السلام عليكم ورحمة الله
ليوم سأرسل رسالة لأختِ الحبيبة التى ذاقت مرارة الظُلم .. وعرفت طعم الألم .. حينما رُميت بالباطل .. وطُعنت فى شرفها .." وخاصةً وما يُقال اليوم حول المحجبات" ولا حولا ولا قوة إلا بالله .. فلم تجد مخرجاً ولا ملجأً وضاقت عليها الأرض بما رحُبت .
أقول لها أختاه لا تحزنى وأبشرى فإن أمكِ الكريمة الحبيبة الشريفة عائشة قد رُميت بالباطل يوماً ما وهى من تكون؟ ، إنها زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وابنة من ؟ أبنة الصدّيق أبى بكر - رضى الله عنه - ، فلم توهن ولم تضعُف بل تماسكت وكانت كالجبال الشامخات صحيح أنها بكت ولكن هذا رد فعل طبيعى بالنسبة للمرأة نظراً لطبيعتها الرقيقة ، ولكن أمّنا ظلت مُتمسكة بالله وباليقين الذى تُقن به بأن الله ينصُرالحق ويُبطل الباطل فصبرت واحتسبت ، وما كان ردّها على ذلك الإفك العظيم سوى الآية الكريمة : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ، وحينما جاءها رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ببيت أبيها قال لها : ( يا عائشة إن كُنتِ بريئة فسيُبرئكِ الله ، وإن كُنت فعلتِ فاستغفرى الله وتوبى إليه ) " أو كما قال صلى الله عليه وسلم" ، فلم تهتز وتلت الآية الكريمة عن لسان يعقوب - عليه السلام - : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ، وكان ذلك ردها ، فلم يبرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكانه سوى وقد أنزل الله الوحى يُبرىء أمنا الحبيبة عائشة - رضى الله عنها - بالآيات الكريمة من سورة النور : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، فضخك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( يا عائشة إن الله برءكِ ) ، فقالت أمها قومى إليه ، فقالت والله لا أحمد إلا الله الذى برئنى وأنزل فى أمرى قرآناً يُتلى إلى يوم الدين .
سُبحان الله ؛ كم لتلك القصة من فوائد تحيا إلى قيام الساعة ، فيجب أن نقتدى بها ونتخذها مبدأ فى الحياة ..
فإذا كُنتِ تودين معرفة حادثة الإفك ذاتها ؟ أو معرفة الدروس المُستفادة منها ؟
إليك هذا المقال ..بقلم أ عزيز محمد أبو خلف ..باحث اسلامي
تتلخص حادثة الإفك في ترويج شائعة من قِبَل المنافقين وبعض المؤمنين تتضمن اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله بالزنا . حدث ذلك عندما تَخلَّفت أُمُّنا عن الجيش في غزوة بني المصطلق ، ثم أحضرها الصحابي صفوان بن المُعطِّل السُّلَمي رضي الله عنه على ظهر جمله . بعدها انطلقت الشائعات انطلاق النار في الهشيم ، ورَوَّجت لها أبواق الدعاية والشر أيَّما ترويج ، فعمَّت المجتمع بأسره ، ولم تقتصر على الأشخاص المعنيين بها أو البيت أو العائلة التي تنتمي إليها ، كما هو حال كثير من المشاكل الاجتماعية .
ما هو مفهوم المشكلة؟ وهل تُعد حادثة الإفك مشكلة؟
يمكن تعريف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها ، أو عقبة لا بد من تجاوزها ، لتحقيق هدف . أو يمكن القول إنها الاصطدام بواقع لا نريده ، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه . وحتى نتمكن من مواجهة المشاكل والتغلب عليها لا بد من أن ننهج طريقة معينة نشعر فيها بوجود المشكلة ، ونتعرف عليها ونُحدد طبيعتها ، ثم نفكر في الحلول المتعددة ، ثم نطبق الحل الأمثل ، ونتأكد من ذلك ، ثم نتفكر فيما حصل . وهذا يتطلب بذل الجهد في التفكير في مراحل متعددة وفي مواضيع كثيرة , وقد تحصل أحيانا بسرعة فائقة وقد تستغرق وقتا . لكن لا بد من التدرُّب والتمرُّس على ذلك واكتساب مهارات التفكير اللازمة لهذا الأمر .
