وقال ابن القيم ( رحمه الله ) في كتابه القيم
(مدارج السالكين)
« فالعبد سائر لا واقف فإما إلى فوق وإما إلى أسفل إما إلى أمام وإما إلى وراء وليس في
الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتة ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار
فمسرع ومبطى ء ومتقدم ومتقدم ومتأخر وليس في الطريق واقف ألبتة وإنما يتخالفون فى جهة
المسير وفي السرعة والبطء { إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ
يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } ولم يذكر واقفا إذ لا منزل بين الجنة والنار ولا طريق لسالك إلى غير الدارين
ألبتة فمن لم يتقدم إلى هذه الآعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة فإن قلت كل
مجد في طلب شيء لا بد أن يعرض له وقفة وفتور ثم ينهض إلى طلبه قلت لا بد من ذلك ولكن
صاحب الوقفة له حالان إما أن يقف ليجم نفسه ويعدها للسير فهذا وقفته سير ولا تضره الوقفة
فإن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة
وإما أن يقف لداع دعاه من ورائه وجاذب جذبه من خلفه فإن أجابه أخره ولا بد فإن تداركه الله
برحمته وأطلعه على سبق الركب له وعلى تأخره نهض نهضة الغضبان الآسف على الانقطاع
ووثب وجمز واشتد سعيا ليلحق الركب وإن استمر مع داعي التأخر وأصغى إليه لم يرض برده
إلى حالته الأولى من الغفلة وإجابة داعي الهوى حتى يرده إلى أسوأ منها وأنزل دركا وهو
بمنزلة النكسة الشديدة عقيب الإبلال من المرض فإنها أخطر منه وأصعب وبالجملة فإن تدارك
الله سبحانه وتعالى هذا العبد بجذبة منه من يد عدوه وتخليصه وإلا فهو في تأخر إلى الممات
راجع القهقرى ناكص على عقيبه أو مول ظهره ولا قوة إلا بالله والمعصوم من عصمه الله »
نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يجنبنا الفتور والكسل، والعجز والهم...!!