الحجب العشرة بين العبد وبين الله
ابن القيم الجوزية _ رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد فهذه الحجب العشرة بين العبد وربه:
1- الحجاب الأول: الجهل بالله:
ألّا تعرفه.. فمن عرف الله أحبه.. وما عرفه من لم يحبه.. وما أحب قط من لم يعرفه..
لذلك كان أهل السنة فعلا طلبة العلم حقا هو أولياء الله الذين يحبهم ويحبونه..
لأنك كلما عرفت الله أكثر أحببته أكثر..
قال شعيب خطيب الأنبياء لقومه:
" واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود " [هود:90].
وقال ربك جلّ جلاله:
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا " [مريم:96].
إن أغلظ الحجب هو الجهل بالله وإلا تعرفه.. فالمرء عدو ما يجهل..
إن الذين لا يعرفون الله يعصونه
.
من لا يعرفون الله يكرهونه.
من لا يعرفون الله يعبدون الشيطان من دونه.
ولذلك كان نداء الله بالعلم أولاً:
" فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " [محمد:19].
فالدواء أن تعرف الله حق المعرفة.. فإذا عرفته معرفة حقيقية فعند ذلك تعيش حقيقة التوبة.
2- الحجاب الثاني: البدعة:
فمن ابتدع حجب عن الله ببدعته..
فتكون بدعته حجابا بينه وبين الله حتى يتخلص منها.. قال :
{ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } [متفق عليه].
والعمل الصالح له شرطان:
الإخلاص:
أن يكون لوجه الله وحده لا شريك له.
والمتابعة: أن يكون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم
ودون هذين الشرطين لا يسمى صالحاً.. فلا يصعد إلى الله.. لأنه إنما يصعد إليه العمل الطيب الصالح..
فتكون البدعة حجاباً تمنع وصول العمل إلى الله.. وبالتالي تمنع وصول العبد..
فتكون حجاباً بين العبد وبين الرب.. لأن المبتدع إنما عبد على هواه.. لا على مراد مولاه..
فهوا حجاب بينه وبين الله.. من خلال ما ابتدع مما لم يشرّع الله..
فالعامل للصالحات يمهد لنفسه.. أما المبتدع فإنه شرّ من العاصي.
3- الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:
وهي كثيرة كالخيلاء.. والفخر.. والكبر.. والغرور..
هذه الكبائر الباطنة أكبر من الكبائر الظاهرة.. أعظم من الزنا وشرب الخمر والسرقة..
هذه الكبائر الباطنة إذا وقعت في القلب.. كانت حجاباً بين قلب العبد وبين الرب.
ذلك أن الطريق إلى الله إنما تقطع بالقلوب.. ولا تقطع بالأقدام..
والمعاصي القلبية قطاع الطريق.
يقول ابن القيّم: ( وقد تستولي النفس على العمل الصالح.. فتصيره جنداً لها.. فتصول به وتطغى.. فترى العبد: أطوع
ما يكون.. أزهد ما يكون.. وهو عن الله أبعد ما يكون.. )
فتأمل..!!
4- الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:
كالسرقة.. وشرب الخمر.. وسائر الكبائر..
إخوتاه..
يجب أن نفقه في هذا المقام.. أنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار..
والإصرار هو الثبات على المخالفة.. والعزم على المعاودة..
وقد تكون هناك معصية صغيرة فتكبر بعدة أشياء وهي ستة:
(1) بالإصرار والمواظبة:
مثاله: رجل ينظر إلى النساء..
والعين تزني وزناها النظر.. لكن زنا النظر أصغر من زنا الفرج..
ولكن مع الإصرار والمواظبة.. تصبح كبيرة..
إنه مصر على ألا يغض بصره.. وأن يواظب على إطلاق بصره في المحرمات.. ف
لا صغيرة مع الإصرار..
(2) استصغار الذنب:
مثاله:
تقول لأحد المدخنين: اتق الله.. التدخين حرام.. ولقد كبر سنك..
يعني قد صارت فيك عدة آفات:
أولها: أنه قد دب الشيب في رأسك.
ثانياً: أنك ذو لحية.
ثالثاً: أنك فقير.
فهذه كلها يجب أن تردعك عن التدخين.. ف
قال: هذه معصية صغيرة.
(3) السرور بالذنب:
فتجد الواحد منهم يقع في المعصية.. ويسعد بذلك.. أو يتظاهر بالسعادة..
وهذا السرور بالذنب أكبر من الذنب.. فتراه فرحاً بسوء صنيعه.. كيف سب هذا؟؟
.. وسفك دم هذا؟.. مع أن { سباب المسلم فسوق وقتاله كفر }.
أو أن يفرح بغواية فتاة شريفة.. وكيف استطاع أن يشهر بها..
مع أن الله يقول:
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم "[النور:19].
انتبه..
سرورك بالذنب أعظم من الذنب.
(4) أن يتهاون بستر الله عليه:
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
( يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته.. ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته..
قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال ـ وأنت على الذنب ـ أعظم من الذنب..
وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب..
وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب..
وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك ـ وأنت على الذنب ـ ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب ).
