وهنا تعجبَّ الناس ! وكبرَّوا وهلَّلوا .. ولكن في القصة ما هو أعجب من ذلك .. لقد استدعى ابن طولون أبا الحسن وقال له : قل لي بماذا كنت تفكر , والأسد عندك , وأنت لا تلتفت إليه , ولا تكترث به ؟
فأجاب قائلاً : أني كنت أفكر في لعاب الأسد إن مسني أهو طاهر أم نجس ؟
قال له : ألم تخف من الأسد ؟
وقال : لا فإن الله قد كفاني ذلك .. هذه هي السعادة الحقيقية , التي يورثها الإيمان والعلم النافع , هذا هو الانشراح الذي يبحث عنه كل الناس ..
هذا الموقف الصلب عن أبي الحسن يذكرنا بموقف الصحابي الجليل خبيب بن عدي رضي الله عنه عندما أسره المشركين .. وقبل أن يقتلوه سألوه : هل لك حاجة قبل الموت ؟
فطلب منهم أن يمهلوه حتى يصلي ركعتين , فأمهلوه فصلى ركعتين , وكان أول من سن الركعتين قبل القتل ..
وبعد الصلاة قال : والله لولا أني خشيت أن تظنوا أني جزع من القتل , لأطلت الصلاة .. فلما رفعوه ليصلبوه سألوه : أتحب أن محمداً مكانك وأنك بين أهلك ؟
فقال : ( والله إني لا أحب أن يصاب محمد بشوكة بين أهله , وأنا في مكاني هذا ) !!
انظر يا أخي المسلم إلى قوة اليقين , وصلابة المؤمنين !!
ثم قال رضي الله عنه : ( اللهم أحصهم عدداً , واقتلهم بدداً , ولا تغادر منهم أحداً ) .. وأنشد يقول :
ولست أبالي حيـن أقتـل مسلمـاًعلى أي جنب كان في الله مصرعي
ولسـت بمبـد للعـدو تخشـيـاًولا جزعاً إنَّى إلـى الله مرجعـي
وذلك فـي ذات الإلـه وإن يشـأيبارك على أوصال شلـو ممـزع
شجاعة , بطولة ! قوة يقين ! رسوخ إيمان ! يصلي بثبات , يدعو عليهم بثبات , ينشد هذه الآبيات بثبات , هذا هو لب السعادة لمن أرادها ..
الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } سورة الرعد آية 28 .
* المداومة على ذكر الله :
إن من داوم على ذكر الله , يعيش سعيداً .. أما من أعرض عن ذكر الله , فهو من التعساء البؤساء .. قال تعالى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } سورة الزخرف آية 36 . وقال تعالى :{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ } سورة طه آية 124 . وقال تعالى : { فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } سورة الزمر آية 22
* انشراح الصدر وسلامته من الأحقاد :
وفي القرآن آيات عديدة في مقام الانشراح , فقد حكى الله عن موسى عليه الصلاة والسلام قوله : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } سورة طه آية 25 . وقال تعالى :ممتنا على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } سورة طه آية 25 . وقال تعالى : { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } سورة الأنعام آية 125 . ويقول جل شأنه : { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ } سورة الزمر آية 22 . فانشراح الصدر وطلبه من علامات السعادة وصفات السعداء ..
* الإحسان إلى الناس :
وهذا أمر مجرب , ومشاهد , فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد الناس , ومن أكثرهم قبولا في الأرض ..
* النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور الآخرة :
كما ورد في التوجيه النبوي الكريم حين قال صلى الله عليه وسلم : ( انظروا إلى من هو أسفل منكم , ولا تنظروا إلى من هو فوقكم , فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله ) رواه مسلم
هذا في أمور الدنيا : لأنك إذا تذكرت من هو دونك , علمت فضل الله عليك .. أما في الآخرة : فانظر إلى من هو أعلى منك , لتدرك تقصيرك وتفريطك , لا تنظر إلى من هلك كيف هلك , ولكن أنظر إلى من نجا كيف نجا ..
