بسم الله الرحمن الرحيم
النوع الأول :
أن تكون ساكنة الآخر سكونا أصليا نحو: " لم يلد ولم يولد " " فلا تنهر " فإذا فرغت فانصب " وحكمها في الوقف كحكمها في الوصل سواء بسواء .
النوع الثاني :
أن تكون منونة، فإن كانت منصوبة أبدل تنوينها حرف مد ألفا عند الوقف، نحو: " عليما، خبيرا، أمدا " قال ابن مالك.
وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا كما تقول في قفا قفا
وإن كانت مرفوعة أو مجرورة حذف تنوينها حال الوقف نحو: " والله عليم حكيم، تنزيل من غفور رحيم ".
النوع الثالث :
أن تكون متحركة الآخر، ويكون قبل الحرف الأخير منها حرف مد ولين فقط، وهذا مايسمي المد العارض للسكون .
فإن كانت حركة الحرف الأخير فتحة ـ سواء كانت فتحة إعراب نحو: "مخلصاً له الدين، هو الذي أنزل عليك الكتب" فأوف لنا الكيل، إلي بعض القول" أم فتحة بناء نحو: العلمين، ومن عاد، لا ريب، لا ضير" فيجوز حينئذ في حرف المد واللين، وفي حرف اللين ثلاثة أوجه: القصر بمقدار حركتين والتوسط بمقدار أربع حركات، والمد بمقدار ست حركات، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض، فيمتنع فيه الروم والإشمام . وإذا كانت حركة الحرف الأخير ضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " نستعين، والله قدير، فالله خير، لا فيها غول" أم كانت ضمة بناء نحو : " بأبرهم، ينوح، وحيث" ـ فإنه يجوز في الوقف علي الكلمة سبعة أوجه: القصر والتوسط والمد مع السكون المحض في الحرف الأخير، ومثلها مع الإشمام في الحرف الأخير، فتكون الأوجه ستة، والوجه السابع الروم مع القصر.
ولا يكون الروم إلا مع القصر، فلا يكون مع التوسط ولا مع الإشباع، لأن الروم كالوصل، وكما لا يصح الوصل إلا مع القصر فلا يصح الروم إلا مع القصر.
وإذا كانت حركة الحرف الأخير كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " إلي صراط مستقيم، وإن كنتم في ريب، وءامتهم من خوف" أم كانت كسرة بناء نحو: " وإليه متاب، رب ارجعون، إحدى الحسنيين، ثم ارجع البصر كرتين" . فإنه يجوز عند الوقف علي الكلمة أربعة أوجه :
القصر والتوسط والمد، والروم مع القصر.
وقد بينا فيما سبق أن عبارة النشر يفيد ظاهرها أن المراد بهما عند الوقف كالنطق بهما عند الوصل إجراء لهما مجري الحروف الصحيحة، وذهب بعضهم إلي أن المراد بالقصر فيهما مدهما بمقدار حركتين كالقصر في حروف المد إجراء لحرفي اللين اللذين بعدهما سكون عارض مجري حرفي المد اللذين بعدهما سكون عارض تسهيلا للنطق بحرفي اللين لأن حذف المد منهما بالكلية عند الوقف يؤدي إلي ثقل النطق بهما. ولا يزول هذا الثقل إلا بمدهما بمقدار حركتين.
وينبغي أن يعلم أن الكلمة الموقوف عليها إذا كانت منونة ووقفت عليها بالروم سواء كانت مرفوعة أم مجرورة فإنه يجب حذف تنوينها عند الوقف .
كما ينبغي أن تعلم أن حرف اللين عند الوقف بالروم لا يمد مطلقا لأن الروم كالوصل كما تقدم وهو لا يمد مطلقا حال الوصل فكذلك لا يمد حال الروم، بخلاف حرف المد عند الوقف بالروم فإنه يمد بمقدار حركتين لأنه عند الوصل يمد هذا المقدار فكذلك يمد هذا المقدار عند الروم.
النوع الرابع :
أن يكون آخر الكلمة همزة متحركة ويكون قبل الهمز حرف مد. وهذا هو المد المتصل الموقوف عليه.
فإن كانت حركة الهمزة فتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: "ولا تؤتوا السفهاء، ويمسك السماء" أم كانت فتحة بناء نحو: " شاء، ما أفآء". فيجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثلاثة أوجه:
الأول ـ التوسط بمقدار أربع حركات .
الثاني ـ فويق التوسط بمقدار خمس حركات، وهذان الوجهان يجريان في حال الوصل أيضا، لوجوب مد المتصل بهذا المقدار في الحالتين كما سبق.
الثالث ـ المد بمقدار ست حركات. ونظراً لهذا الوجه يسمي هذا المد " المد المتصل العارض للسكون" أي الذي عرض للكلمة بسبب السكون العارض لها عند الوقف عليها. فلا يسمي المد العارض للسكون إلا باعتبار هذا الوجه حال الوقف لأن هذا الوجه لم يجز إلا لأجل السكون العارض في الوقف . وأما الوجهان الأولان فثابتان وصلا ووقفا كما تقدم ، ولا يجوز في هذه الحال ـ حال فتح الهمزة ـ الروم، ولا الإشمام.
وإذا كانت حركة الهمزة كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " السمآء، من ماء " أم كانت كسرة بناء نحو: " هؤلاء " فإنه يجوز في الوقف علي هذه الكلمة خمسة أوجه، التوسط بمقدار أربع حركات، وفويق التوسط بمقدار خمس حركات، وعلي كل منهما السكون المحض والروم فتكون الأوجه أربعة والخامس المد ست حركات مع السكون المحض فتكون خمسة. ولا يجوز الروم مع المد المشبع ست حركات، لأن هذا المد الشبع لا يجوز وصلا، والروم كالوصل، فكما لا يصح هذا الوجه في حال الوصل لا يصح في حال الروم.
