من طرف جنان الرحمن الإثنين 10 فبراير 2020, 6:01 am
التفريغ النصي محاضرة (نشأة علم القراءات)
تفريغ الأستاذة سمر صمادي جزاها الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرة " نشأة علم القراءات "
كتابة القرآن الكريم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقد حظي القرآن الكريم بأوفى نصيب من عناية النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فلم تصرفهم عنايتهم بحفظه واستظهاره عن عنايتهم بكتابته ونقشه فهذا رسول الله قد اتخذ كتابا للوحي كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته توثيقا وضبطا واحتياطا
من هؤلاء الكتاب من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين زيد بن ثابت وابو بكر وعثمان وعمر وعلي ومعاوية وأبان بن سعيد وابي بن كعب وثابت بن قيس وغيرهم
كان صلى الله عليه وسلم يدلهم على موضع المكتوب من سورته فيكتبونه فيما يسهل عليهم وتيسر لهم من العسب والرقاع ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله وهكذا انقضى العهد النبوي والقرآن مجموع على هذا النمط بيد انه لم يكتب في صحف ولا في مصاحف بل كتب منثورا بين الرقاع والعظام
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كان رسول الله اذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكاب فقال ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا وعن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله نؤلف القران من الرقاع
بعدها جمع القرآن الكريم في عهد ابو بكر الصديق
واجهت أبو بكر الصديق في خلافته أحداث ومشكلات صعاب منها في موقعة اليمامة دارت حربا بين المسلمين وبين أهل الردة واستشهد فيها كثير من القراء الصحابة وحفظتهم ينتهي عددهم إلى السبعين عز ذلك الامر على الصحابي عمر بن الخطاب فدخل على الصحابي أبو بكر فقال: أدرك القرآن قبل أن يضيع بموت الحفظة.
فتردد أبو بكر بداية لأنه كان وفاقا عند حدود ما كان عليه الرسول :؛ يخاف أن يجره التجديد إلى الابتداع، ثم رأى أن ينتدب لتحقيقها رجلا من الكتبة .
ووقع الاختيار على زيد بن ثابت لانه من حفاظ القرآن ومن كتاب الوحي لرسول الله وشهد العرضه الأخيرة وشدته وورعه وأمانته وكمال خلقه واستقامة دينه
وجاء زيد رضي الله عنه فعرض أبو بكر عليه الأمرعليه الفكرة ورغب اليه أن يقوم بتنفيذها هنا يشير زيد إلى ضخامة ما وكل إليه بقوله ((والله لو كلفت نقل الجبال لكان أهون عليا مما كلفت به)) وبدأ فعلا زيد بالكتابة يجمع القرآن ومما يشرفون عليه ويساعدونه ابو بكر وعمر وكبار الصحابة إلى أن تم لهم ما أرادو بتوفيق من الله عزوجل
وكان من شدة حرصهم أنه لم يقبل شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان.
نشأة القراءات وتطورها
إن نشأة القراءات القرآنية كانت بتبليغ أمين الوحي جبريل عليه السلام أول كلمة قرآنية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي كلمة (اقرأ) فلهذه الكلمة قراءتان متواترتان الأولى بتحقيق الهمزة والثانية بإبدالها ألفا. ثم تتابع نزول القرآن بعد ذلك بالأحرف السبعة
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف»
كما ثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت:
من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال:
أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقلت:
كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقرأنيها على غير ما قرأت.
فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقلت:
إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«أرسله. اقرأ يا هشام».
فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«كذلك أنزلت». ثم قال: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«كذلك أنزلت. إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه»
وعن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة، دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت:
إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرءا، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية،
فلما رأى رسول صلى الله عليه وآله وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا. فقال لي:
«يا أبي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه:
أن هون على أمتي. فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي. فرد إلي الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي. اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السلام»
وقد بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم القرآن لأصحابه وقرأه عليهم كما أنزل عليه. قال تعالى:
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته [المائدة: ٦٧]
وقال تعالى: وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا [الإسراء: ١٠٦]
وربما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض أصحابه قراءة لم يسمعها غيرهم «فكل ميسر لما خلق له» فصار كل صحابي يقرأ القراءة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الصحابة من أخذ القرآن بحرفين ومنهم من زاد حتى جمع القراءات مثل أبي بن كعب وسوف تجد اسمه مكتوبا عند عرض سند كل قارئ في هذا الكتاب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالم مولى حذيفة ومعاذ وأبي بن كعب».