د.عويض بن حمود العطوي
الجزء الأول :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد : أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذا كان الإنسان يلتقي بأنواع من الناس ومن التخصصات فإن أفضل من يمكن أن يلتقي بهم الناس هم الذين يعلمون القرآن ، ولا يقال هذا الأمر مجاملة بل هو الحقيقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بذلك فقال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ولكن هذه الخيرية المتعلقة بتعليم القرآن والتي ترفع صاحبها إلى هذه المنزلة التي يجب أن يسعى إليها الإنسان ويحرص عليها هي في الوقت ذاته تحمله من التبعة مثلها ، والمشكلة أحيانا أننا ننظر للقسم الأول ولا نشعر بالقسم الثاني ، فكلما كان الفضل عظيما كانت التبعة المرتبة عليه ثقيلة ، ولهذا عندما نتحدث مع معلم القرآن فنحن نتحدث مع الصفوة والخيرية ، هذا الذي ينبغي ، أما إن كان الواقع غير هذا عند إنسان أو شخص أو أشخاص فعليه أن يُعيد النظر في نفسه وذاته لأن الخيرية التي تحدث عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لن تتأخر ، هي حقيقية ويجب أن تكون وإنما يكون التأخر عندنا نحن إذ لم نطبق هذا أو لم نسر على الطيق الصحيح الموصل للخيرية ، هذه قاعدة أولى .
القاعدة الثانية :
أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن باليُسر فهو ميسر في معانيه ، ميسر في تلاوته ، ميسر في أدائه ، ليس االقرآن صعبا إلى الدرجة التي نرى عليها وضع طلابنا عندما يتخرجون حتى من الجامعات وهم لا يُجيدون القراءة أحيانا ولا الأداء ولا فهم معاني القرآن ولا الشعور به ولا التأثر به . إنه لو جاء إنسان من خارجنا ليُقوّم ولينظر في بعض مخرجاتنا أداء فقط للقرآن دون الأهداف الأخرى التي وضعت هذه المادة من أجلها لربما قال هذه مادة صعبة جدا والدليل أن الطلاب يُخفقون فيها ولا يعرفون أداءها ، والحقيقة غير هذا ، أي الحقيقة في أصلها ، الحقيقة الواقعية نعم هي هذه لكن في أصلها أن القرآن سهل ولذلك لو أن إنسان أو لو أن أحد الطلاب تغير وضعه واهتم جدا بمادة القرآن فربما يتقنها في خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهر ، سيتحول تحول كامل وكبير وهذا يدل على سهولة هذا القرآن وتيسيره ، فإذا كنا نُلقي باللائمة أحيانا على بعض طلابنا - وهذا موجود ولاشك - ولكن أيضا لابد أن نلقي بجزء من اللائمة وليس بالقليل بل إننا نقول بقدر حجم الخيرية المذكورة في الحديث على من يعلم القرآن أو له علاقة بتعليم القرآن ولذلك نحن كلنا في هذه الدائرة من المسؤولية الأب والمعلم ومدير المدرسة والمشرف والطالب وكل من له علاقة بهذا لأن هذا هو كتاب ربنا وهو دستورنا .
نحن في هذا اللقاء سنتحدث معكم عن بعض القضايا التي أرى - حسب رأيي - أنها من أسباب هذا الأمر الذي نراه في مدارسنا وفي مخرجاتنا . يا إخواني : يجب أن نشعر بالأسى الكبير عندما يكون مخرجاتنا من طلابنا سواء من الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية بهذه الصورة في تعاملهم مع كتاب الله - عز وجل - .
