السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصايا الى طلاب القرآن الكريم
هذه بعض الوصايا الى طلاب القرآن الكريم نسأله جلِّ في علاه أن ينفعنا بها جميعا
الوصية الاولى : المواظبة والاستمرار
كثيرا ما ينقطع هذا الخير ويتوقف رصيد الحفظ بل تذهب الآيات والسور المحفوظة شيئا فشيئا بسبب الانقطاع وخير الاعمال أدومها وإن قل وكان من دأب النبي (عليه الصلاة والسلام) الذي فرضه على نفسه وفرضه عليه الله عزوجل أنه ما أنشأ طاعة ثم تركها , وفي ترجمة الامام أحمد عن ابراهيم الحربي أنه قال : " صحبت ابن حنبل اربعين سنة فما رأيته في يوم الا وهو أزيد من الذي قبله " فكيف تنقص وتنقطع !!, وبالاستمرار تنال النتائج وتقطف الثمار , وأما الانقطاع فهو مظنة الضياع وهذه حكمة إحفظها وإلزمها لعلها أن تنفع إن شاء الله .
الوصية الثانية : الوقت المناسب
فلا تضحك على نفسك فتخصص خمسا من الدقائق أو عشرا أو تخصص ساعة نصفها يذهب في لغو ولعب وانصراف ذهن فإنك حينئذ لم تأتي بالامر على تمامه , وهذا يقع من طلبة التحفيظ فيأتي أحدهم بعد صلاة المغرب متأخرا ثم يصلي السنة مطولا ثم يلتفت متحدثا ثم يجلس متلفتا ثم يردد مع المؤذن في أذان العشاء ويقول قد قضيت الوقت وداومت وواظبت ,فما صنع هذا شيئا ينفعه وإنما ضحك لنفسه وأغرى به شيطانه , فينبغي له أن يفطن الى ذلك , وينبغي له كذلك أن يختار الاوقات المناسبة فلا يجعل حفظه ومراجعته في أردأ الاوقات بعد أن ينهي كل الواجبات , ويقضي كل المصالح والاعمال , فيأتي وقد كلّ ذهنه وتعب جسمه فمهما أعطى من وقت فإنه لا ينتفع .
وقد قال الخطيب البغدادي : " أجود وقت الحفظ الاسحار ثم نصف النهار ثم الغداة , وحفظ الاول أنفع من حفظ النهار , ووقت الجوع انفع من وقت الشبع , وأجود أماكن الحفظ كل موضع بعيد عن الملهيات , وليس الحفظ بمحمود بحضرة النبات والخضرة وقوارع الطريق , لانها تمنع جلو القلب , وينبغي أن يصبر على ذلك ......" .
الوصية الثالثة : الاصغاء والتلقي
بعضهم يسرع ويتحمس ويسابق قبل أن يستمع ويتلقى ويتقن , وقد جاء في القرآن الكريم أن النبي (عليه الصلاة والسلام) كان يسابق جبريل عليه السلام خوفا أن يتفلت منه القرآن من شدة حرصه فنزل قول الحق سبحانه وتعالى : "إن علينا جمعه وقرآنه " ,
وبعض الطلبة يريد إذا جاء المدرس أن يلقنه وأن يقرأ عليه الدرس الجديد ويظن أنه قد بلغ المنزلة والوضع الذي لا يحتاج معه الى هذا التلقي فلا يصغي له بإذنه , ولا يلقي له سمعه , ولا يحضر معه قلبه , ويتبرم بذلك ويريد الانصراف , ثم إذا به يخطئ فيما كان ينبغي أن يتلقاه وأن يتعلمه وهذا كثيرا مما يقع فيه الطلاب فيخطئون في الحفظ ويكون حفظهم الاول حفظا خاطئا فيرسخ بذلك الخطأ ويصعب إصلاحه فيما بعد , ولو أحسن الاصغاء , وأجاد التلقي ما وقع في الزلل .
