السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقف والابتداء والقطع والسكت
من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه
بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم
مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم
كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا
يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم
هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير
المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة
ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء
معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين
رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لما سئل
عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ} فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى
ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى
الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها
وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم
القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره
ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه.
وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير.
قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام
كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من درهنا" يدل على
أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه.
وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته.
وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل
المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب
الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الائمة. وكلامهم في ذلك معروف
ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه.
وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي
الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله -
الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم.
وبه يعرف الفرق بين المعنيين والمختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ.
ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه
بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو
الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى
زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبدالكريم الأشموني وخلق غير
هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين.
هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة
نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة:
فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه.
وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه.
وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت.
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقف والابتداء والقطع والسكت
من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه
بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم
مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم
كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا
يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم
هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير
المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة
ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء
معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين
رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لما سئل
عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ} فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى
ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى
الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها
وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم
القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره
ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه.
وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير.
قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام
كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من درهنا" يدل على
أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه.
وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته.
وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل
المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب
الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الائمة. وكلامهم في ذلك معروف
ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه.
وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي
الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله -
الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم.
وبه يعرف الفرق بين المعنيين والمختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ.
ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه
بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو
الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى
زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبدالكريم الأشموني وخلق غير
هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين.
هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة
نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة:
فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه.
وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه.
وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت.