معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


    صيد الفوائد من مسابقة ☸ فـــــ صحبـة الحبيب ـــــي ☸

    زادي التوحيد
    زادي التوحيد


    جديد صيد الفوائد من مسابقة ☸ فـــــ صحبـة الحبيب ـــــي ☸

    مُساهمة من طرف زادي التوحيد الأربعاء 14 مارس 2012, 9:56 am

    الفائدة الأولى


    حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

    هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها وفيه بيان لحد البدعة والأثر المترتب عليها والتحذير منها ، وفي الحديث مسائل:

    الأولى قوله (من أحدث) الإحداث هو الإبتداع كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) رواه أبو داود والترمذي ،


    والبدعة هي كل قول أو فعل محدث نسب إلى الدين وليس له أصل في الكتاب أو السنة أو الإجماع ،

    " وقال ابن تيمية "البدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات"

    والحاصل أن إطلاق البدعة على عمل معين يشترط فيه قيود ثلاثة:
    1-
    أن يكون العمل محدثا.
    2-
    أن ينسب ويضاف إلى الدين.
    3-
    أن لا يكون له أصل في الشرع.

    الثانية:
    العبرة في قبول ظاهر العمل موافقته للشرع كما أن العبرة في قبول باطن العمل إخلاص النية أما الإعتماد على مجرد حسن النية والمحبة مع عدم مراعاة موافقة العمل للشرع فتصرف باطل مخالف للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح وقد ورد عنهم آثار كثيرة تؤيد هذا الأصل

    ورأى ابن مسعود رضي الله عنه أناسًا جالسين في المسجد ومعهم الحصى،يكبرون مائة ويهللون مائة ويسبحون مائة فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة ‏ ‏محمد ‏ ‏ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏متوافرون ‏ ‏وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة ‏ ‏محمد ‏ ‏أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا والله يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏ما أردنا إلا الخير. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه رواه الدارمي.

    الثالثة:
    البدع كلها محرمة مذمومة شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) رواه النسائي، وليس في الدين بدعة حسنة كما يزعم ذلك أهل البدع وحكم النبي في البدعة قاعدة عامة لا يستثنى منها شيئ ومن استثنى شيئا فعليه بالدليل ولا يحفظ في ذلك شيء مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ،

    وأما قول الخليفة عمر رضي الله عنه لما رأى الصحابة إجتمعوا على إمام واحد في صلاة التراويح وكانوا يصلون أوزاعا قال "نعمت البدعة هذه" فمحمول على معنى البدعة اللغوي وليس مراده المعنى الشرعي للبدعة

    فقصد بذلك أن هذا العمل جديد بالنسبة لهم لم يفعلوه بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد ذلك وجوه:
    أولا -
    أن عمر رضي الله عنه هو الذي أمرهم بالإجتماع على أبي بن كعب ولم يكن ليخالف الشرع في أمره وهو من أشد الناس تحريا للسنة.
    ثانيا-
    أن هذا العمل له أصل في الشرع وليس بمحدث فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الليل في رمضان فصلى رجال بصلاته ثم فعل ذلك الليلة الثانية والثالثة ثم ترك ذلك في الرابعة وقال إني خشيت أن تفرض عليكم.
    ثالثا-
    أن اجتهاد عمر مأمورون باتباعه والإقتداء به مالم يخالف كتابا أو سنة كما أوصى بذلك النبي صلة الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الر اشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ).

    الرابعة:
    تجري البدعة في الأمور التعبدية التي يتقرب بها إلى الله ، أما العادات التي لا تشوبها عبادة والأمور الدنيوية فلا مدخل لها في باب البدعة ولذلك يجوز الإنتفاع في كل مايحقق مصلحة دينية أو دنيوية من صناعات الكفار وآلاتهم التي ليست من خصائصهم

    كما ثبت ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتصرفاته في أمور المعاش وشؤون الحرب وسياسة الخلق ، والأصل في العبادات الحظر إلا ما دل الشرع على فعله والأصل في العادات الحل إلا ما دل الشرع على منعه

    ".

