بسم الله الرحمن الرحيم
قال وهو يرقق الكلمات ويخفض نبراتها كأنه يعتذر :
أماه لا تغضبي مني ولا يأخذك الحزن مأخذه لا بد للجيل من أن يتنافر مع الجيل الذي سبقه
والجيل الذي سيلحقه إنها سنة الحياة هكذا هي الدنيا في كل العالم تجدين هذا الصراع
الزمن يتغير عجلته دائرة لا تتوقف كيف تريدين لي أن أشذ عن ذلك ولا اختلف معك ولا أتشاجر ؟
عليك يا أماه أن تتوقعي بل أن تنتظري أن أصطدم بك!
وبلعت ريقها ببطء شديد تتجرعه وكأنه العلقم نظرت إليه بعينين واهنتين منكسرتين
همّت أن تتكلم بشيء ما لكنها احجمت أشاحت بوجهها بعيدًا عنه
تخفي دمعتين حارقتين علمت أنهما لن تؤثر في جموده وصلابته وقسوته وعنفه
هزّها برفق مفتعل وقد أوشكت فطرته أن تثور عليه وتتمرد قبلها وهو يتمتم :
ألم تكوني في مثل عنادي حينما كنتِ في سني ؟
أكنت نسخة طبق الأصل من والديك ؟
ابتسم وهو يمازحها : أماه أنها الحياة!
التفتت إليه بروح المقاتل الذي يأبى الإستسلام حتى آخر اللحظات سدّدت نظراتها إليه
كسهام في ساحة حرب وارتفع صوتها الخفيض
قالت في قوة وحماس وحدّة : كلا يا صغير.. بل كلا أيها الطبيب اليافع
تتغير الحياة..نعم لكن تتغير مادياتها: فرشها..أثاثها..رياشها..علمها..أمراضها..ترفها..ولكن يبقى الإنسان إنسانًا لا يتغير لذا يجب أن تبقى بين الأجيال حلقة إتصال راسخة تتحدى الوهن والضعف
أو الإنفصام والتفكك أو الذوبان والتلاشي !
إن تلك الحلقة إذا ما انكسرت يا فتى بدّدت الجمع في هذه الحياة وانفلت الجميع
يغرق كل في مكان ..وضاعت الحياة الحقة ولم يبق إلا الصدام والعراك حتى الفناء..!
صمتت لحظة..نظرت إليه فإذا هو صامت لا يتكلم فأسرعت تواصل كمن يصطاد طريدة مستعصية ولدي:
لماذا لا يكون بيننا حوار وامتداد..أتعلم منك الجديد وتتعلم مني ما أفادتني به الاجيال من قبلي؟!
لماذا لا يكون إمتدادنا قويًا ناميًا صالحًا؟! ألا ترانا نؤذن للرضيع حين يولد وهو ما زال بعد خارجًا من رحم أمه؟
ألا ترى ذلك دليلا على أنه إمتداد لنا وأنه نسمة مسلمة تضاف إلى أمة محمد عليه السلام؟
أو ترى ذلك مجرد إمتداد طفولي هشّ أجوف؟ فإذا ما شبّ الرضيع وكبر الصغير وأصبح الوليد طبيبًا
تراخى الإمتداد وانعكس صراعا وصداما وعراكا؟! وصمتت الأم..انسحبت وتركته
شعرت كأنها جندي عليه أن يعترف بالهزيمة ويرحل باحثا عن مكان مظلم يمسح فه الدماء ويخفى الجراح ..
أسرع إليها كالهارب من نفسه إلى نفسه:
أماه..بيننا اختلاف..أي اختلاف..!
وأسرعت تمسح دموعها وتقاطعه استيقظت وفي عروقها إرادة المقاتل :
لماذا تظن أنني لا أملك لك المفيد؟ إنني لك كجذور الشجرة الوارفة الظلال
إنني أمدك بالماء والغذاء وأدعمك فتصد الرياح العاتية الهوجاء إن قيمتي ومفاهيمي
ونظرتي للحياة هي لك كالماء والغذاء إنك لن تعيش في المجتمع بعلم الأمراض
ولن تتعامل مع الآخرين بعلم الدواء إنك ستتعامل مع الجميع بالقيم والأخلاق والسلوك
أن كل ذلك هو ما أعنيه الثوابت والجذور إنها الأصل كما أنني لك الأم قد تتخطاني بعلمك
تتفوق عليّ بما تملك من قدرات وأزرار وإمكانيات ولكن لا يسمح ذلك لك أن تهز الثوابت
أو تقطع التواصل أو ترفض الجذور
غدًا يا صغيري..غدًا أيها الطبيب ستقول لولدك مثلما أقول..
عندها فقط ستفهم ما أقول!
