من طرف مودة الخميس 21 أغسطس 2008, 4:57 am
وأما حال الوقف , فكل القراء متفقون على إثبات ألف { أنـا }
وأما ألف { أنـا } الواقع بعده حرف غير همز نحو:{ أنا ومن اتبعني }
{ أنا خير} وماشابهه , فتحذف الألف وصلا وتثبت وقفا لجميع القراء .
قال الشاطبي رحمه الله :
( ومد أنا في الوصل مع ضم همزة ـ وفتح أتى والخلف في الكسر بجلا )
وقراءته : { خطيئـاته } بالجمع
في قوله تعالى :
{ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَاتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
البقرة/81
حمله على معنى الإحاطة , والإحاطة إنما تكون بكثرة المحيط .
بمعنى: " بلى من كسب شركا وأحاطت به كبائره فأحبطت أعماله، فأولئك أصحاب النار"
قال الشاطبي :
( خطيئته التوحيد عن غير نافع )
أي كل السبعة على القراءة بالإفراد سوى نافع :
ومن خصائص قراءة إمامنا نافع :
أنه يفتح كل ياء إضافة وليتها همزة قطع مضمومة
وجملتها عشر ياءات في القرآن الكريم هي :
{ إنيَ أعيذها } آل عمران /36
{ إنيَ أريد }المائدة / 29
{ فإنيَ أعذبه } المائدة / 115
{ إنيَ أمرت } الأنعام / 14 وبالزمر / 11
{ عذابيَ أصيب به } الأعراف / 156
{ إنيَ أشهد } هود /54
{ أنيَ أوفي } يوسف / 59
{ إنيَ ألقي } النمل / 29
{ إنيَ أريد } القصص / 27
قال الشاطبي :
( وعشر يليها الضم مشكلا ** فعن نـافع فـافـتح...)
وقراءة نافع بفتح هذه الياءات جاءت على الأصل , لأنها اسم المضاف إليه وأصلها الحركة ,
والدليل على ذلك أنها كالكاف في " عليك و إليك ، و كالهاء في " إليه و عليه " وهذه
المضمرات لا تكون إلا متحركة , فكذلك ياء الإضافة ,
وإنما جاز إسكانها استخفافا للحركة على الياء .
واختص إمامنا نافع بفتح ثمان من ياءات الإضافة الواقع بعدها همزة قطع مكسورة وهي :
{ من أنصاريَ إلى الله } في آل عمران/52 و الصف/14
{ بناتيَ إن كنتم } الحجر/71
{ ستجدنيَ إن شاء الله } في الكهف/69 و القصص/27 و الصافات/102
{ بعباديَ إنكم } الشعراء/52
{ لعنتيَ إلى } ص/78
قال الشاطبي رحمه الله :
( بناتي وأنصاري عبادي ولعنت وما بعده إن شاء بالفتح أهملا )
أشار رحمه الله إلى أن نافعا المرموز إليه بالهمزة في قوله : ( أهملا )
فتح هذه الياءات المذكورة , وقصد بقوله : ( وما بعده إن شاء ) موضع الكهف والقصص
والصافات المذكورة آنفا . فهو فيها على أصله وقاعدته العامة
في ياءات الإضافة الذي هو الفتح إلا ما استثنى من ذلك.
ومن خصائص قراءته :
{ مَـيْسُـرَةٍ } بضم السين
في قوله تعالى :
{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسُـرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون }
البقرة /280
والضم والفتح لغتان فصيحتان , وبالضم قرأ مجاهد وابن محيصن وشيبة وعطاء وحميد
والحسن , وهي لغة هذيل .
قال الشاطبي :
( وميسرة بالضم في السين أصلا )
أشار رحمه الله إلى قراءة نافع بالضم بهمزة ( أصلا )
فتعين للباقين القراءة بفتحها .
ومن خصائصه قراءته :
{ تَـرَوْنَهُـم } بالتاء على الخطاب ,
في قوله تعالى :
{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ تَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ
الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار } آل عمران/13
وناسبت القراءة بالخطاب ما قبله , وهو قوله تعالى :
{ قد كان لكم آية في فئتين التقتا } وحسن أن يكون الخطاب للمسلمين , والهاء والميم
للمشركين , فخاطب ثم عاد إلى الغيبة في قوله :
{ مثليهم } وهو في القرآن وكلام العرب كثير , ويحتمل أن يكون الضمير في { مثليهم }
للمسلمين , أي ، ترون المسلمين مثلي ما هم عليه من العدد , لتقوى أنفسهم على لقاء العدو ,
ويحتمل أن يكون للمشركين , لأنهم كانوا ثلاثة أمثالهم , فقللهم الله في أعينهم ليجسروا على
لقائهم ، يؤيد ذلك قوله تعالى :
{ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً
وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُور } الأنفال /44
قال الشاطبي مشيرا إلى أن مدلول " الخاء " من ( خـص ) وهم كل القراء قراءتهم بالغيب
سوى نافع :
( وترون الغيب خُـصَّ وخُـلِّلاَ )
ومن خصائصه أنه سهل الهمزة التي هي عين الفعل وصلا ووقفا في :
{ أرءيتكم } و { أرء يـتـم } و { أرءيـت } و { أ فـرء يـت } و { أرءيتـك } وشبهه
إذا كان قبل الراء همزة ، أي همزة الاستفهام .
استثقل اجتماع همزتين في فعل واحد مع اتصال الفعل بضمير , فخفف الثانية بين بين .
ولإمامنا ورش وجـه ثـان , وهو إبدالها ألفا . ومثال ذلك في بعض الآيات :
{ قُلْ أَراْيْتَكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
الأنعام/40
{ قُلْ أَرَايْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهُِ
انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْـد ِفُونَ } الأنعام/46
{ قَالَ أَرَايْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهِ
إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً }الكهف/63
{ أَفَرَايْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ
غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَّكَّرُون }الجاثية /23
{ قَالَ أَرَأَْيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً }
الإسراء/62
قال الشاطبي :
( أرأيت في الاستفهام لا عين راجع *وعن نافع سهل وكم مبدل جلا )
أشار إلى قراءة الكسائي بإسقاط الهمزة في هذه الكلمات وإلى قراءة
نـافع ووجه الإبـدال لورش كما تقـدم ، فتعين لباقي القراء إثبات الهمزة محقـقة ,
وإذا وقف حمزة سهل الهمزة .
و قراءته : { إنِّيَ أخْلُقُ } بكسر الهمزة ،
وذلك في قوله تعالى :
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ إِنِّيَ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا
تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بِيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران /49
جعل الكلام مستأنفا , مبتدأ به , فكسر " إن "
ويجوز أن تكون " إن " وما بعدها تفسيرا لما قبلها , مثل قوله تعالى:
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ } ثم فسَّر التمثيل بينهما فقال
{ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران /59
قال الشاطبي مشيرا إلى قراءة نافع :
( وبالكسر إني أخلق اعتاد أفضلا )
ومن ذلك قراءته :
{ طَـائِـرًا } في نفس الآية السابقة , بألف وهمزة على التوحيد , على تقدير: " فأنفخ في
الواحد منها فيكون طائرا "
وكذلك قراءته في موضع المائدة , في قوله تعالى :
{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ
النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ
كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَائِراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ
سِحْرٌ مُّبِين } المائدة /110
قال الشاطبي :
( وفي طائرا طيرا بها وعقودها *** خـصوصا ..... )
أشار رحمه إلى أن مدلول " الخاء " من ( خـصوصا )
وهم كل القراء سوى نافع قراءتهم بالجمع في الموضعين
ونافع بالإفراد في الموضعين .