بسم الله الرحمن الرحيم
التكرار هو ارتعاد طرف اللسان بالراء مكررا لها،الرعاية 136 وسمي بذلك لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به ، كأن طرف اللسان يرتعد به . الرعاية 70
وهو من الصفات الذاتية التي انفرد بها ، ولا تنفك عنه بحال،. قال مكي :" فوجب على القارئ أن يخفي تكريره ، ولا يظهره ، ومتى ما أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ، ومن المخفف حرفين " الرعاية 135 .
ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم سوى ما ذكره الصفاقسي حيث قال :" ومنها الحرف المكرر ،وهو الراء . . . ومعنى تكريره نموه في اللفظ ، لا إعادته وترعيد اللسان به ، فإن ذلك لحن يجب الاحتراز منه " .تنبيه الغافلين 18 .
وقال أيضا : " ويقع الخطأ فيها من أوجه ، منها : ترعيد اللسان بها إذا شددت في نحو " الرحمن الرحيم " و:" من ربي" ، حتى يصير الحرف حرفين ، أو أحرفا ، بل المطلوب حبس اللسان بها وإخفاء تكريرها ، وهذا مذهب المحققين كمكي ، والجعبري ، وابن الجزري ، قال الجعبري : (ومعنى قولهم مكرر : أن لها قبول التكرير ، لا أنها مكررة بالفعل ، فإنه لحن يجب التحفظ منه ، وهذا كقولهم لغير الضاحك : إنسان ضاحك ، إذ وصف الشيء بالشيء أعم من أن يكون بالفعل وبالقوة ، وطريق السلامة من هذا التكرير أن يلصق اللافظ بها ظهر لسانه على حنكه لفظا محكما ) انتهى بالمعنى ، وذهب ابن شريح وآخرين : إن التكرير صفة لازمة لها وهو مذهب سيبويه لقوله : إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة ، والصواب الأول " تنبيه الغافلين 43،44 .
قلت : وليس هذا مذهب ابن الجزري كما ذكر ، ولا مكي كما نقلنا عنه ، وقولهم إخفاء التكرير لا ينفي وجوده ولا يعني أنه معدوم ، قال ابن الجزري :
" والحرف المكرر هو الراء ، قال سيبويه وغيره : هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام ، فصار كالرخوة ، ولول م يكرر لم يجر فيه الصوت ، وقال المحققون : هو بين الشدة والرخاوة ، وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء ، وإلى ذلك ذهب المحققون ، فتكريرها ربوها في اللفظ ، وإعادتها بعد قطعها ، ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصا إذا شددت ، ويعدون ذلك عيبا في القراءة ، وبذلك قرأنا على جميع مشايخنا ، وبه نأخذ " النشر 1/167 .
فأنت ترى أن التكرير لا بد منه لجريان صوت الراء ، ولو لم تكرر لكانت حرفا شديدا ، وما نقله عن الجعبري قد يشير إلى امتنع التكرار ؛ لأن لصق ظهر اللسان على الحنك لصقا محكما _كما ذكر_ يمنع بلا شك جريان الصوت ، وبالتالي صارت حرفا شديدا .
قال الجعبري مشيرا إلى هذا الوصف : "
والراء رو ولا تهرهر واخفين تكريره بلزوم ظهر لسان (116 العقود )
وقد حذر ابن الجزري من ذلك في نشره فقال :
" وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء، وذلك خطأ لا يجوز"
1/177 .
وقال أبو الحسن شريح بن محمد الرعيني : " وقد ذهب قوم من أهل الأداء إلى أنه لا تكرير فيها مع تشديدها ، وذلك لم يؤخذ علينا به ، ولا نعلم وجهه ، غير أنَّأ لا نقول بالإسراف في ذلك ، فلا تسرف فيه ، وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط عنها جملة في حال ، فاعلم ذلك " شرح الجزرية 315 .
ولعل الصفاقسي في قوله هذا كان معتمده كلام ابن الناظم في حواشيه حيث قال : " بل هو لحن _أي التكرير_ فيجب التحفظ منه ، وهذا كمعرفة مثل السحر ليجتنب "الحواشي 49.
وقد رد ذلك العلامة المرعشي فقال : " ليس معنى إخفاء تكريره إعدام تكريره بالكلية بإعدام ارتعاد طرف اللسان بالكلية ، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة ، بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية ، كما في الطاء المهملة وذلك خطأ لا يجوز . . . لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة ، مع أنه من الحروف البينية ، بل معناه : تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع ، ولا يميز اللافظ ولا السامع بين المكررين . . .فظهر معنى إظهار التكرير أيضا . . . فلا وجه لنفي التكرير عنه بالكلية كما صدر عن البعض " جهد المقل 91،92 .
يقصد بالبعض هنا ابن الناظم كما أشار في الحاشية
وإجمال ما مر ذكره أن التكرار من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الحرف ؛ لأن بانفكاكه ذهاب رخاوة الحرف ، فيصير حرفا شديدا ، وأختم ذلك بقول شارح الواضحة للجعبري : " وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين ذكره " نقلا عن جهد المقل 92 .
ويحمل قول أهل الأداء المعاصرين على المسامحة ، والله أعلم
الأستاذ أحمد نجاح محمد
التكرار هو ارتعاد طرف اللسان بالراء مكررا لها،الرعاية 136 وسمي بذلك لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به ، كأن طرف اللسان يرتعد به . الرعاية 70
وهو من الصفات الذاتية التي انفرد بها ، ولا تنفك عنه بحال،. قال مكي :" فوجب على القارئ أن يخفي تكريره ، ولا يظهره ، ومتى ما أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ، ومن المخفف حرفين " الرعاية 135 .
ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم سوى ما ذكره الصفاقسي حيث قال :" ومنها الحرف المكرر ،وهو الراء . . . ومعنى تكريره نموه في اللفظ ، لا إعادته وترعيد اللسان به ، فإن ذلك لحن يجب الاحتراز منه " .تنبيه الغافلين 18 .
وقال أيضا : " ويقع الخطأ فيها من أوجه ، منها : ترعيد اللسان بها إذا شددت في نحو " الرحمن الرحيم " و:" من ربي" ، حتى يصير الحرف حرفين ، أو أحرفا ، بل المطلوب حبس اللسان بها وإخفاء تكريرها ، وهذا مذهب المحققين كمكي ، والجعبري ، وابن الجزري ، قال الجعبري : (ومعنى قولهم مكرر : أن لها قبول التكرير ، لا أنها مكررة بالفعل ، فإنه لحن يجب التحفظ منه ، وهذا كقولهم لغير الضاحك : إنسان ضاحك ، إذ وصف الشيء بالشيء أعم من أن يكون بالفعل وبالقوة ، وطريق السلامة من هذا التكرير أن يلصق اللافظ بها ظهر لسانه على حنكه لفظا محكما ) انتهى بالمعنى ، وذهب ابن شريح وآخرين : إن التكرير صفة لازمة لها وهو مذهب سيبويه لقوله : إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة ، والصواب الأول " تنبيه الغافلين 43،44 .
قلت : وليس هذا مذهب ابن الجزري كما ذكر ، ولا مكي كما نقلنا عنه ، وقولهم إخفاء التكرير لا ينفي وجوده ولا يعني أنه معدوم ، قال ابن الجزري :
" والحرف المكرر هو الراء ، قال سيبويه وغيره : هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام ، فصار كالرخوة ، ولول م يكرر لم يجر فيه الصوت ، وقال المحققون : هو بين الشدة والرخاوة ، وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء ، وإلى ذلك ذهب المحققون ، فتكريرها ربوها في اللفظ ، وإعادتها بعد قطعها ، ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصا إذا شددت ، ويعدون ذلك عيبا في القراءة ، وبذلك قرأنا على جميع مشايخنا ، وبه نأخذ " النشر 1/167 .
فأنت ترى أن التكرير لا بد منه لجريان صوت الراء ، ولو لم تكرر لكانت حرفا شديدا ، وما نقله عن الجعبري قد يشير إلى امتنع التكرار ؛ لأن لصق ظهر اللسان على الحنك لصقا محكما _كما ذكر_ يمنع بلا شك جريان الصوت ، وبالتالي صارت حرفا شديدا .
قال الجعبري مشيرا إلى هذا الوصف : "
والراء رو ولا تهرهر واخفين تكريره بلزوم ظهر لسان (116 العقود )
وقد حذر ابن الجزري من ذلك في نشره فقال :
" وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء، وذلك خطأ لا يجوز"
1/177 .
وقال أبو الحسن شريح بن محمد الرعيني : " وقد ذهب قوم من أهل الأداء إلى أنه لا تكرير فيها مع تشديدها ، وذلك لم يؤخذ علينا به ، ولا نعلم وجهه ، غير أنَّأ لا نقول بالإسراف في ذلك ، فلا تسرف فيه ، وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط عنها جملة في حال ، فاعلم ذلك " شرح الجزرية 315 .
ولعل الصفاقسي في قوله هذا كان معتمده كلام ابن الناظم في حواشيه حيث قال : " بل هو لحن _أي التكرير_ فيجب التحفظ منه ، وهذا كمعرفة مثل السحر ليجتنب "الحواشي 49.
وقد رد ذلك العلامة المرعشي فقال : " ليس معنى إخفاء تكريره إعدام تكريره بالكلية بإعدام ارتعاد طرف اللسان بالكلية ، لأن ذلك لا يمكن إلا بالمبالغة في لصق رأس اللسان باللثة ، بحيث ينحصر الصوت بينهما بالكلية ، كما في الطاء المهملة وذلك خطأ لا يجوز . . . لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة ، مع أنه من الحروف البينية ، بل معناه : تقوية ذلك اللصق بحيث لا يتبين التكرير والارتعاد في السمع ، ولا يميز اللافظ ولا السامع بين المكررين . . .فظهر معنى إظهار التكرير أيضا . . . فلا وجه لنفي التكرير عنه بالكلية كما صدر عن البعض " جهد المقل 91،92 .
يقصد بالبعض هنا ابن الناظم كما أشار في الحاشية
وإجمال ما مر ذكره أن التكرار من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الحرف ؛ لأن بانفكاكه ذهاب رخاوة الحرف ، فيصير حرفا شديدا ، وأختم ذلك بقول شارح الواضحة للجعبري : " وأما إذهاب التكرير جملة فلم نعلم أحدا من المحققين ذكره " نقلا عن جهد المقل 92 .
ويحمل قول أهل الأداء المعاصرين على المسامحة ، والله أعلم
الأستاذ أحمد نجاح محمد