الحمدلله الذي خلق الظلمات و النور و عاقب الليل و النهار
و الصلاة و السلام على خير خلقه و خاتم أنبيائه محمد المختار
و على آله و صحبه و من اقتدى بهديه و اتبع سنته من المتقين الأخيــار
سبحـــان من خلق الجن و الإنس لـ عبـادته
و تبارك من أرسل لنا الرسول ليهدينا لـ عبـادته
و جل من أنزل لنا القرآن ليقودنا لـ عبـادته
إذن .. كلن مؤمنات أنكن ما وُجِدتم إلا لـ تعبد الله
و أن ما من يوم يمضي .. و لا ساعة تجري .. و لا دقيقة تنتهي ..
إلا و ستحاسبن على ما فعلتنه فيها مما يسخط أو يرضي الله
و العجب كل العجب من حال من نسيت الله
ممن سارت على هواها و ارتكبت ما يغضب الله
تخبطت كالأعمى في الظلمات و تركت نور الله
فبدلاً من أن تستغل دقائق عمرها للاستعداد للقاء الله
أفنتها و ضيعتها في لهو و لعب و غفلة عن الله
أفلم تتذكر أن روحها يوماً ستخرج إلى الله ؟!
و ستبقى وحيدةً في قبرها ليس لها إلا الله
فلا ينفعها إلا ســاعة قضتها في ذكر الله
أو عمل صالح أتقنته و أخلصت فيه لوجه الله
و ستندم أشد الندم من ساعة لهو أغضبت الله
أو صلوات ضيعتها و أوقات هدرتها في معصية الله
{ حَتَّى إذا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99}
{ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {100}
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ{101}
{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ {102}
{ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {103}
سورة المؤمنون
فاعتبري أخيتي و تجهزي من الآن للقاء الله
و اتخذي هذه الأوقات وسيـلة للتقرب إلى الله
عمِّري الساعة بل الدقيقة و الثانية بذكر الله
[ .. وإيــاكِ أن تتخذي الإجازة إجازة من عبادة الله .. ]
إياكِ أن تكوني ممن إذا حلت الإجازة نست الله
و ارتكبت فيها كل ما يغضب و يُسخِط الله
فسهرت ليلها في لهو و غناء و غفلة عن الله
و نامت نهارها و ضيعت الصـلاة ! يا ويلها من الله
فصلاة الظهر و العصر مع المغرب كلها تجمعها أمام الله
و قرأت كل رواية هابطة و قصة تافهة و تركت كتاب الله
ما أقسى قلبها و ما أظلم حياتها بل ما أجرأها على الله
{ وَ لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفَسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {19}
سورة الحشر
و لو ذكرتَها مُذَكِّرة أن استيقظي و توبي إلى الله
لقالت : إننا في إجازة دعينا نلهو .. لا تنكدي علينا يا أمة الله
ويحكِ ! أو نحن في إجازة من عبادة الله !
و هل المعصية في الإجازة قد أحلها الله !
إن العيدين اللذين شرعهما الله
قد وجبت فيهما الصلاة و ذكر الله
فكيف بإجازة صيفية لم يرد فيها نص من الله
إنها تُقتَطَع من عمركِ يا أمة الله
كأني بها و قد داهمها هادم اللذات و هي غافلة عن الله
فندمت على كل ثـانية قضتها في غير طاعة الله
و لكن هيهــات حينها أن ينفع الندم هيهات والله
{ وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقنَاكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ أَحَدَكُم المَوتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَولَا أَخَّرتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصَالِحيــنَ {10}
{ وَلَن يُؤَخِّرَ اللهُ نَفسًا إذا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيـرٌ بِمَا تَعمَلُـونَ {11}
سورة المنافقون
إن العاقلة الذكية هي من اغتنمت فراغها للتقرب إلى الله
و استغلت كل ساعة و دقيقة في برٍّ و طاعة لله
{ فَإِذَا فَرَغتَ فَانصَب {7} وَ إِلَى رَبِّكَ فَارغَب {8}
سورة الشرح
فقضت الساعات لحفظ كتاب الله
و اغتنمت الليالي لقيام الليل و مناجاة الله
و سخرت فكرها و قلمها للدعوة إلى الله
و وضعت نصب عينيها حديث رسول الله :
(( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ))
[ رواه الإمام أحمد ]
فلا تتوقفِ عن العبادة مادام قد أحياها الله
قد صيرت حياتها كلها طاعة لله
قال بعض السلف : " الَّتقيُّ وقتُ الراحة له طاعة ، ووقت الطاعة له راحة "
إنها لن ترتـاح حتى تعلم أن أعمالها قد قبلها الله
و لا تهدأ حتى يرضى عنها الله
و حتى تطأ بقدميها جنة الله
سئل الإمام أحمد - رحمه الله - :
متى الراحة ؟
قال : " عند أول قدم أضعها في الجنة "
قال بعض السلف :
" ادَّخر راحتك لقبرك، وقِّلل من لهوك ونومك، فإنَّ من ورائك نومةً صبحها يوم القيامة "
[ .. فـ استثمري وقتكِ يا أمة الله .. و شدي همتك للتقرب من الله ..