ابن القيم الجوزية _ رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد فهذه الحجب العشرة بين العبد وربه:
1- الحجاب الأول: الجهل بالله:
ألّا تعرفه.. فمن عرف الله أحبه.. وما عرفه من لم يحبه.. وما أحب قط من لم يعرفه..
لذلك كان أهل السنة فعلا طلبة العلم حقا هو أولياء الله الذين يحبهم ويحبونه..
لأنك كلما عرفت الله أكثر أحببته أكثر..
قال شعيب خطيب الأنبياء لقومه:
" واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود " [هود:90].
وقال ربك جلّ جلاله:
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا " [مريم:96].
إن أغلظ الحجب هو الجهل بالله وإلا تعرفه.. فالمرء عدو ما يجهل..
إن الذين لا يعرفون الله يعصونه
.
من لا يعرفون الله يكرهونه.
من لا يعرفون الله يعبدون الشيطان من دونه.
ولذلك كان نداء الله بالعلم أولاً:
" فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " [محمد:19].
فالدواء أن تعرف الله حق المعرفة.. فإذا عرفته معرفة حقيقية فعند ذلك تعيش حقيقة التوبة.
2- الحجاب الثاني: البدعة:
فمن ابتدع حجب عن الله ببدعته..
فتكون بدعته حجابا بينه وبين الله حتى يتخلص منها.. قال :
{ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } [متفق عليه].
والعمل الصالح له شرطان:
الإخلاص:
أن يكون لوجه الله وحده لا شريك له.
والمتابعة: أن يكون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم
ودون هذين الشرطين لا يسمى صالحاً.. فلا يصعد إلى الله.. لأنه إنما يصعد إليه العمل الطيب الصالح..
فتكون البدعة حجاباً تمنع وصول العمل إلى الله.. وبالتالي تمنع وصول العبد..
فتكون حجاباً بين العبد وبين الرب.. لأن المبتدع إنما عبد على هواه.. لا على مراد مولاه..
فهوا حجاب بينه وبين الله.. من خلال ما ابتدع مما لم يشرّع الله..
فالعامل للصالحات يمهد لنفسه.. أما المبتدع فإنه شرّ من العاصي.
3- الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:
وهي كثيرة كالخيلاء.. والفخر.. والكبر.. والغرور..
هذه الكبائر الباطنة أكبر من الكبائر الظاهرة.. أعظم من الزنا وشرب الخمر والسرقة..
هذه الكبائر الباطنة إذا وقعت في القلب.. كانت حجاباً بين قلب العبد وبين الرب.
ذلك أن الطريق إلى الله إنما تقطع بالقلوب.. ولا تقطع بالأقدام..
والمعاصي القلبية قطاع الطريق.
يقول ابن القيّم: ( وقد تستولي النفس على العمل الصالح.. فتصيره جنداً لها.. فتصول به وتطغى.. فترى العبد: أطوع
ما يكون.. أزهد ما يكون.. وهو عن الله أبعد ما يكون.. )
فتأمل..!!
4- الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:
كالسرقة.. وشرب الخمر.. وسائر الكبائر..
إخوتاه..
يجب أن نفقه في هذا المقام.. أنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار..
والإصرار هو الثبات على المخالفة.. والعزم على المعاودة..
وقد تكون هناك معصية صغيرة فتكبر بعدة أشياء وهي ستة:
(1) بالإصرار والمواظبة:
مثاله: رجل ينظر إلى النساء..
والعين تزني وزناها النظر.. لكن زنا النظر أصغر من زنا الفرج..
ولكن مع الإصرار والمواظبة.. تصبح كبيرة..
إنه مصر على ألا يغض بصره.. وأن يواظب على إطلاق بصره في المحرمات.. ف
لا صغيرة مع الإصرار..
(2) استصغار الذنب:
مثاله:
تقول لأحد المدخنين: اتق الله.. التدخين حرام.. ولقد كبر سنك..
يعني قد صارت فيك عدة آفات:
أولها: أنه قد دب الشيب في رأسك.
ثانياً: أنك ذو لحية.
ثالثاً: أنك فقير.
فهذه كلها يجب أن تردعك عن التدخين.. ف
قال: هذه معصية صغيرة.
(3) السرور بالذنب:
فتجد الواحد منهم يقع في المعصية.. ويسعد بذلك.. أو يتظاهر بالسعادة..
وهذا السرور بالذنب أكبر من الذنب.. فتراه فرحاً بسوء صنيعه.. كيف سب هذا؟؟
.. وسفك دم هذا؟.. مع أن { سباب المسلم فسوق وقتاله كفر }.
أو أن يفرح بغواية فتاة شريفة.. وكيف استطاع أن يشهر بها..
مع أن الله يقول:
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم "[النور:19].
انتبه..
سرورك بالذنب أعظم من الذنب.
(4) أن يتهاون بستر الله عليه:
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
( يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته.. ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته..
قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال ـ وأنت على الذنب ـ أعظم من الذنب..
وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب..
وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب..
وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك ـ وأنت على الذنب ـ ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب ).
عدل سابقا من قبل في الإثنين 28 يناير 2008, 8:10 pm عدل 1 مرات