    الخامسة:
    هناك فرق ظاهر بين البدعة والمصلحة المرسلة ، فالبدعة تكون في الأمور التعبدية ويقصد بها التقرب إلى الله وليس لها أصل في الشرع لا في جنسها ولا في عينها ، أما المصلحة المرسلة فتكون في الوسائل ولا يقصد التعبد بها وقد دل الشرع على اعتبار جنسها وليس فيها مخالفة للشرع ومنافاة لمقاصده كاتخاذ عمر رضي الله عنه الديوان وجمع عثمان رضي الله عنه القرآن وبناء المسلمين المدارس والأربطة ونحو ذلك مما ظهرت مصلحته ودعت الحاجة إليه ولم يقم مقتضاه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يقصد به التعبد ، وبهذا يتبين خلط من يسوي بين البدعة والمصلحة المرسلة ويقيسها عليها وقد يلبس على الناس بهذا والله المستعان.

    السادسة:
    تنقسم البدعة من حيث الحكم إلى قسمين:
    1- بدعة مكفرة:
    وهي كل ما اشتملت على شيء من نواقض الدين كبدعة غلاة القدرية والجهمية وأهل الإتحاد ووحدة الوجود من الصوفية والرافضة القائلين بتحريف القرآن وتكفير الصحابة وعصمة الأئمة ، وبدعة تصحيح الأديان وبدعة ترك الإحتجاج بالسنة والقول بأن أحكام الشريعة لا تصلح لهذا الزمان وتجويز الحكم بالقوانين الوضعية وغير ذلك.
    2- بدعة مفسقة:
    وهي كل ماخلت من نواقض وكانت دون الكفر كغالب البدع العملية والسلوكية التي لا تصل إلى حد الجحود أو الشك أو الإشراك.

    السابعة:
    البدعة على أنواع أهمها:
    1- بدعة في الإعتقاد:
    كاعتقاد علم الغيب لأحد من الخلق أو أن هناك أبدالا يتصرفون في الكون أو أن الكون خلق من نور محمد ونحو ذلك مما تعلق بأصول الدين كأسماء الله وصفاته وأفعاله والنبيين والغيب .
    2- بدعة في العبادة:
    كابتداع صلوات وأذكار وأوراد وأدعية وأعياد على هيئة غير مشروعة كصلاة الرغائب والمولد النبوي ويوم وليلة الإسراء والمعراج وأعمال رجب وغير ذلك مما يتعلق بالعبادات.

    الثامنة:
    فاعل البدعة على أحوال:
    1-
    أن يتقرب إلى الله بعمل لا يشرع مطلقا كالتقرب بترك النكاح.
    2-
    أن تكون العبادة مشروعة في حال فيتقرب بها في حال لم تشرع فيه كالرجل الذي نذر أن يقوم في الشمس فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع أن القيام مشروع في الأذان والصلاة.
    3-
    أن يتقرب لله بعبادة نهى عنها الشرع كصيام يومي العيد والصلاة وقت النهي بلا سبب.
    4-
    أن يتقرب إلى بعبادة أصلها مشروع ثم يدخل عليها ما ليس بمشروع كإحداث صفات مبتدعة في الوضوء والأذان والصلاة والأذكار.

    التاسعة:
    من أحدث بدعة ودعى الناس إليها فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن دعى الناس إلى سنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا) رواه مسلم.

    العاشرة:
    جنس البدعة أشد من جنس المعصية لأن العاصي يعمل الذنب لشهوة من غير إعتقاد وهو في قرارة نفسه يعلم أنه مخالف للشرع ودائما يحدث نفسه بالتوبة ، أما المبتدع فيعمل البدعة عن اعتقاد أنها من الدين ويتقرب إلى الله بذلك ولا يزداد إلا إصرارا على بدعته كما قال تعالى (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) ).


    صيد الفوائد
    زادي التوحيد
    زادي التوحيد


    جديد رد: صيد الفوائد من مسابقة ☸ فـــــ صحبـة الحبيب ـــــي ☸

    مُساهمة من طرف زادي التوحيد الخميس 22 مارس 2012, 5:23 am

    شرح حديث
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.

