أختي المهمومة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى من جمعتني معها كلمة التوحيد لا إله إلا الله .. إليكي يا من تحملين الهم وأرى في وجهها الكآبة والغم.
اعلمي أختي أن الدنيا زائلة، والعمر قصير، وتذكري أن كل شيء إلى فناء وزوال يقول الحق سبحانه { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ }. يحكى عمن كان قبلنا أن أعمارهم كانت طويلة ولا غرابة فإن نوحاً _ عليه السلام _ قد عمّر في دعوته ألفًا إلا خمسين عاما، فقيل لبعض هؤلاء المعمّرين إن أقوامًا يأتون بعدنا أعمارهم لا تتجاوز المائة فقال هذا الرجل: والله لو كنت منهم لجعلتها في سجدة لله تعالى.
ثم دعيني أهمس في أذنيك أختي يا من اجتاحتكي الهموم والغموم وأقول لكي: لمَ أنتي مهمومة؟ أهو دَيْنٌ ألمّ بك؟ أم عيال تحملين همهم؟ أم وظيفة أرهقتكي وأضنتكي؟ أم ذنب اقترفتيه فأثر في قلبك بالضيق والهم؟؟ تعرّفي على سبب همك والعلاج ميسور ـ بمشيئة الله تعالى ـ يقول تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
تأملي في هذا التوجيه النبوي واحفظي هذا الدعاء وستجدي له أثراً في قلبك وحياتك يقول صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب عبدًا قط همٌ ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرجا. قالوا يا رسول الله: ألا نتعلمهن؟ قال : بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)
ادعُي بهذا الدعاء دائماً ومتى ما وقف المرء مع ربه مناجيًا داعيًا ومتضرعًا متذللًا وخائفًا وجلا، ففاضت عيناه، ارتاحت نفسه وسكن فؤاده واتسع صدره وكان أبعد ما يكون عن الهمّ أعاذني الله وإياكي من الهم.
وإني أدعوكي يا حبيبتي الغالية إلى اللجوء إلى الله تعالى بقلبك وقالبك، بعقلك وشعورك، ومخك وعصبك وعظمك. الجأي إلى الذي يكشف الهم والغم، ويجيب المضطر إذا دعاه، الجأي إلى من بيده الملك وإليه يرجع الأمر هذا يونس ـ عليه السلام ـ في بطن الحوت في جوف البحر يدعو ربه ويقول {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فقال الله الكريم مجيبًا عبده الصالح {فاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}. أختي الكريمةالحبيبة: دعي الهم وابدأي الحياة فوالله إن الناجحة هي من نظرت إلى ما هو فيه بعين الرضا، وجعلت من المحنة منحة، ومن المصيبة رفعة، ومن السقوط صعودًا ولا أظنكي إلا من تللك الناجحات فدعي الهم وقومي للنجاح وأبدأي الصعود مرة أخرى وفقكي الله وسدد على الخير خطاكي، وأبعد همك وشرح صدرك. والسلام حبيبتي الغالية .