وإذا كانت الهمزة مضمومة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " حيث يشاء، فيخرج منه المآء " أم ضمنة بناء نحو: "وبسماء" فإنه يجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثمانية أوجه، التوسط بقدار أربع حركات، وفويق التوسط بقدار خمس حركات، وكل منهما مع السكون المحض والروم والإشمام فتكون الأوجه ستة، والسابع والثامن المد المشبع مع السكون المحض، ومع الإشمام فتكون الأوجه ثمانية.
قال العامة الأبياري :
وقف علي متصل بأربع وخمسة وستة لترفع
والرفع أشممه ورمه مطلقا مع جر بأربع وخمس تتقي
ثلاثة نصبا وخمسة لجر فالرفع أوجه ثمان تعتبر
وإن مددت أربعا في الوصل فقف بأربع وستة ذا الفضل
وإن مددت خمسة كن واقفا بخمسة وستة كب تعرفا
والرفع أشمم حيثما وقفتا ورمه مع جر بما وصلتا
النوع الخامس :
أن يكون آخر الكلمة حرفا مشددا وقبله حرف مد المد اللازم فإن كان الحرف المشدد مفتوحا نحو: "صوآف، لاتضآر" فليس في حرف المد إلا الإشباع تغليبا للسبب الأقوى علي غيره، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض لكونه مفتوحا فلا يدخله روم ولا إشمام .
وإن كان الحرف الأخير مكسورا نحو :" إن شر الدوآب، غير مضآر " تعين إشباع حرف المد أيضا للعلة السالفة. وجاز في الحرف المشدد السكون المحض، والروم، وإن كان الحرف الأخير مضموما نحو: " كأنها جان " تعين في حرف المد الإشباع أيضا وجاز في الحرف الأخير ثلاثة أوجه: السكون المحض، والإشمام، والروم.
النوع السادس :
أن يكون آخر الكلمة هاء كناية، وهاء الكناية في اصطلاح القراء هي الهاء الزائدة الدالة علي الواحد المذكر، وتسمي هاء الضمير أيضا فخرج بالزائدة الهاء الأصلية كالهاء في :" فواكه، نفقه، وانه عن المنكر، لئن لم ينته، وجه أبيكم، إله ".
وبالدالة علي والواحد المذكر الهاء في نحو: " عليها، عليهما، عليهم، عليهن ". وتتصل هاء الكناية بالفعل نحو: " يؤده، نوله " وبالاسم نحو: " أهله، بيده" وبالحرف نحو: "عليه ، فيه".
ولهاء الضمير سبع أحوال.
الأولي :
أن يكون قبلها واو ساكنة سواء كانت هذه الواو حرف مدولين بأن كان ماقبلها مضموما نحو: " خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه". أم كانت حرف لين فقط بأن كان ماقبلها مفتوحا نحو: " فلما رأوه، وشروه، ولير ضوه".
الثانية :
أن تقع بعد ياء ضمة نحو : " فإن الله يعلمه، علي من يكفله، فإنه ءاثم قلبه " .
الثالثة :
أن تقع بعد ياء ساكنة سواء كانت هذه الياء حرف مد ولين بأن انكسر ماقبلها نحو:" فألقيه، قصيه". أم كانت حرف لين فقط نحو: " عليه، إليه، لديه".
الرابعة :
أن تقع بعد كسرة نحو: " بأمر، لحكمه، ذكر ربه ".
الخامسة :
أن تقع بعد ألف نحو: " أجتبه، وهدينه، وفدينه " .
السادسة :
أن تقع بعد حرف ساكن صحيح نحو: " منه، فليصمه، أبلغه ".
السابعة :
أن تقع بعد فتحة نحو: " ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره ".
وتكسر هاء الضمير في الحالين الثالثة والرابعة، وتضم في باقي الأحوال.
وحكم حرف المد واللين وحرف اللين عند الوقف علي الهاء. جواز القصر والتوسط والمد.
وأما حكم الوقف عليها من حيث دخول الروم والإشمام فيها فهو موضع خلاف العلماء .
فذهب فريق منهم إلي منع دخول الروم والإشمام فيها مطلقا في جميع أحوالها، لأنها تشبه هاء التأنيث في حال الوقف، وهاء التأنيث لا يدخلها روم ولا إشمام في الوقف فكذلك ما يشبهها. وذهب فريق إلي جواز دخول الروم والإشمام فيها إذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة أو ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة. وجواز دخول الروم والإشمام اتفاقا، وطرداً للقاعدة العامة وهذا المذهب هو الذي يعبر عنه العلماء بمذهب الجواز مطلقا في جميع أحوالها.
وذهبت طائفة من المحققين إلي التفصيل :
فإذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة امتنع فيها الروم والإشمام طلبا للخفة، لئلا يخرج القاريء من واو أو ضم إلي ضمة أو إشارة إليها وذلك ثقيل في النطق.
وإذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة امتنع دخول الروم فيها لئلا يخرج القاريء من ياء ساكنة أو كسرة وفي ذلك ثقل في النطق.
وإذا كان قبلها ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة جاز دخول الروم والإشمام فيها محافظة علي بيان حركتها حيث لم يكن ثقل.
قال المحقق ابن الجزري في النشر: وهذا أعدل المذاهب عندي أ هـ .
