بسم الله الرحمن الرحيم
(( مَاهِيَّةُ الأًلِفِ ))
كاتب الموضوع الأستاذ إسلام اليسر
الألفُ هوَ الصوتُ الوحيدُ الذي يُحَسُ أَثَرُهُ في الوترينِ الصوتيينِ ،
وليسَ لَهُ في جِهَازِ النطقِ مقطعٌ ، وقدِ اتفقَ المحدَثُونَ على أَنَّ اهْتِزَازَ الوترينِ الصوتينِ يؤثرُ في صفةِ الحرفِ لا في مخرجِهِ ، وَأَنَّ الألفَ صائتٌ مجهورٌ يحدثُ نتيجةَ اندفاعِ الهواءِ في مجراهُ المستمرِ خلالَ الحلقِ والفمِ منْ غيرِ أَنْ يعترضَهُ مقطعٌ يثنيهِ أوْ يضيِّقُ مجراهُ ، وأنهُ حيثُ يكونُ ضِيقٌ في مجرى النفسِ أو انطباقٌ يكونُ مخرجَ الحرفِ .
وعلى هذا يمكن أن نقول :
إن الألف بناء على الدرس الصوتي الحديث :
( هواء مجهور ) أو ( نفس مجهور ) ،
ذلك أننا لا نستطيع أن نقول :
في هذه النقطة من جهاز الصوت يضيق مجرى النفس محدثا صوت الألف ،
كما يمكن أن نقول ذلك عن أي حرف آخر من حروف العربية ،
ومنها الياء والواو أختا الألف في الامتداد واللين .
وقد تنبه لهذا الاختلاف علماء العربية ، ومنهم ( ابن جني ) حيث قال :
" إلا أن الصوت الذي يجري في الألف مخالف للصوت الذي يجري في الياء والواو ... أما الألف فتجد الحلق والفم معها منفتحين غير معترضين
على الصوت بضغط أو حصر ... "( سر صناعة الإعراب 1 / 20 )
وقد نص الداني على أن الألف كالنفس ، وأنه صوت في الهواء ، فقال :
" وهو حرف هاوٍ ، مجهور ، لا معتمد له في شيء من أجزاء الفم ،
كالنفس ، وإنما هو صوت في الهواء ، ولذلك نسب إلى الجوف "
( التحديد : ص122 ) .
فالألف لولا ما يصحبها من اهتزاز الوترين الصوتيين تكون هواء لا صوتا ،
وموضع هذا الاهتزاز هو الذي جعله ( ابن جني ) مخرجا للألف ؛ لأن الصوت الخارج من أقصى الحلق ( الوترين ) لم يجد له مقطعا في الحلق أو الفم أو الشفتين فرجع إلى مخرج الهمزة لينقطع هناك ،
وفي ذلك يقول ( ابن جني ) :
"... استمر الصوت ممتدا حتى ينفد ويفضى حسيرا إلى مخرج الهمزة ، فينقطع بالضرورة عندها ؛ إذ لم يجد منقطعا فيما فوقها " .
وهكذا نجد تقاربا كبيرا في إدراك حقيقة الألف بين القدامى والمحدثين ،
على ما بينهم من اختلاف في المصطلح .
وحينما نسعى لتقريب الأمر نقول :
إن الألف عند المحدثين ( نفس مجهور ) أو ( هواء مجهور ) ،
وقريب من هذا كلام الداني المذكور آنفا ،
وموضع الجهر هو الوتران الصوتيان ،
فالألف تولد بالصفة على هذا لا بالمخرج ؛ لأن الهواء المجهور بعد تجاوزه الوترين اللذين أوجدا فيه صفة الجهر باهتزازهما حين يعوقه طرف اللسان ،
وقد اتصل بأصول الثنايا ، ثم ينفصل عن ذلك الموضع فجأة يسمعنا صوت الدال ، فها هنا إذن مخرج الدال ،
وحين يقترب طرف اللسان من أطراف الثنايا العليا بحيث يسمح للهواء المجهور بالمرور بينهما محدثا احتكاكا مسموعا يكون صوت الذال ،
فإذا انطلق الهواء المجهور من غير انطباق في جهاز الصوت أو اقتراب
كان صوت الألف .
والقول بولادة الألف بالصفة لا بالمخرج يفسر ما قاله علماء العربية
من أن مخرج الألف من أقصى الحلق _ حيث الوتران الصوتيان _ ذلك أنهم أحسوا ولادتها في في هذا الموضع ، ولم يكونوا على علم بالوترين وأثرهما في صفة الصوت
فحسبوه أثرا في المخرج .
وإذا مضينا أبعد من ذلك ، وقلنا إن مخرج الحرف إنما هو حيث يولد ،
كان كلامهم في غاية الدقة ؛
لأن ولادة الألف إنما تكون في الوترين باهتزازهما .