بناء على هذا التصور للمشكلة فان حادثة الإفك تعد في صميم المشاكل العويصة ، لأنها تعلقت بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشرت في المجتمع ، وكانت أطرافها كثيرة ، وقد ترتب عليها نتائج خطيرة وأحكام هامة ، ونزل فيها قرآن يتلى إلى يوم القيامة . وبالنسبة لأم المؤمنين عائشة فانه يمكن النظر إليها على أنها مشكلة ذات شقين : الأول عندما وجدت أم المؤمنين نفسها وحيدة وقد تركها الجيش ، والثاني عندما انتشرت الشائعة عنها وهي غافلة حتى عن مجرد التفكير في هذا الأمر .
الطريقة التي عالجت بها أم المؤمنين هذه المشكلة
يمكن تصور الخطوات التي قامت بها أُم المؤمنين عائشة على النحو التالي:
1. الشعور بوجود المشكلة والوقوع فيها . من المهم معرفة انه لا معنى للمشكلة ما لم يَحُس بها الشخص أو من له علاقة بها . فأُمُّنا عائشة أحسَّت أنها في مشكلة عندما عادت ولم تجد الجيش ، وهذا بالنسبة للشق الأول من المشكلة . أما من حيث الشق الثاني وهو اتهاما بالزنا ، فقد أحست بالمشكلة عندما أخبرتها أم مِسْطح بما يشيع عنها . فلم تكن تحس بها من قبل ، لأنها تعجبت مما قيل ، وقد دافعت أم المؤمنين عن مسطح في بداية الأمر عندما دعت عليه أمه قبل أن تخبرها بالقصة .
2. الحفاظ على التماسك النفسي وعدم التضعضع والخوف . فقد حافظت أُمُّنا على رباطة جأشها وتماسكت ، مع أن الموقف في غاية الشدة لأنها وحيدة وقد تركها الجيش ورحل . وأيضا حافظت على توازنها عندما سمعت بالإشاعة وامتصت الصدمة ، مع أنها تفاجأت وذُهلت لما قيل عنها ، وكانت تتمثل قوله تعالى : "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" . ويتحقق التماسك النفسي بالاستعانة بالله تعالى بالدعاء والصلاة والذكر ، وإحسان الظن بالله وبالمسلمين ممن لهم علاقة بالموضوع ، والتفاؤل بالخير . كما أن للجانب الإيماني العام تأثيره . ولا بد من الحفاظ على ذلك في كل مراحل حل المشكلة . وهذا ما تمسكت به أمنا عائشة على الرغم من انه قد رُوي عنها إنها تأثرت بالأمر وأنها مرضت وكانت تبكي بكاء شديداً ، لكن هذا تصرف طبيعي غريزي ، ولم يصل إلى الحد الذي يفقدها تماسكها .
3. تحديد ماهية المشكلة ومعرفة أبعادها . حددت أُمُّنا المشكلة في أن الجيش قد رحل وتركها فصارت وحيدة . وهذا يترتب عليه أن تخاف على نفسها من الموت أو الأسر أو الاعتداء . كما حدَّدت المشكلة في الشق الثاني وتعرفت عليها عندما علمت بالإشاعة ، وانهم قد رموها بالزنا . وأي تهمة هذه وماذا يمكن أن يترتب عليها ؟
4. التفكير في حلول ممكنة للمشكلة . ماذا يمكن أن يكون جال بخاطر أمُّنا :
• اللحاق بالجيش ، لكنها لم تجد الراحلة ، والظلام قد حل ، ولا يمكنها السير لوحدها .
• البقاء في نفس المكان مع الاختباء .
• الذهاب إلى مكان آخر .
• الانتظار في نفس المكان في حالة عودة الجيش أو نفر منهم ، لأنهم إذا فقدوها فلا بد أن يعودوا أدراجهم إلى المكان ليبحثوا عنها .
• البحث عن أحد قد تخلف مثلها من الجيش ، أو أحد يتعقب الجيش .
