صور من حسن العشرة بين الزوجين
--------------------------------------------------------------------------------
) تتبع أحوال الزوج
في الحياة كثير مما يعكر الصفو ، وقد يكون ظاهرا ، وقد يكون خفيا ؛ وقد يحدث عند أحد الزوجين شيء من هذا يلاحظ في أسلوب كلامه ونظراته وبعض أفعاله ، فمن حسن العشرة أن ينظر الطرف الآخر في أسباب ذلك ويحاول إزالته .. ليرجع الصفو وتدوم العشرة .
روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ e : " إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى " قَالَتْ : فَقُلْتُ : مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : " أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ : لَا ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ : لا ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ " قَالَتْ : قُلْتُ : أَجَلْ ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلا اسْمَكَ ( 1[1] ) .
قال ابن حجر - : يُؤْخَذ مِنْهُ اِسْتِقْرَاء الرَّجُل حَال الْمَرْأَة مِنْ فِعْلهَا وَقَوْلهَا فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيْلِ إِلَيْهِ وَعَدَمه , وَالْحُكْم بِمَا تَقْتَضِيه الْقَرَائِن فِي ذَلِكَ , لأَنَّهُ e جَزَمَ بِرِضَا عَائِشَة وَغَضَبهَا بِمُجَرَّدِ ذِكْرهَا لاسْمِهِ وَسُكُوتهَا , فَبَنَى عَلَى تَغَيُّر الْحَالَتَيْنِ مِنْ الذِّكْر وَالسُّكُوت تَغَيُّر الْحَالَتَيْنِ مِنْ الرِّضَا وَالْغَضَب , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ شَيْء آخَر أَصْرَح مِنْهُ لَكِنْ لَمْ يُنْقَل .
وَقَوْل عَائِشَة : ( أَجَل يَا رَسُول اللَّه مَا أَهْجُر إِلا اِسْمك ) قَالَ الطِّيبِيُّ : هَذَا الْحَصْر لَطِيف جِدًّا ؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي حَال الْغَضَب الَّذِي يَسْلُب الْعَاقِل اِخْتِيَاره لَا تَتَغَيَّر عَنْ الْمَحَبَّة الْمُسْتَقِرَّة .ا.هـ وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّر : مُرَادهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُك التَّسْمِيَة اللَّفْظِيَّة وَلَا يَتْرُك قَلْبهَا التَّعَلُّق بِذَاتِهِ الْكَرِيمَة مَوَدَّة وَمَحَبَّة .ا .هـ .
ومن هذا الباب ما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ .. الحديث ( [2]2 ) .
2 ) ومن حسن العشرة تطييب خاطر الزوج ومراعاة مشاعرها
وهذا مما يدخل السرور على النفس ويزيل آثار الحزن والهم ؛ وقد قال الله تعالى لنبيه : ]تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ[ (الأحزاب: 51 ) وعن صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ - - قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ e وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ كَلامٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " أَلا قُلْتِ : فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي ، وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ ، وَأَبِي هَارُونُ ، وَعَمِّي مُوسَى ؟! " وَكَانَ الَّذِي بَلَغَهَا أَنَّهُمْ قَالُوا : نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e مِنْهَا ، وَقَالُوا : نَحْنُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ e وَبَنَاتُ عَمِّهِ ( [3]3 ) .
وفي سير أعلام النبلاء عن صفية بنت حيي - - أن النبي e حج بنسائه، فبرك بصفية جملها فبكت ، وجاء رسول الله e لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده ، وهي تبكي وهو ينهاها ( [4]4 ) .
فليتنا نتعلم من قدوتنا e في حياته مع أهله ، ليكون لنا نبراسًا في حياتنا الزوجية ، وأعتقد أن هذه السنن الزوجية تُصلح كثيرًا مما يجري بين الأزواج في حياتهم ... أليس كذلك ؟ ... بلى .
[1] - البخاري ( 5228 ) ، ومسلم ( 2439 ) .
[2] - البخاري ( 5267 ) ، ومسلم ( 1474 ) .
[3] - رواه الترمذي ( 3892 ) ، والطبراني في الأوسط ( 8503 ) ، والحاكم (6790).
[4] - سير أعلام النبلاء : 2 / 233، 234 .
ومن حسن العشرة
الإغضاء عن الهفوات
للإنسان هفوات ذكرًا كان أو أنثى ، ولابد ؛ وفهم هذه الحتمية تجعل للزوجين فهمًا للإغضاء عن الهفوات ، ولكن طبيعة المرأة العاطفية مع ما فيها من نقص في العقل قد يكون منها التسرع والوقوع في مثل هذه الهفوات ، فلابد للزوج أن يدرك ذلك منها وأن يغمض عينيه عن تلك الهفوات ، ليفتحها على جوانب الخير فيها ؛ وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ " ([1]) ، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ " ([2]) .
