يروي لنا الدكتور محمد راتب النابلسي قائلا :
صفوان بن أميَّة أخذ عُمَيْر بن وهب إلى خارج مكَّة ، إلى الصحراء ، فقال له عمير : " والله لولا خشية العَنَتِ على أطفالٍ صغار ، ولولا ديونٌ ركبتني لذهبتُ إلى محمدٍ وقتلته وأرحتكم منه " ، شخصان لا يعلم بوجودهما إلا الله ، فقال له صفوان : " أما أولادك فهم أولادي ما امتد بهم العمر ، وأما ديونك فهي علي بلغت ما بلغت فامضِ لما أردت .. اقتله وأرحنا منه .. " . فما كان من عمير إلا أن حمل سيفه وسقاه سمَّاً ، وجهَّز راحلته وتوجَّه إلى المدينة .
وفي المدينة رآه سيدنا عمر متنكِّباً سيفه فقال : " هذا عدو الله عُمَيْر جاء يريد شرَّاً " ، أخذ سيفه وقيَّده بحماَّلة السيف ، وقاده إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، الأمر كان بُعَيْد معركة بدر ، بمعنى مجيء عمير إلى المدينة مغطَّى بسبب فَكِّ أخيه من الأسر ، فلمَّا دخل على النبي عليه الصلاة والسلام قال له النبي الكريم : " فكَّ أسره يا عمر " .. فكَّ قيده .. ففَكَّ قيده ، ثم قال : " ابتعد عنه " ، فابتعد عنه ، قال : " ادنُ مني يا عمير " .. تعال .. قال : " سلِّم علينا " قال : " عمت صباحاً يا محمَّد " ، قال : " سلِّم علينا بسلام الإسلام " ، فقال عمير : " لست بعيد عهدٍ بالجاهلية " .. هذا سلامي .. فقال له النبي الكريم : " يا عُمير ما الذي جاء بك إلينا ؟ " ، قال : " جئت أفكُّ أخي من قيد الأسر " ، قال : " وهذا السيف الذي على عاتقك لماذا جئت به؟!" ، قال : " قاتلها الله من سيوف ، وهل نفعتنا يوم بدر ؟! " ، قال : " ألم تقل لصفوان : لولا ديونٌ ركبتني ، وأطفالٌ أخاف عليهم العنت لقتلت محمَّداً ، وأرحتكم منه ؟ " .
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
فوقف عمير وقال : " أشهد أنَّك رسول الله ، والله الذي قلته ما علمه إلا الله وأنت رسوله " ، صار هذا دليلاً قطعيَّاً ، فصفوان امتلأ قلبه فرحاً ، لأنه بعد أيامٍ قليلة سيأتي النبأ السار ، وهو قتل محمد عليه الصلاة والسلام ، فكان يقول للناس في مكَّة : " انتظروا أخباراً سارَّةً بعد أيَّام " ، مضى يومان وأربعة ، وخمسة وستَّة ، ومضى أسبوع وآخر ، وهذه الأخبار السَّارة لم تصل إلى مكة ، فكان يخرج إلى ظاهر مكَّة ويسأل القوافل : "ماذا عندكم من أخبار ؟ وماذا حدث في المدينة ؟ " لم يحدث شيء ، " ما أخبار عمير ؟ " ، قيل له : " لقد أسلم " ..
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
تتكلَّم بصوت عال ، تتكلَّم هَمساً ، تأخذ أخاً ، أو تأخذ صديقاً إلى مكان خالٍ من الناس ، تُحْكِم إغلاق الأبواب ، وتُسِرُّ له في أذنه ..
﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
تفكِّر في نفسك ، تضمر نيَّةً ، العلماء قالوا : " السِر ما كان بينك وبين إنسان ، والذي هو أخفى من السر ما كان بينك وبين نفسك "، وبعضهم قال : " لا ، السر ما كان بينك وبين نفسك ، وأما الأخفى فهو الذي يخفى عنك أنت " ، لا تعلمه ، لذلك قال سيدنا علي كرَّم الله وجهه : " علم ما كان ، وعلمَ ما يكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون " .
قد يقول أحدكم : أنا بهذا الوضع مستقيم ، فلو معي ألف مليون الله أعلم ، يا ترى تبقى معنا في هذا المسجد ؟ لا نعرف ، من الذي يعرف ؟ الله عزَّ وجل ـ وعَلِمَ ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ـ ولهذا قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : " ليس في الإمكان أبدع مما كان " ، أي ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني .
صفوان بن أميَّة أخذ عُمَيْر بن وهب إلى خارج مكَّة ، إلى الصحراء ، فقال له عمير : " والله لولا خشية العَنَتِ على أطفالٍ صغار ، ولولا ديونٌ ركبتني لذهبتُ إلى محمدٍ وقتلته وأرحتكم منه " ، شخصان لا يعلم بوجودهما إلا الله ، فقال له صفوان : " أما أولادك فهم أولادي ما امتد بهم العمر ، وأما ديونك فهي علي بلغت ما بلغت فامضِ لما أردت .. اقتله وأرحنا منه .. " . فما كان من عمير إلا أن حمل سيفه وسقاه سمَّاً ، وجهَّز راحلته وتوجَّه إلى المدينة .
وفي المدينة رآه سيدنا عمر متنكِّباً سيفه فقال : " هذا عدو الله عُمَيْر جاء يريد شرَّاً " ، أخذ سيفه وقيَّده بحماَّلة السيف ، وقاده إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، الأمر كان بُعَيْد معركة بدر ، بمعنى مجيء عمير إلى المدينة مغطَّى بسبب فَكِّ أخيه من الأسر ، فلمَّا دخل على النبي عليه الصلاة والسلام قال له النبي الكريم : " فكَّ أسره يا عمر " .. فكَّ قيده .. ففَكَّ قيده ، ثم قال : " ابتعد عنه " ، فابتعد عنه ، قال : " ادنُ مني يا عمير " .. تعال .. قال : " سلِّم علينا " قال : " عمت صباحاً يا محمَّد " ، قال : " سلِّم علينا بسلام الإسلام " ، فقال عمير : " لست بعيد عهدٍ بالجاهلية " .. هذا سلامي .. فقال له النبي الكريم : " يا عُمير ما الذي جاء بك إلينا ؟ " ، قال : " جئت أفكُّ أخي من قيد الأسر " ، قال : " وهذا السيف الذي على عاتقك لماذا جئت به؟!" ، قال : " قاتلها الله من سيوف ، وهل نفعتنا يوم بدر ؟! " ، قال : " ألم تقل لصفوان : لولا ديونٌ ركبتني ، وأطفالٌ أخاف عليهم العنت لقتلت محمَّداً ، وأرحتكم منه ؟ " .
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
فوقف عمير وقال : " أشهد أنَّك رسول الله ، والله الذي قلته ما علمه إلا الله وأنت رسوله " ، صار هذا دليلاً قطعيَّاً ، فصفوان امتلأ قلبه فرحاً ، لأنه بعد أيامٍ قليلة سيأتي النبأ السار ، وهو قتل محمد عليه الصلاة والسلام ، فكان يقول للناس في مكَّة : " انتظروا أخباراً سارَّةً بعد أيَّام " ، مضى يومان وأربعة ، وخمسة وستَّة ، ومضى أسبوع وآخر ، وهذه الأخبار السَّارة لم تصل إلى مكة ، فكان يخرج إلى ظاهر مكَّة ويسأل القوافل : "ماذا عندكم من أخبار ؟ وماذا حدث في المدينة ؟ " لم يحدث شيء ، " ما أخبار عمير ؟ " ، قيل له : " لقد أسلم " ..
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
تتكلَّم بصوت عال ، تتكلَّم هَمساً ، تأخذ أخاً ، أو تأخذ صديقاً إلى مكان خالٍ من الناس ، تُحْكِم إغلاق الأبواب ، وتُسِرُّ له في أذنه ..
﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
تفكِّر في نفسك ، تضمر نيَّةً ، العلماء قالوا : " السِر ما كان بينك وبين إنسان ، والذي هو أخفى من السر ما كان بينك وبين نفسك "، وبعضهم قال : " لا ، السر ما كان بينك وبين نفسك ، وأما الأخفى فهو الذي يخفى عنك أنت " ، لا تعلمه ، لذلك قال سيدنا علي كرَّم الله وجهه : " علم ما كان ، وعلمَ ما يكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون " .
قد يقول أحدكم : أنا بهذا الوضع مستقيم ، فلو معي ألف مليون الله أعلم ، يا ترى تبقى معنا في هذا المسجد ؟ لا نعرف ، من الذي يعرف ؟ الله عزَّ وجل ـ وعَلِمَ ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ـ ولهذا قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : " ليس في الإمكان أبدع مما كان " ، أي ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني .