الصبر في الحياةالزوجية
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الحياة الزوجية هي تآلف بين روحين وتجانس بين قلبين جمع الله بينهما بميثاق غليظ، فكان كل منهما على أتم الاستعداد ليضحي بالغالي والثمين في سبيل الآخر.
وهكذا تمضي سفينة الحياة الزوجية بهدوء وسكينة قاطعة بحار الحياة بأمان، لكن هناك أمواج عاتية أحيانًا تظهر فجأة، فتحول حياة ركاب السكينة إلى تعاسة ونكد، وتغتال الطمأنينة والسكينة، فكان لابد لركاب السفينة من الأزواج أن يتجهزوا بشتى الوسائل التي تحول دون تعرض حياتهم الزوجية للخطر.
ومن أهم هذه الوسائل (الصبر)، فيا له من معنى رقيق تعشقه آذان الأزواج وتهفو إليه قلوبهم، وما أجمل تلك البيوت التي تظللها سحائب من الصبر فتقيها من أشعة المشكلات الطاحنة، والأزمات المدمرة، وحتى الأخطاء البسيطة العابرة.
أمنية وردية:
وحديثنا عن الصبر حاجة ملحة، حيث إن الكثير من الأزواج يدخلون إلى عالم الزوجية الجديد محملين بأحلام وردية وأمنيات بنفسجية، ويظنون أن الحياة التي عاشوها قبل الزواج شيئًا والحياة بعده شيئًا آخر.
فيظنون أنهم بالزواج سيدخلون إلى جنة مغمورة بكل ألوان السعادة لا صخب فيها ولا آلام، وسيتخلصون من كل إزعاج، وسيهنئون دومًا براحة البال، وما أن يواجه بعض الأزواج أولى لحظات الألم أو حتى يقفوا على أعتاب مشكلة من المشكلات إلا ونراهم يتراجعون ويعتقدون أن ما تخيلوه عن حياتهم الزوجية كان أضغاث أحلام، ولربما أدى ذلك إلى هدم العلاقة ودمار عش الزوجية الجديد.
ولذا ينبغي أن يعلم الأزواج جيدًا أن الحياة الزوجية مليئة بالتحديات والمشكلات، وهكذا سنة الحياة، لكن مدى وعينا بذلك وإدراكنا له هو الذي يضمن لنا أن نحول هذه التحديات إلى فرص تزيد من دفء الحياة الزوجية، وهو الذي يضمن كذلك أن نحول المحن إلى منح تدعم حياتنا إلى الأفضل.
وأهم ما ينبغي إدراكه هو ضرورة الصبر في الحياة الزوجية، فالحياة الزوجية تحتاج لإنسان صبور حتى يتمكن من خوض التجربة بنجاح أما الذي يفتقدون إلى الصبر فاحتمال إخفاقهم مع أول مشكلة أو تحدي كبير جدًّا.
طموحك الشخصي:
وحتى يتمكن كل شريك حياة من الصبر على الطرف الآخر خصوصًا وعلى الحياة الزوجية عمومًا، ينبغي أن يضع سقفًا مناسبًا لتوقعاته حيال الطرف الآخر، فالحد من طموحات الزوج تجاه زوجته ـ مثلًا ـ يمنح الزوج قدرة على استيعاب بعض ما يصدر عنها فيكون حينها أقدر على الصبر.
أما أن يظن الزوج أن زوجته هي ملكة في جمالها، وقمة في ذكائها وعقلها، وفريدة في حكمتها .. إلخ، فلاشك أنه سيصدم حينما يصدر منها عكس ذلك، ومن ثم يكون صبره أقل، والعكس صحيح بالنسبة للزوجة مع زوجها.
إن فن الحياة هو قدرة شريك الحياة على إرساء الأمن والسلام في محيط أسرته وفي أركان بيته، وهذا لن يتأتى إلا بقدرة شريكي الحياة على الصبر وضبط النفس.
الخلاصة:
مما سبق يتضح لنا أهمية الصبر في الحياة الزوجية، ويمكنا أن نلخص كل ما سبق في موقف لأبي عثمان النيسابوري، فقد (قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عملك عندك؟ قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى .. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان إني قد هويتك .. وأنا أسألك بالله أن تتزوجني .. فأحضرت أباها .. وكان فقيرًا، فزوجني وفرح بذلك.
فلما دخلت إليّ، رأيتها عوراء عرجاء مشوهة، وكانت لمحبتها ليّ تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وإني على جمر الغضا من بغضها، فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت .. ! فما من عملي هو أرجى عندي من حفظي قلبها!
وقد وصف ابن القيم صبر أبي عثمان النيسابوري بقوله: إن هذا من عمل الرجال!
أفلا ترغب أخي الزوج / أختي الزوجة، في أن يكون لك من أجر الصابرين نصيب، ذلك الأجر الذي وعد الله تعالى عليه الوعد الحسن في أكثر من سبعين آية؟!)