    هذا الحديث أصل عظيم في محبة المسلمين والنصح لهم وإيثارهم ومعاملتهم كمعاملة النفس وفيه مسائل:

    الأولى:
    النفي في قوله (لا يؤمن أحدكم) نفي لكمال الإيمان ونهايته والمراد لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان وكماله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير كما هو مفسر في رواية أحمد (لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير). ونفي الإيمان على مراتب:
    1. نفي لأصل الإيمان لانتفاء بعض أركانه كقوله تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
    2. نفي لكمال الإيمان الواجب لانتفاء بعض واجباته كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) متفق عليه.
    3. نفي لكمال الإيمان المستحب لانتفاء بعض مستحباته كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
    ولكل مرتبة نظائر في الأدلة الشرعية والسياق والقرائن تدل عليها فإن كان المنفي ركنا حمل النفي على أصل الدين وإن كان المنفي واجبا حمل على كماله الواجب وإن كان المنفي مستحبا حمل على كماله المستحب.

    الثانية:
    اختلف العلماء في توجيه النصوص التي ورد فيها نفي الإيمان عمن فعل محرما أو ترك واجبا كقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) اختلفوا هل يسمى الفاعل ناقص الإيمان أو يسلب عنه اسم الإيمان ويسمى مسلما روايتان في مذهب الإمام أحمد و هما قولان معروفان عند أهل السنة. والتحقيق أن مرتكب الكبيرة لا يزول عنه اسم الإيمان بالكلية بل هو مؤمن بإيمانه فاسق بمعصيته ناقص الإيمان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في عقيدته الواسطية: (ونقول هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الإيمان). أما من قال هو مسلم من السلف فليس مراده تكفيره وإنما أخذ بظاهر النصوص التي تنفي عنه وصف الإيمان فمخالفتهم يسيرة في الاسم لا يترتب عليها حكم. ومذهب أهل السنة وسط في هذه المسألة بين المعتزلة والخوارج الذين يسلبون عنه الاسم فيكفرونه والمرجئة الذين يثبتون له الاسم المطلق ويقولون هو مؤمن كامل الإيمان.

    الثالثة:
    دل الحديث على أن من خصال الإيمان المستحبة أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه فيأتيه بما يحب أن يؤتى به ويمنع عنه ما يحب أن يمنع عنه من الأذى وينصح له ويجتهد في أداء حقوقه واحترامه وتقديره والنظر في مصالحه. وأعظم ذلك إن رأى نقصا في دين أخيه اجتهد في إصلاحه. قال بعض السلف (أهل المحبة لله نظروا بنور الله وعطفوا على أهل معاصي الله مقتوا أعمالهم وعطفوا عليهم ليزيلوهم بالمواعظ عن فعالهم وأشفقوا على أبدانهم من النار).

    الرابعة:
    من تحلى بهذه الخصلة العظيمة كان مستحقا لدخول الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) رواه مسلم. وروي في مسند أحمد عن يزيد القسري قال قال لي رسول الله: (أتحب الجنة قلت نعم قال فأحب لأخيك ما تحب لنفسك). وذلك أنه لما كان المسلم محسنا لإخوانه في الحياة الدنيا مشفقا عليهم حريصا على نفعهم جازاه الله بالإحسان في الآخرة وأدخله دار كرامته.

    الخامسة:
    إنما يقدر على هذه الخصلة ويقوى عليها من رزق سلامة الصدر وكان قلبه خاليا من الغل والغش والحسد فمن كان كذلك سره ما سر أخاه وساءه ما ساء أخاه. أما من كان يحمل في قلبه الغل فإنه يمنع من هذا الخير لمنافاته لما في قلبه من السوء. فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير أو يساويه فيه لأنه يحب أن يمتاز عن الناس بفضائله وينفرد بها عنهم والإيمان يقتضي خلاف ذلك وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير غير أن ينقص منه شيء. وقد مدح الله في كتابه من لا يريد العلو في الأرض فقال سبحانه: ( تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

    السادسة:
    محبة الخير للغير لا تنافي أن يكره المرء أن يفوقه أحد في الجمال فلا يذم ولا يأثم من كره ذلك. فقد أخرج أحمد من حديث ابن مسعود قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعنده مالك الرهاوي فأدركته وهو يقول يا رسول الله قد قسم لي من الجمال ما ترى فما أحب أحدا من الناس فضلني بشراكين فما فوقهما أليس ذلك هو من البغي فقال: (لا ليس ذلك بالبغي ولكن البغي من بطر أو قال سفه الحق وغمص الناس). أما إذا فعل ذلك من باب الكبر والفخر على الناس فهذا مذموم قد نهى عنه الشرع وعليه تحمل آثار السلف وهو مناف لمحبة الخير للمسلمين.