ويجب حذف صلة الهاء مع الروم كما يجب حذفها مع السكون عند الوقف.
قال المحقق ابن الجزري:
وخلف ها الضمير وامنع فيس الأتم
من بعديا أو واو أو كسر وضم
والفصل بعد الفتح أو بعد الألف
أو ساكن قد صح في قول ألف
وقد جوزوا الإسكان والروم والإشمام فيما بعده الألف نحو: " اجتبه وهده " وبعد الساكن الصحيح نحو: " منه، وعنه " وبعد الفتح نحو: " خلقه فقدره ".
وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في آخر سورة فصلت الآية (50) وهي قوله تعالى: " ولئن أذقنه رحمة منا من بعد ضرآء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلي ربي إن لي عنده للحسني، فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ".
وقد جمعها المنصوري في هذه الأبيات فقال :
هاء الضمير قد أتت في فصلت
في آية عدت (يلي) قد بينت
بعد الألف ساكن صحيح قد ألف
والفتح من بعده حقا عرف
( ولئن أذقنه ) وبعده (مسته)
في ألفا صلة قل (عنده)جاءته
روم وإشمام سكون قد ثبت
في المصحف المختار نقل عن أبت
النوع السابع :
أن يكون آخر الكلمة متحركا بإحدى الحركات الثلاث وليس هاء ضمير، ولا هاء تأنيث، وليست حركته عارضة في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين، وليس قبله حرف مد ولا حرف لين .
فإن متحركا بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: " لكيلا يعلم، إلا من ظلم، أعطينك الكوثر " أم فتحة بناء نحو: " هنالك، لا وزر، لا عاصم ". فليس فيه عند الوقف إلا السكون المجرد.
قال الإمام الشاطبي رحمة الله تعالى:
ولم يره في الفتح والنصب قارئ ..... ...... ..... .......
وإن كان متحركا بالضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " هو الولي، له الملك وله الحمد ". أم ضمة بناء نحو: " إني توكلت، أين ماكنت يمريم، يصلح، من قبل، ومن بعد " جاز فيه عند الوقف ثلاثة أوجه: السكون المحض، والسكون مع الإشمام، والروم.
وإن كان متحركا بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " والعصر، في المسجد، فهل من مدكر " أم كسرة بناء نحو: " أهكذا عرشك، أني لك هذا، لقد جئت شيئا فريا ". جاز فيه حال الوقف وجهان: السكون المحض، والروم.
ويسمي هذا النوع السكون العارض للوقف.
النوع الثامن :
أن تكون الكلمة مختتمة بتاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، وهي قسمان: الأول : أن يكون قبلها ألف نحو: " وأقيموا الصلوة، وما الحيوة، علي حيوة ". وحكم الألف قبلها جواز قصرها وتوسطها ومدها كغيرها من المد العارض للسكون.
الثاني : أن يكون قبلها حرف غير الألف نحو: " الملئكة، كآفة، الجنة، رحمة، نعمة ". وليس فيها عند الوقف إلا سكون الهاء المبدلة من التاء، ولا يجوز في هذه الهاء بقسميها روم ولا إشمام، لأن الحركة إنما كانت للتاء، والهاء بدل عنها عند الوقف فلا حركة للهاء حتى يسوغ فيها الروم والإشمام فأما ما يوقف عليه بالتاء من هذا الباب تبعا لرسمه في المصاحب بالتاء فيدخله الروم والإشمام لأن الحركات حينئذ تكون للتاء وهي لازمة لها.
ونقل صاحب نهاية القول المفيد عن العلامة ملا علي القاريء أنه علل منع دخول الروم والإشمام في هذه الهاء بقوله: " لأن المراد من الروم والإشمام بيان حركة الحرف الموقوف عليه حال الوصل. ولم يكن علي الهاء حركة في الوصل حتى يصح بيانها والإشارة إليها . إذ هي مبدلة من التاء معدومة في الوقف.
أما ما رسم بالتاء في المصاحف فإن الروم والإشمام يدخلان فيه لأنها تاء محضة وهي التي كانت في الوصل أهـ .
قال المحقق ابن الجزري :
وهاء تأنيث وميم الجمع مع عارض تحريك كلاهما امتنع
النوع التاسع :
أن يكون آخر الكلمة ساكنا بحسب الأصل ثم عرضت له الحركة في الوصل تخلصا من التقاء الساكنين نحو : "قم" من "قم اليل" "وأنذر" من "وأنذر الناس" و"رجت" من "ورجت الأرض" و"اشتروا" من "اشتروا الحيوة" و"عصوا" من "وعصوا الرسول". "ويكن" من " لم يكن الذين كفروا" وأنتم من "وأنتم الأعلون" و"لهم" من "قال لهم الناس" فالميم من قم، والراء من وأنذر والتاء من رجت والواو من اشتروا وعصوا، والنون من يكن، والميم من وأنتم ولهم ـ أقول إن هذه الحروف وأمثالها سواكن بحسب الأصل ولكن لما وقع بعدها ساكن ـ ولا يجمع بين ساكنين ـ تحركت تخلصا من التقاء الساكنين .
ولا يوقف علي هذه الحروف إلا بالسكون المحض. ويمتنع فيها عند الوقف الروم والإشمام. لأن الأصل فيها السكون. والتحريك في الوصل إنما كان لعلة، وقد زالت في الوقف والإشمام والروم لا يدخلان السواكن .
