{ وليالٍ عشر } ..
الليلة الأولى
كانَ الصّالحون يستَحوُن من الله أن يكون يومهم مثلَ أمسِهم !
يتفقَّدونه فيضعونَ فيه و لو مِثقالَ شَعيرة حَبٍ ليرجَحَ ميزانُ اليوم عن ميزانِ الأَمس .. رُبّما تبدو الحبّة خفيفةً .. لكنَّ النّهار بها أصبحَ مختلِفاَ ولو قليلاَ ..
فكيفَ كان حالٌهم مع زمنٍ هو من أحبٌّ الأزمان إلى الله ؟!..
لقد كان الحياءُ في نفوسِهم يشتَدّ أن يلقوا الله بصحيفةٍ تُشابه في ملامِحها صحيفةَ العام الذي مضى .. أو تُقاربه .. إذ للقربِ خطواتٍ لا يجوز أن تَتكرر !
وتذكَر أيها المشتاق للديار المقدسة ...
لئن سارَ الرَّكب الى جبلِ المَغفرة والرحمة .. فقد جعل الله لنا نحن أيضاً سيراً ..
قال ابن رجب الحنبلي " أيّام جعلها الله مشتركة بين السّائرين والقاعدين ، فمن اغتنمها في بيتِه كان أفضل ممن خرج للجهاد من بيته" ..
لذا كان سعيدُ بن جبير رحمه الله تعالى: إذا دخلت العشر من ذي الحجة اجتهد اجتهاداً حتى ما يَقدِرُ عليه وكان يقول: "لا تُطفئوا سّرجكم فيها .. ! " ..
أشعلوا السّرج في لياليكم .. عسى أن تشعل لكم أنوارَكم على الصّراط .. واجتهدوا فَلرُبّ قاعدٍ خيرٌ من ألفِ ساعٍ .. والله من بعد يعلم صدقَ النّيات وخَفَيّ الَّدمَعات .
د.كفاح أبو هنود