أنا أعلم أني لو سألتكم الآن أو عملنا استبيان : لماذا هذا الوضع في الطلاب ؟ ولماذا هذا الحجم في الإخفاق عندهم ؟
لوجدت أن كثيرا منا سيقول هناك معوقات كثيرة ، وهذا صحيح وأنا معك أن من المعوقات الكبيرة التي تواجهك :
- كثرة الأعداد في الفصل ، هذا صحيح
- طول المنهج ، هذا صحيح
- عدم اهتمام الطلاب أصلا من بيوتهم ، وهذا صحيح كثة التعاميم - أحيانا - التي تأتيك وتشغلك ، هذا صحيح
- الجو المدرسي ، هذا صحيح
خذ ما شئت ، أنا أريدك أن تُعدد ولو مئة عقبة ولكنني أقول رُغم هذا كله بما أنك معلم قرآن يجب أن تتعدى هذا كله ولا توقفك أي عقبة من هذه العقبات مهما كبُرت ومهما علا شأنها وأمرها لماذ ؟ لأنك معلم قرآن ، معلم كلام الله سبحانه وتعالى ، معلم تسعى إلى الخيرية ، أنا لا أتصور مُعلم في الدنيا يحصد أجرا ولا فضلا كمثلك أنت يا معلم القرآن ، هذا الحجم من الفضائل الذي يتم في خلال حصة واحدة لا تحصل لمعلم كيمياء ولا فيزياء ولا لغة عربية ولا تاريخ ولا غيره ، يحصل لك أنت لكن بالمقابل ماذا فعلت ؟ الطلاب كثيرون إذا أتقاعس في تدريسي ، المنهج طويل إذا لا أستطيع أن افعل ... ، مهما كانت الصعوبات يا أخواني الكرام أنا آمل أننا لا نفكر فيها أبدا ، نعم نفكر فيها من ناحية واحدة فقط أن أتخطاها وأتعداها وأُبدع في تدريسي وأجعل هدفي ألا يخرج هؤلاء الطلاب من هذا الفصل الذي أُدرّسه إلا وهم على هذا المدى من التحسن الذي أسعى إليه بالقدر الذي يتحيه لي الوقت والزمن وغير ذلك ، بل إنني أتصور أن المعلم الذي يشعر بهذا الأمر في قرارة قلبه سيبحث عن وقت آخر مع الطلاب الضعاف لأنه يعتبرهم أبناؤه ويعتبر أنه مسؤول عن تعليمهم ، سيبحث عن وقت آخر إما في الفسحة أو في العصر أو في غير ذلك لتعديل قراءتهم ، أما أن تكون مادة القرآن هي المادة التي يتسابق إليها المعلمون لأنها سهلة ، لأنها يسيرة ، لأنه يريد أن يرتاح في الفصل لأنه كثُرت عليه بعض المواد الأخرى ويخرج هذا ويصدر من أُناس على مستوى من التدين والخير ! أظن هذا لا يليق بكلام الله - عز وجل - ولا بوزنه ولا بثقله وقد جعله الله - عز وجل - ووصفه بالثُقل .
وهذا أيها الإخوة الكرام أنا أتصور أنه أول أسرار هذا الأمر وهو عدم شعورنا بما نُعلم ، بعض المعلمين بأخذ المادة لأنها سهلة لأنها لا تحتاج تحضير في البيت ، أنا سأقول حكم - والله أعلم بصحته - أنا أتصور أن مادة االقرآن من أصعب المواد تحضيرا وبعد ذلك من أصعبها أداء وإجراء ، وسنعرف الآن صورة من صور التحضير التي التي أرى أنا أنها تكون ، قد تكون غير واقعية هذا لكم لكن المهم أني أرى أن إنسانا يريد آية من الآيات ، سورة من السور أو مقطع يريد أن يُدرِّسه يحتاج إلى تحضير متعب جدا ويحتاج إلى وقت وجهد كبير .
أريد أن أعود إلى العقبات التي تحدث عنها مجموعة من الإخوة الكرام ويقفون عندها كثيرا ، فيه آية في كتاب الله - عز وجل - أو هي مجموعة آيات حقيقة دعونا نقف معها قليلا لأني أريد من خلال هذا اللقاء أن يكون فيه ضرب أمثلة وتحليل سريع لبعض الآيات من أجل إثبات أننا عندما نستثمر النص القرآني سيكون ممتعا ومفيدا وسيكون سببا لمحبة هذا القرآن العظيم .