قال الإمام الشاطبي :
وفي هاء تأنيث وميم الجميع قل وعارض شكل لم يكونا ليدخلا
قال الإمام أبو شامة معللا منع الروم والإشمام في هذا النوع :
لأنه ليس هناك حركة حتى تفتقر ألي دلالة، والعلة الموجبة للتحريك في الوصل مفقودة في الوقف، لأن الساكن الثاني الذي تحرك الحرف الأول قد بانيه وانفصل عنه.
فأما حركة نحو القاف في قوله تعالى : "ومن يشآق الله" فترام، وإن كانت حركة التقاء الساكنين، لأن الأصل يشاقق فأدغم وحرك وسببه دوام مصاحبة الساكن المدغم وصلا ووقفا أهـ .
وأقول : أما إذا وقف علي يشاقق في نحو "ومن يشاقق الرسول" فلا يجوز في الوقف علي القاف إلا السكون المحض لأن تحركها في الوصل إنما كان للتخلص من التقاء الساكنين وقد زال في الوقف فرجعت القاف إلي أصلها وهو السكون فلا روم فيها .
والخلاصة :
أن حركة هذه الحروف وما شابهها لما كانت عارضة بسبب الساكن الذي جاء بعدها حال الوصل لم يعتد بها عند الوقف لأنها تزول عند الوقف لذهاب المقتضي لها وهو اجتماع الساكنين، فلا وجه للروم والإشمام حينئذ.
وهذا النوع هو المسمي عند العلماء "عارض الشكل" أي الشكل الذي عرض للحرف وصلا بقصد التخلص من التقاء الساكنين.
ومن هذا النوع "يومئذ وحينئذ" لأن أصل الذال فيهما ساكنة وإنما كسرت من أجل ملاقاتها سكون التنوين. فلما وقف عليها زال الذي من أجله كسرة فعادت الذال إلي أصلها وهو السكون وهذا بخلاف : "كل، وجوار، وغواش" عند الوقف عليها فإن "كل" يجوز دخول الروم والإشمام فيها إذا كانت مرفوعة، ويجوز دخول الروم فيها إذا كانت مجرورة، ويجوز دخول الروم في : "غواش، وجوار".
قال المحقق ابن الجزري في النشر: لأن التنوين في هذه الكلمات دخل علي متحرك، فالحرة فيها أصلية فكان الوقف عليها بالروم والإشمام حسنا. أهـ .
وقال العلامة أبو شامة: فأما يومئذ وحينئذ فبالإسكان تقف عليه لأن الذي من أجله تحركت الذال يسقط في الوقف فترجع الذال إلي أصلها وهو السكون فهو بمنزلة " لم يكن الذين" وشبهه وليس هذا بمنزلة "غواش وجوار" وإن كان التنوين في جميعه دخل عوضا عن محذوف لأن التنوين في هذا دخل علي متحرك. فالحركة أصلية والوقف عليه بالروم حسن. والتنوين في يومئذ وحينئذ دخل علي ساكن فكسر لالتقاء الساكنين علي الأصل والله أعلم.
النوع العاشر :
أن يكون آخر الكلمة ميم جمع نحو: "عليهم غير المغضوب عليهم" ولا يجوز الوقف عليها إلا بالسكون المحض عند جميع القراء. سواء في ذلك من أسكنها في الحالين ومن أسكنها وقفا، ووصلها بواو وصلا ، ولا يجوز دخول الروم ولا الإشمام فيها اتفاقا كما أشار إليه الإمام الشاطبي والإمام ابن الجزري سابقا .
أما عند من اسكنها في الحالين فلأن الروم والإشمام لا يدخلان السواكن كما سبق. وأما عند من أسكنها وقفا ووصلها بواو وصلا كابن كثير وأبي جعفر وغيرهما فلأنها ساكنة أصلا، وحركتها عارضة لأجل واو الصلة، فإذا ذهبت الحركة بالوقف علي الميم رجعت الميم إلي أصلها وهو السكون فامتنع دخول الروم والإشمام فيها. ويفهم مما تقدم مايلي:
الأول :
أن الروم والإشمام لا يدخلان آخر الكلمة إذا تحرك بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب أم بناء : وسواء كان آخر الكلمة همزاً أم غيره، وسواء كان مشددا أم مخففا، وسواء كان قبل الآخر حرف مد ولين، أم حرف لين فقط، أم حرف صحيح، وقد مثلنا لجميع ماذكر، وإنما لم يدخل الروم في المتحرك بالفتحة، لأن الفتحة خفيفة سريعة في النطق، فإذا خرج بعضا خرج سائرها، فهي لا تكاد تخرج إلا كاملة. ومن أجل ذلك لا تقبل التبعيض الحركة كما تقدم.
وإنما لم يدخل الإشمام في المحرك بالفتحة لآن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المفتوح أو المنصوب يدل علي أنه مضموم أو مرفوع وذلك لا يجوز.
الثاني :
أنهما لا يدخلان تاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، ولا الحرف الذي عرضت له الحركة للتخلص من التقاء الساكنين، ولا ميم الجمع، وقد تقدم بيان العلة في ذلك كله.
الثالث :
أن الإشمام لا يدخل الحرف المحرك بالكسر لأن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المكسور أو المجرور يدل علي أنه مضموم أو مرفوع. وهذا خطأ.
الرابع :
أن الروم يدخل الحرف المحرك بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب أم كسرة بناء، ويدخل الحرف المحرك بالضمة سواء كانت ضمة إعراب أم ضمة بناء . لأن كلا من الكسرة والضمة ثقيل فيقبل التبعيض والله تعالى أعلم.