الوصية الرابعة : الجد والاجتهاد
فإن أمر الحفظ أو المراجعة أو أمر علوم القرآن ليس أمرا ينال بالتمني ولا بالاحلام ولا بالاوهام ولا بكثرة الطعام , ولا مع كثرة الراحة والمنام , بل هو أمر قد شمّر له المشمّرون , وتسابق فيه المتسابقون , ونافس فيه المتنافسون , ووصل فيه السابقون ليلهم بنهارهم , وكانوا يقرأونه في حلهم وترحالهم , بل كانوا يرددونه وهم على صهوات الخيول وقت المعارك والجهاد والسيوف تسمع قعقعتها , والغبار يملأ الاجواء , والميدان يفيض بالاشلاء , وتعلو منه رائحة الدماء , فقد كانوا يبذلون فيه جهدا عظيما ,
ولذلك ينبغي أن تدرك ذلك ومع ذلك لا يهولنك الامر , فإن بعض الطلاب إذا بدأ الحفظ أبصر عقبة كؤودا وطريقا وعرة , فتحطمت نفسه وكلت همته , وانقطع به الامر دون مقصده ومراده , ولو علم معنى قول الحق تبارك وتعالى : " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " لهان عليه العسير وسهل عليه الكثير .
قال الماوردي رحمه الله : ( من إعجاز القرآن تيسره على جميع الالسنة حتى حفظه الاعجمي الابكم , ودار به لسان القبطي الابكم , ولا يحفظ غيره من الكتب كحفظه , ولا تجري به السنة البكم كجريانه , وما ذلك الابخصائص إلهية فضّله بها على سائر كتبه ) , فكيف تزعم أنك لا تستطيع حفظه ؟ وتزعم الصعوبة وأنت ترى من لا يحسن العربية ولا يعرفها قد حفظ ومكن وجود , فإذا نطق بكلام آخر غير القرآن لم يستطع أن يقيم منه حرفا , ولم تستطع أن تفهم منه كلمة , ولهذا في وقائع الحياة شواهد ظاهرة وأحوال باهرة تدل على معجزة تيسير القرآن للذاكرين , وتدك مزاعم الخاملين , ومن قصد أمرا وحرص عليه تهون عنده المتاعب , وتلذ من أجله المصاعب ,
وفي تذكر الاجر والمثوبة سلوة لكل مريد
الوصية الخامسة : الاعتنام للفرص
وهذا حديث النبي (عليه الصلاة والسلام) - وصية " اغتنم خمسا قبل خمس " نعرفها ونحفظها , فاحرص على الحفظ والتلقي في سن الصغر , واحرص على ذلك في سن الطلب في أوقات الدراسة قبل أن تتخرج وتصبح موظفا ثم ربا لاسرة عليك من الالتزامات الكثيرة , واعلم أنك إذا عجزت في الاول فأنت في الثانية اعجز , ولذلك ينبغي أن تغتنم الفرص قدر استطاعتك .
الوصية السادسة : الاستفادة من الزملاء بالمدارسة والمذاكرة والتشجيع والمنافسة
بعض الطلاب ليس له باخوانه وزملائه صلة الا صلة الود والمحبة والانس والمصاحبة والاحاديث والمفاكهة والنزهات والرحلات , لكنه قل ما تجده إذا جالسهم اشتغلوا بمراجعة أو استذكار , وهذا يدل على حب كاذب , وصحبة زائفة , ولذلك عليك أن تستغل لقاء الاخوة في مراجعة القرآن فالمرء كثير بإخوانه منتصر بأعوانه .
الوصية السابعة : توقير القرآن ومعلمه
فإن بعض الطلبة لا يلتزمون هذا الادب المهم , وقد ذكر ابو شامة في أول شرحه متن الشاطبية بعض هذه الآداب التي ينبغي أن يلتزمها الطالب .
ومنها : *أن يلتزم مع شيخه الوقار والتأدب والتعظيم , وقد قيل : " بقدر إجلال الطالب العالم ينتفع الطالب بما يستفيده من علمه ". *وينبغي أن يعتقد أهلية ورجحان معلمه وذلك أقرب الى أن ينتفع به , وأن يكون مجلا له حافظا لهيبته .
ومن آدابه*
أن يتحرى رضا معلمه وأن خالف ذلك هوى نفسه .
*ومن ذلك أن يدخل الى حلقة القرآن بكامل الهيئة , فارغ القلب من الشواغل , متطهرا متنظفا متنظفا بسواك , وقد قص شاربه وظفره وتطيب وأزال رائحته الكريهة .
*ومن تلك الآداب الايترك القرآن لأي عذر يسير مما قد يمكن احتماله .
وهذه جملة يسيرة من الوصايا نفع الله بها .
نسأل الله الكريم أن ينفعنا بها وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين .
منقول
وصايا الى طلاب القرآن الكريم
هذه بعض الوصايا الى طلاب القرآن الكريم نسأله جلِّ في علاه أن ينفعنا بها جميعا
الوصية الاولى : المواظبة والاستمرار
كثيرا ما ينقطع هذا الخير ويتوقف رصيد الحفظ بل تذهب الآيات والسور المحفوظة شيئا فشيئا بسبب الانقطاع وخير الاعمال أدومها وإن قل وكان من دأب النبي (عليه الصلاة والسلام) الذي فرضه على نفسه وفرضه عليه الله عزوجل أنه ما أنشأ طاعة ثم تركها , وفي ترجمة الامام أحمد عن ابراهيم الحربي أنه قال : " صحبت ابن حنبل اربعين سنة فما رأيته في يوم الا وهو أزيد من الذي قبله " فكيف تنقص وتنقطع !!, وبالاستمرار تنال النتائج وتقطف الثمار , وأما الانقطاع فهو مظنة الضياع وهذه حكمة إحفظها وإلزمها لعلها أن تنفع إن شاء الله .
الوصية الثانية : الوقت المناسب
فلا تضحك على نفسك فتخصص خمسا من الدقائق أو عشرا أو تخصص ساعة نصفها يذهب في لغو ولعب وانصراف ذهن فإنك حينئذ لم تأتي بالامر على تمامه , وهذا يقع من طلبة التحفيظ فيأتي أحدهم بعد صلاة المغرب متأخرا ثم يصلي السنة مطولا ثم يلتفت متحدثا ثم يجلس متلفتا ثم يردد مع المؤذن في أذان العشاء ويقول قد قضيت الوقت وداومت وواظبت ,فما صنع هذا شيئا ينفعه وإنما ضحك لنفسه وأغرى به شيطانه , فينبغي له أن يفطن الى ذلك , وينبغي له كذلك أن يختار الاوقات المناسبة فلا يجعل حفظه ومراجعته في أردأ الاوقات بعد أن ينهي كل الواجبات , ويقضي كل المصالح والاعمال , فيأتي وقد كلّ ذهنه وتعب جسمه فمهما أعطى من وقت فإنه لا ينتفع .
وقد قال الخطيب البغدادي : " أجود وقت الحفظ الاسحار ثم نصف النهار ثم الغداة , وحفظ الاول أنفع من حفظ النهار , ووقت الجوع انفع من وقت الشبع , وأجود أماكن الحفظ كل موضع بعيد عن الملهيات , وليس الحفظ بمحمود بحضرة النبات والخضرة وقوارع الطريق , لانها تمنع جلو القلب , وينبغي أن يصبر على ذلك ......" .
الوصية الثالثة : الاصغاء والتلقي
بعضهم يسرع ويتحمس ويسابق قبل أن يستمع ويتلقى ويتقن , وقد جاء في القرآن الكريم أن النبي (عليه الصلاة والسلام) كان يسابق جبريل عليه السلام خوفا أن يتفلت منه القرآن من شدة حرصه فنزل قول الحق سبحانه وتعالى : "إن علينا جمعه وقرآنه " ,
وبعض الطلبة يريد إذا جاء المدرس أن يلقنه وأن يقرأ عليه الدرس الجديد ويظن أنه قد بلغ المنزلة والوضع الذي لا يحتاج معه الى هذا التلقي فلا يصغي له بإذنه , ولا يلقي له سمعه , ولا يحضر معه قلبه , ويتبرم بذلك ويريد الانصراف , ثم إذا به يخطئ فيما كان ينبغي أن يتلقاه وأن يتعلمه وهذا كثيرا مما يقع فيه الطلاب فيخطئون في الحفظ ويكون حفظهم الاول حفظا خاطئا فيرسخ بذلك الخطأ ويصعب إصلاحه فيما بعد , ولو أحسن الاصغاء , وأجاد التلقي ما وقع في الزلل .