الله سبحانه وتعالى يأمر موسى - عليه السلام - فيقول له (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) لاحظوا معنا : أمر من الله - سبحانه وتعالى - لموسى أن يذهب إلى فرعون ثم يصف الله - عز وجل - هذا الذي سيذهب إليه موسى عليه السلام بأنه طغى ، والحكم بطغيانه من الله - سبحانه وتعالى - وهذا أمر مرعب ومخيف ، وموسى - عليه السلام - يعرف فرعون فقد عاش عنده وتربى في بيته وهو يعرف بطشه وجبروته وظلمه ومع هذا الله - سبحانه وتعالى - يقول اذهب إليه ومع معرفتك السابقة به يقول الله - عز وجل - (إِنَّهُ طَغَى) هذه ليست عقبة ، هذه عشرات العقبات أمام موسى - عليه السلام - زد عليه أن موسى - عليه السلام - كان في لسانه لثغة لا يُبين إذا تحدث ، فالمَلَكَة التي يريد أن يقدم بها هذا المأمور به أيضا عنده مشكلة فيها والمكان الذي سيُقدم عليه غير مُهيأ والنفسيات التي سيذهب إليها غير مهيأه ومع هذا هل اعتذر ؟ لا. أنا أريدك أن تعمل مثل هذا تماما ، لا يوجد شيء اسمه عقبة مادام إني سأُعلّم قرآن ، أنا يمكن أن أقبل هذا من معلم آخر لأنه سيقيس القضايا بمقياس مادي ، تعطوني ما تعطوني ، هذا راتبي هذا ما هو راتبي ، دوامي 8 ساعات ، ليست مشكلة لكن أنت يا مُعلم القرآن لا ، المقياس عندك مختلف ، أنت تأخذ من الجهتين من الدنيا وتأخذ أجورا عظيمة لا توازى عند الله - سبحانه وتعالى - فإذا كنا نقيس القضايا المادية فقط فأين الأجر الأخروي ؟ أين هو ؟ أنا أخشى أن حصصنا تذهب هباء من هذه الناحية ، والله يُخشى علينا إذا كنا نُدرس فقط لأجل الراتب ولأجل الراحة مع إن بإمكاني أن أحوّل جلستي هذه إلى عبادة خير لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى - وبالتالي سيتغير الأمر ، الإنسان إذا كان يسعى في طاعة لن يشعر بالنصب والتعب ، وخذوا هذه الفائدة السريعة : موسى عليه السلام وهو الذي أرسله الله -سبحانه وتعالى - لما قال له إن هناك رجل أعلم منك ذهب موسى - عليه السلام - ومشى ، اختلف في الفترة الزمنية التي أخذها لكنه مشى زمنا ثم بعد ذلك فقد الحوت ، بعد فقده الحوت أحسّ بالنصب والتعب ، يقول أهل التفسير " فلم يشعر بالتعب ولا بالنصب إلا بعدما جاوز المكان " يعني الفترة الأولى وهي الطويلة لم يشعر فيها بنصب ولا تعب لأنه ذاهب إلى رغبة ، لأنه كان في ذات الله ، لأنه يريد أن يسعى إلى خير فتحمّل كل هذا ولم يشعر بشيء ، لما تجاوز الموقع الذي فيه الموعد شعر بالنصب والتعب والجوع وأخذوا من هذا إن الإنسان إذا سعى في خير وفي طاعة فإنه بإذن الله يصل إلى ما يُريد ولا يشعر بكثير من التعب ، فالله - سبحانه وتعالى - قال (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ماذا قال موسى عليه السلام ؟ قال (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)لاحظ أنه طلب من الله أمورا تُعينه ، هو لن يتردد في هذه المهمة لكنه طلب من الله - سبحانه وتعالى - أمورا تُعينه حتى ينشرح صدره لأن فرعون طاغية فمن الطبيعي أن ينقدح في روعه خوف وتردد فيكون مكانه الصدر فقال (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) نحن كثيرا ما يكون عندنا المشكلة في صدورنا ، في قناعاتنا فنحتاج إلى أن يشرح الله صدري لتدريس هذه المادة ، لتلقي هؤلاء الطلاب ، لماذا لا نقول هذا ، نطلب من الله أن يشرح صدورنا لهذه المادة، لتلقيها ، لتعليمها . ثم قال (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) هذا حلّ للعقبات التي قد تأتي ، قد تأتي عقبات اللهم يسرها لي ، وأنت كذلك . الأمر الثالث أنه طلب من الله تعالى إزالة العقبة الموجودة في ذاته وهي اللكنة قال (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي) لِمَ ؟ ليكون خطيبا ويستعرض أمام الناس ؟ أبدا إنما يُريد حتى يكون هذا الحل للعقدة سببا في فهم هذا المدعو لقوله . وكذلك أنت يا اخي يجب أن يكون دورك سواء مع المعلمين ، سواء في خارج المرسة أو في غير ذلك على مثل هذه الصورة من تحمل المسؤولية . لماذا نقول لك هذا يا مُعلم القرآن ؟ لأنك صاحب رسالة ولأنك معلم قرآن وكفى .