((( بذلك يكون قد تم بحمد الله شرح الروم والأشمام مفصلا" )))
منقوول من احكام التجويد والقرآن
النوع الأول :
أن تكون ساكنة الآخر سكونا أصليا نحو: " لم يلد ولم يولد " " فلا تنهر " فإذا فرغت فانصب " وحكمها في الوقف كحكمها في الوصل سواء بسواء .
النوع الثاني :
أن تكون منونة، فإن كانت منصوبة أبدل تنوينها حرف مد ألفا عند الوقف، نحو: " عليما، خبيرا، أمدا " قال ابن مالك.
وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا كما تقول في قفا قفا
وإن كانت مرفوعة أو مجرورة حذف تنوينها حال الوقف نحو: " والله عليم حكيم، تنزيل من غفور رحيم ".
النوع الثالث :
أن تكون متحركة الآخر، ويكون قبل الحرف الأخير منها حرف مد ولين فقط، وهذا مايسمي المد العارض للسكون .
فإن كانت حركة الحرف الأخير فتحة ـ سواء كانت فتحة إعراب نحو: "مخلصاً له الدين، هو الذي أنزل عليك الكتب" فأوف لنا الكيل، إلي بعض القول" أم فتحة بناء نحو: العلمين، ومن عاد، لا ريب، لا ضير" فيجوز حينئذ في حرف المد واللين، وفي حرف اللين ثلاثة أوجه: القصر بمقدار حركتين والتوسط بمقدار أربع حركات، والمد بمقدار ست حركات، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض، فيمتنع فيه الروم والإشمام . وإذا كانت حركة الحرف الأخير ضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " نستعين، والله قدير، فالله خير، لا فيها غول" أم كانت ضمة بناء نحو : " بأبرهم، ينوح، وحيث" ـ فإنه يجوز في الوقف علي الكلمة سبعة أوجه: القصر والتوسط والمد مع السكون المحض في الحرف الأخير، ومثلها مع الإشمام في الحرف الأخير، فتكون الأوجه ستة، والوجه السابع الروم مع القصر.
ولا يكون الروم إلا مع القصر، فلا يكون مع التوسط ولا مع الإشباع، لأن الروم كالوصل، وكما لا يصح الوصل إلا مع القصر فلا يصح الروم إلا مع القصر.
وإذا كانت حركة الحرف الأخير كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " إلي صراط مستقيم، وإن كنتم في ريب، وءامتهم من خوف" أم كانت كسرة بناء نحو: " وإليه متاب، رب ارجعون، إحدى الحسنيين، ثم ارجع البصر كرتين" . فإنه يجوز عند الوقف علي الكلمة أربعة أوجه :
القصر والتوسط والمد، والروم مع القصر.
وقد بينا فيما سبق أن عبارة النشر يفيد ظاهرها أن المراد بهما عند الوقف كالنطق بهما عند الوصل إجراء لهما مجري الحروف الصحيحة، وذهب بعضهم إلي أن المراد بالقصر فيهما مدهما بمقدار حركتين كالقصر في حروف المد إجراء لحرفي اللين اللذين بعدهما سكون عارض مجري حرفي المد اللذين بعدهما سكون عارض تسهيلا للنطق بحرفي اللين لأن حذف المد منهما بالكلية عند الوقف يؤدي إلي ثقل النطق بهما. ولا يزول هذا الثقل إلا بمدهما بمقدار حركتين.
وينبغي أن يعلم أن الكلمة الموقوف عليها إذا كانت منونة ووقفت عليها بالروم سواء كانت مرفوعة أم مجرورة فإنه يجب حذف تنوينها عند الوقف .
كما ينبغي أن تعلم أن حرف اللين عند الوقف بالروم لا يمد مطلقا لأن الروم كالوصل كما تقدم وهو لا يمد مطلقا حال الوصل فكذلك لا يمد حال الروم، بخلاف حرف المد عند الوقف بالروم فإنه يمد بمقدار حركتين لأنه عند الوصل يمد هذا المقدار فكذلك يمد هذا المقدار عند الروم.
النوع الرابع :
أن يكون آخر الكلمة همزة متحركة ويكون قبل الهمز حرف مد. وهذا هو المد المتصل الموقوف عليه.
فإن كانت حركة الهمزة فتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: "ولا تؤتوا السفهاء، ويمسك السماء" أم كانت فتحة بناء نحو: " شاء، ما أفآء". فيجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثلاثة أوجه:
الأول ـ التوسط بمقدار أربع حركات .
الثاني ـ فويق التوسط بمقدار خمس حركات، وهذان الوجهان يجريان في حال الوصل أيضا، لوجوب مد المتصل بهذا المقدار في الحالتين كما سبق.
الثالث ـ المد بمقدار ست حركات. ونظراً لهذا الوجه يسمي هذا المد " المد المتصل العارض للسكون" أي الذي عرض للكلمة بسبب السكون العارض لها عند الوقف عليها. فلا يسمي المد العارض للسكون إلا باعتبار هذا الوجه حال الوقف لأن هذا الوجه لم يجز إلا لأجل السكون العارض في الوقف . وأما الوجهان الأولان فثابتان وصلا ووقفا كما تقدم ، ولا يجوز في هذه الحال ـ حال فتح الهمزة ـ الروم، ولا الإشمام.
وإذا كانت حركة الهمزة كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " السمآء، من ماء " أم كانت كسرة بناء نحو: " هؤلاء " فإنه يجوز في الوقف علي هذه الكلمة خمسة أوجه، التوسط بمقدار أربع حركات، وفويق التوسط بمقدار خمس حركات، وعلي كل منهما السكون المحض والروم فتكون الأوجه أربعة والخامس المد ست حركات مع السكون المحض فتكون خمسة. ولا يجوز الروم مع المد المشبع ست حركات، لأن هذا المد الشبع لا يجوز وصلا، والروم كالوصل، فكما لا يصح هذا الوجه في حال الوصل لا يصح في حال الروم.
