من طرف زادي التوحيد الإثنين 21 نوفمبر 2011, 4:13 am
يــــا بـُنــي
دخل على غير عادته.. فلا سلام على الأهل ولا ابتسامة في الوجه وإنما هو الذهول والصمت الذي كان يخيم عليه حتى فتح باب غرفته
ليغلق الباب على نفسه ثم يأخذ في التفكير العميق.
-
الأب: يا أم محمد! ما بال محمد اليوم يبدو كئيباً ومتحيراً؟ ما الذي أصابه؟!
أم محمد: لا أدري، لقد كان قبل المغرب يكاد يطير من
- الفرح والابتهاج ثم ذهب مع صديقه لسماع الدرس فعاد كما ترى.
- الأب: سأدخل عليه وأسأله.
- فأخذ الأب يطرق الباب وينادي ابنه محمد، فتح محمد الباب وعاد إلى ما كان عليه من التفكير.
- الأب: ماذا حدث يا محمد؟! أخبرني فإنك تبدو غير طبيعي.
- محمد -: لقد سمعت اليوم كلاماً غريباً اقشعر له جسمي وجعلني في حيرة من أمري، أبي لقد أصبحت في حيرة، نعم في حيرة،
فأنا لا أعرف ربي ولا عقيدتي!
- الأب: خيراً يا محمد أفزعتني! تكلم ماذا سمعت؟
- محمد: لقد دعاني صديقي إلى حُضور كلمة، قال: إنه سيلقيها أحد المتعلمين وهي في موضوع مهم هو العقيدة، فذهبت وكلي شوق إلى أن أسمعها
ويا ليتني لم أذهب!
- الأب: وَلِمَ يا محمد؟
- محمد: لقد جعلتني في حيرة وقلبت موازيني، فما كنت أعتقده بالأمس سمعت اليوم ما يخالفه؛ بل سمعت اليوم أنه ضلال وخطأ،
والأغرب أنه كان يستدل على قوله بآيات قرآنية!
- الأب: الأمر بسيط يا بني! فأنا كما تعلم أفهم العقيدة ولي خبرة في هذا المجال فاعرض عليَّ ما سمعتَ لنتباحث فيه، وتخرج إن شاء الله من هذا التحير.
- محمد -وقد استنار وجهه-: حقاً يا أبي! ستخرجني من حيرتي؟!
- الأب: بإذن الله تعالى، فدِين الله واضح، وهذا كتاب الله ينطق بيننا بالحق، هيا ابدأ بعرض ما سمعت مسألة مسألة.
محمد: بكل سرور يا أبي!
لقد ابتدأ المحاضر حديثه بالتشنيع على الذين يثبتون لله الصفات مثل الاستواء على العرش والسمع والبصر ونحوها، معللاً ذلك بأنه تشبيه لله بخلقه وتسوية له بهم،
ولقد استدل على ذلك بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِۦ شَىْءٌ ۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ [الشورى:11].
- الأب: اسمع يا بني: هل هناك أعلم بالمرء من نفسه؟
- محمد: كلا يا أبي!
- الأب: فإذا جاءك رجل تعلم صدقه في الحديث وفصاحته في البيان وعدم إرادته التلبيس عليك أو الغش لك وأخبرك عن صفات له أو عن أمور وقعت منه أفلا يتحتم عليك أن تصدقه؟
- محمد: بلى يتحتم عليّ ذلك يا أبي!
- الأب: فإن جاءك رجل وجعل يصف الرجل الأول بأمور أخرى وينفي عنه ما وصف به نفسه، وطلب منك أن تصدقه هو لأن عنده عقلًا مفكرًا ونظرًا بعيدًا أو لأي حجة يدعيها، فهل يجوز لك أن تصدقه في ذلك؟
- محمد: كلا يا أبي!
- الأب: فالله تعالى - ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أحسن منه حديثاً- قد ملأ كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بالحديث عن نفسه، وما يستحقه تعالى من صفات الكمال، وما يتنزه عنه من صفات النقص، وكرره بأساليب مختلفة وطرائق متنوعة وبلسان عربي مبين، أَفَندع ذلك لقول مخلوق جاهل يتألى على الله، ويتحكم فيما يجوز له من الصفات وما لا يجوز؟!
- محمد: كلا وحاشا يا أبي! فالله جل جلاله أعلم بنفسه.
- الأب: بارك الله فيك يا بني! وإن زعم أن العقل يؤيده أو قواعد النظر وو.. أتصدقه وتترك كلام صاحب الشأن؟
- محمد: طبعاً لا يا والدي!
- الأب: خاصة وما يتعلق بالله أمر غيبي لا يدرك بالعقول، ثم من أعلم الناس بالله تعالى وأصدقهم حديثاً عنه؟
- محمد: بلا شك هم رسله وأنبياؤه.
- الأب: فإذا كان الأنبياء الذين هم أعلم بما يجوز وما لا يجوز في حق الله تعالى، وأشد تعظيماً لله تعالى، وأعظم تنزيهاً له سبحانه،
قد نقلوا لنا أيضاً تلك الصفات الكاملة لله تعالى اللائقة به، فهل تدع قولهم وتأخذ بأقوال غيرهم؟
إن الجواب قد تكفل به الله تعالى بنفسه حيث قال سبحانه:
سُبْحَـٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلْمُرْسَلِينَ وَٱلْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ .
فنزه نفسه عما وصفه به الجاهلون، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه عنه وصدقه ومطابقته لما في نفس الأمر.
- محمد -وقد تهلل وجهه-: جزاك الله خيراً يا أبي! فما أوضح الحق! ولكن ما شأن الآية التي استدل بها المحاضر يا أبي؟
الأب: ............
وللحديث بقية إن شاء الله
عدل سابقا من قبل زادي التوحيد في الإثنين 21 نوفمبر 2011, 11:04 am عدل 1 مرات