عندما طُلب مني هذا الأمر رجعت إلى الأهداف لأني إنسان أؤمن أن الإنسان الذي يعمل بدون هدف لن يحقق شيئا ، أنا أدخل فصل طلاب وأخرج ، طيب لماذا تُدرّس القرآن .
لدي عشرة أهداف أخذتها من وثيقة العلوم الشرعية ، عشرة أهداف مطلوب أن تُحقق في المرحلة المتوسطة ، وعشرة أهداف مطلوب أن تًحقق في المرحلة الثانوية ، أنا لم أدخل في التفصيلات في المراحل الأخرى لأن هذه تكفيني وأقول لكم بكل صدق أني لم أكن أتوقع أن هذه الأهداف مكتوبة بهذه السعة ، وبهذه الصورة ، كنت أتوقع أن تدريس القرآن مقصور على أنه أداء معين وإصلاح للخلل واللحن والتجويد فقط لكن وجدت أن الأمور عظيمة جدا ، سأذكرها بسرعة :
- أن يتلو الطالب من سورة الكهف إلى سورة لقمان تلاوة مجودة . هذا للمرحلة المتوسطة
- أن يحفظ الطالب جزء عمّ
- أن يطبق الطالب أحكام التجويد
- أن يوقر الطالب كتاب الله . نركز على هذه
- أن يطبق الطالب أحكام القرآن ويتحلى بأخلاقه ويتعظ بمواعظه
- أن تنمو لغة الطالب اللغوية وتزداد ثروته اللفظية
- أن يكتسب الطالب القدرة على فهم ما يقرؤه من القرآن أن يتربى الطالب على الخشوع والتدبر عند تلاوة القرآن
- أن يستشعر الطالب ثواب تلاوة القرآن
- أن تقوى محبة الطالب لتلاوة القرآن وحفظه .
بكل بساطة يمكن أن آخذ هذه الأهذاف وفي نهاية الفصل ومن خلال ملاحظتي للطلاب أرى كم حققت ، هذا أمر طبيعي أن أحاسب نفسي ، كم حققت ، أم أن بعضنا لا يدري أصلا عن الأهداف هذه كلها ، أنا أخشى أن بعضنا نسيها تماما لأن الأهداف تُنسى ولذلك لابد من مراجعة باستمرار انظر فيها .
العمل من خلال الهدف عمل منظم وصحيح والعمل بدون هدف غير مُنظم وغير صحيح ، ولا يعجبك أن أدءك جيد مادام أنه غير مُنظم لن يأتي بما نريده تماما . هذه العشرة في المتوسط .
الأهداف التي في الثانوي :
- أن يتلو الطالب المقرر تلاوة مجودة
- أن يحفظ الطالب قدرا مناسبا من القرآن
- أن يقوي الطالب قدرته على تطبيق أحكام التجويد عند التلاوة
هذه الثلاث الأولى تتعلق بالأداء بعد ذلك : ....