وإذا كانت الهمزة مضمومة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " حيث يشاء، فيخرج منه المآء " أم ضمنة بناء نحو: "وبسماء" فإنه يجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثمانية أوجه، التوسط بقدار أربع حركات، وفويق التوسط بقدار خمس حركات، وكل منهما مع السكون المحض والروم والإشمام فتكون الأوجه ستة، والسابع والثامن المد المشبع مع السكون المحض، ومع الإشمام فتكون الأوجه ثمانية.
قال العامة الأبياري :
وقف علي متصل بأربع وخمسة وستة لترفع
والرفع أشممه ورمه مطلقا مع جر بأربع وخمس تتقي
ثلاثة نصبا وخمسة لجر فالرفع أوجه ثمان تعتبر
وإن مددت أربعا في الوصل فقف بأربع وستة ذا الفضل
وإن مددت خمسة كن واقفا بخمسة وستة كب تعرفا
والرفع أشمم حيثما وقفتا ورمه مع جر بما وصلتا
النوع الخامس :
أن يكون آخر الكلمة حرفا مشددا وقبله حرف مد المد اللازم فإن كان الحرف المشدد مفتوحا نحو: "صوآف، لاتضآر" فليس في حرف المد إلا الإشباع تغليبا للسبب الأقوى علي غيره، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض لكونه مفتوحا فلا يدخله روم ولا إشمام .
وإن كان الحرف الأخير مكسورا نحو :" إن شر الدوآب، غير مضآر " تعين إشباع حرف المد أيضا للعلة السالفة. وجاز في الحرف المشدد السكون المحض، والروم، وإن كان الحرف الأخير مضموما نحو: " كأنها جان " تعين في حرف المد الإشباع أيضا وجاز في الحرف الأخير ثلاثة أوجه: السكون المحض، والإشمام، والروم.
النوع السادس :
أن يكون آخر الكلمة هاء كناية، وهاء الكناية في اصطلاح القراء هي الهاء الزائدة الدالة علي الواحد المذكر، وتسمي هاء الضمير أيضا فخرج بالزائدة الهاء الأصلية كالهاء في :" فواكه، نفقه، وانه عن المنكر، لئن لم ينته، وجه أبيكم، إله ".
وبالدالة علي والواحد المذكر الهاء في نحو: " عليها، عليهما، عليهم، عليهن ". وتتصل هاء الكناية بالفعل نحو: " يؤده، نوله " وبالاسم نحو: " أهله، بيده" وبالحرف نحو: "عليه ، فيه".
ولهاء الضمير سبع أحوال.
الأولي :
أن يكون قبلها واو ساكنة سواء كانت هذه الواو حرف مدولين بأن كان ماقبلها مضموما نحو: " خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه". أم كانت حرف لين فقط بأن كان ماقبلها مفتوحا نحو: " فلما رأوه، وشروه، ولير ضوه".
الثانية :
أن تقع بعد ياء ضمة نحو : " فإن الله يعلمه، علي من يكفله، فإنه ءاثم قلبه " .
الثالثة :
أن تقع بعد ياء ساكنة سواء كانت هذه الياء حرف مد ولين بأن انكسر ماقبلها نحو:" فألقيه، قصيه". أم كانت حرف لين فقط نحو: " عليه، إليه، لديه".
الرابعة :
أن تقع بعد كسرة نحو: " بأمر، لحكمه، ذكر ربه ".
الخامسة :
أن تقع بعد ألف نحو: " أجتبه، وهدينه، وفدينه " .
السادسة :
أن تقع بعد حرف ساكن صحيح نحو: " منه، فليصمه، أبلغه ".
السابعة :
أن تقع بعد فتحة نحو: " ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره ".
وتكسر هاء الضمير في الحالين الثالثة والرابعة، وتضم في باقي الأحوال.
وحكم حرف المد واللين وحرف اللين عند الوقف علي الهاء. جواز القصر والتوسط والمد.
وأما حكم الوقف عليها من حيث دخول الروم والإشمام فيها فهو موضع خلاف العلماء .
فذهب فريق منهم إلي منع دخول الروم والإشمام فيها مطلقا في جميع أحوالها، لأنها تشبه هاء التأنيث في حال الوقف، وهاء التأنيث لا يدخلها روم ولا إشمام في الوقف فكذلك ما يشبهها. وذهب فريق إلي جواز دخول الروم والإشمام فيها إذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة أو ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة. وجواز دخول الروم والإشمام اتفاقا، وطرداً للقاعدة العامة وهذا المذهب هو الذي يعبر عنه العلماء بمذهب الجواز مطلقا في جميع أحوالها.
وذهبت طائفة من المحققين إلي التفصيل :
فإذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة امتنع فيها الروم والإشمام طلبا للخفة، لئلا يخرج القاريء من واو أو ضم إلي ضمة أو إشارة إليها وذلك ثقيل في النطق.
وإذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة امتنع دخول الروم فيها لئلا يخرج القاريء من ياء ساكنة أو كسرة وفي ذلك ثقل في النطق.
وإذا كان قبلها ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة جاز دخول الروم والإشمام فيها محافظة علي بيان حركتها حيث لم يكن ثقل.
قال المحقق ابن الجزري في النشر: وهذا أعدل المذاهب عندي أ هـ .
