الإفصاح عن الحب
قال لي أخي بخجل وعيناه تفضلان عدم لقاء عيناي: إنني في أحيان كثيرة أشتاق إلى زوجتي، وأستشعر فقدها، وأتلمس لقياها.
فسألته: أمن طول غياب؟ فأجابني بالنفي وقد زاد إطراقًا: والله إني لأفتقدها، مع أنها تكون قد ودعتني إلى عملي في الصباح، بعد إفطار شهي وحوار دافئ، وأنا أعبر عن ذلك الفيض من المشاعر بأن أجرى مكالمة هاتفية معها أبثها تحية سريعة أو كلمة حب خاطفة وسط نهار ازدحم بأعباء العمل.
تعجبت لشدة إنسانيته وسمو عاطفته وتوهجها، خصوصًا أن أخي قد تعدى الستين من عمره ومضى على زواجه أكثر من خمسة وثلاثين عامًا.
شاع عندنا أن الإفصاح عن الحب بين الزوجين ضعف، وأن من الكبرياء والكرامة عدم ذكر هذه العاطفة للطرف الآخر، فلا يمكن أن يظل الزوجان يدوران في فلك الكتمان بدعوى الكبرياء والحفاظ على الصورة السامية لكل طرف في عين الآخر، لأنه من العيب .
أرح قلبك وأفصح عما بداخلك:
إن الإفصاح عن الحب هو سمة الأزواج الذين يعيشون حياة سعيدة، بل هل جرب كلًا من الزوجان أن يردد شريك حياته: الحياة جميلة لأنك أنت موجود بها،
فمشاعر الحب مشاعر سامية وهي معنوية موطنها القلب، والقلب عالم مغيب لا يوصل على ما بداخله إلا ببريد، كاللسان مثلًا، فاللسان هو واحد من وسائل التعبير عن أحاسيس القلب ومشاعره، وهناك الأفعال السلوكية التي يمكن للمحب أن يُعبر بها عن حبه لغيره.
الحب الواجب:
إننا إن لم نسلك طريق الحب فقد تاهت بنا الخطوات، فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم رحيم القلب، مرهف الحس، عذب المشاعر، وها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يسير على نفس الطريق، فنراه يدخل على زوجته فاطمة، ويجدها تستاك بعود من الأراك، فيأخذ العود من فمها، ويضعه أمام عينيه ، ويلاطفها بالكلمات الرقيقة، وعبارات الحب اللطيفة، فيقول لفاطمة:
حظيت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواك
وإن من أهم الأدوار التي يجب على الزوج والزوجة أن يلعباها، هو دور العاشق فلتكن العاشق لزوجتك ولتكوني العاشقة لزوجك، وإن علاقة الحب في الزواج هي العلاقة الأصل والأم،
فالمرأة تريد أن تشعر أنها مرغوبة ليس لأنها زوجة، ولكن لأنها المرأة التي عشقها وأحبها الزوج، والرجل أيضًا يريد ان يشعر أنه مرغوب، ليس لأنه الزوج، ولكن لأنه الرجل الذي عشقته الزوجة.
وهناك عشق حلال وهو يجلب رضا الله تعالى على الزوجين وهو (ما كان قربة وطاعة، وهو عشق الرجل امرأته، وعشق المرأة زوجها وهذا العشق عشق نافع، فإنه أدعى إلى المقاصد التي شرَّع الله لها النكاح، فهو أكف للبصر والقلب عن التطلع إلى إلى غير أهله، ولهذا يحمد هذا العشق عند الله وعند الناس)
[الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ابن القيم، ص(267)].