    السابعة:
    إذا رأى المسلم غيره فاق عليه في فضيلة فتمنيه لها لنفسه له حالتان:

    1. إن كانت تلك الفضيلة دينية كالعلم والعبادة وغيرها استحب له أن يتمنى ذلك كما تمنى النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه منزلة الشهادة. وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) متفق عليه. فتمني المرء لما أعطي أخاه من الفضائل لا ينافي محبة الخير والنصح له لأنه من باب التنافس في طاعة الله والمسابقة بالخيرات.
    2. إن كانت تلك الفضيلة دنيوية فلا يشرع له تمنيها ولا خير في ذلك كما ذم الله عز وجل قوم قارون بقوله: ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). وقال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ). فيكره للعبد تمني ذلك لأن الدنيا ليست مقصودة لذاتها وقد تكون وبالا عليه وقد يحصل مع ذلك نوع من الحسد. قال بعض السلف: (إذا رأيت من ينافسك في الدنيا فنافسه في الدين).

    الثامنة: كان السلف الصالح رحمهم الله يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم وينصحون لهم وهذا يدل على تجردهم عن حظوظ أنفسهم وصدقهم وكمال إخلاصهم وحرصهم على إعلاء كلمة الله ونصرة دينه وخوفهم من العلو في الأرض. (كان عطاء بن واسع يبيع حمارا له فقال له رجل أترضاه لي قال لو رضيته لم أبعه). وقال ابن عباس: (إني لأمر على الآية من كتاب الله فأود أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم).و (كان عتبة الغلام إذا أراد أن يفطر يقول لبعض إخوانه المطلعين على أعماله أخرج لي ماء أو تمرات أفطر عليها ليكون لك مثل أجري). وقد قل العمل بهذا الخلق الكريم في الناس اليوم فترى المرء يقصر كثيرا في أداء حقوق إخوانه في الوقت الذي يستقصي حقه ويشح بماله. وتراه يبخس الناس ويأكل أموالهم في سبيل حصوله على عرض الدنيا بل تراه لا يتورع أبدا عن خداع الناس وغشهم وترك مقتضى النصيحة لهم. وقد يرى أخاه مشرفا على ضرر أو سالكا للطريق الخطأ في أمر من أمور الدنيا فيبخل عليه بنصيحته ويمنعه التوجيه إلى الصواب والله المستعان




    صيد الفوائد
    زادي التوحيد
    زادي التوحيد


    جديد رد: صيد الفوائد من مسابقة ☸ فـــــ صحبـة الحبيب ـــــي ☸

    مُساهمة من طرف زادي التوحيد الأربعاء 23 مايو 2012, 3:27 pm



    عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
    (( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل أهل الجنة حتى ما يكون بيته وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )) .
    قوله رضي الله عنه : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق المصدوق ، يعني الصادق فيما يقول ، والمصدوق ، فيما يوحى إليه من الوحي ، وفيما يقال له من الوحي ، فهو صادق لا يخبر إلا بالصدق ، مصدوق لا ينبأ إلا بالصدق صلوات الله وسلامه عليه .
    وإنما قدم هذه المقدمة ؛ لأنه سيخبر عن أمر غيبي باطن يحدث في ظلمات ثلاث : (( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة )) إذا جامع الرجل امرأته ،


    وألقى في رحمها الماء بقي أربعين يوماً وهو نطفة على ما هو عليه ، ماء ، لكنه يتغير شيئاً فشيئاً ، يميل إلى الحمرة ، حتى يتم عليه أربعون يوماً .
    فإذا تم عليه أربعون يوماً ، إذا هو قد استكمل الحمرة وصار قطعة دم ؛ علقة ، فيمضي عليه أربعون يوماً أخرى وهو علقة ، يعني قطعة دم ، لكنها جامدة ، ولكنه يثخن ويغلظ شيئاً فشيئاً ، حتى يتم له ثمانون يوماً .
    فإذا تم له ثمانون يوماً فإذا هو مضغة ؛ قطعة لحم ، في الرحم هذه المضغة قال الله تعالى فيها : ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) [الحج: 5] ،


    فتبقى أربعين يوماً ، تخلق من واحد وثمانين يوماً إلى مائة وعشرين يوماً ، ولا يتبين فيها الخلق تبيناً ظاهراً إلا إذا تم لها تسعون يوماً في الغالب .
    فإذا مضى عليها أربعون يوماً وهي مضغة ، أرسل الله إليها الملك الموكل بالأرحام ؛ لأن الله عز وجل يقول : ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) [المدثر: 31] ،