الجزء الأول :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد : أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذا كان الإنسان يلتقي بأنواع من الناس ومن التخصصات فإن أفضل من يمكن أن يلتقي بهم الناس هم الذين يعلمون القرآن ، ولا يقال هذا الأمر مجاملة بل هو الحقيقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بذلك فقال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ولكن هذه الخيرية المتعلقة بتعليم القرآن والتي ترفع صاحبها إلى هذه المنزلة التي يجب أن يسعى إليها الإنسان ويحرص عليها هي في الوقت ذاته تحمله من التبعة مثلها ، والمشكلة أحيانا أننا ننظر للقسم الأول ولا نشعر بالقسم الثاني ، فكلما كان الفضل عظيما كانت التبعة المرتبة عليه ثقيلة ، ولهذا عندما نتحدث مع معلم القرآن فنحن نتحدث مع الصفوة والخيرية ، هذا الذي ينبغي ، أما إن كان الواقع غير هذا عند إنسان أو شخص أو أشخاص فعليه أن يُعيد النظر في نفسه وذاته لأن الخيرية التي تحدث عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لن تتأخر ، هي حقيقية ويجب أن تكون وإنما يكون التأخر عندنا نحن إذ لم نطبق هذا أو لم نسر على الطيق الصحيح الموصل للخيرية ، هذه قاعدة أولى .
القاعدة الثانية :
أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن باليُسر فهو ميسر في معانيه ، ميسر في تلاوته ، ميسر في أدائه ، ليس االقرآن صعبا إلى الدرجة التي نرى عليها وضع طلابنا عندما يتخرجون حتى من الجامعات وهم لا يُجيدون القراءة أحيانا ولا الأداء ولا فهم معاني القرآن ولا الشعور به ولا التأثر به . إنه لو جاء إنسان من خارجنا ليُقوّم ولينظر في بعض مخرجاتنا أداء فقط للقرآن دون الأهداف الأخرى التي وضعت هذه المادة من أجلها لربما قال هذه مادة صعبة جدا والدليل أن الطلاب يُخفقون فيها ولا يعرفون أداءها ، والحقيقة غير هذا ، أي الحقيقة في أصلها ، الحقيقة الواقعية نعم هي هذه لكن في أصلها أن القرآن سهل ولذلك لو أن إنسان أو لو أن أحد الطلاب تغير وضعه واهتم جدا بمادة القرآن فربما يتقنها في خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهر ، سيتحول تحول كامل وكبير وهذا يدل على سهولة هذا القرآن وتيسيره ، فإذا كنا نُلقي باللائمة أحيانا على بعض طلابنا - وهذا موجود ولاشك - ولكن أيضا لابد أن نلقي بجزء من اللائمة وليس بالقليل بل إننا نقول بقدر حجم الخيرية المذكورة في الحديث على من يعلم القرآن أو له علاقة بتعليم القرآن ولذلك نحن كلنا في هذه الدائرة من المسؤولية الأب والمعلم ومدير المدرسة والمشرف والطالب وكل من له علاقة بهذا لأن هذا هو كتاب ربنا وهو دستورنا .
نحن في هذا اللقاء سنتحدث معكم عن بعض القضايا التي أرى - حسب رأيي - أنها من أسباب هذا الأمر الذي نراه في مدارسنا وفي مخرجاتنا . يا إخواني : يجب أن نشعر بالأسى الكبير عندما يكون مخرجاتنا من طلابنا سواء من الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية بهذه الصورة في تعاملهم مع كتاب الله - عز وجل - .