أما من حيث الشق الثاني أي حالة الإشاعة فقد تكون أُمُّنا فكرت فيما يلي :
• الدفاع عن نفسها .
• ترك الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم مع البقاء في بيتها . لكن ربما لاحظت تأثر الرسول بالموضوع ، وانه قد سرى وانتشر .
• اللحاق بأهلها ، والصبر والاحتساب لله تعالى .
5. تطبيق الحل الملائم من بين الحلول والبدائل المتاحة . ارتأت أمنا البقاء في مكان الجيش لعلهم يرجعون أو نفر منهم . وفعلا حضر صفوان ، ويبدو أنها ظنت أنه مُرسَل من قِبَل الجيش فركبت الجمل دون حتى أن تناقشه في الموضوع . ولهذا لم يخطر ببالها أن يقال ما قد قيل عنها ، لان هذا قد أرسله الجيش ليأخذها . أما في موضوع القذف فقد طلبت من الرسول أن يأذن لها باللحاق بأهلها . وحسناً فعلت ، لأن الموضوع كان يحتاج إلى أن يُبَتًّ فيه ، طالما أن الرسول لم ينطق بوحي فيه . كما أن مواضيع مثل هذه تحتاج إلى التراخي فيها حتى تَسْكن وتهدأ ، فكان اختيارها أن تذهب إلى بيت أهلها ينطوي على كثير من الحكمة والحنكة . ومما يؤيد ذلك موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم بسرعة على طلبها .
6. التفكر في المشكلة ونتائجها وأبعادها . حيث تبين لأم المؤمنين أنها كانت على صواب فيما فكرت فيه واتخذته من قرارات . وخرجت من المشكلة أقوى مما كانت ، فقد برَّأها الله من فوق سبع سماوات ، ونزل فيها قرآن يُتلى . وترتب على ذلك الكثير من الأحكام والمعالجات ، فكان في ذلك الخير الكثير . كما أن مثل هذه المشاكل صار لها حل معلوم يمكن اتباعه في حالة وقوعها ، وهذا لم يكن الحال قبل وقوعها .
منقول للفائدة
ليوم سأرسل رسالة لأختِ الحبيبة التى ذاقت مرارة الظُلم .. وعرفت طعم الألم .. حينما رُميت بالباطل .. وطُعنت فى شرفها .." وخاصةً وما يُقال اليوم حول المحجبات" ولا حولا ولا قوة إلا بالله .. فلم تجد مخرجاً ولا ملجأً وضاقت عليها الأرض بما رحُبت .
أقول لها أختاه لا تحزنى وأبشرى فإن أمكِ الكريمة الحبيبة الشريفة عائشة قد رُميت بالباطل يوماً ما وهى من تكون؟ ، إنها زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وابنة من ؟ أبنة الصدّيق أبى بكر - رضى الله عنه - ، فلم توهن ولم تضعُف بل تماسكت وكانت كالجبال الشامخات صحيح أنها بكت ولكن هذا رد فعل طبيعى بالنسبة للمرأة نظراً لطبيعتها الرقيقة ، ولكن أمّنا ظلت مُتمسكة بالله وباليقين الذى تُقن به بأن الله ينصُرالحق ويُبطل الباطل فصبرت واحتسبت ، وما كان ردّها على ذلك الإفك العظيم سوى الآية الكريمة : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ، وحينما جاءها رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ببيت أبيها قال لها : ( يا عائشة إن كُنتِ بريئة فسيُبرئكِ الله ، وإن كُنت فعلتِ فاستغفرى الله وتوبى إليه ) " أو كما قال صلى الله عليه وسلم" ، فلم تهتز وتلت الآية الكريمة عن لسان يعقوب - عليه السلام - : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ، وكان ذلك ردها ، فلم يبرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكانه سوى وقد أنزل الله الوحى يُبرىء أمنا الحبيبة عائشة - رضى الله عنها - بالآيات الكريمة من سورة النور : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، فضخك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( يا عائشة إن الله برءكِ ) ، فقالت أمها قومى إليه ، فقالت والله لا أحمد إلا الله الذى برئنى وأنزل فى أمرى قرآناً يُتلى إلى يوم الدين .