* الاستعداد ليوم الرحيل :
يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي في كلمة جامعة مع أنها قصيرة : ( الحياة قصيرة .. فلا تقصرها بالهم والأكدار ) .. وإليك يا أخي هذه المحاورة القيمة التي دارت بين نفر , من المتخلين عن الدنيا , المتأهبين ليوم الرحيل ..
جلس نفر من الصالحين يتذاكرون , ويتساءلون حول قصر الأمل فقيل لأحدهم : ما بلغ منك قصر الأمل ؟
فقال : بلغ مني قصر الأمل أنني إذا رفعت اللقمة إلى فمي , لا أدري أأتمكن من أكلها أم لا !! ووجه السؤال نفسه إلى أخر , فأجاب بقريب من ذلك ..
ولما سئل ثالثهم عن مبلغ قصر الأمل في نفسه .. قال : بلغ مني قصر الأمل أني إذا خرج مني النفس لا أدري أيرجع أم لا !!
إن الحياة يا أخي قصيرة , فلا تزدها قصراً ومحقاً بالهموم والأكدار .
اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا : قال تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } سورة هود آية 108 .
وها هو ابن حجر العسقلاني رحمه الله يخرج ذات يوم بأبهته وكان رئيس القضاء بمصر , فإذا برجل يهودي في حالة رثة .. فقال اليهودي :قف ..
عدنا لنكمل لكم ما تبقى من قصة حياةالسعداء
وها هو ابن حجر العسقلاني رحمه الله يخرج ذات يوم بأبهته وكان رئيس القضاء بمصر , فإذا برجل يهودي في حالة رثة .. فقال اليهودي :قف .. فوقف ابن حجرفقال له : كيف تفسر قول رسولكم ( الدنيا سجن المؤمن , وجنة الكافر ) وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر , وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن ؟
فقال ابن حجر : أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة , لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم , إن مت كافراً .. وأنا في هذه الأبهة , إن أدخلني الله الجنة , فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظر في الجنات ..
فقال :أكذلك ؟
قال :نعم
فقال : أشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله ..
* مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة :
لا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه , فهو مشهود , ومجرب وواضح من خلال الواقع , ومن التاريخ ..
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مثل الجليس الصالح , والجليس السوء , كحامل المسك , ونافخ الكير ) متفق عليه .
وأعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم : قال إبراهيم التيمي : ( إن الرجل ليظلمني , فأرحمه ) .. ويروي ابن تيمية أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس , وسجن في الإسكندرية .. فلما خرج , قيل له : أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك ؟ فقال : ( قد أحللت كل من ظلمني , وعفوت عنه ) .. أحلهم جميعاً , لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة ..
ويحكي الفضل بن عياض رحمه الله : أنه كان في الحرم , فجاء خراساني يبكي , فقال له : لماذا تبكي ؟
قال: فقدت دنانير , فعلمت أنها سرقت مني فبكيت ..
فقال له : أتبكي من أجل دنانير ؟
قال: لا , دنانير , لكني بكيت , لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق فرحمت السارق فبكيت ..
وبلغ أحد السلف أن رجلاً اغتابه , فبحث عن هدية جميلة ومناسبة , ثم ذهب إلى الذي اغتابه , وقدَّم إليه الهدية ..
فسأله عن سبب الهدية فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صنع منكم معروفاً فكافئوه ) وإنك أهديت لي حسناتك , وليس عندي مكافأة لك إلا من الدنيا , سبحان الله ..
قال الله تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } سورة فصلت آية 34 .
