قصة فتاة روسية مؤثرة
بقلم : د. محمد بن عبد الرحمنالعريفي.
هي فتاة روسية .. من عائلة محافظة .. لكنها ( آرثوذوكسية ) شديدة التعصب للنصرانية .. عرض عليها أحد التجار الروس أن تصحبه معمجموعة من الفتيات .. إلى دولة خليجية ..لشراء أجهزة كهربائية .. ثم بيعها في روسيا .. كان هذا هو الهدف المتفق عليه بين الرجل .. وهؤلاء الفتيات .. وعندما وصلوا إلىهناك .. كشر عن أنيابه .. وعرض عليهن ممارسة الرذيلة .. وبدأ في تقديم الإغراءاتلهن .. مال وافر .. علاقات واسعة .. إلى أن اقتنع أكثر الفتيات بفكرته .. إلا هذهالفتاة .. كانت شديدة التعصب لدينها النصراني .. فتمنعت .. فضحك منها ..
وقال : أنتِ في هذا البلد ضائعة .. ليس معكِ إلا ما تلبسين من الثياب .. ولن أعطيكِ شيئاً .. وبدأ يضيق عليها .. أسكنها في شقة مع بقية الفتيات .. وخبا جوازات سفرهن عنده .. وانجرفت الفتيات مع التيار .. وثبتت هي على العفاف .. لا زالت تلح عليه كل يوم .. في تسليمها جوازها .. أو إرجاعها إلى بلدها .. فيأبى عليها ذلك .. فبحثت يوماً فيالشقة .. حتى وجدت جوازها .. فاختطفته .. وهربت من الشقة .. خرجت إلى الشارع .. لاتملك إلا لباسها .. هامت على وجهها .. لا تدري أين تذهب .. لا أهل .. ولا معارف .. ولا مال .. ولا طعام .. ولا مسكن ..
أخذت المسكينة تتلفت حائرة يمنة ويسرة .. وفجأةرأت شاباً.. يمشي مع ثلاث نساء .. اطمأنت لمظهره .. فأقبلت عليه .. وبدأت تتكلمباللغة الروسية .. فاعتذر أنه لا يفهم الروسية .. قالت : هل تتكلمون الإنجليزية ؟قالوا : نعم ! فرحت .. وبكت .. وقالت : أنا امرأة من روسيا .. قصتي كذا وكذا .. ليسمعي مال .. وليس لي مسكن .. أريد العودة إلى بلادي .. أريد منكم فقط إيوائي .. يومين أو ثلاثة .. حتى أتدبَّر أمري مع أهلي وإخوتي في بلادي .. أخذ الشاب ( خالد ) يفكر في أمرها .. ربما تكون مخادعة ..! أو محتالة ..! وهي تنظر إليه وتبكي .. وهويشاور أمه وأختيه ..
وفي النهاية .. أخذوها إلى البيت .. وبدأت تتصل بأهلها .. ولكنلا مجيب .. الخطوط متعطلة في ذاك البلد ! وكانت تعيد في كل ساعة الاتصال .. عرفواأنها نصرانية .. تلطفوا معها .. رفقوا بها .. أحبتهم .. عرضوا عليها الإسلام .. ولكنها رفضت .. لا تريد .. بل لا تقبل النقاش في موضوع الدين أصلاً .. لأنها منأسرة " أرثوذكسية " متعصبة تكره الإسلام والمسلمين ! فذهب خالد .. إلى مركز إسلاميللدعوة .. وأحضر لها كتباً عن الإسلام باللغة الروسية .. فقرأتها .. وتأثرت بها .. ومرت الأيام .. وهم يحاولون ويقنعون .. حتى أسلمت .. وحسن إسلامها .. وبدأت تهتمبتعاليم الدين .. وتحرص على مجالسة الصالحات .. خافت أن ترجع إلى بلدها فترتد إلىنصرانيتها ..