بقلم القاصة : سلوى عبد المعبود قدرة
قال وهو يرقق الكلمات ويخفض نبراتها كأنه يعتذر :
أماه لا تغضبي مني ولا يأخذك الحزن مأخذه لا بد للجيل من أن يتنافر مع الجيل الذي سبقه
والجيل الذي سيلحقه إنها سنة الحياة هكذا هي الدنيا في كل العالم تجدين هذا الصراع
الزمن يتغير عجلته دائرة لا تتوقف كيف تريدين لي أن أشذ عن ذلك ولا اختلف معك ولا أتشاجر ؟
عليك يا أماه أن تتوقعي بل أن تنتظري أن أصطدم بك!
وبلعت ريقها ببطء شديد تتجرعه وكأنه العلقم نظرت إليه بعينين واهنتين منكسرتين
همّت أن تتكلم بشيء ما لكنها احجمت أشاحت بوجهها بعيدًا عنه
تخفي دمعتين حارقتين علمت أنهما لن تؤثر في جموده وصلابته وقسوته وعنفه
هزّها برفق مفتعل وقد أوشكت فطرته أن تثور عليه وتتمرد قبلها وهو يتمتم :
ألم تكوني في مثل عنادي حينما كنتِ في سني ؟
أكنت نسخة طبق الأصل من والديك ؟
ابتسم وهو يمازحها : أماه أنها الحياة!
التفتت إليه بروح المقاتل الذي يأبى الإستسلام حتى آخر اللحظات سدّدت نظراتها إليه
كسهام في ساحة حرب وارتفع صوتها الخفيض
قالت في قوة وحماس وحدّة : كلا يا صغير.. بل كلا أيها الطبيب اليافع
تتغير الحياة..نعم لكن تتغير مادياتها: فرشها..أثاثها..رياشها..علمها..أمراضها..ترفها..ولكن يبقى الإنسان إنسانًا لا يتغير لذا يجب أن تبقى بين الأجيال حلقة إتصال راسخة تتحدى الوهن والضعف
أو الإنفصام والتفكك أو الذوبان والتلاشي !
إن تلك الحلقة إذا ما انكسرت يا فتى بدّدت الجمع في هذه الحياة وانفلت الجميع
يغرق كل في مكان ..وضاعت الحياة الحقة ولم يبق إلا الصدام والعراك حتى الفناء..!
صمتت لحظة..نظرت إليه فإذا هو صامت لا يتكلم فأسرعت تواصل كمن يصطاد طريدة مستعصية ولدي:
لماذا لا يكون بيننا حوار وامتداد..أتعلم منك الجديد وتتعلم مني ما أفادتني به الاجيال من قبلي؟!
لماذا لا يكون إمتدادنا قويًا ناميًا صالحًا؟! ألا ترانا نؤذن للرضيع حين يولد وهو ما زال بعد خارجًا من رحم أمه؟
ألا ترى ذلك دليلا على أنه إمتداد لنا وأنه نسمة مسلمة تضاف إلى أمة محمد عليه السلام؟
أو ترى ذلك مجرد إمتداد طفولي هشّ أجوف؟ فإذا ما شبّ الرضيع وكبر الصغير وأصبح الوليد طبيبًا
تراخى الإمتداد وانعكس صراعا وصداما وعراكا؟! وصمتت الأم..انسحبت وتركته
شعرت كأنها جندي عليه أن يعترف بالهزيمة ويرحل باحثا عن مكان مظلم يمسح فه الدماء ويخفى الجراح ..
أسرع إليها كالهارب من نفسه إلى نفسه:
أماه..بيننا اختلاف..أي اختلاف..!
وأسرعت تمسح دموعها وتقاطعه استيقظت وفي عروقها إرادة المقاتل :
لماذا تظن أنني لا أملك لك المفيد؟ إنني لك كجذور الشجرة الوارفة الظلال
إنني أمدك بالماء والغذاء وأدعمك فتصد الرياح العاتية الهوجاء إن قيمتي ومفاهيمي
ونظرتي للحياة هي لك كالماء والغذاء إنك لن تعيش في المجتمع بعلم الأمراض
ولن تتعامل مع الآخرين بعلم الدواء إنك ستتعامل مع الجميع بالقيم والأخلاق والسلوك
أن كل ذلك هو ما أعنيه الثوابت والجذور إنها الأصل كما أنني لك الأم قد تتخطاني بعلمك
تتفوق عليّ بما تملك من قدرات وأزرار وإمكانيات ولكن لا يسمح ذلك لك أن تهز الثوابت
أو تقطع التواصل أو ترفض الجذور
غدًا يا صغيري..غدًا أيها الطبيب ستقول لولدك مثلما أقول..
عندها فقط ستفهم ما أقول!
بقلم القاصة : سلوى عبد المعبود قدرة