وتأمل يا أخي هذا الإرشاد الإلهي العظيم .. قال تعالى واصفاً عباده المؤمنين : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } سورة الفرقان آية 72
* اللجوء إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء :
وقد كان ذلك من هدى الرسول , صلى الله عليه وسلم .. فروي عنه أنه قال
اللهم أصلح لي ديني , الذي هو عصمة أمري , وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي , وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي , وأجعل الحياة زيادة لي في كل خير , وأجعل الموت راحة لي من كل شر ) رواه مسلم 17/40
وروي عنه يقول : ( اللهم رحمتك أرجو , فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين , وأصلح لي شأني كله , لا إله إلا أنت ) رواه أبو داود بإسناد صحيح
ويقول : كما ورد في الأثر
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن , ومن الجبن والبخل , ومن غلبة الدين وقهر الرجال ) .. لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيداً عن الأكدار والمنغصات ..
فإن الله عز وجل يقول :{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة النحل آية 97 .
ماشطة فرعون
وهذه القصة .. هي الوحيدة التي لم أقف عليها , وما تفوهت بها ـ والذي نفسي بيده ـ حتى تأكدت منها وسوف أخبركم بمكان القصة وزمانها لمن أراد أن يتثبت ..
حصلت هذه القصة مع قريبة لي جداً .. وسمعتها منها مباشرة .. والقصة مشهورة .. حصلت هذه القصة أوائل شهر شعبان الماضي ..
تقول قريبتي هذه : كنا جالسات , وكان أحد الدعاة يلقي محاضرة , فكنا في قاعة نستمع .. تقول : بينما نحن جلوس إذ فتاة لا أعرفها , فجلست بجاني ..
فكان الشيخ يتكلم عن قصة ماشطة بنت فرعون .. سؤال قبل القصة .. لو خرجنا مع هذا الباب ورأيت رجالاً قد كبّلوا رجلاً , ثم أشعلوا فيه النيران يصرخ وهو مكبل .. هل تستطيع أن تنام اليوم ؟
قالت : لا , ربي الله الذي خلقني وخلقك .. فأمر الجنود , فأشعلوا القدر والنيران تتأجج , والزيوت يغلي في قدرها .. فكرر السؤال .. فكررت الإجابة .. وحولها أطفالها الخمسة فزعين من صوت الزيت والنار , فكل منهم قد تشبث بأمه , أغمض عينيه والأم تحاول .. ليس عندها غير يدين اثنتين , تحاول أن تحتضن وتضم هؤلاء الخمسة فإذا به يأمر الجنود , فيتحركون ..
فلما أتوا عندها قام الأطفال يصرخون , فيسحبون هذا فتحاول أن تمسكه .. تدفعهم .. ينزعون الآخر حتى نزعوا واحداً يجرونه وهو يبكي .. يلتفت إلى أمه ساعديني , وهي تبكي , وهو يبكي , ثم يُحمل الطفل أمام أعين أمه فيُلقى في الزيت ..
لحظات غاب هذا الطفل .. لحظات أخرى , وإذا بالعظام تطفو .. عظامه أمام عينيها وقلبها يحترق .. يفور ,,
يسألها وترد نفس الإجابة .. ربي الذي خلقني وخلقك .. فيأمر الجنود يتحركون المرة الأخرى , والمرة الثانية فينزعون الآخر .. فينزعون الآخر .. يضربهم بيديه الصغيرة ولكن لا محال ..
فيرفع .. يصرخ .. تسمع الصرخة .. غاب الصوت .. غاب الطفل .. وإذا بالعظام تطفو مع عظام أخيه .. اختلطت عظام هذا بذاك .. وهي ثابتة ..
الثالث والرابع .. ما بقي معها إلا رضيع صارت تضمه بكل ما أوتيت من قوة كأنها قطعة منها قد التقم ثديها , فلما تحرك الجنود تحاول تنطوي عليه , تُضرب أشد ما يكون الضرب , ثم تُضرب يدها ويُنزع منها .. اللبن يتطاير من فمه , وشعرات أمه في يديه , دقائق إذا بالخمسة عظام أمامها , والله لو ما كانوا أبناءها ما يهونون .. تتذكر كم كانت تلاعبهم .. كم ساهرتهم .. كم ضاحكتهم .. هم الآن عظام ..
