معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


4 مشترك

    " و قولوا للناس حسنا "

    مها صبحي
    مها صبحي
    الإدارة


    " و قولوا للناس حسنا " Empty " و قولوا للناس حسنا "

    مُساهمة من طرف مها صبحي الإثنين 12 يناير 2009, 11:40 pm

    الكلمة مسؤولية , يحاسب عليها العبد ، ذلك أن كل كلام ابن آدم عليه لا له , إلا ذكر الله وما والاه أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ؛ قال تعالى : { ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد } رقيب يراقب أقواله في الخير وفي الشّر . لذلك كان لزاما على المؤمن أن يكون عفيف اللسان ، يكسي ألفاظه أحسنها ، ويختار أَدلَّها على المقصود , بألطف عبارة ؛ ويربأ بنفسه عن الفظاظة والغلظة ووضيع الكلام . فما كان مربي البشرية وهاديها إلى الصراط المستقيم صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ولا بالبذئ .
    فـحفظ اللسان , وانتقاء أطايب الكلام , ووزنه قبل التَّلفظ به يعصم الإنسان من الزَّلل , ويقيه موارد الهلكة . قـال الإمام الشَّافعي رحمه الله : إذا أراد [الإنسان] الكلام فعليه أن يُفكر قبل كلامه , فإن ظهرت المصلحة تكلَّم ، وإن شكَّ لم يتكلم حتـى تظهر .
    هناك الكلمة الطيِّبة المرققة للقلوب ، والراسمة للبسمة على الوجوه , والمشجّـعة على فعل الخير ، والدالَّة على أبواب البرّ والإحسان . وهناك الكلمة الجارحة للمشاعر ، المثيرة للفتنة والبغضاء , المفجّرة للغضب ، والفاتحة لأبواب الشر . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : « إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات , وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم » رواه البخاري .
    فالكلمة كالسهم ؛ إذا انطلق فلن يعود . فعلى قائلها أن يحدد الهدف بدقـة , وأن يستعمل أجمل الألفاظ ويصيغـها بأسلوب لطيف محبب ؛ مما يجعل أثرها طيباً في النفوس , وثمرتها دافقة في الحياة . ولا يلجأ إلى اللفظ النابي والكلمة الخشنة التي من شأنها أن تؤدي إلى نتائج سلبية أو وخيمة . وقد تكون أحيانا وبالا، وندامة لصاحبها .

    يقول الله عز وجل : { وقولوا للناس حسناً } . قال الإمام القرطبي في تفسيره : « ... فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليِّـناً ووجهه منبسطاً طَلْقاً مع البَرّ والفاجر , ... , لأن الله تعالى قال لموسى وهارون : { فقولا له قولا ليِّـناً } . فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون , والفاجر ليس بأخبث من فرعون , وقد أمرهما الله تعالى باللـين معـه . وقال طلحة بن عمر : قلت لعطاء إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة , وأنا رجل فِـيَّ حِدَّة فأقول لهم بعض القول الغلـيظ ؛ فقال : لا تفعل , يقول الله تعالى : { وقولوا للناس حسنا } . »
    يقول المزني - تلميذ الشافعي - رحمهما الله تعالى : سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول : فلان كذاب )) ، فقال لي : " يـا إبراهيم : إكس ألفاظك أحسنها، لا تقل كذاب، ولكن قل حديثه ليس بشيء " . ونحوه أن البخاري كان لمزيد ورعـه قلّ أن يقول : كذّاب , أو وضّاع , أكثر ما يقول : سكتوا عنه , فيه نظر , تركوه , ونحو هذا نعم , ربما يقول : كذّبه فلان , أو رماه فلان بالكذب ...(1) .
    ودخل الربيع مرة يعود الإمام الشافعي من مرض , فقال له : قوّى الله ضعفك يا إمام . فقال الشافعي : لو قوّى ضعفي لقتلني . فقال الربيع : والله ما أردت إلا الخير . قال الشافعي : أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير(2) . والمقصود أنـه أصاب المعنى وأخطأ اللفظ ، ولا شك أن اختيار الألفاظ الجيدة هو من المروءة التي ينبغي أن يأخذ المرء بها نفسه .
    أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة, والصدقة تتضاعف بالنّية , و قد تتضاعف بالأثر الذي يترتب منها . من أجل ذلك , ينبغي للداعية أن لا يستهين بما لديه من العلم فيـبلّغه , أو يُسوِّل له الشيطان أنه لا يصلح لهذا الأمر, فيحبب إليه الانزواء ويزهده عن أداء الأمانة , أو يتصور أن العمل ضرب من الرياء, فيؤثر العزلة ويفضل الانكماش, ويصور له الشيطان العزلة ورعا والانكماش تعففا, فيفوت عليه المصالح ويسد عنه أبواب الخير. فلا يدري أين تكون المصلحة ؟ ومتى تؤتي كلمته ثمرتها ؟
    فهذا التابعي الكوفي الثقة أبو عبد الله زاذان الكندي الذي كان يغني ويضرب بالدف , وكان له صوت حسن , فمر عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرة فقال : « ما أحسن هذا الصوت لو كان بقراءة كتاب الله » فلازم ابن مسعود حتى صار إماما في العلم .
    فالكلمة الطيبة قد يحيي الله بها قلوبا , ويخرج بها أقواما من الظلمات إلى النور . وما على الداعية إلا اهتبال الفرص السانحة و اتخاذ زمام المبادرة إلى الدلالة على الله , وتبليـغ الرسالة ؛ لعل الله , وهو الكريم الوهاب , يكتب له أجر الكلمة التي لا يلقي لها بالاً فترفعه الدرجات. والسعيد من وفقه الله عز وجل لكلام طيب , ينتشر في الآفاق ويؤتي أكله كل حين بإذن ربه , يكتب الله له أجره وأجر من عمل به إلى ما يشاء الله . { وهدوا إلى الطيب من القول وهـدوا إلى صراط الحميد } .