أنا أعلم أني لو سألتكم الآن أو عملنا استبيان : لماذا هذا الوضع في الطلاب ؟ ولماذا هذا الحجم في الإخفاق عندهم ؟
لوجدت أن كثيرا منا سيقول هناك معوقات كثيرة ، وهذا صحيح وأنا معك أن من المعوقات الكبيرة التي تواجهك :
- كثرة الأعداد في الفصل ، هذا صحيح
- طول المنهج ، هذا صحيح
- عدم اهتمام الطلاب أصلا من بيوتهم ، وهذا صحيح كثة التعاميم - أحيانا - التي تأتيك وتشغلك ، هذا صحيح
- الجو المدرسي ، هذا صحيح
خذ ما شئت ، أنا أريدك أن تُعدد ولو مئة عقبة ولكنني أقول رُغم هذا كله بما أنك معلم قرآن يجب أن تتعدى هذا كله ولا توقفك أي عقبة من هذه العقبات مهما كبُرت ومهما علا شأنها وأمرها لماذ ؟ لأنك معلم قرآن ، معلم كلام الله سبحانه وتعالى ، معلم تسعى إلى الخيرية ، أنا لا أتصور مُعلم في الدنيا يحصد أجرا ولا فضلا كمثلك أنت يا معلم القرآن ، هذا الحجم من الفضائل الذي يتم في خلال حصة واحدة لا تحصل لمعلم كيمياء ولا فيزياء ولا لغة عربية ولا تاريخ ولا غيره ، يحصل لك أنت لكن بالمقابل ماذا فعلت ؟ الطلاب كثيرون إذا أتقاعس في تدريسي ، المنهج طويل إذا لا أستطيع أن افعل ... ، مهما كانت الصعوبات يا أخواني الكرام أنا آمل أننا لا نفكر فيها أبدا ، نعم نفكر فيها من ناحية واحدة فقط أن أتخطاها وأتعداها وأُبدع في تدريسي وأجعل هدفي ألا يخرج هؤلاء الطلاب من هذا الفصل الذي أُدرّسه إلا وهم على هذا المدى من التحسن الذي أسعى إليه بالقدر الذي يتحيه لي الوقت والزمن وغير ذلك ، بل إنني أتصور أن المعلم الذي يشعر بهذا الأمر في قرارة قلبه سيبحث عن وقت آخر مع الطلاب الضعاف لأنه يعتبرهم أبناؤه ويعتبر أنه مسؤول عن تعليمهم ، سيبحث عن وقت آخر إما في الفسحة أو في العصر أو في غير ذلك لتعديل قراءتهم ، أما أن تكون مادة القرآن هي المادة التي يتسابق إليها المعلمون لأنها سهلة ، لأنها يسيرة ، لأنه يريد أن يرتاح في الفصل لأنه كثُرت عليه بعض المواد الأخرى ويخرج هذا ويصدر من أُناس على مستوى من التدين والخير ! أظن هذا لا يليق بكلام الله - عز وجل - ولا بوزنه ولا بثقله وقد جعله الله - عز وجل - ووصفه بالثُقل .
وهذا أيها الإخوة الكرام أنا أتصور أنه أول أسرار هذا الأمر وهو عدم شعورنا بما نُعلم ، بعض المعلمين بأخذ المادة لأنها سهلة لأنها لا تحتاج تحضير في البيت ، أنا سأقول حكم - والله أعلم بصحته - أنا أتصور أن مادة االقرآن من أصعب المواد تحضيرا وبعد ذلك من أصعبها أداء وإجراء ، وسنعرف الآن صورة من صور التحضير التي التي أرى أنا أنها تكون ، قد تكون غير واقعية هذا لكم لكن المهم أني أرى أن إنسانا يريد آية من الآيات ، سورة من السور أو مقطع يريد أن يُدرِّسه يحتاج إلى تحضير متعب جدا ويحتاج إلى وقت وجهد كبير .
أريد أن أعود إلى العقبات التي تحدث عنها مجموعة من الإخوة الكرام ويقفون عندها كثيرا ، فيه آية في كتاب الله - عز وجل - أو هي مجموعة آيات حقيقة دعونا نقف معها قليلا لأني أريد من خلال هذا اللقاء أن يكون فيه ضرب أمثلة وتحليل سريع لبعض الآيات من أجل إثبات أننا عندما نستثمر النص القرآني سيكون ممتعا ومفيدا وسيكون سببا لمحبة هذا القرآن العظيم .