إنه الثبات يوم قل الثابتين والثابتات .. يقول : أنا لا أقدر أن أترك الأغاني .. لا تتركها أبداً !!
هل تظن أن : { مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } محتاج أنك تترك الأغاني ؟
لو يشاء الله ما أسمعك حرفاً .. لا.. ولا أبصرت بالعينين شراً .. ولكن الجبَّار أعطاك الخيار .. وهذه الدنيا امتحان لا مقر ..
تقول : لما ذكر هذه القصة فلاحظت تصرفات غريبة .. حيث رأيت يدي الفتاة التي كانت بجواري ترتعشان .. فجأة استأذنت بسرعة وخرجت ..
تقول : تبتعها , فإذا بها قد اتكأت على أحد الجدران تبكي ..
تقول : هدأتها وأقنعتها ورجعنا هناك للمحاضرة .. فإذا بالشيخ يسترسل ويذكر امرأة فرعون .. امرأة يا رجال !!
مكبلة , تضرب بالسياط حتى يتكشف اللحم .. صحيح آلام .. وصحيح أنها موجعة ولكنها علمت : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } .. على ماذا صبرنا ؟! { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } ..
فلما أحست الألم , عانت , قالت من كل قلبها : { رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } تريد أن تسلي نفسها .. تُذكر نفسها بأن هناك جنانا ..
كما قال ابن كثير : فيفتح الملك ويرفع عنها الحجب , فإذا بها ترى قصراً وترى الأنهار تجري ومن تحته : { وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } , { وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى } وولدان مخلدون , وحلي , وسندس , واستبرق , وحرير , وجنان , وثمار , وطيور , فتبسمت .. نست الضرب .. جنّ الجنود كيف نضربها وتبتسم ..
قالت : والله إني لأرى منزلتي من الجنة ..
تقول : لما قال الشيخ الجنة , إذا برأس الفتاة يسقط على حجري .. وبدأت الأنفاس لها زفير , واللون يتغير ..
تقول : حملناها بسرعة إلى قاعة أخرى , فإذا بإحداهن تقول لي : اقرئي عليها القرآن .. اقرئي عليها لقرآن ..
تقول : والله أنا في وضع لا أحسد عليه .. صرت أقرأ عليها ودمعاتي على وجهها خائفة , وما يزداد النفس إلا صعوبة وما يزداد اللون إلا تغيراً ..
تقول قالت لي أحداهن : همساً في أذني لقنيها الشهادة , والله ما أظنها إلا تحتضر .. تقول : والبنت كانت شاخصة بصرها إلى السماء ترسل اليد تارة ثم تضعها تارة , وتغض الطرف تارة , وتشخص بالبصر تارة , واللون يتغير ..
تقول : قلت لها وأنا خائفة ,, قولي : لا إله إلا الله ..
تقول : ما ردت علي .. الثانية لم ترد .. الثالثة ..
تقول : لماقلت لها الثالثة فإذا بها ترفع يدها وتصرخ وتقول : والله .. والله إني لأرى منزلتي في النار .. والله إني أرى منزلتي في النار .. { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } سورة يونس آية 44 .
وقال تعالى :{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }سورة الزخرف آية 80 .
الداعية د : عبدالمحسن الأحمد
يهنئوني ني بالتوبة
قصة كعب قصة تهز لها القلوب .. قصة من أحسن القصص , ومن أصح القصص , وما خطتها يد كاتب , ولا تدخلت فيها أيدي القصاص .
هذه القصة لرجل أسرف على نفسه .. كأني أنظر إليه , قد هجر الناس , لا يكلم أحد , يطوف بالأسواق لا يشرق له وجه ببسمة , ولا تنبس له شفة بكلمة , ضاقت عليه الأرض بما رحبت , يفتن في دينه , وتأتيه رسالة من ملك لينال الشرف والعزة .. هل قال أستخير أو أستشير ؟ كلا بل سجرها في تنور .