    فالملائكة جنود الله عز وجل ، وكل منهم موكل بشيء ؛ منهم الموكل بالأرحام ، ومنهم الموكل بالنفوس يقبضها ، ومنهم الموكل بالأعمال يكتبها ،

    ومنهم الموكل بالأبدان يحفظها ، وظائف عظيمة للملائكة ، أمرهم الله عز وجل بها .
    فيأتي ملك الأرحام إلى كل رحم ، فينفخ فيه الروح بإذن الله عز وجل ، وهذه الروح أمر لا يعلمه إلا رب العالمين. قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً )[الإسراء:85] ينفخها في هذا البدن ، الذي هو قطعة لحم في الرحم ، ليس فيها حراك ولا إحساس ولا شيء ، فإذا نفخ هذه الروح دخلت في هذا البدن ، فتسير فيه كما تسير الجمرة في الفحمة بإذن الله ،


    أو الطين في المدر اليابس ، فتدب في هذا الجسد حتى تدخل في الجسد كله ، فيكون إنساناً ، يتحرك ، وتحس الأم بتحركه بعد مائة وعشرين يوماً ، وحينئذ يكون إنساناً ، أما قبل فهو ليس بشيء
    ولو سقط الجنين قبل تمام مائة وعشرين يوماً ، فليس له حكم من جهة الصلاة عليه ، بل يؤخذ ويدفن في أي حفرة من الأرض ، ولا يصلى عليه .
    أما إذا تم مائة وعشرين يوماً ، يعني أربعة أشهر ، صار حينئذ إنساناً ، فإذا سقط بعد ذلك ، فإنه يغسل ، ويكفن ، ويصلى عليه ، لو كان قدر اليد ، فإنه يصلى عليه ، ويدفن في مقابر المسلمين إن كان مسلماً .
    وإن كان من أولاد النصارى ، يعني أمه وأبوه من النصارى ، فلا يدفن في مقابر المسلمين ، بل يخرج ويدفن بدون تغسيل ولا تكفين؛ لأنه وإن كان طفلاً ، فإن الرسول سئل عن أولاد المشركين فقال:((هم منهم))(244).
    والحاصل أنه إذا تم له أربعة أشهر يغسل ، ويكفن ، ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ، ويسمى ، ويعق عنه على الأرجح ليشفع لوالديه يوم القيامة ؛ لأنه يبعث يوم القيامة .
    قال النبي عليه والصلاة والسلام : (( ويؤمر )) الملك (( بأربع )) كلمات : يكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد .
    فيكتب رزقه : وكتب الرزق يعني هل هو قليل ، أم كثير ؟ ومتى يأتيه ؟ وهل ينتقص أم لا ينتقص؟ المهم أنه يكتب كاملاً .
    ويكتب أجله أيضاً : في أي يوم ؟ وفي أي مكان ؟ وفي أي ساعة ؟ وفي أي لحظة ؟ وعن بعد أم قرب ؟ وبأي سبب من الأسباب موته ؟ والمهم أنه يكتب كاملاً .
    ويكتب عمله : هل هو صالح ،أم سيء ، أم نافع ، أم قاصر على الشخص نفسه ؟ والمهم يكتب كل أعماله .
    ويكتب مآله : وما أدراك ما المآل ؟ فيكتب هل هو شقي أم سعيد ؟ ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود: 106ـ108].
    وكل هذا يكتب . لكن أين يكتب ؟ وردت آثار أنه يكتب في جبينه على جبهته .
    فإن قال قائل : كيف تتسع الجبهة لكتاب هذه الأشياء كلها ؟
    قلنا : لا تسأل عن أمور الغيب . ومن أنت حتى تسأل عن أمور الغيب ؟ قل آمنت بالله وصدقت بالله وبرسوله ، ولا تسأل : كيف ؟
    وقد وقع الآن في وقتنا ما يشهد لمثل هذا ـ كمبيوتر قدر اليد يكتب به الإنسان آلاف الكلمات ، وهو من صنع البشر . فما بالك بصنع الله عز وجل .
    والحاصل أن هذا من المسائل التي يخبر بها الرسول عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدركها بحسك ، فإن الواجب عليك أن تصدق وتسلم ؛ لأنك لو لم تصدق وتسلم إلا بما تدركه بحسك لم تكن مؤمناً ، وما كنت مؤمناً بالغيب ، فالذي يؤمن بالغيب هو الذي يقبل كل ما جاء عن الله ورسوله ، ويقول آمنت بالله ورسوله وصدقت .
    قال : (( فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها )) . ولكن أبشروا فإن هذا الحديث مقيد ، بأنه لا يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وأما الذي يعمل بعمل أهل الجنة بقلب وإخلاص فإن الله لا يخذله عز وجل ، والله أكرم من العبد ، فإذا عملت بعمل أهل الجنة بإخلاص ـ نسأل الله أن يجعلنا والمسلمين منهم ـ فإن الله لا يخذلك ، لكن فيما يبدو للناس .