ويجب حذف صلة الهاء مع الروم كما يجب حذفها مع السكون عند الوقف.
قال المحقق ابن الجزري:
وخلف ها الضمير وامنع فيس الأتم
من بعديا أو واو أو كسر وضم
والفصل بعد الفتح أو بعد الألف
أو ساكن قد صح في قول ألف
وقد جوزوا الإسكان والروم والإشمام فيما بعده الألف نحو: " اجتبه وهده " وبعد الساكن الصحيح نحو: " منه، وعنه " وبعد الفتح نحو: " خلقه فقدره ".
وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في آخر سورة فصلت الآية (50) وهي قوله تعالى: " ولئن أذقنه رحمة منا من بعد ضرآء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلي ربي إن لي عنده للحسني، فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ".
وقد جمعها المنصوري في هذه الأبيات فقال :
هاء الضمير قد أتت في فصلت
في آية عدت (يلي) قد بينت
بعد الألف ساكن صحيح قد ألف
والفتح من بعده حقا عرف
( ولئن أذقنه ) وبعده (مسته)
في ألفا صلة قل (عنده)جاءته
روم وإشمام سكون قد ثبت
في المصحف المختار نقل عن أبت
النوع السابع :
أن يكون آخر الكلمة متحركا بإحدى الحركات الثلاث وليس هاء ضمير، ولا هاء تأنيث، وليست حركته عارضة في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين، وليس قبله حرف مد ولا حرف لين .
فإن متحركا بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: " لكيلا يعلم، إلا من ظلم، أعطينك الكوثر " أم فتحة بناء نحو: " هنالك، لا وزر، لا عاصم ". فليس فيه عند الوقف إلا السكون المجرد.
قال الإمام الشاطبي رحمة الله تعالى:
ولم يره في الفتح والنصب قارئ ..... ...... ..... .......
وإن كان متحركا بالضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " هو الولي، له الملك وله الحمد ". أم ضمة بناء نحو: " إني توكلت، أين ماكنت يمريم، يصلح، من قبل، ومن بعد " جاز فيه عند الوقف ثلاثة أوجه: السكون المحض، والسكون مع الإشمام، والروم.
وإن كان متحركا بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " والعصر، في المسجد، فهل من مدكر " أم كسرة بناء نحو: " أهكذا عرشك، أني لك هذا، لقد جئت شيئا فريا ". جاز فيه حال الوقف وجهان: السكون المحض، والروم.
ويسمي هذا النوع السكون العارض للوقف.
النوع الثامن :
أن تكون الكلمة مختتمة بتاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، وهي قسمان: الأول : أن يكون قبلها ألف نحو: " وأقيموا الصلوة، وما الحيوة، علي حيوة ". وحكم الألف قبلها جواز قصرها وتوسطها ومدها كغيرها من المد العارض للسكون.
الثاني : أن يكون قبلها حرف غير الألف نحو: " الملئكة، كآفة، الجنة، رحمة، نعمة ". وليس فيها عند الوقف إلا سكون الهاء المبدلة من التاء، ولا يجوز في هذه الهاء بقسميها روم ولا إشمام، لأن الحركة إنما كانت للتاء، والهاء بدل عنها عند الوقف فلا حركة للهاء حتى يسوغ فيها الروم والإشمام فأما ما يوقف عليه بالتاء من هذا الباب تبعا لرسمه في المصاحب بالتاء فيدخله الروم والإشمام لأن الحركات حينئذ تكون للتاء وهي لازمة لها.
ونقل صاحب نهاية القول المفيد عن العلامة ملا علي القاريء أنه علل منع دخول الروم والإشمام في هذه الهاء بقوله: " لأن المراد من الروم والإشمام بيان حركة الحرف الموقوف عليه حال الوصل. ولم يكن علي الهاء حركة في الوصل حتى يصح بيانها والإشارة إليها . إذ هي مبدلة من التاء معدومة في الوقف.
أما ما رسم بالتاء في المصاحف فإن الروم والإشمام يدخلان فيه لأنها تاء محضة وهي التي كانت في الوصل أهـ .
قال المحقق ابن الجزري :
وهاء تأنيث وميم الجمع مع عارض تحريك كلاهما امتنع
النوع التاسع :
أن يكون آخر الكلمة ساكنا بحسب الأصل ثم عرضت له الحركة في الوصل تخلصا من التقاء الساكنين نحو : "قم" من "قم اليل" "وأنذر" من "وأنذر الناس" و"رجت" من "ورجت الأرض" و"اشتروا" من "اشتروا الحيوة" و"عصوا" من "وعصوا الرسول". "ويكن" من " لم يكن الذين كفروا" وأنتم من "وأنتم الأعلون" و"لهم" من "قال لهم الناس" فالميم من قم، والراء من وأنذر والتاء من رجت والواو من اشتروا وعصوا، والنون من يكن، والميم من وأنتم ولهم ـ أقول إن هذه الحروف وأمثالها سواكن بحسب الأصل ولكن لما وقع بعدها ساكن ـ ولا يجمع بين ساكنين ـ تحركت تخلصا من التقاء الساكنين .
ولا يوقف علي هذه الحروف إلا بالسكون المحض. ويمتنع فيها عند الوقف الروم والإشمام. لأن الأصل فيها السكون. والتحريك في الوصل إنما كان لعلة، وقد زالت في الوقف والإشمام والروم لا يدخلان السواكن .