قال ابن حجر – : قيل : اِقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ وَاعْمَلُوا بِهَا وَارْفُقُوا بِهِنَّ وَأَحْسِنُوا عِشْرَتهنَّ ؛ وقَوْلُهُ : «خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع " قِيلَ : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع آدَم الأَيْسَر ، وقَوْله : « وَإِنَّ أَعْوَج شَيْء فِي الضِّلْع أَعْلاهُ » قِيلَ : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ أَعْوَج مَا فِي الْمَرْأَة لِسَانهَا , وَفَائِدَة هَذِهِ الْمُقَدِّمَة أَنَّ الْمَرْأَة خُلِقَتْ مِنْ ضِلْع أَعْوَج فَلا يُنْكَر اِعْوِجَاجهَا , أَوْ الإِشَارَة إِلَى أَنَّهَا لا تَقْبَل التَّقْوِيم كَمَا أَنَّ الضِّلْع لا يَقْبَلهُ . قَوْلُهُ : " فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمهُ كَسَرْته " قِيلَ : هُوَ ضَرْب مَثَل لِلطَّلاقِ ، أَيْ : إِنْ أَرَدْت مِنْهَا أَنْ تَتْرُك اِعْوِجَاجهَا أَفْضَى الأَمْر إِلَى فِرَاقهَا , وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسْلِم : " وَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمهَا كَسَرْتهَا , وَكَسْرهَا طَلاقهَا " ([3]) .
قال القسطلاني - : فيه ندب إلى مداراة النساء وسياستهن والصبر على عوجهن ، وأن من رام تقوميهن رام مستحيلا وفاته الانتفاع بهن ، مع أنه لا غنى للإنسان عن امراة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ([4]) .ا.هـ .
فإذا علم ذلك فعلى الزوج أن يأخذ الأمور بحكمة ويتغاضى عن الهفوات ، ويصبر على المرأة ، ولا يجنح إلى الخيال ولا يطلب الكمال ؛ وليعلم أن حسن الخلق معها ليس كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها ، والحلم عن طيشها وغضبها ، اقتداء برسول الله فقد كان أزواجه يراجعنه الكلام وتهجره إحداهن إلى الليل ([5]) .
[1] - مسلم ( 1469 ) .
[2] - البخاري ( 3331 ) ومسلم (1468) .
[3] - انظر فتح الباري : 6 / 368 ، مختصرا .
[4] - إرشاد الساري : 8 / 78 .
[5] - جزء من حديث رواه مسلم ( 1479 ) .
مما أعجبني
--------------------------------------------------------------------------------
) تتبع أحوال الزوج
في الحياة كثير مما يعكر الصفو ، وقد يكون ظاهرا ، وقد يكون خفيا ؛ وقد يحدث عند أحد الزوجين شيء من هذا يلاحظ في أسلوب كلامه ونظراته وبعض أفعاله ، فمن حسن العشرة أن ينظر الطرف الآخر في أسباب ذلك ويحاول إزالته .. ليرجع الصفو وتدوم العشرة .
روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ e : " إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى " قَالَتْ : فَقُلْتُ : مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : " أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ : لَا ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ : لا ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ " قَالَتْ : قُلْتُ : أَجَلْ ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلا اسْمَكَ ( 1[1] ) .
قال ابن حجر - : يُؤْخَذ مِنْهُ اِسْتِقْرَاء الرَّجُل حَال الْمَرْأَة مِنْ فِعْلهَا وَقَوْلهَا فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيْلِ إِلَيْهِ وَعَدَمه , وَالْحُكْم بِمَا تَقْتَضِيه الْقَرَائِن فِي ذَلِكَ , لأَنَّهُ e جَزَمَ بِرِضَا عَائِشَة وَغَضَبهَا بِمُجَرَّدِ ذِكْرهَا لاسْمِهِ وَسُكُوتهَا , فَبَنَى عَلَى تَغَيُّر الْحَالَتَيْنِ مِنْ الذِّكْر وَالسُّكُوت تَغَيُّر الْحَالَتَيْنِ مِنْ الرِّضَا وَالْغَضَب , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ شَيْء آخَر أَصْرَح مِنْهُ لَكِنْ لَمْ يُنْقَل .
وَقَوْل عَائِشَة : ( أَجَل يَا رَسُول اللَّه مَا أَهْجُر إِلا اِسْمك ) قَالَ الطِّيبِيُّ : هَذَا الْحَصْر لَطِيف جِدًّا ؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي حَال الْغَضَب الَّذِي يَسْلُب الْعَاقِل اِخْتِيَاره لَا تَتَغَيَّر عَنْ الْمَحَبَّة الْمُسْتَقِرَّة .ا.هـ وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّر : مُرَادهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُك التَّسْمِيَة اللَّفْظِيَّة وَلَا يَتْرُك قَلْبهَا التَّعَلُّق بِذَاتِهِ الْكَرِيمَة مَوَدَّة وَمَحَبَّة .ا .هـ .