سُبحان الله ؛ كم لتلك القصة من فوائد تحيا إلى قيام الساعة ، فيجب أن نقتدى بها ونتخذها مبدأ فى الحياة ..
فإذا كُنتِ تودين معرفة حادثة الإفك ذاتها ؟ أو معرفة الدروس المُستفادة منها ؟
إليك هذا المقال ..بقلم أ عزيز محمد أبو خلف ..باحث اسلامي
تتلخص حادثة الإفك في ترويج شائعة من قِبَل المنافقين وبعض المؤمنين تتضمن اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله بالزنا . حدث ذلك عندما تَخلَّفت أُمُّنا عن الجيش في غزوة بني المصطلق ، ثم أحضرها الصحابي صفوان بن المُعطِّل السُّلَمي رضي الله عنه على ظهر جمله . بعدها انطلقت الشائعات انطلاق النار في الهشيم ، ورَوَّجت لها أبواق الدعاية والشر أيَّما ترويج ، فعمَّت المجتمع بأسره ، ولم تقتصر على الأشخاص المعنيين بها أو البيت أو العائلة التي تنتمي إليها ، كما هو حال كثير من المشاكل الاجتماعية .
ما هو مفهوم المشكلة؟ وهل تُعد حادثة الإفك مشكلة؟
يمكن تعريف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها ، أو عقبة لا بد من تجاوزها ، لتحقيق هدف . أو يمكن القول إنها الاصطدام بواقع لا نريده ، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه . وحتى نتمكن من مواجهة المشاكل والتغلب عليها لا بد من أن ننهج طريقة معينة نشعر فيها بوجود المشكلة ، ونتعرف عليها ونُحدد طبيعتها ، ثم نفكر في الحلول المتعددة ، ثم نطبق الحل الأمثل ، ونتأكد من ذلك ، ثم نتفكر فيما حصل . وهذا يتطلب بذل الجهد في التفكير في مراحل متعددة وفي مواضيع كثيرة , وقد تحصل أحيانا بسرعة فائقة وقد تستغرق وقتا . لكن لا بد من التدرُّب والتمرُّس على ذلك واكتساب مهارات التفكير اللازمة لهذا الأمر .
بناء على هذا التصور للمشكلة فان حادثة الإفك تعد في صميم المشاكل العويصة ، لأنها تعلقت بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشرت في المجتمع ، وكانت أطرافها كثيرة ، وقد ترتب عليها نتائج خطيرة وأحكام هامة ، ونزل فيها قرآن يتلى إلى يوم القيامة . وبالنسبة لأم المؤمنين عائشة فانه يمكن النظر إليها على أنها مشكلة ذات شقين : الأول عندما وجدت أم المؤمنين نفسها وحيدة وقد تركها الجيش ، والثاني عندما انتشرت الشائعة عنها وهي غافلة حتى عن مجرد التفكير في هذا الأمر .
الطريقة التي عالجت بها أم المؤمنين هذه المشكلة
يمكن تصور الخطوات التي قامت بها أُم المؤمنين عائشة على النحو التالي:
1. الشعور بوجود المشكلة والوقوع فيها . من المهم معرفة انه لا معنى للمشكلة ما لم يَحُس بها الشخص أو من له علاقة بها . فأُمُّنا عائشة أحسَّت أنها في مشكلة عندما عادت ولم تجد الجيش ، وهذا بالنسبة للشق الأول من المشكلة . أما من حيث الشق الثاني وهو اتهاما بالزنا ، فقد أحست بالمشكلة عندما أخبرتها أم مِسْطح بما يشيع عنها . فلم تكن تحس بها من قبل ، لأنها تعجبت مما قيل ، وقد دافعت أم المؤمنين عن مسطح في بداية الأمر عندما دعت عليه أمه قبل أن تخبرها بالقصة .