بتصرف بسيط من كتاب :
( أصوات العربية بين التحول والثبات )
للدكتور : حسام النعيمي
وجزاكم الله خيرا
(( مَاهِيَّةُ الأًلِفِ ))
كاتب الموضوع الأستاذ إسلام اليسر
الألفُ هوَ الصوتُ الوحيدُ الذي يُحَسُ أَثَرُهُ في الوترينِ الصوتيينِ ،
وليسَ لَهُ في جِهَازِ النطقِ مقطعٌ ، وقدِ اتفقَ المحدَثُونَ على أَنَّ اهْتِزَازَ الوترينِ الصوتينِ يؤثرُ في صفةِ الحرفِ لا في مخرجِهِ ، وَأَنَّ الألفَ صائتٌ مجهورٌ يحدثُ نتيجةَ اندفاعِ الهواءِ في مجراهُ المستمرِ خلالَ الحلقِ والفمِ منْ غيرِ أَنْ يعترضَهُ مقطعٌ يثنيهِ أوْ يضيِّقُ مجراهُ ، وأنهُ حيثُ يكونُ ضِيقٌ في مجرى النفسِ أو انطباقٌ يكونُ مخرجَ الحرفِ .
وعلى هذا يمكن أن نقول :
إن الألف بناء على الدرس الصوتي الحديث :
( هواء مجهور ) أو ( نفس مجهور ) ،
ذلك أننا لا نستطيع أن نقول :
في هذه النقطة من جهاز الصوت يضيق مجرى النفس محدثا صوت الألف ،
كما يمكن أن نقول ذلك عن أي حرف آخر من حروف العربية ،
ومنها الياء والواو أختا الألف في الامتداد واللين .
وقد تنبه لهذا الاختلاف علماء العربية ، ومنهم ( ابن جني ) حيث قال :
" إلا أن الصوت الذي يجري في الألف مخالف للصوت الذي يجري في الياء والواو ... أما الألف فتجد الحلق والفم معها منفتحين غير معترضين
على الصوت بضغط أو حصر ... "( سر صناعة الإعراب 1 / 20 )
وقد نص الداني على أن الألف كالنفس ، وأنه صوت في الهواء ، فقال :
" وهو حرف هاوٍ ، مجهور ، لا معتمد له في شيء من أجزاء الفم ،
كالنفس ، وإنما هو صوت في الهواء ، ولذلك نسب إلى الجوف "
( التحديد : ص122 ) .
فالألف لولا ما يصحبها من اهتزاز الوترين الصوتيين تكون هواء لا صوتا ،
وموضع هذا الاهتزاز هو الذي جعله ( ابن جني ) مخرجا للألف ؛ لأن الصوت الخارج من أقصى الحلق ( الوترين ) لم يجد له مقطعا في الحلق أو الفم أو الشفتين فرجع إلى مخرج الهمزة لينقطع هناك ،
وفي ذلك يقول ( ابن جني ) :
"... استمر الصوت ممتدا حتى ينفد ويفضى حسيرا إلى مخرج الهمزة ، فينقطع بالضرورة عندها ؛ إذ لم يجد منقطعا فيما فوقها " .
وهكذا نجد تقاربا كبيرا في إدراك حقيقة الألف بين القدامى والمحدثين ،
على ما بينهم من اختلاف في المصطلح .
وحينما نسعى لتقريب الأمر نقول :
إن الألف عند المحدثين ( نفس مجهور ) أو ( هواء مجهور ) ،
وقريب من هذا كلام الداني المذكور آنفا ،
وموضع الجهر هو الوتران الصوتيان ،
فالألف تولد بالصفة على هذا لا بالمخرج ؛ لأن الهواء المجهور بعد تجاوزه الوترين اللذين أوجدا فيه صفة الجهر باهتزازهما حين يعوقه طرف اللسان ،
وقد اتصل بأصول الثنايا ، ثم ينفصل عن ذلك الموضع فجأة يسمعنا صوت الدال ، فها هنا إذن مخرج الدال ،
وحين يقترب طرف اللسان من أطراف الثنايا العليا بحيث يسمح للهواء المجهور بالمرور بينهما محدثا احتكاكا مسموعا يكون صوت الذال ،
فإذا انطلق الهواء المجهور من غير انطباق في جهاز الصوت أو اقتراب
كان صوت الألف .
والقول بولادة الألف بالصفة لا بالمخرج يفسر ما قاله علماء العربية
من أن مخرج الألف من أقصى الحلق _ حيث الوتران الصوتيان _ ذلك أنهم أحسوا ولادتها في في هذا الموضع ، ولم يكونوا على علم بالوترين وأثرهما في صفة الصوت
فحسبوه أثرا في المخرج .
وإذا مضينا أبعد من ذلك ، وقلنا إن مخرج الحرف إنما هو حيث يولد ،
كان كلامهم في غاية الدقة ؛
لأن ولادة الألف إنما تكون في الوترين باهتزازهما .
بتصرف بسيط من كتاب :
( أصوات العربية بين التحول والثبات )
للدكتور : حسام النعيمي
وجزاكم الله خيرا
عدل سابقا من قبل مودة في الجمعة 11 يناير 2013, 2:00 pm عدل 1 مرات