الله سبحانه وتعالى يأمر موسى - عليه السلام - فيقول له (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) لاحظوا معنا : أمر من الله - سبحانه وتعالى - لموسى أن يذهب إلى فرعون ثم يصف الله - عز وجل - هذا الذي سيذهب إليه موسى عليه السلام بأنه طغى ، والحكم بطغيانه من الله - سبحانه وتعالى - وهذا أمر مرعب ومخيف ، وموسى - عليه السلام - يعرف فرعون فقد عاش عنده وتربى في بيته وهو يعرف بطشه وجبروته وظلمه ومع هذا الله - سبحانه وتعالى - يقول اذهب إليه ومع معرفتك السابقة به يقول الله - عز وجل - (إِنَّهُ طَغَى) هذه ليست عقبة ، هذه عشرات العقبات أمام موسى - عليه السلام - زد عليه أن موسى - عليه السلام - كان في لسانه لثغة لا يُبين إذا تحدث ، فالمَلَكَة التي يريد أن يقدم بها هذا المأمور به أيضا عنده مشكلة فيها والمكان الذي سيُقدم عليه غير مُهيأ والنفسيات التي سيذهب إليها غير مهيأه ومع هذا هل اعتذر ؟ لا. أنا أريدك أن تعمل مثل هذا تماما ، لا يوجد شيء اسمه عقبة مادام إني سأُعلّم قرآن ، أنا يمكن أن أقبل هذا من معلم آخر لأنه سيقيس القضايا بمقياس مادي ، تعطوني ما تعطوني ، هذا راتبي هذا ما هو راتبي ، دوامي 8 ساعات ، ليست مشكلة لكن أنت يا مُعلم القرآن لا ، المقياس عندك مختلف ، أنت تأخذ من الجهتين من الدنيا وتأخذ أجورا عظيمة لا توازى عند الله - سبحانه وتعالى - فإذا كنا نقيس القضايا المادية فقط فأين الأجر الأخروي ؟ أين هو ؟ أنا أخشى أن حصصنا تذهب هباء من هذه الناحية ، والله يُخشى علينا إذا كنا نُدرس فقط لأجل الراتب ولأجل الراحة مع إن بإمكاني أن أحوّل جلستي هذه إلى عبادة خير لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى - وبالتالي سيتغير الأمر ، الإنسان إذا كان يسعى في طاعة لن يشعر بالنصب والتعب ، وخذوا هذه الفائدة السريعة : موسى عليه السلام وهو الذي أرسله الله -سبحانه وتعالى - لما قال له إن هناك رجل أعلم منك ذهب موسى - عليه السلام - ومشى ، اختلف في الفترة الزمنية التي أخذها لكنه مشى زمنا ثم بعد ذلك فقد الحوت ، بعد فقده الحوت أحسّ بالنصب والتعب ، يقول أهل التفسير " فلم يشعر بالتعب ولا بالنصب إلا بعدما جاوز المكان " يعني الفترة الأولى وهي الطويلة لم يشعر فيها بنصب ولا تعب لأنه ذاهب إلى رغبة ، لأنه كان في ذات الله ، لأنه يريد أن يسعى إلى خير فتحمّل كل هذا ولم يشعر بشيء ، لما تجاوز الموقع الذي فيه الموعد شعر بالنصب والتعب والجوع وأخذوا من هذا إن الإنسان إذا سعى في خير وفي طاعة فإنه بإذن الله يصل إلى ما يُريد ولا يشعر بكثير من التعب ، فالله - سبحانه وتعالى - قال (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ماذا قال موسى عليه السلام ؟ قال (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)لاحظ أنه طلب من الله أمورا تُعينه ، هو لن يتردد في هذه المهمة لكنه طلب من الله - سبحانه وتعالى - أمورا تُعينه حتى ينشرح صدره لأن فرعون طاغية فمن الطبيعي أن ينقدح في روعه خوف وتردد فيكون مكانه الصدر فقال (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) نحن كثيرا ما يكون عندنا المشكلة في صدورنا ، في قناعاتنا فنحتاج إلى أن يشرح الله صدري لتدريس هذه المادة ، لتلقي هؤلاء الطلاب ، لماذا لا نقول هذا ، نطلب من الله أن يشرح صدورنا لهذه المادة، لتلقيها ، لتعليمها . ثم قال (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) هذا حلّ للعقبات التي قد تأتي ، قد تأتي عقبات اللهم يسرها لي ، وأنت كذلك . الأمر الثالث أنه طلب من الله تعالى إزالة العقبة الموجودة في ذاته وهي اللكنة قال (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي) لِمَ ؟ ليكون خطيبا ويستعرض أمام الناس ؟ أبدا إنما يُريد حتى يكون هذا الحل للعقدة سببا في فهم هذا المدعو لقوله . وكذلك أنت يا اخي يجب أن يكون دورك سواء مع المعلمين ، سواء في خارج المرسة أو في غير ذلك على مثل هذه الصورة من تحمل المسؤولية . لماذا نقول لك هذا يا مُعلم القرآن ؟ لأنك صاحب رسالة ولأنك معلم قرآن وكفى .
