حب الله تعالى لعباده:
هو رضاه عنهم.. مما يستتبع اسباغ نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، ورعايته لهم، ولطفه بهم..
ذلك لأنهم آمنوا به، وأطاعوا أوامره ونواهيه.. فكانوا له عابدين.
ولقد منح الله تعالى حبه لأشخاص، وصرفه عن آخرين:
فهو سبحانه يحبّ المحسنين، ويحبّ التوّابين، ويحبّ المتقين، ويحبّ الصابرين، ويحبّ
المتوكلين، ويحبّ المقسطين، ويحبّ المتطهرين، و {إن اللهَ يحبُّ الذينَ يقاتلونَ في سبيلهِ صفّاً
كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ}. (الصف/4)
ذلك لأن الإحسان، والتوبة، والتقوى، والصبر، والتوكل، والعدل، والطهارة الجسدية والروحية،
والثبات في الجهاد، هي جماع الخير ومناط سعادة البشرية، وسبيل الفوز والفلاح في الدنيا
والآخرة، وذلك هو الفوز العظيم.
وهو تعالى لا يحب المعتدين، ولا يحب الكافرين، ولا يحب الظالمين، ولا يحب المفسدين، ولا
يحب المستكبرين، ولا يحب من كان مختالاً فخوراً، ولا يحب من كان خواناً أثيماً...
ذلك، لأن العدوان، والكفر، والظلم، والفساد، والإسراف، والتكبر، والاحتيال، والتعالي على
الناس، والخيانة، واقتراف المآثم، هي مصادر الشرور في العالم، وأسباب دمار الحضارات،
وشقاء البشرية في الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
نسمع من يقول : هل يوجد حب في الإسلام ؟!
نجيبه أن الإسلام دين محبة , ونعرف قيمة الحبّ في الاسلام من تعريف الاسلام للحبّ ..
نعرفه عندما يعرِّف الاسلام نفسه بأ نّه الحبّ ، وبأنّ الحبّ هو الاسلام .. وأنّ قيمة كبرى يسعى
لتحقيقها في الحـياة هي الحبّ .. حبّ الله ، وحبّ الخير ، وحبّ الإنسان .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «والّذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ،
ولا تؤمنوا حتّى تحـابّوا ، أوَلا أدلّكم على شيء إذا فعلتمـوه تحاببتم : أفشوا السّلام بينكم».
نقرأ ذلك في الحديث الشريف والّذي نصّه : «مِن كتاب المحاسن ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) في حديث له ، قال لزياد : ويحـك هل الدِّين إلاّ الحبّ ، ألا ترى قول الله عزّ وجلّ :
إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يُحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم . أوَلا ترى قول الله عزّ وجلّ ،
لمحمّد : حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم . وقال : يحبّون مَن هاجر إليهم . فالدِّين هو
الحبّ ، والحبّ هو الدِّين».
فالدِّين هو الحبّ ، والحبّ هو الدِّين ..
هذا التعريف الفريد في عالَم الانسان للدِّين والحبّ ، يعرِّفنا بمحتوى الدِّين ومحتوى الحبّ..
فالدِّين حبّ لله وللناس وللخير ، والحبّ مقدّس عندما ينطلق من حبّ الله، عندما ينطلق من حبِّ
الخير المطلق والجمال المطلق .
لنقف طويلاً عند هذا التعريف الذي حمله إلينا الحديث الشريف ، ولنتأمّل في مفاهيمه الحضارية
وقيمته الكبرى في حياة الانسان ، لنعرف كم هي الحاجة إلى تمثّل هذه القيمة الحضارية ،
وتحويلها إلى سلوك وممارسات في حياة الانسان ..
نجد شبابنا يطلق كلمة حب على عواطفه التي أودعها الله في كل إنسان و لكن أعطاه معها نعمة
الإسلام ليهذب هذا الحب و يدخله في مفهومه الاسمى ولم تكن مفاهيم الحبّ ، قيماً فلسفيّة
مُجرّدة ، بل جسّدها الاسلام منهجاً عمليّاً يستوعب قلب الانسان وروحه وعقله وحسّه ونشاطه
وغرائزه .
فالحب في الاسلام هو الحب في الله و الذي يدخل في طاعة الله
وفقنا الله مع من نحب و يسر لنا أمرنا