الوصية الرابعة : الجد والاجتهاد
فإن أمر الحفظ أو المراجعة أو أمر علوم القرآن ليس أمرا ينال بالتمني ولا بالاحلام ولا بالاوهام ولا بكثرة الطعام , ولا مع كثرة الراحة والمنام , بل هو أمر قد شمّر له المشمّرون , وتسابق فيه المتسابقون , ونافس فيه المتنافسون , ووصل فيه السابقون ليلهم بنهارهم , وكانوا يقرأونه في حلهم وترحالهم , بل كانوا يرددونه وهم على صهوات الخيول وقت المعارك والجهاد والسيوف تسمع قعقعتها , والغبار يملأ الاجواء , والميدان يفيض بالاشلاء , وتعلو منه رائحة الدماء , فقد كانوا يبذلون فيه جهدا عظيما ,
ولذلك ينبغي أن تدرك ذلك ومع ذلك لا يهولنك الامر , فإن بعض الطلاب إذا بدأ الحفظ أبصر عقبة كؤودا وطريقا وعرة , فتحطمت نفسه وكلت همته , وانقطع به الامر دون مقصده ومراده , ولو علم معنى قول الحق تبارك وتعالى : " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " لهان عليه العسير وسهل عليه الكثير .
قال الماوردي رحمه الله : ( من إعجاز القرآن تيسره على جميع الالسنة حتى حفظه الاعجمي الابكم , ودار به لسان القبطي الابكم , ولا يحفظ غيره من الكتب كحفظه , ولا تجري به السنة البكم كجريانه , وما ذلك الابخصائص إلهية فضّله بها على سائر كتبه ) , فكيف تزعم أنك لا تستطيع حفظه ؟ وتزعم الصعوبة وأنت ترى من لا يحسن العربية ولا يعرفها قد حفظ ومكن وجود , فإذا نطق بكلام آخر غير القرآن لم يستطع أن يقيم منه حرفا , ولم تستطع أن تفهم منه كلمة , ولهذا في وقائع الحياة شواهد ظاهرة وأحوال باهرة تدل على معجزة تيسير القرآن للذاكرين , وتدك مزاعم الخاملين , ومن قصد أمرا وحرص عليه تهون عنده المتاعب , وتلذ من أجله المصاعب ,
وفي تذكر الاجر والمثوبة سلوة لكل مريد
الوصية الخامسة : الاعتنام للفرص
وهذا حديث النبي (عليه الصلاة والسلام) - وصية " اغتنم خمسا قبل خمس " نعرفها ونحفظها , فاحرص على الحفظ والتلقي في سن الصغر , واحرص على ذلك في سن الطلب في أوقات الدراسة قبل أن تتخرج وتصبح موظفا ثم ربا لاسرة عليك من الالتزامات الكثيرة , واعلم أنك إذا عجزت في الاول فأنت في الثانية اعجز , ولذلك ينبغي أن تغتنم الفرص قدر استطاعتك .
الوصية السادسة : الاستفادة من الزملاء بالمدارسة والمذاكرة والتشجيع والمنافسة
بعض الطلاب ليس له باخوانه وزملائه صلة الا صلة الود والمحبة والانس والمصاحبة والاحاديث والمفاكهة والنزهات والرحلات , لكنه قل ما تجده إذا جالسهم اشتغلوا بمراجعة أو استذكار , وهذا يدل على حب كاذب , وصحبة زائفة , ولذلك عليك أن تستغل لقاء الاخوة في مراجعة القرآن فالمرء كثير بإخوانه منتصر بأعوانه .
الوصية السابعة : توقير القرآن ومعلمه
فإن بعض الطلبة لا يلتزمون هذا الادب المهم , وقد ذكر ابو شامة في أول شرحه متن الشاطبية بعض هذه الآداب التي ينبغي أن يلتزمها الطالب .
ومنها : *أن يلتزم مع شيخه الوقار والتأدب والتعظيم , وقد قيل : " بقدر إجلال الطالب العالم ينتفع الطالب بما يستفيده من علمه ". *وينبغي أن يعتقد أهلية ورجحان معلمه وذلك أقرب الى أن ينتفع به , وأن يكون مجلا له حافظا لهيبته .
ومن آدابه*
أن يتحرى رضا معلمه وأن خالف ذلك هوى نفسه .
*ومن ذلك أن يدخل الى حلقة القرآن بكامل الهيئة , فارغ القلب من الشواغل , متطهرا متنظفا متنظفا بسواك , وقد قص شاربه وظفره وتطيب وأزال رائحته الكريهة .
*ومن تلك الآداب الايترك القرآن لأي عذر يسير مما قد يمكن احتماله .
وهذه جملة يسيرة من الوصايا نفع الله بها .
نسأل الله الكريم أن ينفعنا بها وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين .
منقول