عندما طُلب مني هذا الأمر رجعت إلى الأهداف لأني إنسان أؤمن أن الإنسان الذي يعمل بدون هدف لن يحقق شيئا ، أنا أدخل فصل طلاب وأخرج ، طيب لماذا تُدرّس القرآن .
لدي عشرة أهداف أخذتها من وثيقة العلوم الشرعية ، عشرة أهداف مطلوب أن تُحقق في المرحلة المتوسطة ، وعشرة أهداف مطلوب أن تًحقق في المرحلة الثانوية ، أنا لم أدخل في التفصيلات في المراحل الأخرى لأن هذه تكفيني وأقول لكم بكل صدق أني لم أكن أتوقع أن هذه الأهداف مكتوبة بهذه السعة ، وبهذه الصورة ، كنت أتوقع أن تدريس القرآن مقصور على أنه أداء معين وإصلاح للخلل واللحن والتجويد فقط لكن وجدت أن الأمور عظيمة جدا ، سأذكرها بسرعة :
- أن يتلو الطالب من سورة الكهف إلى سورة لقمان تلاوة مجودة . هذا للمرحلة المتوسطة
- أن يحفظ الطالب جزء عمّ
- أن يطبق الطالب أحكام التجويد
- أن يوقر الطالب كتاب الله . نركز على هذه
- أن يطبق الطالب أحكام القرآن ويتحلى بأخلاقه ويتعظ بمواعظه
- أن تنمو لغة الطالب اللغوية وتزداد ثروته اللفظية
- أن يكتسب الطالب القدرة على فهم ما يقرؤه من القرآن أن يتربى الطالب على الخشوع والتدبر عند تلاوة القرآن
- أن يستشعر الطالب ثواب تلاوة القرآن
- أن تقوى محبة الطالب لتلاوة القرآن وحفظه .
بكل بساطة يمكن أن آخذ هذه الأهذاف وفي نهاية الفصل ومن خلال ملاحظتي للطلاب أرى كم حققت ، هذا أمر طبيعي أن أحاسب نفسي ، كم حققت ، أم أن بعضنا لا يدري أصلا عن الأهداف هذه كلها ، أنا أخشى أن بعضنا نسيها تماما لأن الأهداف تُنسى ولذلك لابد من مراجعة باستمرار انظر فيها .
العمل من خلال الهدف عمل منظم وصحيح والعمل بدون هدف غير مُنظم وغير صحيح ، ولا يعجبك أن أدءك جيد مادام أنه غير مُنظم لن يأتي بما نريده تماما . هذه العشرة في المتوسط .
الأهداف التي في الثانوي :
- أن يتلو الطالب المقرر تلاوة مجودة
- أن يحفظ الطالب قدرا مناسبا من القرآن
- أن يقوي الطالب قدرته على تطبيق أحكام التجويد عند التلاوة
هذه الثلاث الأولى تتعلق بالأداء بعد ذلك : ....
عدل سابقا من قبل انتصار في الجمعة 27 سبتمبر 2013, 12:34 am عدل 1 مرات