فتزوجها خالد .. وكانت أكثر تمسكاً بالدين .. من كثير منالمسلمات .. ذهبت يوماً مع زوجها إلى السوق .. فرأت امرأة متحجبة .. قد غطت وجهها .. وكانت هذه أول مرَّة ترى فيها امرأة متحجبة تماماً .. فاستغربت من هذا الشكل !! وقالت : خالد .. لماذا هذه المرأة بهذا الشكل ؟ لعل هذه المرأة مصابة بعلَّة شوهتوجهها .. فغطته ؟ قال : لا .. هذه المرأة تحجبت الحجاب الذي ارتضاه الله سبحانهوتعالى لعباده .. والذي أمر به رسوله صلى الله عليه و سلم. فسكتت قليلاً .. ثم قالت : نعم .. فعلاً ..
هذا هو الحجاب الإسلامي .. الذي أراده الله منا .. قال : وماأدراكِ ؟ قالت : أنا الآن إذا دخلت أي محل تجاري .. لا تنزل أعين أصحاب المحل عنوجهي ! تكاد أن تلتهم وجهي قطعة قطعة !! إذن وجهي هذا لابد أن يُغطَّى .. لا بد أنيكون لزوجي فقط يراه .. إذن لن أخرج من هذا السوق إلا بمثل هذا الحجاب .. فمن أيننشتريه ..؟ قال : استمري على حجابك هذا .. كأمي وأخواتي .. قالت : لا .. بل أريدالحجاب الذي يريده الله .. مرت الأيام على هذه الفتاة .. وهي لا تزداد إلا إيماناً .. وأحبها من حولها .. وملكت على زوجها قلبه ومشاعره .. وفي ذات يوم نظرت إلى جوازسفرها .. فإذا هو قد قارب الانتهاء .. ولا بد أن يُجدَّد .. والأصعب من ذلك .. أنهلا بد أن يُجدد من المدينة نفسها التي تنتمي إليها المرأة .. إذن لا بد من السفرإلى روسيا .. وإلا تعتبر إقامتها غير نظامية ..
قرر خالدالسفر معها .. فهي لا تريد السفر من غير محرم .. ركبوا في طائرة تابعة للخطوطالروسية .. وركبت هي بحجابها الكامل !! وجلست بجانب زوجها شامخة بكل عزة .. قال لهاخالد : أخشى أن نقع في إشكالات بسبب حجابك .. قالت : أنت الآن تريد مني أن أطيعهؤلاء الكفرة ! وأعصي الله .. لا .. والله .. فليقولوا ما شاءوا ..
بدأ الناس ينظرون إليها .. وبدأت المضيفات يوزعن الطعام .. ومع الطعام الخمر .. وبدأ الخمر يعمل في الرؤوس .. وبدأت الألفاظ النابية .. توجهإليها من هنا وهناك .. فهذا يتندر .. وذاك يضحك .. والثالث يسخر .. ويقفون بجانبها .. ويعلَّقون عليها.. وخالد ينظر إليهم .. لا يفهم شيئاً .. أما هي فكانت تبتسموتضحك .. وتترجم له ما يقولون .. غضب الزوج .. فقالت : لا .. لا تحزن .. ولا يضِقصدرك .. فهذا أمر بسيط .. في مقابل ما جابهه الصحابة .. وما حصل للصحابيات من بلاءوابتلاء .. صبرت هي وزوجها .. حتى وصلت الطائرة .. في روسيا ..
قال خالد : عندما نزلنا في المطار .. كان أظن أننا سنذهب إلى بيت أهلها .. ونسكن عندهم ثم بعد ذلك ننهي إجراءاتنا ونعود .. لكن نظرة زوجتي كانت بعيدة .. قالتلي : أهلي ( آرثوذوكس ) متعصبون لدينهم .. فلا أريد أن أذهب الآن ! لكن نستأجر غرفة .. ونبقى فيها .. وننهي إجراءات الجواز .. وقبيل السفر نزور أهلي .. فرأيت أن هذارأياً صواباً .. استأجرنا غرفة وبتنا فيها .. ومن الغد ذهبنا إلى إدارة الجوازات .. دخلنا على الموظف فطلب الجواز القديم وصور للمرأة .. فأخرجت له صوراً لها بالأسودوالأبيض .. ولا يظهر منها إلا دائرة الوجه فقط .. فقال الموظف : هذه صورة مخالفة .. نريد صورة ملونة .. يظهر فيها الوجه والشعر والرقبة كاملة !! فأبت أن تعطيه غير هذهالصور .. وذهبنا إلى موظف ثانٍ .. وثالث .. وكلهم يطلبون صوراً سافرة .. وزوجتيتقول : لا يمكن أن أعطيهم صورة متبرجة أبداً ..