    والدليل على هذا القيد ما ثبت في صحيح البخاري ، أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ، وكان شجاعاً مقداماً ، لا يترك للعدو شاذة ولا فاذة إلا قضى عليه ، فتعجب الناس منه ؛ ومن شجاعته ، من إقدامه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم : (( إنه من أهل النار )) أعوذ بالله ، هذا الشجاع الذي يفتك بالعدو من أهل النار ؟ فكبُر ذلك على المسلمين ، وعظم عليهم ، وخافوا ، كيف يصير هذا من أهل النار ؟
    فقال رجل : والله لألزمنه ؛ أتابعه وأراقبه ؛ لأرى نهايته كيف تكون ؟ فمشى معه ، وفي أثناء القتال أصاب هذا الرجل الشجاع السهم فجزع ، فأخذ بسيفه فسله ، فوضعه في صدره ، واتكأ عليه حتى خرج من ظهره ، قتل نفسه جزعاً ، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . قال: وبم ؟
    قال :الرجل الذي قلت إنه من أهل النار . حصل له كذا وكذا .
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ))
    الحمد لله على هذا القيد ، يعمل فيما يبدو للناس بعمل أهل الجنة وهو من أهل النار ، يظنون أنه صالح ، ولكن في قلبه فساد وهو من أهل النار .
    قال في حديث ابن مسعود : (( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )) هذا عكس الأول .
    الأول : وجدنا له شاهداً في الواقع وهي قصة هذا الرجل .
    وهذا له أيضاً شاهد في الواقع ، يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها . وقع هذا عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، رجل يقال له الأصيرم من بني عبد الأشهل ، كافر منابذ للدعوة الإلهية ، ضد المسلمين ، فلما كان في غزوة أحد ، وخرج الناس من المدينة يغزون ، ألقى الله في قلبه الإسلام ، فأسلم وخرج يجاهد .
    فلما حصل ما حصل للمسلمين ، وقتل منهم من قتل ، وذهب الناس ينظرون في قتلاهم ، فوجدوا الأصيرم ، فقال له قومه : ما الذي جاء بك ؛ فقد عهدناك ضد هذه الدعوة ، أحدب على قومك ، يعني عصبية ، أم رغبة في الإسلام ؟
    قال : بل رغبة في الإسلام ، وأقرئوا الرسول صلى الله عليه وسلم مني السلام ، وأخبروه أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم مات ، فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأظنه قال : ((إنه من أهل الجنة )) فهذا الرجل أمضى عمره كله في الكفر ، ضد الإسلام وضد المسلمين، وكان خاتمته هذه الخاتمة، عمل بعض أهل النار، حتى كم يكن بينه وبينهما إلا ذراع، فسبق عليه الكتاب، فعمل بعمل أهل الجنة، فكان من أهل الجنة.
    ساق المؤلف هذا الحديث من أجل أن نخاف وأن نرجو ، نخاف على أنفسنا من الفتنة ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يسأل الله دائماً الثبات : اللهم ثبتني بالقول الثابت ، وكان النبي على الصلاة والسلام يقول : (( اللهم مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك ، اللهم مصرف القلوب ، صرف قلبي على طاعتك )) (245) هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم .
    وأيضاً نأخذ من هذا الحديث ألا نيأس ، ولا نيأس من شخص نجد على الكفر أو على الفسق ، ربما يهديه الله في آخر لحظة ، ويموت على الإسلام . نسأل الله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وأن يتوفانا على الإيمان بمنه وكرمه .

    العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


    شرح رياض الصالحين



      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024, 10:47 pm