ومن هذا الباب ما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ .. الحديث ( [2]2 ) .
2 ) ومن حسن العشرة تطييب خاطر الزوج ومراعاة مشاعرها
وهذا مما يدخل السرور على النفس ويزيل آثار الحزن والهم ؛ وقد قال الله تعالى لنبيه : ]تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ[ (الأحزاب: 51 ) وعن صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ - - قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ e وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ كَلامٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " أَلا قُلْتِ : فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي ، وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ ، وَأَبِي هَارُونُ ، وَعَمِّي مُوسَى ؟! " وَكَانَ الَّذِي بَلَغَهَا أَنَّهُمْ قَالُوا : نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e مِنْهَا ، وَقَالُوا : نَحْنُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ e وَبَنَاتُ عَمِّهِ ( [3]3 ) .
وفي سير أعلام النبلاء عن صفية بنت حيي - - أن النبي e حج بنسائه، فبرك بصفية جملها فبكت ، وجاء رسول الله e لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده ، وهي تبكي وهو ينهاها ( [4]4 ) .
فليتنا نتعلم من قدوتنا e في حياته مع أهله ، ليكون لنا نبراسًا في حياتنا الزوجية ، وأعتقد أن هذه السنن الزوجية تُصلح كثيرًا مما يجري بين الأزواج في حياتهم ... أليس كذلك ؟ ... بلى .
[1] - البخاري ( 5228 ) ، ومسلم ( 2439 ) .
[2] - البخاري ( 5267 ) ، ومسلم ( 1474 ) .
[3] - رواه الترمذي ( 3892 ) ، والطبراني في الأوسط ( 8503 ) ، والحاكم (6790).
[4] - سير أعلام النبلاء : 2 / 233، 234 .
ومن حسن العشرة
الإغضاء عن الهفوات
للإنسان هفوات ذكرًا كان أو أنثى ، ولابد ؛ وفهم هذه الحتمية تجعل للزوجين فهمًا للإغضاء عن الهفوات ، ولكن طبيعة المرأة العاطفية مع ما فيها من نقص في العقل قد يكون منها التسرع والوقوع في مثل هذه الهفوات ، فلابد للزوج أن يدرك ذلك منها وأن يغمض عينيه عن تلك الهفوات ، ليفتحها على جوانب الخير فيها ؛ وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ " ([1]) ، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ " ([2]) .
قال ابن حجر – : قيل : اِقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ وَاعْمَلُوا بِهَا وَارْفُقُوا بِهِنَّ وَأَحْسِنُوا عِشْرَتهنَّ ؛ وقَوْلُهُ : «خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع " قِيلَ : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع آدَم الأَيْسَر ، وقَوْله : « وَإِنَّ أَعْوَج شَيْء فِي الضِّلْع أَعْلاهُ » قِيلَ : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ أَعْوَج مَا فِي الْمَرْأَة لِسَانهَا , وَفَائِدَة هَذِهِ الْمُقَدِّمَة أَنَّ الْمَرْأَة خُلِقَتْ مِنْ ضِلْع أَعْوَج فَلا يُنْكَر اِعْوِجَاجهَا , أَوْ الإِشَارَة إِلَى أَنَّهَا لا تَقْبَل التَّقْوِيم كَمَا أَنَّ الضِّلْع لا يَقْبَلهُ . قَوْلُهُ : " فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمهُ كَسَرْته " قِيلَ : هُوَ ضَرْب مَثَل لِلطَّلاقِ ، أَيْ : إِنْ أَرَدْت مِنْهَا أَنْ تَتْرُك اِعْوِجَاجهَا أَفْضَى الأَمْر إِلَى فِرَاقهَا , وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسْلِم : " وَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمهَا كَسَرْتهَا , وَكَسْرهَا طَلاقهَا " ([3]) .
قال القسطلاني - : فيه ندب إلى مداراة النساء وسياستهن والصبر على عوجهن ، وأن من رام تقوميهن رام مستحيلا وفاته الانتفاع بهن ، مع أنه لا غنى للإنسان عن امراة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ([4]) .ا.هـ .
فإذا علم ذلك فعلى الزوج أن يأخذ الأمور بحكمة ويتغاضى عن الهفوات ، ويصبر على المرأة ، ولا يجنح إلى الخيال ولا يطلب الكمال ؛ وليعلم أن حسن الخلق معها ليس كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها ، والحلم عن طيشها وغضبها ، اقتداء برسول الله فقد كان أزواجه يراجعنه الكلام وتهجره إحداهن إلى الليل ([5]) .
[1] - مسلم ( 1469 ) .
[2] - البخاري ( 3331 ) ومسلم (1468) .
[3] - انظر فتح الباري : 6 / 368 ، مختصرا .
[4] - إرشاد الساري : 8 / 78 .
[5] - جزء من حديث رواه مسلم ( 1479 ) .
مما أعجبني