فرفض الموظفون استقبال الطلب .. فتوجهنا إلى المديرة الأصلية .. فاجتهدت زوجتي أن تقنعها بقبول هذه الصور .. وهيتأبى .. فأخذت زوجتي تلح وتقول : ألا ترين صورتي الحقيقية .. وتقارنينها بالصورالتي معك .. المهم رؤية الوجه .. الشعر قد يتغير .. هذه الصور تكفي ؟! والمديرة تصرعلى أن النظام .. لا يقبل هذه الصور .. فقالت زوجتي : أنا لن أحضر غير هذه الصور .. فما الحل ؟ قالت المديرة : لن يحل لكم الإشكال إلا مدير الجوازات الأصلية الكبرى فيموسكو .. فخرجنا من إدارة الجوازات .. فالتفتت إليَّ وقالت : يا خالد نسافر إلىموسكو .. عندها قلت لها : أحضري الصور التي يريدون .. ولا يكلف الله نفساً إلاوسعها .. فاتقوا الله ما استطعتم .. وهذه ضرورة .. والجواز سيراه مجموعة من الأشخاصفقط .. للضرورة .. ثم تخفينه في بيتك إلى أن تنتهي مدته .. دعي عنك المشاكل .. لاداعي للسفر إلى موسكو ..
فقالت : لا .. لا يمكن أن أظهر بصورة متبرجة .. بعد أنعرفت دين الله سبحانه وتعالى .. في موسكو .. أصرَّت عليَّ فسافرنا إلى موسكو .. واستأجرنا غرفة وسكنَّاها .. ومن الغد ذهبنا إلى إدارة الجوازات .. دخلنا علىالموظف الأول فالثاني فالثالث وفي نهاية المطاف .. اضطررنا للتوجه إلى المديرالأصلي .. دخلنا عليه .. وكان من أشد الناس خبثاً ! عندما رأى الجواز .. أخذ يقلبالصور .. ثم رفع رأسه إلى زوجتي وقال : من يثبت لي أنكِ صاحبة هذه الصور ؟؟ يريدهاأن تكشف وجهها ليراها .. فقالت له : قل لأحد الموظفات عندك .. أو السكرتيرات .. تأتي فأكشف وجهي لها .. وتطابق الصور .. أما أنت فلن تطابق الصور .. ولن أكشف لكوجهي .. فغضب الرجل .. وأخذ الجواز القديم .. والصور .. وبقية الأوراق .. وضم بعضهاإلى بعض .. وألقاها في درج مكتبه الخاص ..
وقال لها : ليس لكِ جواز قديم .. ولاجديد إلا بعد أن تأتين إليَّ .. بالصور المطابقة تماماً .. ونطابقها عليك .. أخذتزوجتي تتكلم معه .. تحاول إقناعه .. ويتكلمان بالروسية .. وأنا أنظر إليهما .. لاأفهم شيئاً .. لكني غضبت .. ولا أستطيع أن أفعل شيئاً .. وهو يردد : لا بد من إحضارالصور على شروطنا .. حاولت المسكينة إقناعه .. ولكن لا فائدة ! فسكتت وظلت واقفة .. التفتُّ إليها .. وأخذت أعيد عليها وأكرر : يا عزيزتي .. لا يكلف الله نفساً إلاوسعها .. ونحن في ضرورة .. إلى متى نتجول في مكاتب الجوازات .. فقالت لي : ومن يتقِالله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب .. اشتد النقاش بيني وبينها .. فغضبمدير الجوازات وطردنا من المكتب .. خرجنا نجر خطانا .. وأنا بين رحمة بها .. وغضبعليها ..