حقيقة الدنيا
وكيف لعاقل أن يحمل على أخيه ما يحمل، من أجل دار زائلة، فانية، قبيحة، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، واستحضر في نظرك دائماً خسة هذه الدار ودناءتها وحقارتها وانقطاعها،
فهي دار زائلة مضمحلة، وينبغي في المقابل النظر في الآخرة في إقبالها ومجيئها ولابد، ودوافعها وبقائها، وشرف ما فيها، والتفاوت بينها وبين دار الكدر والهم والزوال }وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{،
يقول بن القيم رحمه الله: إذا تم للعبد هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره، وأخذ فيما يقتضي الزهد فيه،
فكل أحدٍ مطبوع على ألا يترك النفع العاجل، واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة إلا إذا تبين له فضل الآجل وقويت رغبته في الأعلى الفاضل،
ثم قال: واعلم أنه لا ينفك العبد من أحد القسمين،
فإذا آثر الدنيا على الآخرة، فإن هذا إما من فساد في الإيمان، وإما من فساد في العقل، ولهذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وراء ظهورهم، وصرفوا عنها قلوبهم، وطرحوها، ولم يألفوها، وهجروها، ولم يميلوا إليها، وعدوها سجناً لا جنة .
وأخيراً أخي تذكر قوله عليه الصلاة والسلام « ما لي وللدنيا ، مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال : فيظلشجرةفي يوم صائف ثمراح وتركها»