2. الحفاظ على التماسك النفسي وعدم التضعضع والخوف . فقد حافظت أُمُّنا على رباطة جأشها وتماسكت ، مع أن الموقف في غاية الشدة لأنها وحيدة وقد تركها الجيش ورحل . وأيضا حافظت على توازنها عندما سمعت بالإشاعة وامتصت الصدمة ، مع أنها تفاجأت وذُهلت لما قيل عنها ، وكانت تتمثل قوله تعالى : "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" . ويتحقق التماسك النفسي بالاستعانة بالله تعالى بالدعاء والصلاة والذكر ، وإحسان الظن بالله وبالمسلمين ممن لهم علاقة بالموضوع ، والتفاؤل بالخير . كما أن للجانب الإيماني العام تأثيره . ولا بد من الحفاظ على ذلك في كل مراحل حل المشكلة . وهذا ما تمسكت به أمنا عائشة على الرغم من انه قد رُوي عنها إنها تأثرت بالأمر وأنها مرضت وكانت تبكي بكاء شديداً ، لكن هذا تصرف طبيعي غريزي ، ولم يصل إلى الحد الذي يفقدها تماسكها .
3. تحديد ماهية المشكلة ومعرفة أبعادها . حددت أُمُّنا المشكلة في أن الجيش قد رحل وتركها فصارت وحيدة . وهذا يترتب عليه أن تخاف على نفسها من الموت أو الأسر أو الاعتداء . كما حدَّدت المشكلة في الشق الثاني وتعرفت عليها عندما علمت بالإشاعة ، وانهم قد رموها بالزنا . وأي تهمة هذه وماذا يمكن أن يترتب عليها ؟
4. التفكير في حلول ممكنة للمشكلة . ماذا يمكن أن يكون جال بخاطر أمُّنا :
• اللحاق بالجيش ، لكنها لم تجد الراحلة ، والظلام قد حل ، ولا يمكنها السير لوحدها .
• البقاء في نفس المكان مع الاختباء .
• الذهاب إلى مكان آخر .
• الانتظار في نفس المكان في حالة عودة الجيش أو نفر منهم ، لأنهم إذا فقدوها فلا بد أن يعودوا أدراجهم إلى المكان ليبحثوا عنها .
• البحث عن أحد قد تخلف مثلها من الجيش ، أو أحد يتعقب الجيش .
أما من حيث الشق الثاني أي حالة الإشاعة فقد تكون أُمُّنا فكرت فيما يلي :
• الدفاع عن نفسها .
• ترك الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم مع البقاء في بيتها . لكن ربما لاحظت تأثر الرسول بالموضوع ، وانه قد سرى وانتشر .
• اللحاق بأهلها ، والصبر والاحتساب لله تعالى .
5. تطبيق الحل الملائم من بين الحلول والبدائل المتاحة . ارتأت أمنا البقاء في مكان الجيش لعلهم يرجعون أو نفر منهم . وفعلا حضر صفوان ، ويبدو أنها ظنت أنه مُرسَل من قِبَل الجيش فركبت الجمل دون حتى أن تناقشه في الموضوع . ولهذا لم يخطر ببالها أن يقال ما قد قيل عنها ، لان هذا قد أرسله الجيش ليأخذها . أما في موضوع القذف فقد طلبت من الرسول أن يأذن لها باللحاق بأهلها . وحسناً فعلت ، لأن الموضوع كان يحتاج إلى أن يُبَتًّ فيه ، طالما أن الرسول لم ينطق بوحي فيه . كما أن مواضيع مثل هذه تحتاج إلى التراخي فيها حتى تَسْكن وتهدأ ، فكان اختيارها أن تذهب إلى بيت أهلها ينطوي على كثير من الحكمة والحنكة . ومما يؤيد ذلك موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم بسرعة على طلبها .
6. التفكر في المشكلة ونتائجها وأبعادها . حيث تبين لأم المؤمنين أنها كانت على صواب فيما فكرت فيه واتخذته من قرارات . وخرجت من المشكلة أقوى مما كانت ، فقد برَّأها الله من فوق سبع سماوات ، ونزل فيها قرآن يُتلى . وترتب على ذلك الكثير من الأحكام والمعالجات ، فكان في ذلك الخير الكثير . كما أن مثل هذه المشاكل صار لها حل معلوم يمكن اتباعه في حالة وقوعها ، وهذا لم يكن الحال قبل وقوعها .
منقول للفائدة