقل والقلقة تشبه الحركة فلا يظهر زمن انحباس الصوت فيها
قال الإمام المرعشى "ثم اعلم أن إظهار القلقلة فى الحرف الساكن أشبه بتحريكة "
وبالنسبة لزمن جريان الصوت فيكون فى الحروف الرخوة والبينية ،ويتفاوت زمن الصوت فيهما فالحروف الرخوة أطول زمنا من الحروف البينية ، وذلك لاكتمال الجريان فيها خلافا للحروف البينية فإن الجريان فيها غير مستكمل
وأشار المرعشى إلى ذلك قائلا "........... وما عداها متفاوتة فى الجريان إذ حروف الرخو أتم من الحروف البينية "
ويتضح ذلك بالتمثيل إذا أردت الوقف على (العرش - المس )(فطل - السمع )فتجد أن الصوت يأخذ زمنا أكبرفى الكلمتين اللأوليتين،
وأطول حروف الرخاوة زمانا حروف المد فأنها تأخذ زمنا قدره حركتين وذلك لاتساع مخرجهم وتقديره،
وهذا ما أشار إليه المرعشى "وحروف المد أطو زمنا من حروف الرخو "
وتقيد الكلام بحروف المد يخرج حرفى اللين لأنهم يأخذان زمنا مثل سائر حروف الرخاوة
ويستثنى من الحروف البينية ثلاثة أحرف
الحرفان الأولان النون والميم حال التشديد فإنهما يأخذان زمنا أكبر من زمن حروف الرخاوة لأن له حكم خاص عند القرا وهو الغنة بمقدار حركتين فهما مساويان لحروف المد إذا لم يقع بعدها سبب
الثالث "الراء" وهو يأخذ زمنا مساو لزمن حروف الرخاوة وذلك لقبوله التكرار فأكسبه التكرار زمنا ساوى حروف الرخاوة
قال المرعشى نقلا عن السيد الشريف فى "شرح المواقف "
"والغالب على الظن أن الراء ليست بحرف واحد زمانيا فى الحقيقة لأن مدار وحدة الأمر الممتد اتصال أجزاءه وليس هناك اتصال فى الحقيقة بل فى الحس وبناءا على هذا الاتصال الحسى جعلت فى العرف حرفا واحدا زمانيا"
والشاهد من كلامه الجملة الأخيرة " جعلت فى العرف حرفا واحدا زمانيا"
ولك أن تتأمل التلفظ ب(الرحمن - الشيطان ) ،
كما يتوقف زمن الصوت على شكل الحرف من حيث السكون والتحريك فالحرف الساكن يكون أطول زمنا من الحرف المتحرك وذلك لأن السكون يكسب الحرف ضعفا فيحتاج إلى كامل صفاته ليظهر ولضعفه لا يمكنه القيام بنفسه فى بدء الكلام ، قال الأمام السيوطى فى شرحه على الشاطبية عند قول الشاطبى
ويبدل للسوسى كل مسكن @من الهمز مدا غير مجزوما أهملا
موجها قراءة الإبدال "لعدم حركة تعينه على الخروج " وكأن الحرف يقوى بالحركة
لذا اعتنى العلماء بإظهار صفة الحرف عند اسكانه
قال الإمام ابن الجزرى
وبينا مقلقلا إن سكنا @.................
وأشار المرعشى إلى زيادة زمن الحرف عند الإسكان بقوله "أن جريان الصوت وعدم جريانه عند إسكان الحرف أبين منه عند تحريكة "
لذا كانت حروف المد أطول الحروف زمانا لكونها أضعف الحروف فجاز مدها تحفظا عليها من السقوط وأضعفها الألف للزوم السكون لها ،
كذلك الحرف المشدد يكون أطول زمنا من الحرف الساكن لأنه بمثابة حرفين
والتمثيل لما سبق فى نحو (ذلك- يذكرون - والذاريات )
كما يتوقف زمن الحرف أيضا على سرعة القراءة وبطئها ولكى تتضح هذه الأزمنة نرجو الاستماع إلى قراء المحافل لأن بطء القراءة يظهر فيها كل شئ
والثمرة العملية والفائدة الفعلية من معرفة زمن الحرف هو المساعدة على نطق الحروف المتقاربة فى المخرج دون صعوبة وكلفة ،
فكما هو معلوم أن لكل حرف حق ومستحق من صفاته الذاتية والعرضية ، فحق الحرف الرخو جريان الصوت فيه ومستحقة زمن يجرى فيه هذا الصوت ،هذا الزمن يسمح لك بالانتقال بين الأحرف المتقاربة بسهولة ويسر وذلك فى نحو
(وإذزين -أفضتم -المضطر - أوعظت - أفاتخذتم)
إذا قلت زمن الحرف فأنى أقصد زمن الجريان وزمن الانحباس وإذا قلت زمن الصوت فإنى أقصد زمن الجريان فقط هذا ويعلم أن زمن الحرف فيما مضى دون الحركتين ماعدا أحرف المد والنون والميم حال التشديد [/size]
منقول