فما خطيئته ؟ وأي ذنب ارتكبه ؟
تعال لنعيش هذه القصة
قَال كَعب بن مَالك : لم أّتَخَلَّف عَن رَسُول اللهَّ صَلَّى اللهَّ عَلَيهِ وَسَلَّمَ , فيِ غّزّاهَا قّطُّ إلاَّ فيِ غَزَوة تَبُوك ..
وكان من خبري أَنيِّ لم أَكُن قَطُّ أقوَى وَلاَ أيسَر منِّي حين تَخَلَّفت عَنهُ .. والله مَا جَمَعت قَبلهَا رَاحلَتَين قَطُّ حتَّى جَمَعتهمَا في تلكَ الغًزوة .
وكَاَنَت تلكَ الغَزوَةَ حَرّ شَدِيد وَسَفَرً بَعِيدً والعدُوًّ كَثِيرً وَالمسلمُونَ كَثِير لاَ يَجمَعهُمَ كِتَاب حَافظَ ..
وكَاَنَت تلكَ الغَزوَةَ حين طَابَت الثِّمَار وَالظِّلاَل ,, وَأَنَا إلَيهَا أَصعَر فَتَجَهَّزَ إلَيهَا رَسُول اللهَّ , صَلَّى اللهَّ عَلَيه وَسَلَّمَ , وَالٌمؤمِنُون مَعَهُ فَطًفِت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض جهازي شيئاً ..
فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم , غادياً والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئاً
وقلت : أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه .. فغدوت يعدما صلوا لأتجهز .. فرجعت ولم أقض من جهازي شيئاً ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً .. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ..
فهممت أن أترحل فألحقهم وليتني فعلت .. ثم لم يقدر ذلك لي .. فطفقت إذا خرجت في الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , يحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق أو رجلاً ممن عذر الله عز وجل , ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم , حتى وصل تبوك ..
فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ماذا فعل كعب بن مالك ؟
فقال : رجل من بني سلمة : حبسه يا رسول الله برداه والنظر في عطفيه ,
فقال : معاذ بن جبل : بئسما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً .. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقال : كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قد توجه قافلاً ( راجعاً ) من تبوك حضر بثي وطفقت أتذكر الكذب وأقول : بماذا أخرج من سخطه غداً وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ..
فلما قيل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قد أظل قادماً زاح عني الباطل وعرفت أني لم أنج منه بشيء أبداً .. فأجمعت صدقه ..
فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم جلس للناس ..
فلما فعل ذلك .. جاءه المتخلفون وطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلاً فيقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , علانيتهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ..
حتى جئت فلما سلمت عليه تَبَسَّم تَبَسُّم المغضب .. ثم قال لي : تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي : ما أخلفك ألم تكن اشتريت ظهرا ؟ فقلت : يا رسول الله إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ..
لقد أعطيت جدلا .. ولكني والله , لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي .. ولئن حدثتك بصدق تجد علي فيه إني لأرجو عقبي ذلك من الله عز وجل , والله ما كان لي عذرا , والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ..
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك , فقمت وقام إلى رجال من بني سلمة وأتبعوني .. فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا .. ولقد عجزت إلا أن تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , بما اعتذر به المتخلفون .. فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم , لك ..
قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذِّب نفسي ..
قال : ثم قلت لهم هل لقي معي هذا أحد ؟
قالوا : نعم لقيهُ معك رجُلان , قالا : مثل ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك ..
فقالت : من هما ؟
قالوا : مرارة بن الربيع العامري , وهلال بن أمية الواقفي ..
فذكروا لي رجلين صالحين فقد شهدا بدراً لي فيهما أسوة .. قال : فمضيت حين ذكروهما لي .. فقال : ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم , المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه .. فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي الأرض التي كنت أعرف ..
فلبثنا على ذلك خمسين ليلة .. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان .. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ..
فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم وأقول في نفسي أحرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟
ثم أصلي قريباً منه وأسارقهُ النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي فإذا التفت نحوه أعرض عني .. حتى إذا طال علي ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلت عليه فوالله ما رد علي السلام ..
فقلت له : يا أبا قتادة أنشدك الله هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟
قال : فسكت ..
قال : فعدت له فنشدته فسكت فعدت فنشدته فسكت ..
فقال : الله ورسوله أعلم ..
قال : ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار .. فبينما أنا أمشي بسوق المدينة إذا أنا بنبطي من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة .. يقول : من يدلي على كعب بن مالك ..
قال : فطفق الناس يشيرون له إلي .. حتى جاء فدفع إلي كتاباً من ملك غسان .. وكنت كاتباً فإذا فيه : أما بعد فقد بلغنا أن صاحبك قد جافاك وأن الله لم يجعلك في دار هوان ولا مضيعة فألحق بنا نواسيك ..
قال : فقلت حين قرأته وهذا أيضاً من البلاء ..
قال : فتيممت به التنور فسجرته به .. حتى إذا مضى أربعون ليلة من الخمسين إذا برسُول رسول الله صلى الله عليه وسلم , يأتيني يقول : يأمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم , أن تعتزل امرأتك ..
قال : فقلت أطلقها أم ماذا أفعل ؟
فقال : بل أعتزلها ولا تقربها ..
قال : وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك ..
قال : فقلت لامرأتي ألحقي بأهلكِ فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما يشاء .. قال : فجاءت امرأة هلال بن أميه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقالت : يا رسول الله أن هلالاً شيخ ضعيف ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ؟
قال : لا , ولكن لا يقربنكِ ..
قالت :وإنه والله ما به من حركة إلى شيء وأنه والله يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا ..
قال : فقاللي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ..
قال : فقلت والله لا استأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وما أدري ما يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا استأذنته وأنا رجل شاب ..
قال :فلبثنا عشرة ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى كلامنا ..
قال :ثم صليت صلاة الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا .. فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا .. قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت .. سمعت صارخاً أوفى على جبل سلع .. يقول : بأعلى صوته أبشر يا كعب بن مالك ..
قال :فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل , بالتوبة علينا .. فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم , بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ..
فذهب الناس يبشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض إلى رجل فرساً وسعى ساع من أسلم وأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس ..
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته لهً والله ما أملك يومئذ غيرهما واستعرت ثوبين فلبستهما ..
وانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئوني بتوبة الله .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك ..
حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم , جالس في المسجد والناس حوله .. فقام إلي طلحة بن عبدالله يهرول حتى صافحني وهنأني .. والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ..
قال :فكان كعب لا ينساها لطلحة ..
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو يبرق وجهه من السرور( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ) ..
قال : قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟
قال : بل من عند الله ..
قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر حتى يعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه .. قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله , قال : ( أمسك عليك بعض مالك فهو خيرا لك ) .. قال : فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر .. وقلت : يا رسول الله , إنما نجاني الله بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت ..
قال :فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , أحسن مما بلاني الله تعالى .. والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , إلى يومي هذا , وإني لأرجو أن يحفظني الله عز وجل فيما بقي ..
قال : وأنزل الله تعالى : { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } سورة التوبة آية 117 ـ 118
امرأة من أهل الجنة
عن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن العباس رضي الله عنه : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟
قالت : بلا ..
قال :هذه المرأة السوداء .. أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقالت : إني أصرع وإني أنكشف فادع الله لي ..
قال
إذا شئت صبرت ولك الجنة , وإن شئت دعوت الله أن يعافيك )
قالت : أصبر ..
فقال : إني أنكشف فادع الله لي بأن لا أنكشف فدعا لها .. رواه البخاري ومسلم .
فيا سبحان الله ! امرأة سوداء تحملت الصرع وآلامه ولم ترض أن تتكشف وهي معذورة شرعاً !!
فما بال نسائنا أغرقن بالتبرج والسفور , بل وسعين له زرافات ووحدانا بعد أن جلب عليهن الشيطان الرجيم بخليه ورجله ..
فيا أيتها المسلمة أنقذي نفسك من النار , فإن متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى فلا تغتري بمالك ولا جمالك فإن ذلك لا يغني عنك من الله شيئاً !!
وإني أذكرك بأن النبي صلى الله عليه وسلم , عرضت عليه النار وأرى أكثر أهلها النساء واعلمي أنك أعجز من أن تطيقي عذاب النار واستجيبي لمنادي الحق واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه وإن الآخرة هي مسمانا طالت الآمال في الدنيا ..
فماذا تريدين يا أخيه من هذه الألبسة الغربية الغربية ( بنطال .. لثام .. عباءة مخصرة أو على الكتف ) التي تشتريها بالمئات وأنت ستوضعين في القبر في كفن من أرخص الأقمشة فهل تنفعك هذه الألبسة في ظلمة القبر ؟!
ما هي السعادة ؟!
هل السعادة في المال .. المنصب .. الجمال ؟
كثير من الناس بحث عن السعادة في القنوات والمسلسلات وصفحات الإنترنت المشبوهة والمجلات الماجنة والأغنيات والمعاكسات والتبرج والسفور فما وجدوها ولن يجدوها ..
لآن الله جل وعلا , يقول : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ } سورة طه آية 124 إذاً أين توجد السعادة ؟ أقرئي : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة النحل آية 97 .
إن السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة هي في إتباع أوامر الله ورسوله وطاعتهما وبدون اعتراض أو تردد وإياك ..
ومن يصور لك هذه الدين بأوامره وتكاليفه أنه نوع من تقييد الحرية وحرمان من المتع الدنيوية فهؤلاء لا يريدون لك إلا السعادة المزيفة والمتعة المؤقتة ثم تكون الحسرة في الدنيا والعذاب في الآخرة ..
حذار يا من ترتدين البنطال واللباس العاري أمام النساء والرجال أو العباءة المخصرة وعلى الكتف .. أو تجمعين شعرك فوق رأسك .. أو تخرجين متعطرة .. فتفتنين الرجال من هذا الوعيد الشديد الذي يحدثنا عنه أنصح الخلق للخلق ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( صنفان من أهل النار أرهما , قوم معهم سياط كأذناب البقر بها الناس , والنساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة , لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) رواه مسلم .
أما تلك التي تستعطر حين تخرج لتلاحقها الأنظار .. فويل لها من هذا الوعيد .. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية ) رواه أحمد .
أختاه : كم ستعيشين ؟
لي نفسك هذه الأسئلة وأجيبي جواب العاقلة المتزنة : سهل تعلمين ستسافرين سفراً طويلاً بلا رجعة ؟
فهل أعددت العدة لهذا السفر ؟
هل تزودت من هذه الدنيا الفانية بالأعمال الصالحة لتؤنس وحشتك في القبر ؟
كم عمرك ؟ وكم ستعيشين ؟
ألا تعلمين أن لكل بداية نهاية وأن نهاية جنة ونار ؟
ولكن أبشري فمن تاب تاب الله عليه ..
أوصيك ..الصلوات الخمس في أوقاتها .. السنن الرواتب .. سنة الضحى .. قيام الليل .. الصدقة .. قراءة القرآن ..أذكار الصباح ولمساء والنوم وبعد الصلوات .. مصاحبة الصالحات .. سماع الأشرطة النافعة .. وقراءت الكتب النافعة ومنها فتاوى ابن باز وابن عثيمين وغيرهم .. وسماع إذاعة القرآن .. والالتزام بالحجاب الشرعي .. كثرة ذكر الله .. الدعاء .. إتلاف المجلات الفاسدة والأغنيات والصور والعباءة المحرمة على الكتف والمخصرة .. هذه نوراً على نور .. وسعادة وطمأنينة وثبات وأنس في الدنيا والآخرة ..