قال الإمام الشاطبي :
وفي هاء تأنيث وميم الجميع قل وعارض شكل لم يكونا ليدخلا
قال الإمام أبو شامة معللا منع الروم والإشمام في هذا النوع :
لأنه ليس هناك حركة حتى تفتقر ألي دلالة، والعلة الموجبة للتحريك في الوصل مفقودة في الوقف، لأن الساكن الثاني الذي تحرك الحرف الأول قد بانيه وانفصل عنه.
فأما حركة نحو القاف في قوله تعالى : "ومن يشآق الله" فترام، وإن كانت حركة التقاء الساكنين، لأن الأصل يشاقق فأدغم وحرك وسببه دوام مصاحبة الساكن المدغم وصلا ووقفا أهـ .
وأقول : أما إذا وقف علي يشاقق في نحو "ومن يشاقق الرسول" فلا يجوز في الوقف علي القاف إلا السكون المحض لأن تحركها في الوصل إنما كان للتخلص من التقاء الساكنين وقد زال في الوقف فرجعت القاف إلي أصلها وهو السكون فلا روم فيها .
والخلاصة :
أن حركة هذه الحروف وما شابهها لما كانت عارضة بسبب الساكن الذي جاء بعدها حال الوصل لم يعتد بها عند الوقف لأنها تزول عند الوقف لذهاب المقتضي لها وهو اجتماع الساكنين، فلا وجه للروم والإشمام حينئذ.
وهذا النوع هو المسمي عند العلماء "عارض الشكل" أي الشكل الذي عرض للحرف وصلا بقصد التخلص من التقاء الساكنين.
ومن هذا النوع "يومئذ وحينئذ" لأن أصل الذال فيهما ساكنة وإنما كسرت من أجل ملاقاتها سكون التنوين. فلما وقف عليها زال الذي من أجله كسرة فعادت الذال إلي أصلها وهو السكون وهذا بخلاف : "كل، وجوار، وغواش" عند الوقف عليها فإن "كل" يجوز دخول الروم والإشمام فيها إذا كانت مرفوعة، ويجوز دخول الروم فيها إذا كانت مجرورة، ويجوز دخول الروم في : "غواش، وجوار".
قال المحقق ابن الجزري في النشر: لأن التنوين في هذه الكلمات دخل علي متحرك، فالحرة فيها أصلية فكان الوقف عليها بالروم والإشمام حسنا. أهـ .
وقال العلامة أبو شامة: فأما يومئذ وحينئذ فبالإسكان تقف عليه لأن الذي من أجله تحركت الذال يسقط في الوقف فترجع الذال إلي أصلها وهو السكون فهو بمنزلة " لم يكن الذين" وشبهه وليس هذا بمنزلة "غواش وجوار" وإن كان التنوين في جميعه دخل عوضا عن محذوف لأن التنوين في هذا دخل علي متحرك. فالحركة أصلية والوقف عليه بالروم حسن. والتنوين في يومئذ وحينئذ دخل علي ساكن فكسر لالتقاء الساكنين علي الأصل والله أعلم.
النوع العاشر :
أن يكون آخر الكلمة ميم جمع نحو: "عليهم غير المغضوب عليهم" ولا يجوز الوقف عليها إلا بالسكون المحض عند جميع القراء. سواء في ذلك من أسكنها في الحالين ومن أسكنها وقفا، ووصلها بواو وصلا ، ولا يجوز دخول الروم ولا الإشمام فيها اتفاقا كما أشار إليه الإمام الشاطبي والإمام ابن الجزري سابقا .
أما عند من اسكنها في الحالين فلأن الروم والإشمام لا يدخلان السواكن كما سبق. وأما عند من أسكنها وقفا ووصلها بواو وصلا كابن كثير وأبي جعفر وغيرهما فلأنها ساكنة أصلا، وحركتها عارضة لأجل واو الصلة، فإذا ذهبت الحركة بالوقف علي الميم رجعت الميم إلي أصلها وهو السكون فامتنع دخول الروم والإشمام فيها. ويفهم مما تقدم مايلي:
الأول :
أن الروم والإشمام لا يدخلان آخر الكلمة إذا تحرك بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب أم بناء : وسواء كان آخر الكلمة همزاً أم غيره، وسواء كان مشددا أم مخففا، وسواء كان قبل الآخر حرف مد ولين، أم حرف لين فقط، أم حرف صحيح، وقد مثلنا لجميع ماذكر، وإنما لم يدخل الروم في المتحرك بالفتحة، لأن الفتحة خفيفة سريعة في النطق، فإذا خرج بعضا خرج سائرها، فهي لا تكاد تخرج إلا كاملة. ومن أجل ذلك لا تقبل التبعيض الحركة كما تقدم.
وإنما لم يدخل الإشمام في المحرك بالفتحة لآن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المفتوح أو المنصوب يدل علي أنه مضموم أو مرفوع وذلك لا يجوز.
الثاني :
أنهما لا يدخلان تاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، ولا الحرف الذي عرضت له الحركة للتخلص من التقاء الساكنين، ولا ميم الجمع، وقد تقدم بيان العلة في ذلك كله.
الثالث :
أن الإشمام لا يدخل الحرف المحرك بالكسر لأن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المكسور أو المجرور يدل علي أنه مضموم أو مرفوع. وهذا خطأ.
الرابع :
أن الروم يدخل الحرف المحرك بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب أم كسرة بناء، ويدخل الحرف المحرك بالضمة سواء كانت ضمة إعراب أم ضمة بناء . لأن كلا من الكسرة والضمة ثقيل فيقبل التبعيض والله تعالى أعلم.
((( بذلك يكون قد تم بحمد الله شرح الروم والأشمام مفصلا" )))
منقوول من احكام التجويد والقرآن