    --------------------
    (1) انظر الإعلان بالتوبيخ للسخاوي .
    (2) انظر آداب الشافعي للرازي
    منقوووول
    ام بودى
    ام بودى


    " و قولوا للناس حسنا " Empty رد: " و قولوا للناس حسنا "

    مُساهمة من طرف ام بودى الثلاثاء 13 يناير 2009, 3:58 am

    بارك الله فيك معلمتى الغالية
    اللهم اجعل كل كلامنا طيب
    من يطب لسانه بذكر الله لا يستطيع الا ان يلفظ بالطيب من القول
    و لنحتسب ان الكلمة الطيبة صدقة

    جنان الرحمن
    جنان الرحمن
    الإدارة


    " و قولوا للناس حسنا " Empty رد: " و قولوا للناس حسنا "

    مُساهمة من طرف جنان الرحمن الثلاثاء 13 يناير 2009, 5:26 am


    بارك الله فيك و جزاك خير الجزاء على الموضوع القيم غاليتي مها
    موضوعك اكثر من رائع حبيبتي فقد تناسينا في زماننا هذا الكلمة الطيبة و القول الحسن
    و اصبح معظمنا فظا غليظا في كلامه و تعابيره و تعامله مع غيره ..
    لا حول و لا قوة الا بالله

    وقد حث ربنا سبحانه وتعالى عن قول الكلمة الطيبة بأنواعها في آيات كثيرة قال تعالى:{ وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
    والدعوة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكلام الطيب وقال سبحانه أيضاً مؤكداً على ذلك :{ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
    وقال أيضاً:{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
    بل إن الله دعا إلى الكلام الطيب حتى مع المخالفين في الدين والاعتقاد {وَلاَ تُجَـٰدِلُواْ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46].
    وبيَّن سبحانه أن الشيطان يحرص على التحريض بين الناس. وأن الكلام الطيب هو الذي يفسد مخططات هذا الشيطان فقال: {وَقُل لّعِبَادِى يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوّا مُّبِينًا} [الإسراء: 53].
    وبيَّن سبحانه وجوب الكلام الطيب مع الناس عامة فقال:{ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا } [البقرة: 83].
    وقال: {وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [النساء: 5].
    وقال :{فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا} [الإسراء: 28].
    فبارك الله فيك و فيما تقدمين ياغالية
    وفقك الله لكل خير.و نفع بك و بعلمك.
    avatar
    انتصار
    الادارة العامة


    " و قولوا للناس حسنا " Empty رد: " و قولوا للناس حسنا "

    مُساهمة من طرف انتصار الثلاثاء 13 يناير 2009, 9:09 am

    جزاك الله خيرا حبيتبي مها مشاركة طيبة جدا وخاصة هذه الجزئية مؤثرة ونافعة نفعنا الله بها وبكل مواضيعك الهادفة

    هناك الكلمة الطيِّبة المرققة للقلوب ، والراسمة للبسمة على الوجوه , والمشجّـعة على فعل الخير ، والدالَّة على أبواب البرّ والإحسان . وهناك الكلمة الجارحة للمشاعر ، المثيرة للفتنة والبغضاء , المفجّرة للغضب ، والفاتحة لأبواب الشر . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : « إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات , وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم » رواه البخاري .
    فالكلمة كالسهم ؛ إذا انطلق فلن يعود . فعلى قائلها أن يحدد الهدف بدقـة , وأن يستعمل أجمل الألفاظ ويصيغـها بأسلوب لطيف محبب ؛ مما يجعل أثرها طيباً في النفوس , وثمرتها دافقة في الحياة . ولا يلجأ إلى اللفظ النابي والكلمة الخشنة التي من شأنها أن تؤدي إلى نتائج سلبية أو وخيمة . وقد تكون أحيانا وبالا، وندامة لصاحبها .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 13 مايو 2024, 11:32 am